يوم السبت 8 إبريل 2017 يُسمى “سبت لعازر”، وهو ذكرى قيامة لعازر من القبر. وهو السبت الذى يسبق “أحد الشعانين” أو “أحد السعف” بمناسبة إحياء لعازر على يد السيد المسيح بعد أربعة أيام من موته يوم الأحد 9 إبريل 2017 يُسمى أحد السعف أو أحد “الشعانين” – وهو من الكلمة العبرية “هوشعنا” أى خلصنا - وهو اليوم السابع من الصوم الكبير والأخير قبل عيد الفصح أو القيامة، ويسمى الأسبوع الذى يبدأ به أسبوع الآلام
يوم الإثنين 10 إبريل 2017 يُطلق عليه “اثنين الفريك” وهو اليوم الثانى من أسبوع الآلام، وفيه يكون طعام الأقباط – وبالأخص فلاحى مصر - قائما على “الفريك” الذى هو القمح الأخضر قبل استوائه
يوم الثلاثاء 11 إبريل 2017 يُسمى بيوم “ثلاثاء الفول” فى هذا اليوم يكون الفول هو الطعام الأساسى، يتغير شكل الفول بين” النابت والمدمس والبصارة
مع بداية يوم السبت 8 إبريل 2017 ، يبدأ الأقباط فى مصر فى الاحتفال ب “أسبوع الفصح” أو “أسبوع آلام السيد المسيح”. وهو الأسبوع الذى عانى فيه السيد المسيح من قسوة الرومان، كما عانى فيه الأقباط من بعده قسوة حكامهم وعنفهم واضطهاداتهم المريرة. يوم السبت 8 إبريل 2017 يُسمى “سبت لعازر”، وهو ذكرى قيامة لعازر من القبر. وهو السبت الذى يسبق “أحد الشعانين” أو “أحد السعف” بمناسبة إحياء لعازر على يد السيد المسيح بعد أربعة أيام من موته، وقد صار القديس لعازر فيما بعد أسقفاً على مدينة لارناكا القبرصية بعد أن غادر مدينة أورشليم هو وأختاه مريم ومرثا بسبب محاولة اليهود قتلهم. واللافت للنظر فى هذا التقليد – أنه فى بعض قرى الصعيد - يتم جمع البيض من أهالى البلدة، والهدف من ذلك هو سلقه وتوزيعه يوم سبت النور (السبت الذى يسبق عيد القيامة) أو الأحد بعد قداس العيد (الذى ينتهى فى الصباح الباكر) فى إشارة رمزية إلى الحياة الجديدة، التى تكون فى يوم شم النسيم. يوم الأحد 9 إبريل 2017 يُسمى أحد السعف أو أحد “الشعانين” – وهو من الكلمة العبرية “هوشعنا” أى خلصنا - وهو اليوم السابع من الصوم الكبير والأخير قبل عيد الفصح أو القيامة، ويسمى الأسبوع الذى يبدأ به أسبوع الآلام، وهو يوم ذكرى دخول السيد المسيح إلى مدينة أورشليم، وسبب تسميته بأحد “السعف” أو “الزيتونة” لأن أهالى القدس استقبلت السيد المسيح بالسعف والزيتون المزين وفارشا ثيابهم وأغصان الأشجار والنخيل على الأرض، لذلك يُعاد استخدام السعف وأغصان الزيتون فى أغلب الكنائس للاحتفال بهذا اليوم، وترمز أغصان النخيل أو السعف إلى النصر أى أنهم استقبلوا السيد المسيح كمنتصر. وفى القرى يتم إحضار “سعف” ويتم تعصيب الأيدى والرءوس، وبعضهم يقوم بغزل سيقان السعف على هيئة شبكة توضع بداخلها القربانة الصغيرة التى يتم إحضارها من الكنيسة، ويكون الجميع فى فرح عظيم، وينادى باعة السعف على المصلين بالكنيسة بقولهم “قلبك يا مسيحى قلبك”. فإن كان أهل أورشليم قد استقبلوا السيد المسيح بالسعف فرحا، والمصريون فى جميع أنحاء المسكونة يستقبلون الأسبوع بنظرة متطلعة إلى الحياة الجديدة. وفى السنة السابعة عشرة من حكم الإمبراطور طيباريوس بمدينة أورشليم حكم بيلاطس والى ولاية الجليل على يسوع الناصرى بالموت صلباً، بناء على الشهادات الكثيرة الكاذبة المُقدمة من الشعب المثبتة أن يسوع الناصرى، مُضل يسوق الناس إلى الضلال!! أنه يغرى الناس على الشغب والهياج!! وأنه عدو الناموس!! وأنه يدعو نفسه ملك إسرائيل!! وأنه دخل الهيكل ومعه جمع غفير من الناس حاملين سعف النخل. فلهذا أمر بيلاطس البنطى قائد المئة الأولى أن يأتى بيسوع إلى المكان المُعد لقتله، وعليه أيضا أن يمنع كل من يعترض على تنفيذ هذا الحكم فقيراً كان أم غنياً. يوم الإثنين 10 إبريل 2017 يُطلق عليه “اثنين الفريك” وهو اليوم الثانى من أسبوع الآلام، وفيه يكون طعام الأقباط – وبالأخص فلاحى مصر - قائما على “الفريك” الذى هو القمح الأخضر قبل استوائه، حيث يتم حصد جزء منه ويتم نشره فى الشمس ووضعه فى الأفران وفى أسبوع الآلام يحتفلون بكونه الطعام الأساسى لليوم. يوم الثلاثاء 11 إبريل 2017 يُسمى بيوم “ثلاثاء الفول” فى هذا اليوم يكون الفول هو الطعام الأساسى، يتغير شكل الفول بين” النابت والمدمس والبصارة”. فى هذا اليوم تركز الكنيسة كل قراءتها التى ترددها على مسامع المصلين على الأمثال العديدة التى قالها السيد المسيح لتلاميذه. والأمثال مليئة بالمعانى السامية والمُشبعة للنفس التى تحيا حياة العبادة الصادقة بلا رياء. ومن هذه الأمثلة: مثال الكرامون الأردياء، ومثل العذارى الحكيمات، ومثال فرح أبن الملك، وغيرها. يوم الأربعاء 12 إبريل 2017 يُطلق عليه “أربعاء أيوب”. فى هذا اليوم اعتاد الأقباط فى القرى التى تقع على ضفتى نهر النيل، الاحتفال بذكرى “شفاء أيوب البار”، وذلك عن طريق الاغتسال فى النيل باستخدام نبات “الغبيرة” الذى يكون دائما موجودا على الحافة بين اليابسة والماء، وهو نبات شوكى قاسٍ يحتملون قسوته لأنها تحمل الشفاء للأجساد. فقد احتمله جسد أيوب المريض. يوم الخميس 13 إبريل 2017 يُسمى ب “خميس العهد” يحتفل المسيحيون بذكرى اجتماع السيد المسيح مع تلاميذه لتناول العشاء الأخير، كما أنه قام عن المائدة وغسل لهم أرجلهم بما فيهم تلميذه “يهوذا” الذى قام بتسليمه لجماعة اليهود، وقال لهم السيد المسيح علانية “واحداً منكم سيسلمنى”. وطبقاً لهذا التقليد رتبت الكنائس فى أنحاء المسكونة تقليد الصلاة على مياه تُسمى “صلاة اللقان” أو “صلاة المغطس”، وبعد نهاية الصلاة يقوم الآباء الأساقفة والكهنة بغسل أرجل جميع الشعب. ومن المؤسف أنه بسبب تحريف لغوى تحول اسم “خميس العهد” إلى “خميس العدس” فى القرى. لذا يتم طبخ العدس فى ذلك اليوم. كما أنه فى هذا اليوم يمتنع الأقباط عن تحية غيرهم (بداخل الكنيسة) بالمصافحة باليد أو بالقبلة لأن يهوذا الخائن سلم سيده ومعلمه بالمصافحة والقبلة الغاشة، إذ قال لجماعة اليهود: (الذى أقبله هو فأمسكوه). يوم الجمعة 14 إبريل 2017 يحمل اسم “الجمعة العظيمة” ، وتقرع الكنيسة أجراسها الحزينة، بينما الشمامسة يرتلون بنغمة الحزن “أذكرنى يارب متى جئت فى ملكوتك” . تبدأ الصلوات فى الكنائس من السادسة صباحاً وتستمر حتى السادسة مساءً بدون توقف. يرتدى الشمامسة الزى الأزرق الحزين، وهم يرددون الألحان الحزينة التى لها أصول فرعونية قديمة فى موسيقاها. وفى نهاية الصلوات يردد المصلون طلبة “كيرياليسون” أى (يارب ارحم – وهى كلمة يونانية) بعدد 100 مرة فى كل جهة من الجهات الأربع، حتى يتحنن الله على شعبه. وبعد انتهاء الصلوات يعود الأقباط إلى منازلهم للراحة بعض الوقت، وبعضهم لا يذق الطعام طوال اليوم حتى نهاية صلوات ليلة العيد. وقد رأى جيلنا فى البابا شنوده الثالث البطريرك 117 الذى كان يمتنع تماماً عن تناول الطعام – حتى وهو فى سن الشخوخة ومُثقل بأمراض عديدة - من بعد صلوات يوم الخميس وحتى نهاية صلوات العيد. يوم السبت 15 إبريل 2017 يُطلق عليه اسم “سبت النور” أو “سبت الفرح”. ففى هذا اليوم اعتاد الفلاحين الأقباط أن يحموا أنفسهم من الحيات والعقارب التى كانت تختبئ فى القمح فانكشفت هذه الهوام لما انكشف القمح وأصبح حصيداً. فى ليلة “سبت الفرح” يجتمع الأقباط فى الكنيسة منذ منتصف الليل حتى الصباح الباكر وفيها يردد الشمامسة الألحان الكنيسة الممتزجة بالحزن والفرح أيضا. المشاعر فى تلك الليلة تكون غريبة جداً بين حالتى الحزن والفرح. أما سبب تسمية ذلك اليوم ب”سبت النور” فوفقاً لما هو معروف فى مدينة القدس بأن نوراً خارقاً للعادة يظهر فى هذا اليوم. ويقوم زوار المدينة المقدسة بإضاءة الشموع من ذلك النور الذى له طبيعة خاصة غير حارقة لبضع دقائق. وكثير من الزوار يمكنهم حمل هذا النور معهم - عن طريق الشموع المُضاءة – إلى أقاربهم فى مصر. وفى فترة الستينيات (قبل حرب 1967) كانت رابطة القدسبالقاهرة تُحضر هذا النور – أيضاً عن طريق الشموع المضاءة – ويستقلون البواخر إلى ميناء الإسكندرية ومنها إلى الكاتدرائية المرقسية الكبرى بالإسكندرية، حيث كانوا يوقدون القناديل المُعلقة أمام أيقونات القديسين بجميع كنائس الإسكندرية ثم بكنائس القاهرة بهذا النور. وفى التقليد القبطى – الذى تحتفظ به الكنيسة القبطية الأرثوذكسية حتى اليوم - يبدأ الاحتفال بسبت النور عقب صلوات الجمعة العظيمة (أو كما يطلق عليها البعض الجمعة الحزينة) التى تنتهى بعد غروب شمس الجمعة، يشرب بعدها – كثير من الأقباط – قليل من الخل الممتزج بمرارة . وأنا بنفسى فى إبريل 1970 شاهدت البابا كيرلس السادس البطريرك 116 وهو يصلى صلوات الجمعة العظيمة بدير القديس مينا بمريوط قد طلب – بعد انتهاء الصلوات - أن يشرب قليلا من الخل ممزوج بالمرارة وأخذ يبكى أمامنا بوضوح، وكانت هذه الجمعة الحزينة آخر جمعة يحضرها بيننا على الأرض إذ كان قد تنيح (توفى) بعدها فى 9 مارس 1970. وكانت صلوات الجمعة العظيمة قد بدأت منذ الصباح الباكر فى صلوات تستغرق نحو 12 ساعة. يعود الأقباط بعدها إلى منازلهم لراحة قصيرة ثم يعودون إلى الكنيسة مرة أخرى قبل منتصف الليل فى صلوات رائعة فى طقوسها التى تمارسها منذ القرون الأولى، فجميع ألحان تلك الليلة ممتزجة بلحن الحزن مع اللحن السنوى أستعداداً للحن الفرح الذى يُقال فى ليلة عيد القيامة المجيد. يُطلق على هذه الليلة اسم “ليلة أبو غالمسيس” وهى كلمة مُشتقة من اليونانية “أبو كلالبسيس” ومعناها “الرؤيا” لأنه فى تلك الليلة تقرأ الكنيسة سفر الرؤيا (وهو آخر أسفار العهد الجديد) بالكامل، وهذا السفر يضم 22 إصحاحاً (أى فصلاً أو باباً)، وهى الرؤيا التى رآها القديس يوحنا الحبيب – أحد تلاميذ السيد المسيح الأثنى عشر - عندما كان منفياً فى جزيرة بطمُس اليونانية فى القرن الأول الميلادى. فى تلك الليلة يسهر الجميع – كبار مع صغار - فى الكنيسة متابعين القراءات الكنسية بتدقيق، والتى يتخللها دورات حول الكنيسة – بالداخل – يقوم بها الكهنة والشمامسة حاملين الشموع المُضاءة مرددين ألحان النصرة على الموت. فالقراءات الكنسية تشمل قراءات من أسفار العهد القديم وأيضاً العهد الجديد، التى فيها يظهر بوضوح كيف أن الحياة غلبت الموت وانتصرت عليه. وهنا يتم رفع الشارات والعلامات السوداء التى كانت تُزّين أعمدة وجدران الكنائس طوال أسبوع الآلام الذى بدأ بعد انتهاء صلوات أحد الشعانين (أو أحد السعف)، ثم يتم استبدالها بشارات وعلامات بيضاء فى ليلة عيد القيامة المجيدة ولمدة خمسين يوماً تتخللها جميعاً ألحان كنسية بلحن الفرح ولا توجد أصوام فى تلك الفترة. وكثير من الأقباط يمتنعون عن تناول أى طعام طوال يوم سبت النور أو سبت الفرح حتى انتهاء صلوات ليلة عيد القيامة المجيدة والتى تنتهى بعد منتصف الليل. وأذكر – فى فترة طفولتى – كانت جدتى لوالدتى التى قدُمت من ريف مصر كانت تردد على أطفال العائلة – وهم جلوس حولها على الأرض - نشيد حماسى تسلمته من آبائها وأجدادها، والتى تقول كلماتها باللهجة العامية: (سبت النور عيّدنا .. وإحنا فراحى بسيدنا، أحنا اليوم فراحى .. واليهود حزانى). وبعد أن تنتهى من النشيد يردد الأطفال والمجتمعون نفس الكلمات بنفس الحماس وسط تصفيق الأطفال وفرحتهم. يوم الأحد 16 إبريل 2017 يوافق “عيد القيامة” الذى يحمل بهجة كبيرة للمسيحيين، فقد أنتهت فترة صوم 55 يوماً، ويبدأ الأقباط فى تناول الطعام الدسم. وعلى مائدة الطعام لا بد أن يكون هناك طبق به بيض رمزاً للحياة الجديدة بعد القيامة. فكما يخرج الكتكوت حياً من غلاف البيضة، هكذا خرج السيد المسيح حياً من ظلام القبر. وهكذا اعتاد الأقباط أن يقدسوا هذا الأسبوع ويتفرغون فيه كلياً للصلاة والعبادة الحقة، وكثير من الأقباط اعتادوا أن يأخذوا إجازات من أعمالهم فى هذا الأسبوع ليكونوا متابعين للكنيسة فى القراءات التى تقدمها لهم ساعة بساعة. كما أن كثير من الأقباط قد اعتادوا أن يتناولوا طوال هذا الأسبوع “الدُقة” مع الامتناع عن تناول الحلويات تماماً. إنها تقاليد توارثوها جيلاً بعد جيلاً، كما أن النسك الشديد الذى وجدوه فى حياة البابا كيرلس السادس البطريرك 116 جذبهم أكثر للتمسك بالتقاليد الكنسية والتشبه به فى حياة النسك الحقيقى. إنها تقاليد توارثها الأبناء عن الآباء وما زالوا متمسكين بها ولا يفرطون فيها لأمانتهم الشديدة نحو كنيستهم ولثقتهم فى أعمال آبائهم وحياتهم التقوية.