- الكاتب الفرنسى ميشال وبلبيك: فرنسا تتحول إلى دولة إسلامية بحلول 2020 بعد انتخاب رئيس من حزب إسلامى - حادث شارلى إبدو وانضمام 1700 فرنسى إلى صفوف داعش وتعاطف 15 % من الفرنسيين مع التنظيم يزيد حدة القلق - النازيون الجدد ينفذون 23 هجوما على المساجد والمؤسسات الإسلامية فى ألمانيا نظراً لما تشهده المجتمعات الغربية من تصاعد لظاهرة الإسلاموفوبيا أو الخوف من الإسلام والمسلمين، عقدت ندوة بعنوان "تنامى ظاهرة الإسلاموفوبيا فى المجتمعات الغربية"، حاضر فيها الدكتور حازم محفوظ، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، وذلك ضمن فاعليات الموسم الثقافى الثالث لقسم الفلسفة بآداب المنيا، تحت إشراف أ.د/ بهاء درويش، وأدارت الندوة أ.د/ أميرة إبراهيم . قام الدكتور حازم محفوظ برصد وتحليل ظاهرة الإسلاموفوبيا فى بلدين هما: فرنساوألمانيا، وبدأ بفرنسا التى احتلت المرتبة الأولى فى الإسلاموفوبيا ضمن تصنيف شمل 10 دول أوروبية، كنتيجة لتضاعف القوانين المعادية للمسلمين. ولقد حدد العوامل التى أدت إلى تصاعد وتنامى تلك الظاهرة وحددها فى العوامل الآتية: 1- زيادة عدد المسلمين وتنامى الممارسة الدينية الإسلامية وظهور الكتابات المتخوفة من الإسلام والمسلمين، لأن الإسلاموفوبيا كظاهرة لا تنفصل فى مجملها عن تصور عام تشكل داخل المجتمع الفرنسى تجاه الظاهرة الإسلامية، لأن جزءا كبيرا من النخبة الفرنسية يعتبر أن زيادة عدد المسلمين وتنامى الممارسة الدينية الإسلامية فى فرنسا مثل (بناء المساجد - الحجاب - الالتزام الديني)، إضافة إلى الاعتناق المتزايد للإسلام من قبل الفرنسيين المنتمين للفئات الاجتماعية المتوسطة، يشكل تهديداً للهوية الفرنسية ولعلمانية الدولة، حتى وصل الأمر لدرجة أن تخيل أحد الكتاب الفرنسيين وهو "ميشال ويلبيك" فى روايته ( (Soumission أو استسلام "بتحول فرنسا إلى دولة إسلامية بحلول عام 2022، بعد انتخاب رئيس من حزب إسلامي، ولا شك أن تلك الرواية تقدم دليلاً جديداً على ذلك الهاجس الفرنسى تجاه الإسلام والمسلمين. 2- ظهور تنظيم داعش والهجوم الإرهابى على صحيفة شارلى إبدو الذى أوقع 12 قتيلا من بينهم اثنان من المسلمين، بالإَضافة إلى وقوع بعض المواطنين الفرنسيين أنفسهم تحت إغراء الخطاب القتالى الداعشى؛ حيث تقدر مصادر عدد المقاتلين الفرنسيين فى صفوف داعش بنحو 1700، ما يعنى أنها أكبر مصدر أوروبى للمقاتلين الأجانب فى صفوف التنظيم، والرقم مرشح للارتفاع نظراً لمقدرة التنظيم على جذب المقاتلين، فضلاً عن أن هناك 15 فى المئة من الفرنسيين لهم رأى إيجابي عن المقاتلين، لأن التنظيم يدعى بأنه يخدم قضية عادلة وهى الانتقام للعدد الكبير من الضحايا االذين سقطوا فى سوريا والعراق. 3- استغلال الأعمال الإرهابية من قبل المنتمين لأقصى اليمين لتبرير ممارسات تمييزية وعنصرية تجاه المسلمين. وهذا ما كان واضحاً فى اقترح عدد من رؤساء البلديات الفرنسيين عدم استقبال لاجئين من سوريا والعراق سوى اللاجئين المسيحيين، لأنهم الأكثر تعرضاً للاضطهاد على حد قولهم. وفى تطور مشين تم إصدار قرار غير إنسانى من أحد رؤساء البلديات بمنع تقديم الطعام للاجئين فى المنطقة الإدارية الخاصة برئاستها. ولقد جاءت تصريحات "مارين لوبان" رئيس حزب الجبهة الوطنية اليمينى والمرشحة لرئاسة الجمهورية الفرنسية فى لقاء جمعها مع أنصارها فى مارسيليا لتصب فى نفس الاتجاه؛ حيث انتقدت موجة اللاجئين بالقول: "إن فرنسا ليست لديها الوسائل أو الرغبة لفتح أبوابها لتعساء العالم"؛ فى إشارة إلى تدفق المهاجرين السوريين. ولقد أدلت بتصريحات سابقة عن أداء المصلين المسلمين، حيث قارنت الصلاة فى الشوارع بالاحتلال النازى خلال الحرب العالمية الثانية. والسؤال: كيف تنعكس هذه التصريحات ومن قبلها الأعمال الإرهابية على الإسلام والمسلمين المسالمين فى فرنسا؟ يقول الدكتور حازم محفوظ إنه برغم أن الموقف الرسمى الفرنسى متمثلاً فى الرئيس فرانسوا أولاند هو": "أن الإسلام لا يتناقض مع قيم الديمقراطية"، ورغم تصريح رئيس الوزراء الفرنسى "بأنه لا علاقة بين التطرف والإسلام"، فإن العوامل السابق ذكرها عملت على تنامى شعور الخوف من الإسلام والمسلمين، وعلى ذلك يتم النظر إلى الإسلام على أنه كتلة أحادية جامدة لا تستجيب للتغيير، وليس به قيم مشتركة مع الثقافات الأخرى. وكنتيجة لهذا يواجه المسلمون فى فرنسا كثيرا من التعصب تجاه الرموز الظاهرة التى تدل على الانتماء الدينى خصوصا الحجاب، ويبدو أن الأمر تعدى الرموز الدينية الظاهرة. وكنتيجة لهذه أيضاً تم استهداف المساجد وتخريبها. ويؤكد الدكتور أن الأمثلة على الاعتداءات والتهديدات ضد الإسلام والمسلمين أكثر من أن تحصى بشكل تفصيلى؛ حيث وصل إلى 581 حالة، (416 حالة تمييز، 39 عملية تحرش، 98 إهانة، 25 اعتداء فعلياً على دور العبادة)، وأشارت التقارير أن نسبة قليلة فقط من هذه الأفعال يتم تسجيلها فى مراكز الشرطة، ويعزو الأمر إما إلى رفض الأجهزة الأمنية تسجيلها، أو إلى شعور الضحايا بأن الإدانات غالباً ما تكون متساهلة أو غير موجودة أصلاً. ومن اللافت للنظر أن ظاهرة الإسلاموفوبيا تحولت إلى موجة تسعى إلى إقصاء الإسلام تماماً من المجال العام، حيث قامت السلطات الفرنسية بطرد 40 إمام مسجد، وهناك 22 حالة قيد الدراسة؛ كما يتم دراسة ملفات أخرى منها إغلاق 100 مسجد تابع للسلفيين؛ حسبما صرح وزير الداخلية الفرنسى. ويستخلص الدكتور حازم محفوظ من كل ما سبق ذكره، أن الإسلام اليوم فى الخطاب السياسى الفرنسى أصبح مرادفاً أساسياً لمفهوم الخطر الشامل الذى يهدد قيم المجتمع الفرنسي، بل يهدد المجتمع الفرنسى ذاته، كما أصبح مهاجمة الإسلام والمسلمين الوسيلة الأكثر رواجاً لأحزاب أقصى اليمين، وعلى ذلك فالجمهورية الفرنسية مطالبة اليوم أكثر من أى وقت مضى بإيجاد طرق وأساليب أخرى ناجحة لدمج المسلمين فى نسيجها حتى تحصن نفسها من المد الراديكالى. النازيون الجدد أما عن ظاهرة الإسلاموفوبيا فى ألمانيا؛ فلقد حدد الدكتور حازم محفوظ العوامل التى أدت إلى تنامى تلك الظاهرة فى الآتى: 1. زيادة عدد المسلمين نتيجة لموجة الهجرة، حيث تشير الإحصاءات أن لديها أكبر عدد من المسلمين فى غرب أوروبا بعد فرنسا؛ نظراً لما تشهده ألمانيا من موجة الهجرة غير المسبوقة من المسلمين؛ خصوصا من الشبان، ولقد بلغ عدد اللاجئين المسلمين 800.000 ألف شخص؛ مما دفع عدد المسلمين فى ألمانيا إلى عتبة الستة ملايين. 2. ظهور الحركات اليمينية المتطرفة المعادية للإسلام؛ مثل حركة بيغيدا أو وطنيون أوروبيون ضد أسلمة الغرب التى تنادى بطرد المسلمين، ومن ثم تقوم بمظاهرات أسبوعية حاشدة تصل إلى عشرة آلاف شخص. 3. ظهور تنظيم (داعش)، وزيادة عدد السلفيين إلى حوالى 7500، كما أن هناك أكثر من 700 ألمانى غادروا البلاد إلى سوريا، وعودة ثلثهم بعد تدريبهم فى المعسكرات الإرهابية هناك أصبحت هناك خشية من أن ينفذ المتطرفون أعمال إرهابية على الأراضى الألمانية. ولا يمكن إغفال واستثناء تصرفات بعض المهاجرين المسلمين فى ألمانيا مثل السلفيين أو "شرطة الشريعة" التى تقوم بدوريات غرب ألمانيا - مرتدية الزى البرتقالى - والتى تطالب الشباب بترك الخمر ولعب القمار وعدم سماع الموسيقى، لفرض تطبيق الشريعة، متناسية تماماً أن ألمانيا ليست بلداً إسلامياً، وهذا ما يعد استفزازا لهؤلاء الشباب. 4. نشر الآراء المعادية للاجئين من قبل السياسيين الألمان معتمدين على مزاعم زيادة العبء من موجات اللاجئين؛ حيث إن هناك مخاوف من الزيادة المطردة لأعداد المسلمين فى ألمانيا، مما يجعلهم منافسين للمواطنين الألمان فى سوق العمل، إضافة إلى أن الذين لا يعملون من المسلمين يحصلون على إعانات اجتماعية ومساعدات مالية من جيوب دافعى الضرائب؛ مما يدفع المواطنين الألمان إلى الضجر والضيق من وجودهم. كما تم زرع مخاوف أخرى من خلال تمرير بعض المقولات السياسية، منها: إن الانتشار الواسع للإسلام يعنى أن المجتمع الألمانى سوف يهيمن عليه الإسلام؛ متجهاً نحو الشريعة والقرآن، لا نحو الدستور وحقوق الإنسان، وعلى ذلك ستصبح ألمانيا – حسب هذا الزعم - دولة إسلامية بحلول عام 2050. إن هذه العوامل حسب قول الدكتور حازم محفوظ، أدت إلى تزايد عدد الهجمات على المساجد والمؤسسات الإسلامية فى ألمانيا؛ إذ وصلت إلى (23) واقعة نفذها يمينيون متطرفون ينتمى بعضهم إلى النازيين الجدد. ويتم وبشكل شبه يومى الإبلاغ عن تجاوزات وهجمات وحرائق على أماكن إقامة اللاجئين، وصلت إلى 500 هجمة، و1500 حالة عنصرية وكراهية ضد المسلمين. وعلى ذلك شددت المستشارة الألمانية "أنجيلا ميركل" على "اتخاذ إجراءات صارمة ضد أى تحرك عنصرى ومتطرف ضد اللاجئين". واستخلص الدكتور حازم محفوظ من بعض الدراسات الأكاديمية والإحصائيات والتقارير الرسمية، أن ظاهرة الإسلاموفوبيا فى ألمانيا ليست هامشية، ويمكن العثور عليها لدى جميع الفئات الاجتماعية المختلفة برغم من أن الغالبية العظمى من السكان بصفة عامة متفتحة على التنوع الديني. ويبدو أنه عندما يتعلق الأمر بالتسامح الاجتماعي، فالإسلام يكون استثناء نظراً لما يشاهده المواطن الألمانى من فظائع الجماعات الإرهابية؛ خصوصا تنظيم (داعش). وفى نهاية الندوة أكد الدكتور حازم محفوظ أن ظاهرة الإسلاموفوبيا لا يقف وراءها العوامل التاريخية والثقافية والإجتماعية الخاصة بالمسلمين فقط، ولكن تقف وراءها الأعمال الإرهابية لتنظيم (داعش)؛ واستغلال تلك الأعمال من قبل تيار أقصى اليمين. ومن هنا ناشد المؤسسات الدينية بضرورة تطوير وتجديد الخطاب الدينى لما يمثله من إضافة مهمة فى حل الإشكالية القائمة بين الإسلام والغرب "الإسلاموفوبيا"، ولكن وحتى ينتهى هذا العمل الضخم ناشد الدكتور حازم محفوظ الشباب الموجود فى الندوة، بضرورة أن يبدأ كل واحد منهم بنفسه لإقامة علاقات متوازنة من خلال تبنى خطاب يعكس قيم ومبادئ الدين الإسلامى الصحيح.