رئيس الوزراء يعقد لقاءً مُوسعًا مع المستثمرين وأصحاب الشركات الناشئة    أسعار سيارات شانجان 2024 في مصر.. الأسعار والمواصفات والمزايا (التفاصيل كاملة)    برلماني: موقف مصر من القضية الفلسطينية تاريخي وراسخ    الشناوي على الدكة| تعرف على بدلاء الأهلي لمواجهة الترجي بنهائي دوري الأبطال    لفتة طيبة في مدرجات الأهلي قبل مباراة الترجي التونسي بدوري أبطال إفريقيا    صدمة جديدة ل تشواميني بسبب إصابته مع ريال مدريد    السجن المشدد 15 عاماً لمتهمة بالانضمام لخلية المنيا الإرهابية    فى حب « الزعيم»    نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية يتفقد مشروعات العلمين الجديدة    إطلاق أول صندوق للطوارئ للمصريين بالخارج قريبًا    «إسرائيل.. وقرارات القمة» (1)    متحدث فتح: نتنياهو لا يريد حلاً.. وكل من يقف جانب الاحتلال سيلوث يده    دخول قانون التجنيد "المثير للجدل" حيز التنفيذ في أوكرانيا    منها تعديل الزي.. إجراءات وزارة الصحة لتحسين الصورة الذهنية عن التمريض    خطة اغتيال عادل إمام.. المُكلف بالتنفيذ يروي الكواليس    تفاصيل اجتماع وزير التعليم ومحافظ بورسعيد مع مديرى الإدارات التعليمية    الزمالك يختتم تدريباته استعداداً لمواجهة نهضة بركان في إياب نهائي الكونفدرالية    رسميا.. نافاس يبقى في إشبيلية "مدى الحياة"    نموذج إجابة امتحان اللغة العربية للصف الثالث الإعدادي محافظة الجيزة    حادثه خطيرة.. تامر حسني يطالب جمهوره بالدعاء ل جلال الزكي    من بينهم أجنبى.. التحقيقات مع تشكيل عصابى بحلوان: أوهموا ضحايهم بتغير العملة بثمن أقل    السكك الحديد تعلن تشغيل قطارات إضافية بمناسبة عيد الأضحى المبارك    خطوات مطلوبة لدعم المستثمرين والقطاع الخاص    6 عروض مجانية بإقليم القناة وسيناء الثقافي    فصائل فلسطينية تعلن استدراج قوة للاحتلال.. وقتل 5 جنود وإصابة آخرين    يوم عرفة.. ماهو دعاء النبي في هذا اليوم؟    أعراض الذبحة الصدرية عند الرجال والنساء، وما هي طرق علاجها؟    «الأوقاف» تفتتح 10 مساجد بعد تجديدها الجمعة المقبلة    19 صورة لاكتشاف نهر بجوار الهرم الأكبر.. كيف بنى المصريون القدماء حضارتهم    «الصحة» توجه نصائح هامة لمرضى الجيوب الأنفية للحماية من التقلبات الجوية    كوكا يقود تشكيل ألانيا أمام سامسون سبور في الدوري التركي    عاجل.. تقارير سعودية تكشف كواليس انتقال أحمد حجازي إلى الأهلي    بالخطوات.. طريقة الحصول على نتيجة الشهادة الابتدائية 2024    «لابيد» يأمل أن يغادر «جانتس» الحكومة الإسرائيلية.. والأخير يلقي كلمة مساء اليوم    برج الثور.. حظك اليوم السبت 18 مايو: عبر عن أفكارك    تاني تاني.. تغيير جلد ل غادة عبد الرازق وأحمد آدم    حصاد تريزيجيه مع طرابزون قبل مواجهة إسطنبول باشاك شهير فى الدوري التركي    وزير التعليم: لدينا 46 ألفًا و994 طفلًا من ذوي الهمم.. و159 ألفًا و825 بمدارس الدمج    مذكرة قواعد اللغة الفرنسية للصف الثالث الثانوي 2024.. لا يخرج عنها الامتحان    العلاج على نفقة الدولة.. صحة دمياط تقدم الدعم الطبي ل 1797 مواطن    معلومات عن متحور كورونا الجديد FLiRT .. انتشر أواخر الربيع فما أعراضه؟    حبس المتهم بسرقة مبالغ مالية من داخل مسكن في الشيخ زايد    حزب الله يعلن استهداف تجمعا لجنود الاحتلال بثكنة راميم    حكم شراء صك الأضحية بالتقسيط.. علي جمعة يوضح    هل مواقيت الحج والعمرة ثابتة بالنص أم بالاجتهاد؟ فتوى البحوث الإسلامية تجيب    مصر تنافس على لقب بطولة CIB العالم للإسكواش ب3 لاعبين في المباراة النهائية    محافظة القاهرة تنظم رحلة ل120 من ذوي القدرات الخاصة والطلبة المتفوقين لزيارة المناطق السياحية    فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة يحتل المرتبة الثالثة في شباك التذاكر    8 تعليمات مهمة من «النقل» لقائدي القطارات على خطوط السكة الحديد    جامعة مصر للمعلوماتية.. ريادة في تطوير التعليم الفني    «الصحة»: وضع خطط عادلة لتوزيع المُكلفين الجدد من الهيئات التمريضية    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    محافظ المنيا: استقبال القمح مستمر.. وتوريد 238 ألف طن ل"التموين"    جهود قطاع أمن المنافذ بوزارة الداخلية خلال 24 ساعة فى مواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    "الإسكان": غدا.. بدء تسليم أراضي بيت الوطن بالعبور    ما حكم الرقية بالقرآن الكريم؟.. دار الإفتاء تحسم الجدل: ينبغي الحذر من الدجالين    الفصائل الفلسطينية تعلن قتل 15 جنديا إسرائيليا فى حى التنور برفح جنوبى غزة    الأرصاد: طقس الغد شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مؤرخون فلسطينيون: حفريات الصهاينة فشلت فى إثبات أى حق لهم على أرض فلسطين
نشر في الأهرام العربي يوم 01 - 04 - 2017

د. فؤاد عباس: لا بد من توثيق الآثار الفلسطينية داخل فلسطين وفى المتاحف العالمية، وإعادة كتابة التاريخ بعيدًا عن الإسرائيليات

الوصايا العشر نزلت باللغة الهيروغليفية؛ لأنها كانت لغة سيدنا موسى، آنذاك، حيثما عاش فى مصر ودفن فيها

تل أبيب استخدمت علم الآثار بصورة فاعلة لإقصاء الفلسطينيين عن تاريخهم، وانتحال تراثهم الثقافي

فى جلسة حوارية من العصف الذهنى الشديد حول تاريخ الشعب الفلسطينى القديم، والمزاعم والادعاءات الصهيونية المختلفة، وكيفية الرد عليها، أدارت « الأهرام العربى « مناقشة مهمة مع مؤرخين فلسطينيين من جيلين مختلفين، يقيمان فى الخارج، أحدهما فى المملكة العربية السعودية وهو الأكبر عمرًا والأكثر خبرة ودراية، والآخر شاب فى الثلاثينيات من العمر ويقيم ما بين القاهرة والدنمارك، وإن امتلك أدوات البحث العلمى والتأريخ الفلسطينى القديم، وكأن لديه عشرات السنوات من العمر.
النقاش الذى توَّسع بالمصادفة بين مجموعة من الضيوف الفلسطينيين على شرف وجود المؤرخ الفلسطينى المعروف، الدكتور إبراهيم فؤاد عباس، ضم إلى جانبه الباحث الشاب والمؤرخ أحمد الدبش، والدكتورة نعيمة أبو مصطفى، المتخصصة فى الشئون الإسرائيلية، والشاعرة والروائية الفلسطينية الدكتورة فدوى فؤاد عباس، وكاتب هذه السطور. الأول: وهو ابن الدكتور فؤاد عباس، المؤرخ الفلسطيني، صاحب موسوعة « مفقودة عمدًا من الموساد الإسرائيلى «عن الشعب الفلسطينى وتاريخه القديم، له العديد من الكتب والدراسات والأبحاث الخاصة بالصراع العربى الصهيوني، من بينها «الماسونية تحت المجهر»، و «العلاقات المصرية - الفلسطينية»، و «اليهود والانتخابات الأمريكية» ، و«ذاكرة القدس» ، و«الآثار الفلسطينية .. إثبات لعروبة فلسطين تاريخًيا وجغرافيًا وحضارة «، وهو الكتاب الذى يدحض المزاعم الإسرائيلية حول أحقية الصهاينة فى المدينة الفلسطينية المحتلة.
أما عن الباحث الشاب، أحمد الدبش، فله العديد من المؤلفات والدراسات والأبحاث والمقالات المهمة، من بينها « يهودية الدولة .. الحنين إلى الأساطير»، و«معذرة آدم .. لست أول البشر»، و«اختطاف أورشليم»، و«المسيح النبى المفقود»، «اليمن الحضارة والإنسان.. بحثًا عن الجذور»، وهى المؤلفات التى يناقش فيها المزاعم الصهيونية ويفندها بعين اليقين.
بداية، حول قراءة وتعريف المؤرخ، قال فؤاد عباس: إن المؤرخ يقرأ ويكثر من القراءة اليومية، ويعدد رؤاه، بناء على قراءة من وجهات نظر مختلفة، ودرايته وأقواله تُبنى على كثرة ما يقرأ مع التنوع فى تلك القراءة، والانحياز لجانب الحقيقة القائمة على أدلة وقرائن وثبوتات، وترتكز قناعاتى كمؤرخ للقضية الفلسطينية على قاعدة وأسانيد تاريخية وعقدية وحضارية. أحاول القراءة اليومية من توجهات مختلفة، ربما إسرائيلية، وربما تكون على نقيض لوجهة أخرى، ولكن المهم هو الوصول لمرحلة أن ما تقرأه لا يجانب الحقيقة؛ لأن ما لديك ما يناقضه ووقتها تصل إلى قناعة بأن هذا الرأى خاطئ تمامًا.
وهو ما يتفق مع الدبش الذى قال :إن مهمتى كمؤرخ تفنيد ما تزعمه الكتابات الصهيونية، خصوصاً وأن تل أبيب استخدمت علم الآثار بصورة فعَّالة لإقصاء الفلسطينيين عن تاريخهم، وانتحال تراثهم الثقافي، فالتجمع الصهيونى يسعى إلى إيجاد علاقة بين ما يسمى بدولة « إسرائيل الحديثة « والعصر « الإسرائيلى المزعوم « القديم. ووصلت المساعى الصهيونية إلى تهويد وتهجير الذاكرة الفلسطينية، ففى الوقت الذى سعت فيه الصهيونية إلى تحويل فلسطين إلى وطن قومى يهودي، ساهم عمل علماء الآثار فى تحويل فلسطينية إلى أرض يهودية، عبر الناحية النفسية. وهذا ما يدعونى إلى تفنيد هذه المزاعم ومواجهتها كمؤرخ.
وحول مدى تعاطى التوراة مع الناحية التاريخية، يرى فؤاد عباس أن الكثيرين من الكُتاب والمحللين والمؤرخين يعتمدون على التوراة كدليل تاريخى على صحة ما يرددونه، وهم مخطئون فى ذلك، برغم وصف التوراة بأنها أكثر رحابة من الناحية الجغرافية. وهناك من المؤرخين من يردد أنه ليس هناك أثر على وجود سيدنا آدم وسيدنا سليمان وسيدنا موسى، وأن التوراة نزلت فى جزيرة العرب، وهو ما ينافى الواقع والحقيقة. مثل كتاب الدكتور كمال الصليبى «التوراة جاءت من جزيرة العرب، ط1، مؤسسة الأبحاث العربية، بيروت، 1985 «، رغم أن الكتاب أثار ضجة تاريخية حينما صدر، لكنه ينافى الحقيقة والأديان السماوية.
ويرد الدبش، بالقول: «بالفعل، هناك اتجاه أسسه الراحل الدكتور الصليبى حينما ذكر فى كتابه المهم «التوراة جاءت من جزيرة العرب» ، أن التوراة نزلت بالفعل فى الجزيرة العربية، وتبعه الباحث العربي، فرج الله صالح ديب، فى كتابهِ «التوراةُ العربيةِ وأورشليمُ اليمنيةِ»، الذى صدر فى العام 1994؛ وأشار الباحث المصري، أحمد عيد، إلى ذلك فى كتابه «جغرافية التوراة فى جزيرة الفراعنة»، الذى صدر فى العام 1996، وأكدت أنا ذلك فى كتابى « موسى وفرعون فى جزيرة العرب»، الذى صدر فى العام 2003، وللباحث العربى فاضل الربيعي، عده إصدارات فى هذا المجال، « فلسطين المتخيلة، جزءان «، الذى صدر فى العام 2008، و « القدسُ ليست أورشليم، مساهمةُ فى تصحيحِ تاريخِ فلسطينِ «، الذى صدر فى العام 2010. وبالتالي، فإن أطروحات الباحثينَ التى تَعتبر (عسير)، أو (اليمن)، أو (الجزيرة العربية) عموماً هى المسرح الجغرافى والتاريخى لملوكِ بنى إسرائيل ليست بجديدة. بل لقد ذهبَ المستشرقُ مرجوليوث، إلى أن الوطن الأصلى لبنى إسرائيل لم يكن فى شبه جزيرة سيناء؛ بل كان ببلادِ اليمن التى خرجت منها أمم كثيرة من أقدم الأزمنة التاريخية .
اختلف الدكتور فؤاد عباس مع هذه الرؤية، حينما قال : « غير صحيح وليس لتلك الافتراضات والمزاعم أدلة أو براهين «! ليرد عليه الدبش، بأن البحث الأثرى فى فلسطين نتيجته صفر، فلم يجد أثرى إسرائيلى واحد ما يثبت أن لديه تاريخاً على الأراضى الفلسطينية، وكل الأدلة تؤكد أنه لا توجد آثار على وجود أناس تسمى (عبرانيين/ بنى إسرائيل/ يهود) فى فلسطين. ولكن زاد الدكتور عباس بأن عدم وجود آثار لهم ينطبق على الجزيرة العربية بالمناسبة، وربما يتنافى مع ما جاء الأديان السماوية!
ويرد الدبش بأن «صندوق اكتشاف فلسطين» الذى أسسه البريطانيون قام بوضع خرائط جديدة «مزورة» لتغيير معالم الأرض، وكثير من الباحثين الغربيين جاءوا إلى فلسطين والمعوَّل فى يد والتوراة فى اليد الأخرى. بل إن بعضهم أسقطوا أسماء توراتية على مدن فلسطينية لمحاولة اختلاق تاريخ توراتى فى فلسطين. فالعالم الصهيونى المعروف، زئيف هرتسوغ قال «التوراة لا إثباتات على الأرض»، ونفى وجود عبري/ إسرائيلى فى التاريخ. وبعض المؤرخين يعتقدون بأنه لا وجود لداود أو سليمان أو موسى... والعالم يسرائيل فنلكشتاين ونيل سلبرمان، وغيرهما من علماء الآثار، قالوا بوضوح «التوراة لا إثباتات على الأرض».
بيد أن رؤية أو افتراضات الدبش تتنافى مع ما جاء فى الكتب السماوية، وهو ما شدد عليه الدكتور فؤاد عباس، وبقوة، من أن ما يردده الدبش يتنافى مع الكتب السماوية التى ترى أن العبرانيين كانوا موجودين ولكن على هامش التاريخ، وكانوا مجموعة من القبائل الرُحَّل. ولكن يُصر الدبش على القول ب «هذا الكلام غير صحيح بالمطلق، فلا يوجد لدينا أدنى دليل أثري، أو تلميح على وجود مجموعة من الأناس اسمهم عبرانيين...وللأسف أن القراءات العربية للنقوش الأثرية متأثرة بخطاب الدراسات التوراتي، فليس لدينا باحث عربى يمكنه إعادة قراءة النصوص الأثرية، وغالبًا ما نعتمد على القراءة الغربية التى تأتى لصالح إثبات وجود تاريخ لليهود فى فلسطين».

أرض الأنبياء
وفيما يتعلق بنزول التوراة فى الجزيرة العربية، يقول الدكتور فؤاد عباس : « لا يمكن الاستناد إلى نظرية الدكتور الصليبى الخاصة بأن التوراة نزلت فى الجزيرة العربية؛ لأن تطابق بعض الأسماء لا يثبت الحقيقة وليس دليلاً على صحة افتراضاته. وأنه المهم لدى وهى ثوابت أساسية أسير فى دربى عليها، ممثلة فى أن القدس وفلسطين أرض الأنبياء، والهيكل كان فى مكان آخر، وليس فى القدس المحتلة، أو أسفل المسجد الأقصى، فقد كان مسجدًا فى الأساس، ومدينة القدس مقدسة لدى الديانات الثلاث، وسيدنا موسى ولد وتوفى فى مصر ولم يخرج منها، وداود وسليمان كانا مسلمين، حيث جاء فى كتابه الكريم، ما قاله سيدنا سليمان للهدهد « أَيُّكُمْ يَأْتِينِى بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِى مُسْلِمِينَ» (النمل – 38 ) ، وسيدنا إبراهيم حينما نزل على مدينة القدس وجدها عامرة وزعيمها ملك يبوس يدعى مالك صادق. أى أن كل الحضارات القديمة سبقت الحضارة اليمنية! كما أن الحضارة اليمنية أو الحضارة الحميرية لا يمكن مقارنتها بالحضارة الفرعونية أو الفينيقية، فحضارة بلقيس اليمنية كانت 1000 ق . م، فى حين أن الحضارة الفرعونية سبقتها بآلاف السنين، وكذلك حضارات يبوس الفلسطينية.
وحول مسيرة سيدنا إبراهيم فى التاريخ القديم، يرى الدبش أن مسيرته من العراق إلى فلسطين وغيرها من المدن استغرقت 960 كم بالورقة والقلم، وهو غير صحيح بالمطلق وفقًا لخريطة مساره فى التوراة التى بدأت من أور كلدان ووقفت فى حاران وواصلت المسير إلى أرض كنعان .
ويرد عباس بأن رحلة سيدنا إبراهيم بدأت من حاران بالعراق مروراً بكلدان وكلدان شعب وليس مدينة، وهى الرحلة التى وقعت 1800 ق. م. ليعود الدبش ويختلف معه حينما يذكر أنه إذا كانت الرحلة فى 1800 ق.م، كما يعتمد العلماء فى وضع تأريخ النبى إبراهيم، فما علاقة الكلدانيين، الذين لم يظهروا فى التاريخ وعلى مسرح الأحداث إلا فى 1000 ق.م. إذن هناك خلل واضح فى الحدث؟! ويعاود عباس ويؤكد أن ما ذكره الدبش من تطابق المدن بين الجزيرة العربية والتوراة غير صحيح للمرة الثانية، لأن هناك مدنا كثيرة بالاسم نفسه فى أكثر من بلده، مثل مدينة « مجدل «والتى توجد فى الجولان، وفى فلسطين والعراق والأردن، أيضًا، وكذلك مدينة « الإسكندرية « التى يوجد بالولايات المتحدة وحدها أكثر من 12 مدينة بالاسم نفسه.

الآثار والحقوق الفلسطينية
وفيما يدور حول وجود حضارة يمنية قديمة، يقول الدبش بأنه بالفعل موجودة وتعود إلى مئات الآلاف من السنين ق.م، وليست إلى 1000 ق.م إبان سيدنا سليمان. ويرد عليه عباس بأنها مجرد جماجم وليس آثار واضحة المعالم، مثل الحضارة الفرعونية، على سبيل المثال. وبالتالى مجرد وجود جماجم قديمة لا يعنى أن اليمن مهد الحضارات ! أعتقد أن هناك آثارًا فلسطينية تثبت الحقوق الفلسطينية، مثل وجود الأسوار والأبراج، كما فى مدينة يبوس، التى كان يؤمن ملكها ملكى صادق بالتوحيد! أى أن وجود الآثار هو الذى يثبت أحقية الإنسان بتاريخه القديم.
وحول أحقية الفلسطينيين فى أرضهم التاريخية، يقول فؤاد عباس إن أحقية الفلسطينيين فى أرضهم لا لبس فيها، وأن الحركة الصهيونية وغيرها من الصهاينة أرادوا تزييف التاريخ، ومحاولة نسبه إليهم، ومن المعروف أن أول بعثة صهيونية ذهبت لفلسطين كانت فى منتصف القرن الثامن عشر لإثبات أنها توراتية، وهى بعثات أركيولوجية أى تنقيبية، ولم تعثر على آثار يهودية. ويضيف الدبش بالقول: هناك بعثات صهيونية سبقت هذا التاريخ بعشرات السنين. ولكنى متفق مع الدكتور عباس بأن ما كشفه بنيامين نيتانياهو أخيرًا عن بردية يروشلايمة مزور. وبالتالى لا يوجد أى أثر أو نقش يدل على وجود للعبرانيين أو اليهود، وليست لهم أية حقوق فى فلسطين. ليعاود عباس بالقول، مما يعنى أن مدينة القدس عربية والهيكل لم يبن تحت المسجد الأقصى، ولا بد من ربط العقيدة بالجغرافيا، ليمكن القول إن فلسطين مهد الأنبياء، ومصر مأوى هؤلاء الأنبياء!
وهنا، يتدخل الدبش ليرى أنه علينا التفرقة بين أنبياء التاريخ وأنبياء العقيدة الذين نؤمن بهم، من الناحية التاريخية لا يوجد فى تاريخ مصر والعراق وفلسطين ما يشير إلى وجود أى حدث «توراتي» أين كان، ومن الناحية العقائدية بحثنا عن وجودهم فى مكان أخر، وهذا ما أثبته فى مؤلفاتي، أن جغرافية التاريخ التوراتى تنطبق مع جغرافية اليمن، ولا علاقة لها بمصر أو العراق أو فلسطين.
• إذن فأنت تؤيد ما يزعمه الدكتور يوسف زيدان حول مدينة القدس بأنها ليست عربية وأن المسجد الأقصى مكانه بالطائف؟!
الدبش: علينا الفصل بين ما جاء فى الأديان السماوية وبين التاريخ! وما ذكرته لا يعنى تأييدى للدكتور يوسف زيدان، وبالمناسبة فقد فندت حديث الدكتور زيدان بثلاثة مقالات، ودحضت نظريته، تمامًا.
وحول الأمر نفسه، يؤمن فؤاد عباس بأن اليهود كانوا فى العراق ومصر والجزيرة العربية معًا، مع وجوب ربط العقيدة بالجغرافيا، كما أنه حتى تدخل اليمن فى الديانة اليهودية كان عليها أن تدخل فى جزيرة العرب بداية، وما جاء فى القرآن الكريم من حقائق علمية وإعجاز علمى يؤكد ذلك، من أن كل الأحداث التاريخية وقعت فى الشام ومصر والعراق، وليس جزيرة العرب، خصوصا ما يتعلق بسيدنا إبراهيم ويعقوب وموسى وعيسى.
ولعل ما ينفى أقوال الدبش أن الوصايا العشر نزلت على سيدنا موسى بجبل الطور بسيناء المصرية، وباللغة الهيروغليفية؟! يقول فؤاد عباس: أنا أؤيدك تماماً، فالوصايا العشر نزلت باللغة الهيروغليفية؛ لأنها كانت لغة سيدنا موسى، آنذاك، حيثما عاش فى مصر ودفن فيها. وبالمناسبة الديانة اليهودية لم تظهر إلا مع نزول الوصايا العشر بجبل الطور بسيناء، وقبلها كان سيدنا موسى يدعو إلى التوحيد. فى حين يقول الدبش: لا توجد أية آثار لليهودية ولا لبنى إسرائيل، لا فى العراق ولا الشام ولا مصر، وقال عنهم المؤرخ اليهودي، يوسيف فلافيوس إنهم من الفينيقيين، وبعض المؤرخين اليهود الآخرين قال إنهم عرب! وبالتالى فإنهم موجودون فى اليمن فحسب، نتيجة لوجود نقوش يمنية تدل على ذلك. فى وقت يشدد الدكتور عباس على أن ما طرحه نظيره الدبش يتعارض مع الأديان السماوية، مؤكدًا أن التوراة نفسها ذكرت ذلك، واسم فلسطين نفسه ذكر فيها، غير مرة.
وما رأيكما فى ظاهرة «المؤرخون الجدد»؟!
يرى فؤاد عباس أن ظاهرة « المؤرخون الجدد « أعادت كتابة التاريخ الإسرائيلى واليهودى مرة أخرى، بمعنى أنهم نفوا كل ما جاء فى التوارة من أحداث تاريخية، حيث نفوا قصة موسى والمملكة الموحدة وغيرها من القصص التوراتية. ما يعنى أن هناك من الإسرائيليين الحاليين من ينفى وجودهم أصلهم!
بماذا توصون للقارئ المصرى والعربى ؟
يشدد الدكتور عباس على ضرورة توثيق الآثار الفلسطينية داخل فلسطين وفى المتاحف العالمية، وإعادة كتابة التاريخ بصورة حقيقية وصحيحة، بعيدًا عن الإسرائيليات. ويزيد عليه الدبش بأنه من الواجب تشكيل جبهة مؤرخين على أعلى مستوى من الثقافة والعلم، وإعادة تدريس التاريخ الفلسطينى القديم، وتخريج جيل عربى من علماء الآثار، وإعادة قراءة التاريخ العربي، وكتابته بأيدينا وليس بأيادٍ غربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.