وزير الدفاع التركي يدعو لعملية عسكرية تركية مع قوات برزاني ضد أبناء أوجلان محاولات أمريكية بريطانية لإنهاء الأزمة وحل الخلافات بإقليم كردستان
مع تصاعد الحديث حول رغبة أكراد إقليم كردستان فى الاستقلال عن العراق وإعلان دولتهم المستقلة، ارتفعت وتيرة الخلافات الداخلية بين الأكراد، وشهدت الأيام الماضية اشتباكات ومواجهات بين عناصر حزب العمال الكردستاني وقوات البشمركة التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني بشمال العراق. وتبادل الطرفان اتهامات الخيانة والعمالة عبر بيانات رسمية، حيث وصفت وزارة الداخلية بإقليم كردستان حزب العمال الكردستاني بالسعي لإحداث فوضي وبلبلة بالمنطقة، كما اتهمهم المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني بتنفيذ أجندة مخابرات إقليمية تسعي لضرب الحركة الكردية من الداخل. من جانبها قامت قوات الأمن بالإدارة الذاتية لأكراد شمال سوريا التي يسيطر عليها حزب الاتحاد الكردستاني الفرع السوري لحزب العمال بإغلاق مقرات الأحزاب التابعة للحزب الديمقراطي بسوريا واعتقال عناصرها بحسب بيان للحزب الديمقراطي وصلت «الأهرام العربي» نسخة منه. كما اتهم حزب العمال قيادات حزب بارزاني بالعمالة للنظام التركي، خصوصا أن المواجهات التي وقعت بشمال العراق تزامنت مع زيارة مسعود برزاني رئيس إقليم كردستان لأنقرة واجتماعه بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يصنف كتنظيم إرهابي. اتهامات العمال للديمقراطي دعمتها تصريحات وزير الدفاع التركي فكري إشيق الذي أعلن عن استعداد بلاده لعمل عسكري مشترك مع قوات البشمركة التابعة لحزب الديمقراطي الكردستاني لمنع المقاتلين الأكراد التابعين لحزب العمال الكردستاني من انتزاع موطىء قدم بمنطقة سنجار بالعراق. ولا تتوقف خلافات الأكراد على صراعات حزب العمال مع الحزب الديمقراطي فالصراعات السياسية داخل إقليم كردستان العراق لا يمكن تجاهلها فى ظل مطالبة رئيس برلمان الإقليم د. يوسف محمد المجتمع الدولي بوقف التعامل مع مسعود برزاني كرئيس للإقليم، معتبرا أنه رئيس غير شرعي انتهت ولايته منذ عامين. وحذر محمد فى تصريحات صحفية من أن تراكم المشاكل وإصرار برزاني على البقاء غير الشرعي فى السلطة يهدد السلم الاجتماعي وينذر بعمليات اقتتال أهلي بين سكان الإقليم!! ويبقي السؤال من وراء إشعال الخلافات الكردية الكردية فى الوقت الحالي؟ ومن المستفيد من تفجير البيت الكردي؟ وهل تؤثر تلك الخلافات على مشروع الدولة «المرتقبة» بكردستان العراق وفكرة الحكم الذاتي بشمال سوريا؟ وهل هناك وساطات كردية أو دولية لحل هذه الأزمات التي تهدد بقاء القضية الكردية؟ «الأهرام العربي» عرضت تلك التساؤلات على مجموعة من المفكرين والقيادات الحزبية الكردية فكانت هذه أراؤهم.
ارتباطات إقليمية فى البداية اعتبر القيادي الكردي العراقي دانا جلال، أن الخلافات داخل الحركة الكردية مسألة ليست بالجديدة، مشيرا إلى أنه في عام 1964 حدث الانشقاق الأكبر داخل الحزب الديمقراطي الكردستاني وسكرتيره مصطفى البارزاني، حيث انشق إبراهيم أحمد وجلال الطالباني ليشكلا جناح «المكتب السياسي» الذي أصبح حاليا حزب الاتحاد الوطني الكردستاني. وأوضح جلال ل»الأهرام العربي» أن الصراع بين الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستاني كان الحضور الإقليمي فيه واضحا كما حدث في عام 1996 حيث طلب مسعود بارزاني مساعدة صدام حسين ضد غريمه الطالباني الذي قام بدوره بطلب المساعدة من إيران وحرسها الثوري. ويري أن الصراع القائم بين الحزب الديمقراطي الكردستاني مع حزب العمال الكردستاني هو صراع بين مشروعين وخطابين مختلفين في أجزاء كردستان، لافتا النظر إلى أن الصراع الدموي بين الحزبين، شاركت فيها أنقرة التي تستغل الديمقراطي الكردستاني لمحاربة تجربة الإدارة الذاتية التي يشرف عليها العمال الكردستاني في كردستان سوريا. وشدد القيادي الكردي على أن الغرب وبالأخص أمريكا، لم ولن يسمحوا باقتتال (كردي – كردي) في الإقليم، ناهيك عن رفض الشعب الكردي للاقتتال الداخلي الذي ذاق مرارته ولأكثر من مرة.
وساطة أمريكية من جانبه كشف الملا ياسين رؤؤف ممثل حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بالقاهرة، أن هناك وساطات أمريكية من أجل إنهاء الخلاف وحل الأزمة بين القوي المتحاربة فى منطقة شنكال بشمال العراق «المنطقة التي شهدت المواجهات بين حزب العمال الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني. وأكد ياسين ل«الأهرام العربي» أن هناك محاولات تركية مستمرة لإشعال الخلاف بين الأكراد فى كل مناطق كردستان، معتبرا أن تركيا لا تتورع عن فعل أى شىء حتي لو تحالفت مع الشيطان من أجل منع الأكراد من الحصول على حقوقهم. وأشار إلى أن العلاقات بين تركيا وإقليم كردستان تحالف اقتصادي وليس سياسيا والحوار بين أردوغان وبارزاني لم يتطرق لقضية استقلال كردستان.
4 آلاف قتيل بدوره أكد المفكر الكردي بير رستم أن تاريخ الصراعات الكردية الكردية ليس بجديد ففي منتصف التسعينات من القرن الماضي قتل ما يقارب 4 آلاف من البمشركة فى الصراع بين حزبي الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني بإقليم كردستان. وأرجع رستم فى تصريحات ل»الأهرام العربي» قضية الخلافات والصراعات بين العمال والديمقراطي الكردستاني للتنازعات الإقليمية بالمنطقة، خصوصا الصراع بين طهرانوأنقرة، مشيرا إلى أن العلاقات الأخيرة بين كل من حكومة إقليم كردستان (العراق) والحكومة التركية من جهة فضلا عن الصراع السني الشيعي على المنطقة ونفوذ إيران القوي لدى بغداد ومحاولات تركيا لأن يكون لها موطىء قدم في العراق من خلال الهيمنة على إقليم كردستان وفتح مقرات وقواعد عسكرية تركية على أراضيه وذلك لخلق نوع مع إيران والتي لها نفوذها الممتدة من بغداد وصولاً لمدينة السليمانية.
لن نحارب إخوتنا الكرد شريكو حبيب ممثل الحزب الديمقراطي الكردستاني بالقاهرة، شدد فى تصريحاته ل»الأهرام العربي» على أن حزبه لن يشترك في عملية عسكرية مع اَي دولة ضد الكرد وذلك فى سياق رده على تصريحات وزير الدفاع التركي حول احتمال لجوء أنقرة لعملية عسكرية مشتركة مع قوات الديمقراطي الكردستاني فى مواجهة حزب العمال الكردستاني. وأوضح شيركو أن إقليم كردستان طلب من العمال الكردستاني سحب قواته خارج الإقليم، لعدم منح فرصة للقوات التركية لشن هجمات على أراضي الإقليم خصوصا أن حال حدوث ذلك، ستكون الخسائر كبيرة من المواطنين العزل و الأطفال والنساء. وأشار إلى أن الخلافات الكردية لا تخدم قضية الاستقلال وإعلان الدولة الكردية ويكون لها تأثير سلبي على جميع المشاريع داعيا لنبذ الخلافات وإعمال لغة الحوار والعقل بعيدا عن التشجنات. وكشف عن تدخل الأمريكيين و البريطانيين لحل الخلاف بين الأحزاب الكردية بإقليم كردستان لكن هذه الوساطات لم تفلح فى إنهاء الأزمة بحسب قوله. وأكد أن الخلافات الداخلية بين الأكراد سواء داخل إقليم كردستان أم خارجه تؤثر بلا شك على مشروع الدولة المرتقبة بإلإقليم مشيرا فى الوقت تفسه إلى أن الاستقلال سيكون قرارا شعبيا والأغلبية تؤيده حتي لو كانت لدى بعض القادة تحفظات على استقلال كردستان.
تركيا تحتل كردستان من جانبه قال محمد ارسلان الكاتب الصحفي المحسوب على حزب العمال الكردستاني إن العلاقة الوطيدة بين تركيا والحزب الديمقراطي الكردستاني وصلت لمرحلة العلاقات التي لا يمكن فصلها أبداً من جميع النواحي سياسياً وعسكرياً وأمنياً واقتصادياً، إذ أن الأقليم لا يستطيع عمل أي شيء من دون موافقة تركيا أبداً. وكشف ل»الأهرام العربي» أن إقليم كردستان يوجد به أكثر من 18 قاعدة عسكرية تركية منتشرة في مناطق نفوذ مسعود البارزاني أي في محافظتي آربيل ودهوك فقط. وأكد أن وجود مقاتلين من العمال الكردستاني في شنكال، لا يشكل أي ذريعة لشن عمليات عسكرية، لأن العمال الكردستاني متواجد في جميع المناطق في إقليم كردستان وجميع الحدود التركية العراقية بامتداد مئات الكيلومترات، كما يوجد أيضا في كل المدن الكردية وبعض المدن التركية في شمالي كردستان وتركيا. معتبرا أن تركيا تريد جرّ الكرد إلى حرب داخلية واقتتال كردي كردي، كي تصرف اهتمام القوات الكردية عن محاربة داعش إن كان في الرقة أو الموصل. واعتبر أن تهمة تعاون العمال الكردستاني مع إيران، ليس لها أساس من الصحة، مشيرا إلى أن الحزب لا يدعم أي جبهة سواء كانت تابعة للهلال السني أم الشيعي، وانتهج سياسة الخط الثالث وكذلك الكرد في سوريا إن كانوا في قوات سوريا الديمقراطية أو وحدات حماية الشعب أيضا انتهجوا سياسة الخط الثالث ونأووا بأنفسهم عن الجبهتين.
إيرانوأنقرة رجائي فايد رئيس المركز المصري للدراسات الكردية، أكد أن الصراع بين العمال الكردستاني والحزب الديمقراطي بزعامة برزاني يبدو فى ظاهره خلاف كردي كردي ولكنه فى حقيقة الأمر صراع إيراني تركي. وأوضح ل»الأهرام العربي» أن حزب العمال وهو مدعوم من طهران له قواعد بمنطقة شنكال داخل إقليم كردستان، ويشن هجمات على تركيا انطلاقا منها وهو ما دفع حزب بارزاني لمحاولة إخراجه من المنطقة نظرا لعدم رغبته فى معاداة تركيا باعتبارها دولة جارة للإقليم ويرتبط معها بعلاقات اقتصادية. وكشف أن إيران المتحالفة مع نظام بشار سعت لمد جسور التواصل وفتح قنوات اتصال مع وحدات حماية الشعب الكردية وحزب العمال الكردستاني نكاية فى تركيا التي تدعم الحزب الديمقراطي بزعامة برزاني. وأكد الخبير فى الِشأن الكردي صعوبة وجود حل للخلافات بين الديمقراطي الكردستاني والعمال، مشيرا إلى أن الحل الوحيد هو إنهاء الخلافات بين أنقرة وحزب العمال. وأكد أن الخلافات الكردية تعرقل موضوع الدولة، فضلا معتبرا ان هناك تعقيدات كثيرة تعرقل فكرة المشروع منها الخلافات الداخلية بالبيت الكردي وصراعات إقليمية وخلافات دولية كبيرة.
أين العرب مهند الكاطع الباحث السوري فى الشأن الكردي، يري أن الخلافات الكردية - الكردية قديمة ومتجددة، معتبرا أن التاريخ حافل بوقائع عن استفادة الآخرين من الورقة الكردية واستخدام الأكراد في صراعات بين بعضهم البعض لتحقيق مصالح الأخرين فقط. وقال الكاطع ل«الأهرام العربي» إن العمال الكردستاني اليوم يقاتل في صف النظام السوري وإيران، ويتم استخدام مقاتليه لأجندة لصالح الإيرانيين والسوريين بالدرجة الأولى، دون أن يتعدى مشروع الفيدرالية المعلن ذَر الرماد في العيون! كما أن تركيا تدعم البرزاني اليوم لمواجهة المدّ الإيراني بالدرجة الأولى، ولتضييق الخناق على عدوه ( العمال الكردستاني) المدعوم ايرانياً، ومن هنا تأتي مسألة إعلان دعم البرزاني لعمل مشترك ضدّ pkk. وأكد أن مشروع الدولة الكردية في العراق يتأثر سلباً بالخلافات الكردية الكردية بالطبع، ليس فقط بين جماعة البرزاني والعمال الكردستاني، بل وبين البرزاني ومجموعة الطالباني في السليمانية التي أعادت ارتباطها التاريخي مع الإيرانيين خصوصا بعد تشبث البرزاني بكرسي الرئاسة ورفضه التخلي عن الحكم بعد انتهاء مدة ولايته واستقوانه بالأتراك في الوقت الراهن. وتساءل الباحث: أين العرب من هذه المعادلة؟ ولماذا لا تلعب الدول العربية دوراً واضحاً في الحفاظ على أجزاء مهمة وإستراتيجية من الوطن العربي باتت عرضةً لتدخل دول إقليمية كإيرانوتركيا باستخدام الميليشيات الكردية كذريعة لهذا التدخل.