محمد الخولى: تطوير الاقتصاد يعتمد على تجهيز البنية التحتية والتشغيل أمانى عصام: الجهات المانحة لديها الرغبة والقدرة على لعب دور إيجابى
محمد سيد يوسف: هناك فرصة حقيقية لتحسين أداء الاقتصاد
ما زال هناك العديد من الطرق التى يجب علينا أن نتحرك فيها، ليخرج الاقتصاد المصرى من دوامة المتاهة التى يسير فيها، فعلى الرغم من تصريحات المسئولين المستمرة، والتى تؤكد وجود مؤشرات جيدة على تحسن الاقتصاد، فإنه على أرض الواقع ما زال هناك العديد من المشاكل، وعليه فهل حقا هناك تحسن فى الوضع الاقتصادى الحالى ولم لا نشعر به؟ وما الفرص المتاحة لتحسينه؟ هذا ما حاولنا طرحه للنقاش خلال التحقيق التالى. الدكتورة أمانى عصام أستاذ العلوم السياسية جامعة حلوان، أكدت أنه ما زالت هناك فرص لإنعاش الاقتصاد المصرى، وجذب الاستثمار، حيث إن البيئة الاقتصادية والسياسية المصرية غير مستقرة وغير آمنة، مما أدى إلى هروبها خارج الحدود بحثا عن بيئة استثمارية أكثر أمنا وثمة حاجة ملحة إلى تخفيف القوانين الصارمة التي تعيق النشاط الاستثماري الجديد وتثبط المبادرات التجارية من حيث الوقت والتكاليف والإجراءات المطلوبة لبدء مشروع تجاري، إذا ما أريد للجيل المقبل الحصول على فرصة لدخول سوق العمل. كما أن من شأن تشجيع من يعملون في الاقتصاد غير الرسمي على تسجيل أعمالهم، مع توسيع القاعدة الضريبية وزيادة الإيرادات الحكومية على أرض الواقع، مع تخفيف معاناة العاملين في هذا القطاع من ظروف العمل السيئة وتقلبات السوق وعدم الحصول إلا على القليل من الفوائد المباشرة من المساعدة الحكومية. وكشفت أن الجهات المانحة الدولية والأجنبية لديها الرغبة والقدرة على لعب دور إيجابي للدعم الاقتصاد المصري خلال الفترة الحالية، لكن يجب على الحكومة أولاً توضيح أولوياتها، وسياستها لتجنب عدم الاحترام، مثل انتهاك الولاياتالمتحدة للسيادة المصرية من خلال تقديم التمويل للجمعيات ومنظمات المجتمع المدني المصرية دون قيود أو شروط، ومما هو معروف أن الاستثمار سيولد النمو بالتأكيد، لكنه وحده سيوفر فائدة ضئيلة فيما يخص الاستقرار الكلي للاقتصاد مع محدودية آثار النمو المحقق على الفئات المختلفة. فالنمو الشامل يعني جعله لصالح الفقراء، وأن يترافق مع توزيع أكثر عدلاً للموارد. كما يتعين أن يخلق النمو وظائف منتجة ويسهم في تنويع الاقتصاد. ويتطلب النمو الشامل تعزيز العلاقات المتبادلة داخل المنشور التنموي، الذي يشمل النمو والتشغيل والعدالة الاجتماعية. ويمكن استخدام التمويل الصغير باعتباره واحداً من محركات تعزيز النمو الشامل. مع تأكيد ضرورة تحسين الإنتاجية، الذي يزيد من مكاسب العامل الإجمالية، لتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد المصري. والذى يستلزم بناء القدرات داخل مؤسسات العمال للتفاوض بشكل أفضل على تحسين أجورهم. كما ينبغي اعتماد قوانين عمل ولوائح أكثر مرونة من وجهة نظر أرباب العمل بشكل متوازٍ. فمن شأن تعديل قوانين العمل وتمكين الموظفين، من خلال تسهيل مختلف أشكال العمل الجماعي أن يساعد على تطوير نظام جديد، كما أن وجود سوق عمل مرن يترجم إلى زيادة المنافسة والإنتاجية لا سيما أن مصر تعانى ضعفا مؤسسياً، حيث تحتل مركزاً متواضعاً في مؤشرات الحوكمة مقارنةً بالأسواق الناشئة الأخرى ولديها واحد من أسوأ مستويات الفاعلية الحكومية المتصلة بكفاءة المؤسسات الحكومية ودورها في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، لذا يجب تحسين هذا التصنيف إذا كانت تريد المضي قدما في الإصلاح الاقتصادي وتحقيق أهدافها المرجوة. ولا يبتعد الدكتور محمد سيد يوسف أستاذ الاقتصاد المساعد بالهيئة العامة للاستثمار عن هذه الرؤية، فى أنه بالطبع هناك فرصة سانحة لتحسين مؤشرات أداء الاقتصاد المصرى على الرغم من الظروف الحالية، لا سيما أن هناك العديد من المؤشرات التي يمكن استخدامها للحكم على الأداء الإجمالي للاقتصاد، منها ما هو على المستوى الكلي وأخرى على المستوى الجزئي. ويأتي معدل التضخم أو التطور في الرقم القياسي لأسعار المستهلكين على رأس المؤشرات الكلية، يليه مؤشر معدل البطالة. فكلما تراجع معدل التضخم ومعدل البطالة نتيجة لسياسات حكومية مقصودة، كلما كان ذلك دليلا على جودة تلك السياسات. ومن المؤشرات الكلية أيضا مؤشر المديونية الإجمالية (الداخلية والخارجية)، وليس من شك أن تراجع المديونية الإجمالية، يكشف عن سياسات حكومية تنمى ميكانيكة عمل الاقتصاد بالاعتماد على نفسه. ويمكن الاعتماد على حجم تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر كأحد المؤشرات الرئيسية لجودة سياسات الاستثمار التي تطبقها الحكومة. فالمناخ الاقتصادي المحفز لتلك التدفقات لا يهيأ من تلقاء نفسه، ولكنه يحدث بسياسات حكومية واعية بأهمية تلك التدفقات، خصوصا إذا كانت محملة بالتكنولوجيا الملاءمة التي يحتاجها الاقتصاد. وعلى المستوى الجزئي، يمكن الحكم على أداء الاقتصاد عبر مؤشرات متنوعة، نذكر منها على سبيل المثال كفاءة الإنفاق في الوحدات والأجهزة الحكومية ومعدل التحول نحو مكونات منظومة الحكومة الإلكترونية والتطور فى إنتاجية الموظف الحكومي ومعدل استغلال الطاقة الإنتاجية في القطاع العام والتطور فى ربحية شركات القطاع العام ومعدلات التهرب والتأخر الضريبى، فضلا عن التطورات فى الصادرات الاستخراجية وفى المكون الأجنبي فى المشتريات الحكومية وترتيب الاقتصاد المصري فى مؤشرات التقارير الدولية كتقرير سهولة ممارسة أنشطة الأعمال. وأشار أن هناك وسائل عديدة للارتقاء بالاقتصاد في ظل الأوضاع الحالية، والتى بدورها تأتى على مرحلتين قصيرة الأجل والطويلة، ففي الأولى يمكن العمل على المحاور العاجلة التالية فعلى صعيد ميزان المدفوعات، فإننا نوصي بضبط تجارة الاستيراد الترفي والكمالي، مع زيادة نفقات دعم التصدير في القطاعات مرتفعة القيمة المضافة، التي تتمتع فيها مصر بميزة نبسية، كقطاع الزارعة والنسيج والصناعات الغذائية وعلى صعيد الموازنة العامة، فنرى أهمية إعادة تنظيم الأجور في القطاع الحكومي بإعادة الاعتبار لمبدأ ربط الأجر الحقيقي بالإنتاجية الحقيقية، مع ترشيد نفقات الأجور العينية في موازنة الأجهزة الحكومية. كما نقترح إعادة الاعتبار لمبدأ عمومية الإيرادات العامة، وما يتطلبه من ضم الصناديق الخاصة لخزانة الدولة ضما ماليا وليس محاسبيا، مع فرض الضرائب الجديدة، وتفعيلها على تعدد ملكية العقارات، وعلى الأرباح الرأسمالية المحققة في البورصة أو خارجها وضبط معدل نمو المديونية الخارجية قصيرة الأجل وخلق آليات اقتصادية قطاعية في قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات، مثل تقليل تكلفة الاقتراض للاستثمار في تلك القطاعات، ومنح حق الانتفاع للأراضي لأغراض الصناعة والزراعة خارج الوادي بالمجان مع إعادة تسعير الموارد الطبيعية التي تخدم أنشطة الاستخراج، كالرمال البيضاء والمنجنيز المستخدم في صناعة الأسمدة والقضاء المبرم على البيروقراطية الحكومية، عبر توفير أنظمة تكنولوجية للرقابة على الأداء. أما سياسات الأجل الطويل، فنذكر منها زيادة معدل الادخار كنسبة من الدخل القومي، وتوجيه المدخرات للاستثمار الإنتاجي في القطاعات الاقتصادية المختلفة، مع تقليل الحاجة للاستدانة الداخلية والخارجية وتهيئة مقومات مناخ الاستثمار الجاذب للاستثمارات الأجنبية والمحفز للاستثمار الوطنى وتطوير وتقوية دور الدولة التخطيطي والتنظيمي والرقابي لقيادة التنمية الاقتصادية ويحدث ذلك بإعادة الاعتبار لدور وزارة التخطيط، لإنجاز الخطط الواعية بحاجات وموارد ومكونات الاقتصاد المصرى وتطوير إنتاجية نفقات البحث العلمي، وخلق قناة فاعلة للربط بين مراكز البحث العملي وبين أروقة قطاعات الاقتصاد المختلفة وإعادة الاعتبار للتعليم الفني الذي يضيق الفجوة بين الطلب على العمالة الفنية المدربة وبين عرضها، مع التركيز على المقومات البيئة في التنمية الاقتصادية. وأوضح الدكتور محمد الخولى الأستاذ بقسم الاقتصاد بكلية الزراعة جامعة الزقازيق على أن الارتقاء بالاقتصاد المصرى يتطلب تقسيم جوانبه إلى عدة محاور، زراعى- صناعى - تجارى - سياحى - خدمى التى يمكن حصرها فى شقين الأول مرحلة الإعداد أى تجهيز البنية التحتية و التشغيل، وحاليا نحن فى مرحلة الإعداد لعدد من مجالات الاقتصاد، فمثلا فى مجال الاقتصاد الزراعى هناك إنجازات كثيرة منها استصلاح الأراضى ودخول مياه الرى لعددي من المناطق، كذلك هناك إنجاز حقيقى فى مجال الثروة السمكية، أما فى مجال الاقتصاد الخدمى، الذى ينعكس على مجالات عديدة أخرى هناك إنجازات كثيرة فى الطرق ووسائل النقل والموانئ ويدخل فى ذلك مشاريع قناة السويس، الاقتصاد المصرى من السهل جدا تعافيه لكن من الضرورى توفر الإرادة والتخطيط والرغبة فى التغيير من المسئولين مع عدم الاكتفاء بالتصريحات.