السيد حسين فيما يعد إعادة للاهتمام بالمسرح المكتوب، يجتمع أكاديميون مصريون لمناقشة "نصوص الأرض" الصادرة عن الأدهم للتوزيع والنشر، للكاتب المصري أحمد سراج، في المنتدى الثقافي المصري الكائن بجاردن سيتي خلف فندق شبرد، وذلك يوم الإثنين الموافق 6 من فبراير 2017 في السادسة مساء. يأتي الأكاديميون من خلفيات متنوعة وأماكن عمل متباينة؛ فعادل ضرغام أحد أبرز أكاديميي دار العلوم وصاحب كتاب "الممارسة النقدية"، وعايدي علي جمعة صاحب "الصوت في الشعر العربي المعاصر"، وهدى عطية صاحبة التجربة الجديدة في تدريس النصوص المسرحية الحديثة لطلاب آداب عين شمس، وحسام عقل صاحب النشاط النقدي الموفور ومؤسس ملتقى السرد، إضافة لتدريسه في تربية عين شمس.
يذكر أن " نصوص الأرض" تنقسم إلى مسرحيتين الأولى هي بطل الغروب، وتتناص مع أيام الزناتي خليفة الأخيرة، فيما تأتي السيف الأعمى نصًّا متخيلا بامتياز، وتناقش كل مسرحية مجموعة من القضايا، وإن كانت الأرض قاسمًا مشتركًا فيهما. تدور أحداث بطل الغروب حول: حلم أسود يواجه الزناتي خليفة يرى فيه أنه يسلم تونس الخضراء، وتؤخذ منه بنته سعدى عنوة، ويفوح من كلام الهلاليين نقض العهد؛ حتى الخونة من أهله يلصقون به ثوب العار. يفر الزناتي من حلمه بنزوله للميدان أول شخص، محتشدًا بكل ما له قداسة؛ فيصلي الفجر ثم يتجه إلى الميدان الواقع أمام أبواب الخضراء؛ ليبارز أبطال الهلالية حتى..
يدفع الهلالية – بقرعة مزورة – بالأمير العراقي عامر خفاجي لمبارزة الزناتي، ويدور حوار بينهما قبل النزال وأثناءه، يتكشف فيه لعامر ضعف موقفه، ويتكشف للزناتي أن نهايته اقتربت؛ فها هو الخفاجي يجرحه، ولا يحول بينهما إلا الغروب. يعود الخفاجي لابنته ليكشف لها عن ضعف موقفه في مواجهة موقف الزناتي المدافع عن أرضه، وليعلن لها تهاوي كل القناعات التي دفعته للقتال، لكنه في المقابل يعلن أنه مضطر لاستكمال القتال.
يهيمن حضور الخفاجي على الهلالية الذاهبين لتشجيع الخفاجي؛ فالجازية تؤمن بأنه ابن جنية وأن جرحه سيطيب على الندى، والسلطان حسن يخاف من قدرته على تجاوز جرحه، فيما يراه أبوزيد شخصًا عاديا، وحين يصلون للخفاجي تبدو هيمنة الزناتي متوازية مع إحساس الهلالية بالغيرة من الخفاجي.. الذي ما إن يختلي بأبي زيد حتى تنتزع سيرة الزناتي وفروسيته الأمر.. وتتهاوى أمامها كل ما كان يعرفه وما لا يعرفه.. وينصرف أبوزيد ليستعد لمداواة الزناتي كي ينزل المعركة فيتمكن منه عامر الذي يعلن لابنته أنه لن يقتل الزناتي. يستيقظ الزناتي على عادته لصلاة الفجر والاستعداد للقتال، ولا تنجح ابنته في ثنيه عن ذلك.. لكنه يقابل أبوزيد المتنكر في صورة شيخ سائل، ويكتشفه الزناتي بسهولة، ويعرف أبا زيد أن الطعام الذي يجدونه بالقرب من الأسوار يتركه الزناتي لأطفالهم وعجائزهم، لكنه يكمل خطته، تسكين جرح الزناتي ليخرج للمعركة.
يقتنع الزناتي أنه لن يستطيع بحالته هذه أن يقتل الخفاجي؛ فيتورط في مكيدة لمبارزه، فينسحب حين يطلق المنادي صوته معلنًا الغروب – في غير موعده – ويعدو خلفه عامر ليكمل المعركة، وهنا يخرج رجال الزناتي فيطعنون عامر من الظهر، ويعود الزناتي ليقف على جسد عامر المسجى على الأرض.. لكنه لا يجهز عليه. يقع الزناتي في قفص اتهام نفسي؛ فيرى أنه ارتكب خيانة لا تغتفر بأن وافق على قتل الحفاجي بهذه الطريقة، وتبدو محاولة تطهيره منذ لحظة سقوطه فهو لم يقتله معلنا بعدها أنه يشعر بالعار، وأنه لم يستطع أن يكمل الأمر، وأن كل ما سعى له هو الهروب من حلم السقوط، ولا يبرر لنفسه الخطأ مع علمه بأن الهلالية دفعوا بالغريب بالتزوير، ويكمل تطهيره بإعلان الحداد على الخفاجي، بل يمعن في الأمر فيبدأ بمقاتلة من ورطوا الخفاجي في الأمر..
يأتي دياب بن غانم ليقاتل الزناتي، ويشرف أبوزيد على إتمام الأمر، إنهاك الزناتي، ثم مقاتلته، وعند الغروب يتراجع الزناتي إلا أن دياب يناديه وهو يقذفه بالحربة وحين يلتفت له الزناتي يفاجأ بالحربة تخترق عينه، وحين يمعن دياب في التمثيل بالزناتي يقفز أبوزيد ليبعده، فيما يسنده حسن، لكن أبازيد يكتشف أن الجرح غير مميت فيضع في عينه سمًّا سريع المفعول. يعرف الزناتي سريان السم فيقف مبعدًا من حوله ليسقطوا في الظلمة التي تلتهم المكان، ولا يبقى سوى الزناتي ممسكًا بصرتين مملوءتين بتراب تونس، يسقط على ركبته متوسلا لتونس وأهلها وترابها ليسامحوه.
فيما تدور أحداث السيف الأعمى حول قائد ينقلب على ملكه ويقتله؛ ليصير هو الملك، ويتزوج أرملته، لكنه يعيش دائمًا تحت شعور أنه بلا ماض عريق ولا حاضر مشرف ولا مستقبل لأن زوجته أنجبت له ابنة.. لذلك يفتش في دفتر خياناته فيتذكر "هند" الفتاة التي غرر بها وتركها.. لكنها فرت من المدينة ليلة الانقلاب. يبحث الملك عن هند، مطلقًا نبوءة عبر عرافه بأنه سيقتل على يد فتى ولد ليلة ملكه.. فيما يراقب أخاها "جابر" ساقيه وشريكه في الانقلاب، ويطلق قائد جنده للمطاردة الدائمة، حتى يتمكن من الوصول إليها، لكنه يجد أن لديها ابنين في العمر نفسه. تتطور الأحداث إلى أن يفرض الملك على هند الزواج مقررًا إعلان أحد الولدين ملكًا.. لكن للأقدار رأيا آخر.
فجأة يجد الملك نفسه عاجزًا أمام أحجية أطلقها رجل عامي في ليلة الاحتفال بالزواج: عن سارق صار كبيرًا.. عن لؤلؤة تزهر كالشمس.. عن ثمرتين من وعد.. عن صخر لن ينجب.. عن كنزٍ مرصود لصاحبه.. عن سيفٍ أعمى قد يبصر.. يخرج الرجل الذي يمثل الماضي وفي يده "هند" تاركًا قائد الجند والملك في أيدي الحراس فيما يجد الولدان والشعب أنفسهم أمام خيارين؛ أن يكون السيف أعمى؛ فتتكرر الانقلابات والمآسي، أم يختاروا طريق السيف المبصر.
الجدير بالذكر أن أحمد سراج صدر له: "زمن الحصار" 2002، ثم "القرار" 2009، ثم "فصول السنة المصرية" 2012، و"القلعة والعصفور"، وهو النص الذي تُرجم وعُرض في مهرجان "صوت العالم" بأمريكا.