موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 بحسب أجندة رئاسة الجمهورية    عيار 21 الآن.. أسعار الذهب اليوم في مصر الأحد 17 أغسطس 2025 بعد خسارة 1.7% عالميًا    حياة كريمة.. 4 آبار مياه شرب تقضى على ضعفها بقرية الغريزات ونجوعها بسوهاج    اليوم، البورصة المصرية تطلق رسميا أول تطبيق لها على الهواتف المحمولة    السيسي يوجه بزيادة الإنفاق على الحماية الاجتماعية والصحة والتعليم    سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري بعد هبوطه عالميًا    وزير الإسكان يتفقد مشروع "سكن لكل المصريين" و"كوبري C3" بالعلمين الجديدة    زلزال يضرب مدينة الأغواط الجزائرية    استئناف إدخال شاحنات المساعدات إلي قطاع غزة    خالد الغندور يكشف ردًا مفاجئًا من ناصر ماهر بشأن مركزه في الزمالك    مشيرة إسماعيل تكشف كواليس تعاونها مع عادل إمام: «فنان ملتزم جدًا في عمله»    100 عام على ميلاد هدى سلطان ست الحسن    للتخلص من الملوثات التي لا تستطيع رؤيتها.. استشاري يوضح الطريق الصحيحة لتنظيف الأطعمة    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأحد 17 أغسطس 2025    الأهلي يعلن تفاصيل إصابة محمد علي بن رمضان لاعب الفريق    10 صور لتصرف غريب من حسام عبد المجيد في مباراة الزمالك والمقاولون العرب    خروج يانيك فيريرا من مستشفى الدفاع الجوى بعد إجرائه بعض الفحوصات الطبية    تامر عبد الحميد يوجه انتقادات قوية للزمالك بعد التعادل مع المقاولون العرب    مصرع سيدة وإصابة 9 آخرين فى حادث مرورى بين سيارة أجرة وتروسيكل بالإسكندرية    فرح يتحوّل إلى جنازة.. مصرع 4 شباب وإصابة آخرين خلال زفة عروسين بالأقصر    كانوا في زفة عريس.. مصرع وإصابة 6 أشخاص إثر حادث مروع بالأقصر    7 شهداء فى غارة على ساحة المستشفى المعمدانى بمدينة غزة    وزير خارجية روسيا يبحث مع نظيريه التركي والمجري نتائج قمة ألاسكا    صربيا تشتعل، متظاهرون يشعلون النار بالمباني الحكومية ومقر الحزب الحاكم في فالييفو (فيديو)    وكيل صحة سوهاج يصرف مكافأة تميز لطبيب وممرضة بوحدة طب الأسرة بروافع القصير    رويترز: المقترح الروسي يمنع أوكرانيا من الانضمام للناتو ويشترط اعتراف أمريكا بالسيادة على القرم    مصرع شابين وإصابة آخر في حادث انقلاب دراجة بخارية بأسوان    أبطال واقعة "الليلة بكام"، قرار جديد ضد المتهمين بمطاردة طبيبة وأسرتها بالشرقية    موعد ومكان تشييع جنازة مدير التصوير تيمور تيمور ويسرا تعتذر عن عدم الحضور    تدق ناقوس الخطر، دراسة تكشف تأثير تناول الباراسيتامول أثناء الحمل على الخلايا العصبية للأطفال    8 ورش فنية في مهرجان القاهرة التجريبي بينها فعاليات بالمحافظات    في تبادل إطلاق النيران.. مصرع تاجر مخدرات بقنا    رابط نتيجة تقليل الاغتراب.. موعد بدء تنسيق المرحلة الثالثة 2025 والكليات والمعاهد المتاحة فور اعتمادها    ملف يلا كورة.. تعثر الزمالك.. قرار فيفا ضد الأهلي.. وإصابة بن رمضان    الداخلية تكشف حقيقة مشاجرة أمام قرية سياحية بمطروح    رئيس جامعة المنيا يبحث التعاون الأكاديمي مع المستشار الثقافي لسفارة البحرين    لأول مرة بجامعة المنيا.. إصدار 20 شهادة معايرة للأجهزة الطبية بمستشفى الكبد والجهاز الهضمي    رئيس الأوبرا: واجهنا انتقادات لتقليص أيام مهرجان القلعة.. مش بأيدينا وسامحونا عن أي تقصير    توقعات الأبراج حظك اليوم الأحد 17 أغسطس 2025.. مفاجآت الحب والمال والعمل لكل برج    تعليق مثير فليك بعد فوز برشلونة على مايوركا    المصرية للاتصالات تنجح في إنزال الكابل البحري "كورال بريدج" بطابا لأول مرة لربط مصر والأردن.. صور    أول يوم «ملاحق الثانوية»: تداول امتحانات «العربي» و«الدين» على «جروبات الغش الإلكتروني»    شهداء ومصابون في غارة للاحتلال وسط قطاع غزة    «أوحش من كدا إيه؟».. خالد الغندور يعلق على أداء الزمالك أمام المقاولون    مي عمر على البحر ونسرين طافش بفستان قصير.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    كيف تتعاملين مع الصحة النفسية للطفل ومواجهة مشكلاتها ؟    هل يجوز إخراج الزكاة في بناء المساجد؟.. أمين الفتوى يجيب    بريطانيا تحاكم عشرات الأشخاص لدعمهم حركة «فلسطين أكشن»    «زي النهارده».. وفاة البابا كيرلس الخامس 17 أغسطس 1927    "عربي مكسر".. بودكاست على تليفزيون اليوم السابع مع باسم فؤاد.. فيديو    يسري جبر يوضح ضوابط أكل الصيد في ضوء حديث النبي صلى الله عليه وسلم    عاوزه ألبس الحجاب ولكني مترددة؟.. أمين الفتوى يجيب    حزن ودعوات| المئات يشيعون جثمان «شهيد العلم» في قنا    القائد العام للقوات المسلحة: المقاتل المصري أثبت جدارته لصون مقدرات الوطن وحماية حدوده    وزير الأوقاف: مسابقة "دولة التلاوة" لاكتشاف أصوات ذهبية تبهر العالم بتلاوة القرآن الكريم    الشيخ خالد الجندي: الإسلام دين شامل ينظم شؤون الدنيا والآخرة ولا يترك الإنسان للفوضى    الإصلاح والنهضة يواصل تلقي طلبات الترشح لعضوية مجلس النواب عبر استمارة إلكترونية    وزير الري يتابع موقف التعامل مع الأمطار التي تساقطت على جنوب سيناء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوحيدة الباقية من 8 تكايا أغلقها الرئيس عبدالناصر.. المولوية.. تكية بلا مريدين
نشر في الأهرام العربي يوم 01 - 02 - 2017


هبة عادل تصوير: حازم خالد

يعود تاريخها إلى القرن الخامس عشر الميلادى أنشأها شمس الدين التبريزى للمريدين المولويين
كانت مقرًا لإقامة اليتامى والأرامل والمطلقات وأطفالهن و«تنابلة السلطان»
الباحث الأثرى د.حجاجى: لم يتبق منها الآن غير اسمها والغالبية لا يعرفها ولا عن مسرح الدراويش شيئا إلا بالمرور بجانبها مصادفة
مسرح الدراويش المكان المخصص «للسمعخانه».. وكان يحضر فيه 52 شخصًا من بينهم الإمام والمؤذن والقارئ
ضربها الصرف الصحى والمياه الجوفية وأعاد إليها الحياة فى الثمانينيات المرمم الإيطالى «فان فونى» الذى كان يعشق مصر
صلاح رمضان مفتش آثار: ما تمر به التكية اليوم ظلم كبير للمكان وإهمال شديد من المسئولين
تحولت إلى مكان مهجور بعدما رحل عنها «فانى فونى» وعادت تعانى من إهمال المسئولين
التكية المولوية مكان يرغبه السائحون لقيمته الأثرية وتوافر الجمال والهدوء

التكايا إحدى أهم العمائر والآثار الدينية المهمة التى ترجع نشأتها إلى العصر العثمانى، وتم إنشاؤها لإقامة المنقطعين للعبادة من المتصوفة ومساعدة عابرى السبيل والفقراء وإيواء النازحين واليتامى، وتقديم صور المساعدة للدول الفقيرة فى دول العالم بصورة عامة وللمسلمين بصورة خاصة. وكان يوجد فى مصر 8 تكايا: هى المولوية، والبكتاشية، والعجم، وأبو الدهب، والسليمانية، والبسطامية، والمجاورين، والخلوتية. وقد تم إغلاق سبعة منها بقرار من الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، لأسباب كان يراها أنها تقوم بأعمال تخاريف ودجل وشعوذة.. التكية الثامنة التى نجت من قرار الإغلاق هى التكية المولوية، ومعروفة بالمركز الثقافى الإيطالى وتقع فى شارع السيوفية بحى الحلمية الجديدة، وربما نجت من قرار الإغلاق لوقوعها فى يد الإيطاليين، لكنها حالها اليوم لم يك أفضل مما تم إغلاقه من التكايا. فى السطور التالية رصد للحال التى كانت عليها التكية المولوية وما أصبح عليه الآن، وكلمة السر فى ذلك هى «فان فونى».

التكية المولوية مكان استخدمته المولويون كملجأ للدراويش أى المريدين المولويين. فى الأساس، أُنشئت التكاية من قبل العثمانيين لرعاية من لا عائل لهم، والذين لا يقدرون على الكسب، والعجزة، وكبار السن المنقطعين، والأرامل من النساء اللائى لا يستطعن ضرباً فى الأرض، إلى جانب الفقراء والغرباء وعابرى السبيل الذين لا يجدون لهم مأوى فى البلاد التى يمرون بها - خصوصا إذا كانوا قاصدين حج بيت الله الحرام. وعند انتشار المولوية أصبحت بعض التكاية المكان الذى يقيم فيه الدراويش. ويقضون أوقاتهم فى العبادة، وفى الذِكر الذى كان كثيرا ما يصاحَب بالرقص الدائرى الصوفى والموسيقى.
"أينما كان النور فأنا الشغوف به.. وأينما كانت الزهرة فأنا الفراشة.. وأينما كان الجمال فأنا العشاق.. وأينما كانت الحكمة فهى ضالتى" كلمات من رباعيات مولانا جلال الدين الرومى.. تشعر وأنت تقرأها أنها تحاصر أوجاعك، وتتسرب بداخلك دون إذن لتلمس مشاعرك المقهورة.. وفيها من الصوفية والتعبد والهيام ما يختلف تمامًا عن أشكال المناجاة والتوسل إلى الله.. كما أن الأنغام والموسيقى والرقص على عزف الناى يشبه الأنين الإنسانى، ويدور راقص التنورة لوقت طويل دون أن يسقط على الأرض، حيث يحمله الهيام الروحى إلى مكان معلق بين السماء والأرض. ولعل مولانا جلال الدين الرومى كان يشعر بالحال التى ستتحول إليه التكايا فى مصر حين قال: "يا من تبحث عن مرقدنا بعد شد الرحال.. قبرنا يا هذا فى صدور العارفين الرجال"، فحال التكية المولوية فى مصر تبدل وتغير بشكل يدعو للأسى والحزن، بل يمكننا القول بأنه لم يتبق منها غير اسمها.
بداية يقول الدكتور حجاجى إبراهيم أستاذ التاريخ بجامعة طنطا والباحث الأثرى والحاصل على وسام فارس من رئيس إيطاليا، إن التكية المولوية فى مصر لم يتبق منها الآن غير اسمها، وكثير من الناس لا يعرفها أو يعلم عنها أو عن مسرح الدراويش، إلا بالمرور بجانبها مصادفة. ويعود تاريخ التكية المولوية ومسرح الدراويش فى مصر إلى القرن الخامس عشر الميلادى على يد شمس الدين التبريزى صاحب أشهر تكية مولوية كانت أشبه بدار أوبرا عربية. وكانت قاعة الموسيقى أو مسرح الدراويش المكان المخصص "للسمعخانة".. وكان يحضر بها 52 شخصًا، من بينهم الإمام والمؤذن والقارئ والذاكرون. وهى معروفة لدى الكثيرين بالمركز الثقافى الإيطالى وتقع فى شارع السيوفية بحى الحلمية الجديدة.
أصبحت التكية المولولية مكانًا مغلقًا ومهجورًا بعد كل الصخب الذى كانت عليه فى فترة الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضى، بعدما رحل أهم شخص كان يهتم بها وأعاد لها الحياة من جديد، وهو الباحث والمرمم الإيطالى "فان فونى" الذى أحب مصر أكثر من مصريين كثيرين. ويضيف دكتور حجاجى: قمت مع فان فونى بعمليات ترميم وتجديد سوياً، وتكلفت الملايين لتعيد للتكية رونقها من جديد على يد البعثة الإيطالية فى القاهرة، حيث كان هناك الكثير من المشاكل والإهمال، نتيجة الصرف الصحى والمياه الجوفية التى تعانى منها منطقة الموقع، واشتملت أعمال الترميم على حماية التكية من الأضرار الناجمة من الرطوبة المتصاعدة بالجدران، وبالفعل نجحنا فى معالجة هذه المشكلات بتنفيذ شبكتين للصرف الصحى والكهرباء.. العمل بدأ عام 1979 وانتهى عام 1985، كما نجح فانى فونى فى نقل المسنين الموجودين بالتكية المولوية إلى مكان آخر بغرض ترميم التكية، وبعد إنهاء أعمال الترميم فى المرحلة الأولي.
ويضيف د. حجاجى: عندما تم إنشاء المكان أطلق عليه المسرح العربى للاحتفالات الدينية والموسيقية، وأقيم أول وآخر مهرجان للموسيقى العربية بها عام 1928، وتم إيقاف أى نشاط بها منذ عام‏ 1952‏ حيث تمت تصفية التكايا من مصر فى تلك الفترة.. وأصبح المكان مهجورًا ، لا ينشد فيه أو تسمع به أية موسيقى.
ويقول د. حجاجى، عن الباحث الأثرى والمرمم الإيطالى «فان فونى» الذى أشتهر ب مايكل أنجلو عصره، لتعدد مواهبه فهو مهندس معمارى، ومرمم ونحات ومصور، شارك فى بداية حياته بمشروع إنقاذ آثار النوبة، وقام برسم كنائسها. وجاءت به إلى مصر "كارلا ماريا بورى" المستشارة الثقافية الإيطالية فى أواخر عام 1976 لترميم مجموعة متكاملة من الآثار الإسلامية، تضم مدرسة سنقر السعدى، والتكية المولوية وقصر "يشبك من مهدى" بمنطقة الخليفة.
ويضيف حجاجى: بعد ذلك تم اختيارى مرافقا للبعثة الإيطالية العاملة فى الموقع، ونجح "فان فونى" فى تطبيق مفهوم الترميم الذى هو علاج وصيانة الأثر دون أن يفقد أثريته. وبدأنا فى العمل معا بإحضار أخشاب من صحراء المماليك من مخزن جامع الأمير كبير، ثم استخدام مادة تسمى "البرالويد" لتطرية وتقوية وتثبيت قشور الرسوم الزيتية الموجودة فى القبة. كما نجح فان فونى فى اكتشاف الجزء السفلى من المسرح الذى كان مغطى بالكثير من الحجارة، فكان شبه مردوم، وتم صنع سلم للنزول إلى الجزء السفلى الذى به ثمانى غرف شبه مربعة مختلفة من حيث المساحات والأغراض، وهذا ما يؤكد أنه كان مكانا للإقامة. وأنشأ دعامات من الحديد لتدعم المسرح فى الجزء العلوى لتحافظ عليه من السقوط.
وحافظ فان فونى على القبة الخشبية الأصلية للمسرح وراعى أن لا يقوم بقصها أو إزالتها، مثلما فعل آخرون أثناء ترميم قبة مسجد سيدنا الحسين الخشبية، وقاموا باستيراد قبة حديدية من ألمانيا ونتيجة لهذا فقد الأثر قيمته الرئيسية. كما رأى فان فونى أثناء ترميم رقبة القبة أن بها 8 نوافذ مغلقة - وهى ترمز كما يقول د. حجاجى إنها تمثل أبواب الجنة الثمانية كما تمثل حملة العرش الثمانية - ففكر فى أنه لو قام بتركها مغلقة كما وجدها لا تمثل مشكلة فهى أمانة علمية، ولو قام بفتحها كما كانت فى البداية لن يلومه أحد، لكنه نجح فى أن يقوم بالعملين معا وجعلها مفتوحة ومغلقة، ثم لف سلك مقوى حول رقبة القبة من الخارج ولفه حول سيخ فى ركن من أركان المسرح ينتهى بمقبض تحركه فيفتح النوافذ كلها دفعة واحده ثم تحركه حركة عكسية فيغلقها كلها.
وبعد ذلك قام باستخدام مشرط لقص ما عليها من "توال" مرسوم أى قماش مرسوم.. وفى المرحلة الثانية ستخدم كميات من الطين ودهن بها حوائط مدرسة "سنقر السعدى" لامتصاص الأملاح والرطوبة والفطريات وكانت تسقط من تلقاء نفسها. ثم بدأ عملية قص الحوائط باستخدام منشار خاص واستخدم "مونة" وشرائح بلاستيكية، وأعاد المكان إلى ما كان عليه.
تم إنشاء التكية المولوية فى القرن ال15 الميلادى.. وهناك وثيقة تشير إلى أنها أنشأت عام 1225، وأن الأثريين الذين شاركوا فى إحياء وترميم التكية عثروا على وثيقة لا تزال محفوظة فى الأوقاف مؤرخة بسنة 1005 ه، 1595 فى العصر العثمانى، توضح أجور العاملين بالمسرح المولوى من ضاربى الدفوف وعازفى الناى، وكان الطبال الأقل أجرًا. وتوجد بها مجموعة معمارية متكاملة، حيث ضريح (سيدى حسن صدقة) رفيق السيد البدوى. وتم بناء ضريح الأمير سنقر السعدي، الذى كان يرغب فى أن يدفن به ولم يحدث، لذلك نرى أن المدفن الوحيد المبنى من الرخام هو الذى خصص بعد ذلك كان لرفيق البدوى، بينما جميع المدافن الموجودة بالمكان مصنوعة من الأخشاب.
كان الهدف الأول لإنشاء التكية المولوية هو مكان لإيواء وإطعام الفقراء من الدراويش ومكان إقامة لليتامى من النساء الأرامل أو المطلقات وأطفالهم أيضاً فقد أصبحت نموذج الخيرية فى العصر العثمانى، كما كانت، بالإضافة إلى كونها بمثابة مكان لسكنى "تنابلة السلطان"، أى الكسالى من العثمانيين الذين يفدون على الولايات العثمانية فى مصر وغيرها.. والتكية المولوية دائماً ما كانت توجد داخل حديقة واسعة وبجانبها مبنى يسمى "بيت الصمت" وهو الجبانة التى توضع فيها "الأجساد التى تحررت الأرواح منها" كما يوجد جناح خاص بالنساء من أجل سكن عائلة شيخ التكية. إلى أن جاءت طائفة المولوية، أتباع شمس الدين التبريزى وجلال الدين الرومى ليقوموا بها، والطريف أن السلطان سليم الأول جاء إلى مصر قبل أن يقوم بغزوها متنكراً فى زى درويش مولوي.
ويقول دكتور حجاجى، أن التكية المولوية ثلاثة أقسام، الأول هو الجزء الخاص بقاعة الرقص وأذكار المولويين وتسمى «قاعة السمع خانة» أو «مسرح الدراويش»، ، والقسم الثانى مدرسة سنقر السعدى التى أنشائها فى عام 721ه (1321م) والتى تنتهى بمئذنة. والقسم الثالث هو الجزء الأسفل بالمكان كان مخصصا للنساء الأرامل والمطلقات فهو كان بمثابة ملجأ لهم.. وتمت تغطيته بالحجارة لإنشاء مسرح الدراويش فيما بعد، وفى هذا الجزء من أرضية الإيوان يوجد مدفن لآخر مشايخ المولوية وهو الشيخ محمد غالب درة المتوفى 1334ه (1915م).. حيث كان يتم الدخول له من باب خارجى بالشارع.
وخصصت قاعة «السمعخانة» أو «مسرح الدراويش» لأذكار المولويين، وتتكون من منصة خشبية مستديرة تتوسطها دائرة بلون مغاير للون المنصة ويحيط بها «درابزين خشبي» له بابان لدخول الدراويش وخروجهم قبل وبعد تأديتهم الذكر المولوي. أما الطابق الثانى منه، عبارة عن سلم خشبى يؤدى إلى مساحات غير منتظمة جرى تخصصيها لجلوس الجمهور والمشاهدين، ومنها مكان مخصص للنساء يغلق عليه باب خشبي، ويحجبه عن الجمهور حجاب من الأخشاب المشكلة بطريقة التقاطع.. كما نرى لوحة بالجزء الأيمن من القاعة مكتوبا عليها "يا حضرت مولانا" أنشئت عام 1341 هجرياً .. 1930ميلادياً، على يد الخطاط الشيخ عزيز الرفاعى فى عهد الملك فؤاد الأول، والذى أحضره ليكتبها ويتحدى به الخطاط حسنى البابا، والد الفنانة سعاد حسنى لأن كتاباته كانت لا تروق له.
وفى قبة المسرح تم إنشاء 8 نوافذ ترمز لحملة العرش، وفى وسط القبة نشاهد رسم لقرص الشمس، والتى ترمز إلى شمس البر "السيد المسيح". فالمنظر الطبيعى المرسوم هو منقول من الطبيعة بدولة تركيا، فأشجار البوسفور والصبار وشجر السرو - الذى لا يوجد فى مصر- فزارعة أشجار السرو كانت دائما تزرع بالمقابر لتغطى على رائحة جثث الموتى، وجميع أوراق الأشجار بالقبة نراها وكأنها ترقص، فكان يرى شمس التبريزى أن كل شيء يرقص ويسبح إلى الله.
وشمس الدين التبريزى محمد بن ملك داد التبريزى، صاحب الديوان الكبير فى مجال العشق الإلهى، هو شاعر فارسى متصوف، ويعتبر المعلم الروحى للشاعر جلال الدين الرومى الذى كان فقيها فى البداية، ثم تأثر بشكل كبير بالفكر الإسلامى والمسيحى، وهما أصحاب كتاب قواعد العشق الأربعون.
ويقول العاملون والمسئولون عن المكان إن الوضع الحالى لا يرضى أحداً، حيث يقول المدير المسئول صلاح رمضان، مفتش الآثار بمجموعة التكية المولوية: ما نحن عليه اليوم هو ظلم كبير للمكان وإهمال شديد من المسئولين، فعندما كانت البعثة الإيطالية تعمل وتهتم بكل شىء هنا تحت رعاية وزارة الثقافة، تم عقد عدد كبير من الحفلات والمناسبات .. وإنشاء قاعة للعرض تؤرخ وتوثق جميع اللوحات الخاصة بمراحل الترميم التى تمت من قبل وبعد للمكان، وهناك عدد من الصور للحفلات، كما نحتفظ بالمنشورات التى نشرت بالصحف عن جميع العاملين من آثاريين وعمال قاموا به.
كما نحتفظ حتى الآن بقطعة أثاث عبارة عن "مرايا" من الأرابيسك المرصع بالصدف النادر، تعود إلى العصر العثمانى مازلت موجودة ولكنها تحتاج إلى بعض الترميم، ولكن لا نستطيع، لأن الدخل المالى أصبح قليلاً ولا نحصل سوى على المرتب الشهرى، وكان حال أفضل العاملين فى الماضى أفضل مما نحن عليه الآن، حيث كانوا دائما يحصلون على مكافآت من وراء الحفلات التى كانت تتم بالمكان، هذه الحالة ذهبت ولم تعد منذ أن سافر فان فونى".
كما نحتاج الآن إلى ضرورة الترميم للجزء الأسفل من صالة المسرح، الذى تضرر بسبب عودة المياه الجوفية، وهناك شقوق بسقف القبة نتيجة العوامل الجوية، فهذا المكان لو تم عمله مرة ثانية، سوف تنتعش المنطقة ومصر بالكامل، لأن التكية المولوية هى البديل الآخر لدار الأوبرا المصرية ومعهد الموسيقى العربية، خصوصا أن هذا المكان يرغبه السائحون، لأنه يعتبر مكانا يتوافر به والجمال والأشجار والمنظر الطبيعى الذى لا نجده إلا فى أماكن أصبحت نادرة الآن. وكثير من الفنون يمكن تقديمها على خشبة هذا المسرح الذى - يئن من الصمت - فقد تم تصوير فيلم ألوان السماء السبعة بطولة الفنانة ليلى علوى والنجم فاروق الفيشاوى، وكانت التنورة تنير المكان كل يوم وتعيد له رونقه، وكانت أهالى الحى يشاهدونها ويستمتعون بتلك الروح التى نتمنى عودتها.
كما تأسف على حال المكان مفتشة الموقع دعاء، ومحمد مسئول الأمن بالمنطقة، حيث يقولا: نحن نحزن كثيراً على حال التكية الآن، وخصوصاً أننا شاهدنا أياما كثيرة كانت حلوة فهذا المكان يعتبر الكنز الذى تتجاهله الدولة، فقد اهتمت البعثة الإيطالية بتعليم العاملين اللغة الإيطالية على نفقتها الخاصة، وكانت هناك فرص سفر تمت إتاحتها للكثير. نعمل هنا الآن على أمل أن يعود المكان إلى ما كان عليه مثلما، ونطالب المسئولين بعودة "فانونى" مرة ثانية لإحياء المكان مرة ثانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.