صدر عن دار صفصافة للنشر كتاب "حتى ينتهي النفط: الهجرة والأحلام في ضواحي الخليج" لباحث الأنثروبولوجيا الفنلندي صامولي شيلكه، ترجمة عمرو خيري. الكتاب الصادر في 144 صفحة يتناول عبر 12 فصلاً وملحق نظري الحياة اليومية لعمال مصريين في قطر ورؤيتهم للمجتمع القطري وعلاقاتهم بالعمال من جنسيات أخرى في سياق حياة من الغربة من أجل بناء مستقبل لهم في وطنهم مصر. يميز المؤلف في المقدمة بين مفهوميّ "السفر" و"الغربة"، ليصف الغربة بصفتها: "الغربة شيء على المغترب أن يتحمله"، "الغربة تعني الانقطاع عن الحياة الكاملة [في الوطن]". وعن العلاقة بين "الغربة" و"السفر" يقول: "الغربة هي الإحساس بالوجود بالخارج في مكان غريب بين غرباء، في انفصال عن الروابط المألوفة وسلامة البيت. أن تعيش في الغربة، بمعنى أن تعيش حياة ليست كاملة.. الحياة مع الأسرة والأصدقاء والأقارب في الأماكن المألوفة للمرء، حياة تفتقر إلى ما تجده في "المألوف" من ارتياح. هو مفهوم يتناقض بشكل صارخ مع المفهوم ذي الدلالات الأكثر إيجابية بكثير، مفهوم "السفر"، بمعنى الارتحال والهجرة في الوقت نفسه". ثم يقدم السؤال الذي يسعى الكتاب للإجابة عليه: "ما الذي يفعله كون الإنسان عاملاً مهاجراً بأحلامه". وعن طبيعة الحياة في دولة قطر، يصفها المؤلف بمفهوم نظري أجمع عليه باحثون للعلوم الاجتماعية هو الحياة في "الهايبر واقع": "هو شكل من أشكال المحاكاة، المقنعة لدرجة أن الشيء الأصلي يبدو إلى جوارها أقل واقعية، أو يُهجر تمامًا. في مواجهة مشروعات التعمير والإنشاءات الطموحة شديدة المغالاة في مدن الخليج، والعوالم مكيفة الهواء من الترف ومتعة الاستهلاك، والأبراج المتنافسة في العلو والارتقاء التي ظهرت فجأة على امتداد السواحل على مدار السنوات القليلة الماضية، وما يقترن بهذا من إحساس بالتقدير والإعجاب والراحة والتشتت - الأحاسيس التي تؤدي إليها عادة هذه الفضاءات – فهناك شيء من الوجاهة في مفهوم ال هايبر-واقع. لو كان توفيق يعرف المفهوم ربما كان ليستخدمه. كما لو كان يعرف بأفكار الباحث الجغرافي المصري ياسر الشيشتاوي، كان ليوافق معه أن مشروعات "البرستيج" في مدن الخليج هي "استعراض" و "فُرّجة" بمعنى أنها تحوّل الناس إلى متفرجين ومستهلكين في حالة شديدة من الاغتراب. وربما كان ليوافق – تمامًا – على مقولة الشيشتاوي بأن في تلك مشروعات "يصبح الزيف فضيلة.. ونموذجًا". وعن عالم العُمال المصريين في قطر، يقول المؤلف أن الكتاب محاولة للتفكير في العلاقة بين بلد العمل (قطر) ووطن العمال (تحديداً القرى التي جاءوا منها في مصر) "في عالم تحولت فيه القرى في شتى أنحاء العالم إلى ضواحٍ للخليج". المؤلف صامولي شيلكه هو باحث أنثروبولوجيا وُلد في فنلندا عام 1972، وحصل على الدكتوراه في الأنثروبولوجيا من جامعة أمستردام في هولندا سنة 2006 برسالته عن الموالد في مصر. يعمل باحثاً منذ عام 2009 في مركز دراسات الشرق المعاصر في برلين. صدر له بالإنجليزية في 2015 كتاب "مصر في زمن المستقبل: الأمل والإحباط والازدواجية قبل وبعد 2011" في الولاياتالمتحدة، ونشر بحثاً مترجماً في مجلة "الشعر" المصرية عام 2013 عن "أمل دنقل والثورة"، وصدر له عام 2011 كتاب "هتتأخر على الثورة: دفتر يوميات عالم أنثروبولوجيا شهد الثورة". يعتمد صامولي شيلكه منهج "الأنثروبولوجيا التحاورية"، الذي يسعى لتوليد النظريات حول سمات الحياة اليومية عن طريق الاستماع إلى الناس ونقل كلامهم بحيادية وتفسيره بالاستعانة بنظريات العلوم الاجتماعية المختلفة، من أجل فهم الواقع المُعاش. المترجم عمرو خيري صدرت له عدة روايات مترجمة منها "1984" لجورج أورويل، عن هيئة قصور الثقافة في 2014، وعن سلسلة الجوائز – الهيئة العامة للكتاب، صدر له "التصحيحات" لجوناثان فرانزن في 2014 و"البينيلوبية: أسطورة بينيلوب وأوديسيوس" لمارجريت آتوود في 2014، و"الشلالات" لجويس كارول أوتس، في 2008.