اهلا وسهلا بالسيد حسن الترابي في مصر الثورة بعد ان جافاها وجافته عدة سنين, فقد عادت مصر الي طبيعتها بعد نجاح ثورتها, تفتح ذراعيها للقادمين قائلة لهم بلغة القرآن الكريم ادخلوها بسلام امنين. حتي ان كان في قلبها موجدة ضدهم, فانها لاتنكر عليهم الحج اليها, ولا تتأخر في الصفح عنهم اذا جاءوا طالبين الصفح والغفران, اقول ان مصر ترحب بالقادمين اليها, ولكن هذا الترحيب لا يعني بالضرورة ترحيبا بافكارهم ودعاواهم واطروحاتهم, خاصة اذا كانت مثل اطروحات السيد الترابي, لها سوابق في سوق بلدان الي حتوفها كما فعلت مع السودان, وهو وطنه الذي اختبر فيه افكاره وكانت له فيه صولات وجولات وله فيه ضحايا نعرف بعضهم مثل الشيخ محمود طه الذي تم اعدامه في احتفال كبير في عهد النميري, وبتحريض من الدكتور حسن الترابي, ولا نعرف بعضهم الاخر, وكانت له تحالفات مع حكامها الانقلابيين كما حدث مع النميري, الذي صار الدكتور حسن الترابي مستشاره ووزيره وهو يحل البرلمان ويعلن فجاة حكم الشريعة وتطبيق الحدود جلدا وبترا للايادي وقطعا للرقاب, حتي ثار الجنوب وهو شعب مسيحي فأعلن عليه النميري حربا, وصل عدد ضحاياها في اخر الشوط الي مليوني قتيل, ثم جاءت انتفاضة الشعب في الشمال ترفض نظامه واحكامه الظالمة الجائرة, وراي الشيخ حسن الترابي انه الوقت المناسب ليقيم عليه وعلي نظامه دعوي الخلع ويحصل الطلاق البائن بينهما, وتقدم الجيش بقيادة طيب الذكر اللواء سوار الذهب, الذي صدق ما عاهد الوطن عليه, وقام بتسليم الحكم للشعب لتعود الحياة الي طبيعتها كما كانت قبل انقلاب النميري, تنشأ الاحزاب وتتباري في الفوز بثقة الناس عن طريق صناديق الاقتراع, وتشهد البلاد مسيرتها الطبيعية, وكان السيد الترابي واحدا من اللاعبين في هذا المناخ الديمقراطي, الا ان حزبه ظهر علي حقيقته في هذه الاجواء الديمقراطية, لا يحظي بشعبية ولا يحرز انتصارا في الانتخابات, ومني هو نفسه بهزيمة في انتخابات العهد الديمقراطي عندما رشح نفسه لمقعد برلماني لم يستطع الفوز به, فماذا يفعل السيد حسن الترابي؟!, تآمر مع ضابط من ضباط الاتجاه الاسلامي, هو السيد عمر البشير الذي نفذ بالتعاون مع الترابي انقلابا في تمثيلية مفضوحة بانه لاعلاقة له بالانقلاب, لان الانقلابيين ادخلوه الي السجن مع رئيس الحكم الديمقراطي السيد صادق المهدي, ثم اسفر عن وجهه الحقيقي عندما تسلم سدة الحكم مع الانقلابيين الذين لم يستطيعوا, وقد صاروا حكاما, ان يعودوا صبيانا يأتمرون بأمر الاب الروحي لا نقلابهم, فاعلنوا اسقاطه واعادوه الي السجن, ولكن الضرر للسودان قد حصل, والانقلابيون اعتلوا الحكم بقوة الدبابة وسلطة الحديد والنار, وانتهي الامر الي حرائق الحروب تواصل استعارها في الجنوب الذي رفض ان تفرض عليه الشريعة ولم تنته الحرب الدينية التي اعلنها عليه الشمال الا بانفصاله, وتواصلت حروب دار فور التي اوصلت رئيس الدولة الي المحكمة الجنائية الدولية متهما بارتكاب جرائم حرب ضد شعبه, وكان الاثم والذنب كله ذنب الاستاذ الفيلسوف المنظر الدكتور حسن الترابي الذي جاء يزور مصر الثورة تسبقه تصريحاته التي يقول فيها, ان الثورات العربية التي اكتسحت الانظمة الاستبدادية في تونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا, انما جاءت تتيح الفرصة لحكم الاسلاميين واستيلائم علي مقدرات الاقطار العربية, ونقول له شكرا لك اولا لانك انت اول من ربي النفور في قلوب الناس من هذا الخلط الفاضح بين الدين والسياسة, والا لما ثار الشعب في السودان علي تطبيق الحدود في عهد النميري, وباستشارتك وتدبيرك واشرافك, ولما اسقطك بعد ذلك في الانتخابات, وانت تبشر بهذا الخلط بين السياسة والدين في برنامجك وبرامج جبهتك الاخوانية الاسلامية, ولما تحول السودان من جسد واحد الي جسد مقسوم الي نصفين, ونقول لك ايضا ان هذه الثورات قامت علي اجندات لا علاقة لها بالاجندة التي عشت علي مدي ستة عقود تبشر بها. المزيد من مقالات أحمد ابراهيم الفقى