بعد ارتفاعه.. ماذا حدث لسعر الذهب بحلول التعاملات المسائية السبت؟    نائب ترامب: إسرائيل لا تتعمد قتل كل فلسطيني وما يحدث ليس إبادة جماعية    الأمم المتحدة: 71 ألف طفل بغزة سيعانون قريبا من سوء تغذية يهدد حياتهم    عبد العاطي ونظيره النيجيري يبحثان سبل تعزيز العلاقات المشتركة    ب "كوفية نادي القرن".. الأهلي يستقبل زيزو في ميامي (فيديو)    ثاني أيام عيد الأضحى، تموين الإسماعيلية تضبط 100 كيلو من اللحوم والجبن (صور)    سوكسيه حلو، فاطمة عيد تكشف كواليس حفلاتها مع وردة وشادية وصباح    ما حكم من صلى باتجاه القبلة خطا؟.. أسامة قابيل يجيب    إعلام إسرائيلي يدعي عثور الجيش على جثة يعتقد أنها ل محمد السنوار    فرنسا تدعو إسرائيل للانسحاب سريعا من كامل الأراضي اللبنانية    زلزال بقوة 5.2 درجة يضرب اليونان    الخرفان أولًا والعجول آخرًا.. تدرّج في الطلب بسبب تفاوت الأسعار    مجدي البدوي: تضافر الجهود النقابية المصرية والإفريقية للدفاع عن فلسطين| خاص    مها الصغير: أتعرض عليا التمثيل ورفضت    إعلام إسرائيلي: يحتمل وجود جثامين لمحتجزين إسرائيليين بمحيط المستشفى الأوروبي    رونالدو يعلن موقفه من المشاركة في كأس العالم للأندية    تمركز عيادة متنقلة بدمنهور لتقديم خدماتها المجانية للمواطنين خلال العيد    مرسال: اتحاد العمال يرسخ مكانته الدولية في مؤتمر جنيف| خاص    الأحزاب تستغل إجازات العيد للتواصل مع الشارع ووضع اللمسات الأخيرة على قوائم المرشحين    المعاينة الأولية لحريق كنيسة العذراء بإسنا في الأقصر: ماس كهربائي وراء الحادث    البابا تواضروس الثاني يعيّن الأنبا ريويس أسقفًا عامًا لإيبارشية ملبورن    تعرف على أسعار الحديد مساء ثاني أيام عيد الأضحى    ذبح 35 رأس ماشية وتوزيع لحومها على الأسر الأولى بالرعاية في سوهاج    40 مليون من أجل زيزو في 24 ساعة.. كيف صنع الأهلي الرقم الصعب في 110 ثانية؟    اتحاد تنس الطاولة يناقش مستقبل اللعبة مع مدربي الأندية    وزارة النقل: الأتوبيس الترددى يعمل طوال أيام العيد فى هذه المواعيد    ضبط 156 شيكارة دقيق بلدي مدعم وتحرير 311 مخالفة فى الدقهلية    نتيجة الصف السادس الابتدائي 2025 بالاسم ورقم الجلوس    الأحوال المدنية: استمرار عمل القوافل الخدمية المتنقلة بالمحافظات| صور    لبنان.. حريق في منطقة البداوي بطرابلس يلتهم 4 حافلات    ثاني أيام عيد الأضحى المبارك.. رفع نسب الإشغال بفنادق الغردقة ل95%    المالية: صرف المرتبات للعاملين بالدولة 18 يونيو المقبل    الصناعة: حجز 1800 قطعة أرض في 20 محافظة إلكترونيا متاح حتى منتصف يونيو    "الزراعة": إزالة 20 حالة تعد في المهد بعدد من المحافظات    بشرى تتألق بإطلالة صيفية أنيقة في أحدث جلسة تصوير لها| صور    رسميًا.. غلق المتحف المصري الكبير في هذا الموعد استعدادًا للافتتاح الرسمي    محمد سلماوي: صومعتي تمنحني هدوءا يساعدني على الكتابة    12 عرضا في قنا مجانا.. قصور الثقافة تطلق عروضها المسرحية بجنوب الصعيد    تعرف على الإجازات الرسمية المتبقية فى مصر حتى نهاية عام 2025    «الفيروس لم يختفِ».. الصحة العالمية تحذر: كوفيد 19 يعود بمتحور جديد    البحيرة.. عيادة متنقلة أمام النادي الاجتماعي بدمنهور لتقديم خدماتها المجانية خلال العيد    رئيس جامعة المنوفية: معهد الكبد القومي يخدم أهالي المحافظة والدول العربية    عميد طب كفر الشيخ يتفقد أداء المستشفيات الجامعية خلال إجازة العيد    شهباز شريف: باكستان تسعى دائما إلى الحفاظ على السلام والأمن في المنطقة    الداخلية ترسم البهجة فى العيد.. رعاية شاملة للأيتام فى مشهد إنسانى مؤثر.. احتفالات وعروض وإنقاذ نهرى.. اشترت ملابس العيد وقدمت الهدايا للأطفال.. وتنفذ برامج المسئولية المجتمعية لتعزيز قيم الانتماء الوطنى.. صور    عواد: أنا وصبحي نخدم الزمالك.. وسيناريو ركلات الترجيح كان متفقا عليه    العيد أحلى بمراكز الشباب.. فعاليات احتفالية في ثاني أيام عيد الأضحى بالشرقية    السيسي يقود أحدث إنجازات الدولة في تطوير التعليم الجامعي    إصابة 8 أشخاص نتيجة انقلاب «ميكروباص» بطريق أسيوط- الفيوم الغربي    دعاء يوم القر مستجاب للرزق والإنجاب والزواج.. ردده الآن    محمد الشناوي: كنا نتمنى حصد دوري أبطال إفريقيا للمرة الثالثة على التوالي    دار الإفتاء تكشف آخر موعد يجوز فيه ذبح الأضاحي    الطبطبة على الذات.. فن ترميم النفس بوعى    اليابان: لا اتفاق بعد مع الولايات المتحدة بشأن الرسوم الجمركية    دوناروما: أداء إيطاليا لا يليق بجماهيرنا    محمد عبده يشيد ب " هاني فرحات" ويصفه ب "المايسترو المثقف "    «المنافق».. أول تعليق من الزمالك على تصريحات زيزو    معلومات من مصادر غير متوقعة.. حظ برج الدلو اليوم 7 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فوق دستورية‏..‏ وليست فوق الدستور‏!‏ ..‏

من المفهوم أن يتوقف البعض أمام المعني المقصود من المبادئ فوق الدستورية التي أعدتها لجنة من الخبراء والقانونيين وطرحها علينا الدكتور علي السلمي نائب رئيس مجلس الوزراء‏,‏ لنناقشها ونصل فيها الي اتفاق أو توافق‏,‏ يجعل هذه المبادئ التي نسميها أحيانا مبادئ أساسية‏,‏ وأحيانا مبادئ فوق دستورية‏,‏ أساسا نلتزم به‏,‏ ونبدأ منه في وضع دستورنا الجديد‏.‏ أقول من المفهوم أن يتوقف البعض أمام هذه المبادئ فوق الدستورية, فلا يتبينون المعني المقصود فيها, وربما فهموها بمعني يتناقض مع معني الدستور الذي لا يستحق اسمه هذا إلا اذا نبع من تحت, من الأرض, ومن حياة البشر الذين يعيشون فيها, ولم يكن نازلا عليهم من فوق, ولا هابطا عليهم من السماء!
لماذا نتوقف أمام المعني المقصود من هذه العبارة؟ ولماذا يغيب معناها الحقيقي عن البعض ويسئ فهمها؟
والجواب حاضر, وهو أن علاقتنا بالدستور لم تكن دائما جيدة, بل لم تكن في معظم الأحيان موجودة, فالدستور هو القانون الأساسي الذي يحدد علاقة المواطنين بعضهم ببعض في الأمم الحرة, ما لهم من حقوق, وما عليهم من واجبات, كما يحدد علاقتهم بالسلطة التي يختارونها بإرادتهم الحرة لترعي حقوقهم, وتصون حرياتهم أفرادا وجماعة, ونحن نعرف بالطبع أننا كنا في تاريخنا الذي امتد آلافا من السنين رفيق أرض نزرعها للحكام الذين كانوا طوال القرون الخمسة والعشرين الماضية غزاة أجانب وجنودا مرتزقة استعبدونا وهم عبيد! لقاء إبقائهم علي حياتنا, أما الحرية, وأما الديمقراطية فلم يكن لنا فيها أي حق, حتي وجدنا أنفسنا وجها لوجه أمام المستعمرين الأوروبيين الذين عرفنا منهم ونحن نكافحهم أسباب النهضة, وشروط الحياة, وحقوق الإنسان, ومعني الديمقراطية وحكم الدستور الذي لم ننعم به إلا سنوات قليلة متفرقة خلال العقود الثلاثة التي تلت ثورتنا الوطنية الكبري عام 1919, وانتهت بانقلاب يوليو الذي أوقف العمل بالدستور, وحل الأحزاب, وحرم النشاط السياسي, وصادر حرية التفكير والتعبير, وراقب الصحف, واستعان خلال العقود الستة الماضية بأجيال من ترزية القانون الذين لم يتعلموا منه إلا ما يمكنهم من الشهادة ضده والعمل في خدمة الطغيان وستر عوراته والرقص في حفلاته, وإلباسه مرقعات ملفقة باعدت بيننا وبين المعني الحقيقي للدستور الذي فقدنا اهتمامنا به ونسيناه, فمن الطبيعي أن نتوقف أمام عبارة المبادئ فوق الدستورية وأمام غيرها من العبارات والأفكار والنظريات السياسية التي نجتهد الآن في فهمها ومناقشتها, بعد أن اشتعلت ثورة يناير المجيدة ونجحت في إسقاط الطاغية وأيقظتنا من جديد علي حقوقنا المهدرة وحاجتنا لمراجعة علاقتنا بالسلطة, والاستفادة مما قاسيناه في ماضينا القريب والبعيد, والعمل علي أن تكون ثورتنا الأخيرة وما قدم فيها من قرابين وأريق من دماء, نهاية حاسمة لعهود الطغيان, وفجرا صادقا لعهود الحرية.
من هنا صار علينا أن نضع لأنفسنا دستورا لا يتناقض مع أي حق من حقوق الأمة, ولا يتآمر عليه المتآمرون, ولا يتحكم في صياغته تيار من تلك التيارات التي تحاول اختطاف الثورة, ولا تؤمن بالديمقراطية, وتسعي لتلفيق دستور علي مقاسها يمكنها من الانفراد بنا, والتسلط علينا, وارغامنا علي أن نسلم لها مصيرنا, وأن نقول ما تقوله ونفعل ما تفعله, ولكي نفوت علي هؤلاء المتآمرين الفرصة انطلقت الدعوة للاتفاق علي مبادئ أساسية تمثل ما هو مشترك متفق عليه بيننا, وما لا يستطيع أن يعترض عليه تيار أو جماعة, لأنه حق طبيعي لكل البشر وقيمة لا تستقيم بدونها حياة انسانية, ولهذا تحرص عليها كل الأمم, وينص عليها في كل الدساتير, ومن هذه المبادئ المبدأ القائل بأن الأمة هي مصدر كل السلطات, والمبدأ القائل بأن المواطنة أي الانتماء للوطن الذي نعيش فيه ونستثمر خيراته, ونحفظ تراثه, ونذود عن حياضه هي الأساس الذي نضعه لوجودنا المشترك, ونقف عليه متساوين لا يتميز فينا مواطن عن مواطن والمبدأ القائل بأن الأمة مصدر كل السلطات, والمبدأ القائل بالفصل بين السياسة والدين..
هذه المبادئ التي أخذ بها العالم كله ينبغي أن نتفق نحن أيضا حولها لأنها ليست مجرد آراء أو وجهات نظر, وانما هي أصول وأركان وثوابت لايمكن أن يستغني عنها في أي دستور, ولهذا اعتبرت مبادئ أساسية, أو مبادئ حاكمة, أو مبادئ فوق دستورية.
غير أن هناك من فهموا كلمة فوق بمعناها الحرفي الموجود في معاجم اللغة, فأصبحت المبادئ الأساسية التي نريد أن نتفق حولها فوق الدستور أو أعلي منه, وهذا خطأ بالغ يقع فيه البعض دون قصد لقلة خبرته بالنظريات السياسية والمصطلحات العلمية الحديثة, ويقع فيه آخرون متعمدين, لأنهم يريدون أن ينفردوا كما قلت بوضع الدستور, متحصنين بالأغلبية التي يحلمون بها, ويسعون الآن بمختلف الطرق المشروعة وغير المشروعة للحصول عليها في الانتخابات المقبلة, فإن وقعت الواقعة, لا قدر الله, وحصلوا علي الأغلبية أصبح من حقهم أن يختاروا أعضاء اللجنة التأسيسية التي ستتولي وضع الدستور بالشروط التي تجعله أداة لهم تمكنهم من البقاء المؤبد في السلطة, والاستبداد بالحكم تحت ستار الديمقراطية التي يمكن أن تتحول الي طغيان غوغائي يستحيل فيه الدفاع عن حق مهدر, أو الانصات الي صوت عاقل أو تغليب المصلحة العامة علي الأطماع الفردية, خاصة في الظروف الراهنة التي يمكن فيها خداع الناخبين ورشوتهم واستغلال أمية الأميين, وفقر الفقراء وعواطفهم الدينية التي يتلاعب بها الآن مشعوذون كثيرون يقدمون أنفسهم بوصفهم حماة الشريعة المتحدثين باسمها, والمكلفين باقامة حدودها, في مناخ مضطرب حافل بالأخطار لا يساعد علي التمييز بين من يعرفون للدين حقه ومكانه في حياة الفرد والجماعة ومن يتاجرون به ويتخذونه مطية للسلطة وسلاحا للإرهاب.
هؤلاء يتعمدون تضليل الناس وافهامهم أن المبادئ فوق الدستورية أفكار تتعالي علي الدستور, وتلتفت علي ارادة الأمة, وهذه حيلة رخيصة طالما لجأ إليها الذين يجعلون السياسة سوقا سوداء لا يتورعون فيها عن الكذب والتزوير.
ونحن نعرف كيف استطاع المرشح المنافس لأستاذ الجيل أحمد لطفي السيد أن يقنع الناخبين البسطاء في إحدي المعارك الانتخابية, بأن الديمقراطية التي يدعو لها الأستاذ مذهب يبيح للرجال أن يتبادلوا زوجاتهم! وكيف استطاع آخرون في هذه الأيام أن يشيعوا لدي الكثيرين أن العلمانية التي تمنع استغلال الدين في السياسة معناها إعلان الحرب علي الدين! وها نحن نراهم يواصلون حربهم القذرة علي الديمقراطية والعقلانية والدستور, فيزعمون أن المبادئ فوق الدستورية معناها المبادئ التي تعلو الدستور لتكون قيدا عليه!
والحقيقة التي نستطيع أن نراها بوضوح, هي أن هؤلاء دون غيرهم هم الذين يسعون للقفز علي إرادة الأمة وتقييد الدستور وفرضه علينا من فوق وجعله مرجعا للطغيان يبرره ويلبسة قداسة زائفة, ويحوله الي قضاء مبرم لا فكاك منه.
انهم يريدون أن يفرضوا علينا دستورا وهابيا يثبتون فيه أن الشريعة كما يفهمونها هم, أو كما أريد لهم أن يفهموها, هي وحدها المرجع بعيدا عن حكم العقل ومطالب العصر, واختلاف الظروف.. وبهذا يصادرون حق الأمة الذي ينبغي ألا نسمح لأي قوة بأن تمسه أو تجادل فيه, وهو أنها مصدر لكل السلطات, فإن خرجنا علي هذا المبدأ الذي يسبق كل مبدأ, فنحن في هذه الحالة نزيف الدستور ونزوره, وندخل عليه ما يفسده وينقضه وينفيه ويعطل وجود الأمة ويحرمها من كل حقوقها, لأن الأمة التي ينتزع منها حقها في التشريع لنفسها ينتزع منها حقها في كل شئ, انها تفقد بهذا حريتها وارادتها, أي تفقد عقلها وانسانيتها وتتحول الي قطيع مسير مقهور تأكله الذئاب وتحرسه الكلاب!
}}}
لكن السؤال الذي بقي مطروحا هو: لماذا نسمي المبادئ الأساسية في الدستور مبادئ فوق دستورية؟
الجواب يوم الأربعاء المقبل.
المزيد من مقالات أحمد عبد المعطي حجازي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.