أهمية العقل والاعتدال أعتقد أن أهم ما تحتاجه الثورات العربية التي يتوالي اندلاعها منذ مطلع هذا العام هو توفير القدرة علي امتطاء جواد الاعتدال الثوري حتي يمكن لهذه الثورات أن تحقق أهدافها ومقاصدها المشروعة, بدلا من محاولات اختصارها في صيحات غضب واحتجاج تعبر عنها مسيرات ومظاهرات واعتصامات تتعدد فيها المطالب وتتنوع الأهداف بما يرفع سقف المزايدات ويؤدي لغياب القاسم المشترك الذي كان له الفضل في بزوغ هذا الربيع العربي للثورات والتفاف الرأي العام حولها. أريد أن أقول: إن العقل مع الاعتدال هو السلاح الأهم والضروري لتحقيق أهداف هذه الثورات وبما يضمن التغلب علي جميع الأزمات التي نواجهها, وهي أزمات ومشاكل وتراكمات تتنوع أشكالها ومضامينها لكنها تندرج تحت عنوان واحد هو كيفية إحداث التغيير المطلوب و المحسوب... وليس هناك ما يمكن أن يحقق هذا التغيير المطلوب والمحسوب سوي عقول يقظة تقدر علي قراءة الاستحقاقات الضرورية والصحيحة للتغيير المنشود وفهم متطلباته بمنهج الاعتدال وليس بمغامرات التطرف, وذلك بالارتكاز إلي فكر جديد يعبر عن قوي جديدة لابد أن تملك أدوات القدرة علي التعامل مع الواقع الجديد بكل مصاعبه وبالفهم الكامل بأن الاعتدال ليس ارتدادا عن الثورة أو نكوصا عن أي من استحقاقات التغيير المنشود. أتحدث عن حاجة الثورة إلي عقول تقدر علي صنع التغيير في ضوء القدرات والإمكانات المتاحة والظروف المحيطة! إن الاطمئنان لمستقبل الثورة يرتهن بالاحتكام إلي عقل يرتبط بالمستقبل بأكثر من ارتباطه بالماضي ودون أن ينفصل عن الحاضر.. عقل ليس مشغولا بالكلام في الوقت الضائع أو الجدل حول قضايا فات زمانها, وإنما هو العقل الذي يستلهم من الماضي كل ما هو مفيد لبناء القوة وصنع الحيوية بآليات للعقل تغني عن الحاجة إلي الكلام واجترار ذكريات تقتل الوقت وتصلح للتسامر بأكثر مما تصلح لبناء الأمم والشعوب! إن كل الدروس المستفادة من ملفات الثورات التي شهدها العالم علي طول تاريخه تحتم الاحتكام للعقل الذي ينتصر لأسباب القوة والوحدة الوطنية بعيدا عن الهوامش والتفاصيل التي تغذي التناقضات الاجتماعية والسياسية والثقافية! باختصار شديد أقول: إن تحصين الثورات العربية بلغة العقل ومنهج الاعتدال يمكن أن يصنع التزاوج المطلوب بين الحلم والواقع بالانتصار للحسابات الاستراتيجية الدقيقة, وتجنب كل أشكال المغامرة والمقامرة التكتيكية في لعبة المليونيات التي تضر بأكثر مما تفيد عندما يجري تكرارها دون توافر الإجماع الوطني الكاسح! خير الكلام: قوة العقل تكمن في قدرة الاعتدال دون تفريط! المزيد من أعمدة مرسى عطا الله