بدوى يوجه بسرعة الانتهاء من البوابة الرقمية الجديدة لمستثمرى التعدين    خبراء ضرائب: الحزمة الجديدة تحفز الاستثمار وتوفر السيولة للشركات    برلماني فنزويلي: الاستراتيجية الأميركية اعتداء مباشر على سيادتنا وعلى البحر الكاريبي    البيت الأبيض: أوروبا مهددة ب زوال حضاري خلال فترة قريبة    اليمن الجنوبي.. علي ناصر محمد يكشف تداعيات الفرص السياسية المهدرة بعد اغتيال قحطان الشعبي    الصين: نساعد في تحسين الوضع الإنساني في غزة وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني    الأمم المتحدة: المستوطنون نفذوا 5 اعتداءات يوميا ضد فلسطينيي الضفة    سوريا ترحب بقرار كندا رفع العقوبات وتعتبره تطورًا إيجابيًا    سكالوني: الجزائر منتخب قوي.. والأردن "مجهول"    التحفظ على قائد سيارة ملاكي بتهمة دهس الكاتبة ميرال الطحاوي وإصابتها بالتجمع    غلق وتشيمع 10 مقاهي شهيرة بمحطة الرمل سط الإسكندرية    خروج وليد صلاح عطية، نتيجة الحلقة السابعة من برنامج دولة التلاوة (فيديو)    ورشة حكي تحتفي بعالم نجيب محفوظ في مكتبة مدينة الشروق    هيئة المتاحف تطلق المرحلة الأخيرة من معرض روايتنا السعودية فى جدة    مي عز الدين بإطلالة كاجوال رفقة زوجها في أحدث ظهور    بالأسعار، الإسكان تطرح أراضي استثمارية بالمدن الجديدة والصعيد    القاصد يهنئ محافظ المنوفية بانضمام شبين الكوم لشبكة اليونسكو لمدن التعلم 2025    مكاتب البريد تتيح إصدار شهادة بسعر المشغولات الذهبية    وزارة الداخلية تحتفل باليوم العالمي لذوى الإعاقة وتوزع كراسى متحركة (فيديو وصور)    صحيفة المنتخب المغربية: مواجهة البرازيل بذكريات 98    استقرار سعر صرف الإسترليني أمام الجنيه فى البنوك المصرية    "معتز بالله عاصم" لاعب أندية وادي دجلة ومنتخب مصر للتايكوندو يتوج بالميدالية الذهبية في بطولة العالم تحت 21 عامًا    بعد ترند «يوتيوب».. رامي جمال يشكر صناع ألبوم «مطر ودموع»    دعاء الرزق وأثره في تفريج الهم وتوسيع الأبواب المغلقة وزيادة البركة في الحياة    عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة يوضح أسباب تفشّي العدوى في الشتاء    10 وحدات جديدة للكشف عن بُعد بالوادي الجديد    ننشر قسيمة زواج بوسي تريند البشَعة بالإسماعيلية ( خاص )    بالأسماء.. تعرف على ال 6 متنافسين فى حلقة اليوم من برنامج دولة التلاوة    كيف أتجاوز شعور الخنق والكوابيس؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    وزارة العمل: وظائف جديدة فى الضبعة بمرتبات تصل ل40 ألف جنيه مع إقامة كاملة بالوجبات    عروض استعراضية بين شوطي مباريات كأس العالم    تفاصيل تخلص عروس من حياتها بتناول قرص حفظ الغلال بالمنيا بعد أشهر قليلة من زوجها    مصر تخطط لوصول الأسطول التجاري البحرى إلى 40 سفينة عام 2030    تأجيل محاكمة طفل المنشار وحبس المتهم بالاعتداء على طالب الشيخ زايد.. الأحكام × أسبوع    مخالفات جسيمة.. إحالة مسؤولين بمراكز القصاصين وأبو صوير للنيابة    الزمالك يترقب قرار اتحاد الكرة بشأن قضية زيزو.. واللاعب يجهز للتصعيد    جامعة حلوان تنظّم ندوة تعريفية حول برنامجي Euraxess وHorizon Europe    شركة "GSK" تطرح "چمبرلي" علاج مناعي حديث لأورام بطانة الرحم في مصر    «الطفولة والأمومة» يضيء مبناه باللون البرتقالي ضمن حملة «16يوما» لمناهضة العنف ضد المرأة والفتاة    لتعزيز التعاون الكنسي.. البابا تواضروس يجتمع بأساقفة الإيبارشيات ورؤساء الأديرة    لجنة المسئولية الطبية وسلامة المريض تعقد ثاني اجتماعاتها وتتخذ عدة قرارات    طريقة استخراج شهادة المخالفات المرورية إلكترونيًا    خشوع وسكينه....أبرز اذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    جامعة الإسكندرية تحصد لقب "الجامعة الأكثر استدامة في أفريقيا" لعام 2025    بعد انقطاع خدمات Cloudflare.. تعطل فى موقع Downdetector لتتبع الأعطال التقنية    حريق مصعد عقار بطنطا وإصابة 6 أشخاص    وسام أبو علي: نسعى للفوز على سوريا وسأبقى مع فلسطين حتى النهاية    سلوت: محمد صلاح لاعب استثنائي وأفكر فيه سواء كان أساسيًا أو بديلًا    لقاءات ثنائية مكثفة لكبار قادة القوات المسلحة على هامش معرض إيديكس    الأهلي يلتقي «جمعية الأصدقاء الإيفواري» في افتتاح بطولة إفريقيا لكرة السلة سيدات    ضبط 1200 زجاجة زيت ناقصة الوزن بمركز منفلوط فى أسيوط    طريقة عمل السردين بأكثر من طريقة بمذاق لا يقاوم    مصر ترحب باتفاقات السلام بين الكونجو الديمقراطية ورواندا الموقعة بواشنطن    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 5 ديسمبر 2025    استشاري حساسية: المضادات الحيوية لا تعالج الفيروسات وتضر المناعة    كيف تُحسب الزكاة على الشهادات المُودَعة بالبنك؟    ننشر آداب وسنن يفضل الالتزام بها يوم الجمعة    الحصر العددي لانتخابات النواب في إطسا.. مصطفى البنا يتصدر يليه حسام خليل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اقوم المسالك لمعرفة احوال الممالك
نشر في الأهرام اليومي يوم 02 - 09 - 2011

عندما كتب خير الدين لبلده تونس مجموعة من الكتب عادت إلي الحياة ضمن مشروع تقوم به مكتبة الاسكندرية لإعادة إحياء كتب التراث الاسلامي في القرنين التاسع عشر والعشرين‏.‏ تأليف: خير الدين التونسي
فإذا كان من المعروف أن كتب التراث هي تلك التي ولدت في أوج الدول الاسلامية, فإن هذه الكتب تعد دليلها علي أن الحضارة الاسلامية ممتدة وإن كانت قد اختلطت مع الأفكار الوطنية والليبرالية المعتدلة.
فمصر صاحبة الحالة الحضارية الخاصة عندما تكتب فإنها تكتب من منطق لا يعرفه غيرها. وهي أيضا عندما تتصدر لانتاج مثل هذه المشروعات فإنها لا تقدم ما كتب علي أرضها فقط, فهي الحاوية التي تبحث دائما عن الكلمة الأفضل, ولهذا توافدت الكثير من الدول العربية والاسلامية لتدخل هذا المشروع بمؤلفاتها وهي راضية بالقدرة المصرية علي تقديم ثقافتها وأفكارها.
وضمن هذه الكتب كتاب أقوم المسالك لمعرفة أحوال الممالك لكاتبه خير الدين التونسي. فلا يمكن قراءة الثورة التونسية بأي حال من الأحوال دون أن نقرأ هذا الكتاب الذي كتب مقدمته الدكتور محمد الحداد ويصفه بالبرنامج الاصلاحي الذي يختزل مجموع ما سعي النهضويون العرب إلي تحقيقه في القرن التاسع عشر.
ويعتقد الكاتب أن عام1815 شهد عقد مؤتمر فيينا الذي أثبت أن طريق النهضة الأوروبية لابد أن يتصل بمبدأ الليبرالية والمساواة بين الطبقات. ولم تكن هذه الليبرالية إلا القارب الذي حاول خير الدين التونسي تسييره في المياه العربية. وقد رأي أنها السبيل أمام النهضة ولم يتوقف أمام أي تيار آخر وتحت وطأة أي تبدل سياسي آخر.
ويبدو خير الدين التونسي كشخص اختارته الاقدار منذ البداية لمهمته الاصلاحية, فبرغم كونه قد وصل إلي منصب الوزير الأكبر بتونس والصدر الأعظم بعاصمة الخلافة الا انه كان شركسي الأصل اختطف صغيرا ثم أهدي إلي باي تونس عندما كان في السابعة عشرة من العمر. فدرس العلوم الاسلامية والحربية.
وقبل منتصف القرن التاسع عشر قرر أحمد باي حاكم تونس زيارة فرنسا بشكل رسمي كحاكم مستقل. ويذهب خير الدين التونسي إلي فرنسا ويستمر هناك لمتابعة أحد الفارين من تونس قضائيا فتتغير حياته بعد أن يتعرف علي المجتمع الفرنسي.
وبعدها يعود خير الدين إلي تونس ويحقق نجاحا مشهودا ثم تصبح له مكانة أكبر بعد أن يتولي الحكم الصادق باي ولكن هذا النجاح لا يلبث أن ينقلب إلي فتور كبير. وبرغم هذا استطاع خير الدين أن يعد أول دستور عربي إسلامي في عام7681, وبرغم أن لعبة السلطان هي في النهاية لعبة معروفة تتراوح بين القبول والرفض إلا أنه من المفيد ان ننظر إلي خير الدين بوصفه مفكرا سياسيا وإصلاحيا وعدم تحجيمه داخل دائرة السياسة المغلقة.
وفي كتابه أقوم المسالك لمعرفة أحوال الممالك الذي صدر عام1867 كان الموضوع الأهم هو كما يقول د.محمد الحداد بحثا في أسباب التقدم والتأخر للأمة الاسلامية بناء علي تجربته السياسية ومشاهداته في اوروبا وقراءاته في التاريخ السياسي.
ويتعرض الكتاب لتاريخ المدنية في أوروبا ويضع مهمة تعريفية بهذه الدول التي زارها والتي تظل واحدة منها فقط دولة إسلامية وهي تركيا. ولكن الغالب هو أوروبا بشمالها وجنوبها.
ويبدو أن خير الدين كان يكتب وفي عقله مواطنه المفكر الكبير ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع وهو يشير بشكل صريح لكل من يعتبره سببا وراء هذه الموجة من التخلف التي شهدتها البلاد. ومنهم بعض رجال الدين الذين لا يريدون أن يعلقوا علي ما يحدث حولهم, ورجال السياسة الذين يرون أنهم خلقوا من أجل الحكم المستبد ويعتبرونه في عرفهم فكرا مستنيرا. وأما المجموعة الأخيرة التي توقف عندها بالادانة فهي التي ترفض كل جديد بغض النظر عن نجاحه أو فشله.
واعتبر خير الدين ان النهضة الأووبية هي ابنة شرعية للعدل السياسي كما قال ابن خلدون: العدل أساس العمران ويري الحداد ان خير الدين قد وضع ثلاثة افتراضات لوضع الحاكم اولها ان يكون حسن التصرف وهذا من الممكن أن يستشير الامناء وثانيها ان يكون علي معرفة بما يحدث حوله ولكن مصالحه تقف حائلا دون المصلحة العامة وفي هذه الحالة لابد من الرجوع لأصحاب الرأي القويم, وثالثها أن يكون ضعيف المعرفة لا يفهم في هذه الدنيا سوي تحقيق رغباته وقد يذهب كل شيء إذا لم يتقدم أصحاب المشورة بهيئات ومؤسسات تقوم بمقام الحاكم العالي. وقد وجد ان الحاكم لابد أن يفهم أن نظام المجالس هو صاحب الصوت العادي في إدارة البلاد
وهي مبادئ موجودة في أسس ومبادئ الاسلام, كما أن التاريخ الاوروبي لديه هو الأخر النماذج التي تؤكد أن السلطة المطلقة تؤدي في النهاية إلي الفساد أو الهزيمة ولا أدل علي هذا من شخص مثل نابليون بونابرت الذي خسرته فرنسا عندما أسلمته كل مقاليد أمورها فدخل في حروب كانت في غني عنها, بينما نجحت انجلترا وحققت تقدما اقتصاديا وسياسيا مشهودا في زمن الملك جورج الثالث الي لم يكن مؤهلا لمهمة الحاكم ولكن قوة المؤسسات الحاكمة في انجلترا قد جنبت البلاد ويلات الوقوع في مشكلات كما حدث في فرنسا.
وأما فترة التمدن والتحضر الأوروبي فقد تحققت بتعرف أوروبا علي تفاصيل الحضارة الاسلامية
ولكن الرغبة في التعليم بالاضافة إلي وجود تنظيمات سياسية مؤسسة علي العدل رجحت كفة التحضر الأوروبي.
وفي النهاية تبقي هذه الرؤية صادرة من رجل كان موظفا في الدولة ويريد برغم التصاقه بمقعده الحكومي أن يقدم وصاياه إلي بلده.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.