اخذت احدي المؤسسات العلمية التي تدعم البحث العلمي وتشجيع الباحثين, بمعايير تقييم علمي, وقد سعدت كثيرا بإعلانها المنشور بالأهرام يوم24 يونيو2011 عن تقديم جوائز مالية عن أحسن الأبحاث المنشورة في عام2010 وجائزتين قيمتين للبحثين الأكثر مرجعيةmostcited( أي الأكثر استشهادا بها في بحوث تالية), وكذلك تقديم دعم مالي لطلاب للبحوث المتميزين مساهمة منها في اشتراكهم في مؤتمرات علمية دولية. وقد ورد بالإعلان ذكر أسماء معايير علمية جديدة بعض الشيء علي المجتمع العلمي في مصر لتقييم البحوث وهي: اولا: معامل التأثيرimpactFactor للمجلة العلمية التي نشر فيها البحث المقدم للجائزة, تحسب بمعادلة لا مجال لتفصيلها, وكلما زادت قيمة معامل التأثير للمجلة ارتفعت قيمته وأهمية هذه المجلة والبحوث المنشورة فيها, وعلي سبيل المثال المجلتان الأكثر شهرة في مجال العلم هما مجلة نيتشرNature ومعامل تأثيرها نحو63, ومجلة سينسScience ومعامل تأثيرها نحو36 والمعاملان يختلفان بالطبع من عام إلي آخر. ثانيا: عدد مرات المرجعية للبحث( أو عدد مرات الاستشهاد به) في بحوث تاليةCitations, وكلما زادت قيمة هذا المعيار ارتفعت قيمة البحث وأهميته. ثالثا: معامل هيرشH-Index نسبة إلي اسم العالم الذي اقترحه. وهو يقيس مدي انتاجية الباحث في مجال تخصصه و تأثيرها علي هذا التخصص. وبهذه المعايير تتحول القيم للبحث إلي قيم رقمية. فبدلا من القول ان هذا البحث ممتاز أو جيد أو ضعيف, يحسب عدد مرات مرجعيته معبرا عن قيمته, وهذا ما ينطبق ايضا علي مستوي المجلة التي نشر بها البحث وعلي انتاجية الباحث. وقد لقيت هذه المعايير اهتمام بالغا في باديء الأمر, ولكن سرعان ما وجه إليها الكثير من النقد من جهات علمية عالمية لأسباب مختلفة منها. 1 انها تعتمد علي حسابات يقوم بها الكمبيوتر وهو آلة قد تخطئ وخصوصا في حالة الباحثين الذين تتشابه اسماؤهم, ومنها أسماء شائعة مثل محمد وأحمد وعلي وغيرها, وقد سجلت بنفسي هذا الخطأ في حالة باحث تقدم إلي احدي الجوائز. 2 ان هناك عدة قواعد معلوماتDataBases تقوم بحساب قيم هذه المعايير مثل سكوبس, جوجل, ويب أوف سيانس, ويب أوف نوليدج وغيرها, وكثيرا ما تقدم نتائج مختلفة لنفس المعيار الواحد. 3 يؤخذ علي نظام عدد مرات المرجعيةCitations للبحث ان بعضها يكون بالسالب, أي أن يستشهد به علي سبيل الطعن أو النقد في الهدف او الطرائق المستخدمة في البحث وغيرها, ويحسبها الكمبيوتر بالموجب, كما يؤخذ أيضا علي معيار عدد مرات المرجعية, ما يسمي بالمرجعية الذاتيةCitationself الذي يتضمن استشهاد الباحث نفسه أو تلاميذه ببحوث سابقة له وهذا يؤدي إلي زيادة غير مستحقة في قيم هذا المعيار. 4 أن هناك تخصصات ذات طبيعة محلية أو اقليمية مثل الجيولوجيا, وهو الأمر الذي لا يقلل من أهميتها العلمية, ولكن لا يشار إليها غالبا في المجالات العالمية. 5 ليس من الإنصاف ان يقارن معيار عدد مرات المرجعية في بحوث تنتمي إلي مجالات علمية متباعدة. فكيف يمكن أن أقارن بين بحوث في المناعة أو في البيوتكنولوجي أو الزراعة أو الفيزياء, أو الرياضيات أو الكيمياء أو الهندسة, ولكل بحث هدفه وزمنه والجهد المبذول فيه, اعتمادا علي حسابات رقمية تقوم بها آلة صماء تقوم بالتسجيل ودقة ولكن بلا وعي أو عقل, ولعلنا نتذكر في هذا المقام الترجمات العربية الركيكة التي يقوم بها الكمبيوتر. 6 تنحاز هذه المعايير إلي اللغة الانجليزية وتهمل البحوث التي تنشر بلغات أخري مثل الفرنسية أو الاسبانية أو الصينية أو العربية التي قدلا تقل أهميتها عن تلك التي تنشر بالانجليزية. والجدير بالذكر في هذا الشأن أن تقارير العديد من الهيئات العلمية في أوروبا وأمريكا تنتقد استخدام هذه المعايير فقط في التمييز بين البحوث أو الباحثين وتؤكد انه لا غني عن أن يقيم محكمون متخصصون المستوي العلمي لكل بحث علي حدة و من هذه الهيئات النافذة: 1 لجنة العلوم والتكنولوجيا التابعة لمجلس العموم البريطاني عام.2008 2 الاتحاد الأوروبي للمحرر العلمي.2007 3 المؤسسة الألمانية للعلوم.2010 4 المؤسسة الوطنية للعلوم بأمريكا. وفي ضوء ما سبق فإنني اتقدم بالمقترحات التالية: 1 أن يكون الاعلان عن الجوائز في مجالات محددة تتابع من عام إلي آخر, كما هو الحال في جائزة الملك فيصل و جائزة الكويت للتقدم العلمي وغيرها. 2 ان تفحص البحوث المقدمة بواسطة محكمين متخصصين ويقيم كل بحث بقيمة محددة تضاف إلي قيم المعايير العددية السابق ذكرها.