قضية الابتكار وبراءات الاختراع هي القضية الحقيقة والتحدي الأكبر والاعظم في مصر وليست إنتاج ابحاث علمية في الجامعات والمعاهد والمراكز البحثية بالإضافة إلي الحاجة القصوي الي مناخ جيد للعلوم والتكنولوجيا فلدي مصر بحث علمي حقيقي ولكنه ناقص لا يتحول ابدا الي منتج يساعد في التنمية حتي نشره في الدوريات العالمية ذات معدل التأثير ضعيف.. فكيف تكون لدينا منظومة للعلوم والتكنولوجيا في مصر واستراتيجية للوصول الي مجتمع المعرفة. في حوار شامل وصريح حول هذه القضية مع الدكتور هاني هلال وزير التعليم العالي والدولة للبحث العلمي اجاب علي جميع الأسئلة والاستفسات مؤكدا أن حالة البحث العلمي والابتكار وبراءات الاختراعات أفضل في السنوات الأخيرة عما كانت عليه ولكنه ليس ما نأمله ونشهده في المرحلة المقبلة وأن الوزارة لديها رؤية لمجتمع علمي يقدم حلولا علمية وعملية لمشكلة المجتمع ويدفع خطط التنمية باقتصاد مبني علي المعرفة وكذلك رسالة لدفع الابتكار والابداع من خلال خلق جو من المنافسة العلمية المبنية علي التميز لزيادة معدل الاقتصاد الوطني وإعداد قاعدة علمية وتكنولوجية فاعلة لها مكانة دولية. ** يري البعض أن هذه الافكار والاطروحات والاستراتيجيات مجرد حبر علي ورق ولا ترتقي إلي الواقع الحقيقي الذي يفيد المجتمع؟ * الوزير: لدينا استراتيجية جديدة للعلوم والتكنولوجيا في مصر مجلس الوزراء الاسبوع الماضي وهي امتداد لبدء عمل منظومة جديدة بالفعل بدأت عام2006 حددت عناصر القوة والضعف وبدأنا بالفعل في المرحلة الأولي منها لحالة البحث العلمي تمت الهيكلة بإنشاء المجلس الأعلي للعلوم والتكنولوجيا والصندوق وعمل مبادرات للانتماء والشراكة وبرامج للبحوث والتنمية والابتكار وهي مرحلة تستمر حتي2016 لأنها تحتاج إلي اصلاحات عديدة وتم الاتفاق علي المشروعات القومية السبعة ذات الأولوية وهي الطاقة الجديدة والمتجددة وتحلية المياه والموارد المائية والعلوم الحياتية والغذاء والزراعة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتغير المناخ والعلوم الاجتماعية والانسانية وتحديد آليات التمويل من صندوق العلوم والتنمية التكنولوجية والشراكة من الدول المتقدمة والمنح الوطنية وتم إعداد المبادرة القومية لتنمية الابتكار ورفع الوعي القومي باهمية العلوم ولكن مناخ العلوم والتكنولوجيا في مصر يحتاج إلي تنمية الموارد البشرية وايجاد التمويل وتعزيز ثقافة المجتمع العملي وانشاء دورات الابتكار معا وايجاد حلول لمقاومة التغيير بالإضافة الي ضرورة إيجاد تشريع جديد للمنظومة. ** ولتحقيق التطوير المنشود ويشعر المجتمع العلمي والمواطن العادي إن هناك تغييرا.. ماذا يتطلب ذلك ومتي؟ * الوزير: يحتاج ذلك ما تؤكدة الاستراتيجية الجديدة وسنعمل عليه بوضع نظم جديدة لإختيار الباحثين بحيث يكون الاختيار محصلة عوامل التفوق العلمي والتواصل المستمر بين المؤسسة البحثية والباحث بالتعرف علي المشاكل والمساعدة في حلها وإيجاد توازن بين البحوث الاساسية والبحوث التطبيقية والتسنيق بين التقدم العلمي والبناء الاقتصادي ووضع السياسات للأستفادة القصوي من الاستثمار في البحث والتطوير وتوفير الحماية القانونية للامتيازات والاختراعات ونتائج البحث العلمي وكفالة حقوق الباحثين وكفالة نشر نتائج البحث العلمي والتنويه بجهود الباحثين والدفاع عن حقوقهم في الخارج وكذلك تمويل الابتكار والتسجيل الدولي لبراءات الاختراع والابتكارات الوطنية ووضع الآليات والحوافز لتشجيع القطاع الصناعي والمجتمع علي الاستثمار في الابتكار وذلك كله يأتي من خلال تعديل تشريعي بآليات مرنة ثقافة مجتمعية. ** ولكن كيف يمكن تنفيذ ذلك في ظل نظام اداري يفتقد الي الكثير وهروب مستمر من العلماء وعدم اكتمال دورة الابتكار والوقوف فقط عند إنتاج ابحاث؟ * الوزير: كفاءة النظام الإداري تعيننا بشكل كبير بالفعل هناك ارتفاع كبير في إعداد الاداريين وانخفاض كفاءتهم وهو معوق رئيسي في إدارة مؤسسات البحث العلمي وسوف نضع أسسا جديدة لاستخدام العدد الأمثل من الاداريين وإنتقاء العناصر المتميزة بالمنظومة وتكليفهم بتنفيذ خطة العمل بالإضافة الي ايجاد الدعم اللازم لدفع عملية الانتاج حيث إن هناك إجزاء من المنظومة تصل في إطار تشريعي حكومي مقيد لذلك سيتم تحرير المراكز البحثية من القوانين الحاكمة المقيدة والسماح بالشراكة مع القطاع الخاص وغياب الارتباط بين البحث العلمي والصناعة أدي إلي توقف دورة الابتكار والوقوف بالفعل عند النشر العلمي القليل واصحاب المنظومة بالشلل. ** جمود اللوائح والتعليمات المالية تعطل تحقيق الابتكار الذي يحتاج إلي مناخ يتسم بالمرونة؟ * الوزير: سنعمل علي تحرير مؤسسات العلوم والتكنولوجيا من القيود المفروضة علي المؤسسات الحكومية مع طرح فكرة أن الابتكار بطبيعته غير مضمون الا في حالة توافر الاحتياج والدوافع والسماح بتأسيس كيانات جديدة تتسم بالمرونة وتسعي الي تصنيع منتجات لتكملة دورة الابتكار وانشاء صناديق رأس المال المخاطر لمنح الحرية الكاملة للباحثين للابتكار والسكار بالانشطة التي تدر عائدا يعاد ضخه لخدمة أهداف العلوم والتكنولوجيا مع وضع أسس الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص. ** هناك فقدان ثقة متبادلة فالمستثمرون لا يشعرون باهمية الدور الذي يؤديه البحث العلمي والباحثون لدعم احباط نتيجة عدم اهتمام الدولة بدورهم؟ * الوزير: بالفعل هناك غياب لتنظيم يساعد علي وجود المشاركة الفعالة للقطاع الخاص في التحويل وعدم وجود هذا التنظيم سيؤدي إلي مزيد من الضمور في هيكل البحث العلمي وتآكله ويتطلب ذلك من خلال منظومة البحث العلمي وإنشاء شراكات مع جهات غير حكومية ** وحول تنمية الموارد البشرية في قطاع البحث العلمي.. ماذا يمكن للمنظومة الجديدة أن تقدم في ظل هذه العراقيل والمشاكل؟ * الوزير: أولا تفعيل الاحتكاك الدولي لرفع قدرات الباحثين والاهتمام بالبرامج التدريبية الداخلية والخارجية وتأهيل الكوادر العلمية المطلوبة للمنظومة من خلال البعثات ووضع عدد من الآليات التي من شأنها تعزيز الأسلوب التنافسي بانشاء المنتديات العلمية ومراكز التميز وإنشاء التجمعات الصناعية والتكنولوجية القائمة علي الابتكار والسماح للقطاع الخاص بإقامة مراكز للعلوم والتكنولوجيا والبحث العلمي بالإضافة إلي إنشاء كادر خاص لهيئات البحوث يعتمد في جوهره علي ما يقدمه الباحث من مخرجات البحث العلمي وايجاد تسمية جديدة للباحثين تكون رئيس مجموعة بحثية أو باحث أول وباحث ومساعد باحث وإضافة عناصر أخري الي قواعد الترقية بالمراكز والمعاهد البيئية بتسجيل براءة اختراع دولية واحدة علي الاقل عند الترقية للدرجة الأعلي والتعاون مع الصناعة والانتقال للعمل بها فترة زمنية والتمويل الذي يحصل عليه الباحث من خلال التعاون الدولي في الابحاث العلمية وتعزيز الأسلوب التنافسي داخل المنظومة حيث إن أسلوب اختيار أعضاء هيئة البحوث لا يتم باختيار انسب العناصر لذلك من الضروري وضع نظام الاختيار للباحثين بتطبيق عدد من عوامل التفوق العلمي وتطبيق نظام التعاقد وليس التعيين علي أن يتم التقييم الدوري للباحثين حتي يمكن ايجاد سياسات لتشجيع الباحثين ولا يحبط المتميزين. ** المجتمع منزعج جدا من هجرة العقول المتميزة الي الخارج والمناخ الذي يعيشونه في مصر سواء داخل الجامعات او المعاهد والمراكز العلمية.. ماذا يمكن أن تفعل الوزارة؟ * الوزير: هناك اسباب متعددة لهجرة العقول منها سيطرت القيادات لاجراء البحوث لصالحها أو الضغط لتوزيع جزء من عوائد المنح والبحوث علي من لا يعملون بها بالإضافة الي ضعف القوة البشرية المطلوبة لخدمة قضايا المجتمع مع وجود خلل في التوزيع العمري للباحثين والذي يتطلب من الوزارة من خلال المنظومة الجديدة والتي حددتها وشخصتها بضرورة خلق مناخ يساعد العناصر المتميزة علي البقاء بالتغلب علي المشاكل والصعوبات التي تواجهها حتي وان كانت شخصية وتوفير الحياة الكريمة لهم داخل الوطن حتي لا تخلو الساحة تدريجيا من العناصر البشرية القادرة علي البحث العلمي المتميز والاهتمام ببرامج التأهيل ووضع نظام مرن لاختيار العناصر المناسبة وتوفير المناخ الملائم لاداء عملهم وبناء قاعدة عريضة من هؤلاء المتميزين ليكونوا الاغلبية القادرة علي تنفيذ سياسة العلوم والتكنولوجيا والابتكار وأضاف الوزير أنه لا يمكن أن ننسي أيضا ضعف العائد المادي للباحث والذي يدفعه للسعي عن مصادر بديلة لزيادة دخله وأن هناك فردية في البحث العلمي تجعل الشباب يهربون من القيادات خاصة وأن البحث العلمي يعتمد علي شخصية الباحث وعلاقاته واتصالاته مما يتسبب في اعتراف العمل والبحث واعتماده علي سياسة تبادل المصالح والمكسب السريع لذلك نري ضرورة تشجيع العمل الجماعي من خلال تكوين فرق بحثية يرأس كل منها شخصية متميزة قادرة علي القيادة. ** المفروض أن خطة البعثات سواء الداخلية أو الخارجية تقوم بإدارة جديدة تتناسب مع تنمية الموارد البشرية؟ * الوزير: خطة البعثات تم تطويرها أكثر من مرة وتم ربطها بالخطة القومية للعلوم والتكنولوجيا والبعثات الخارجية للحصول علي الدكتوراه4 سنوات بالإضافة إلي إرسال بعثات إشراف مشترك وبعثات في صورة مهمة علمية للطب الاكلينيكي للحاصلين علي درجة الدكتوراه ومهمات علمية. مدتها من3 إلي9 أشهر ودعم المنح المقدمة للدولة طبقا للبرامج التنفيذية والبعثات الداخلية وحاليا من خلال خطة منظومة العلوم التكنولوجية يتم ارتباط الموضوعات للبعثات الخارجية بالخطة القومية وطرح البعثات علي اساس تنافس مرتبطة بمشروعات بحثية متكاملة وارسال بعثات خارجية توجه في موضوعات ترتبط بأولويات العلوم والتكنولوجيا لتكوين كوادر لمراكز تميز تنشأ بالجامعات والمراكز البحثية وزيادة البعثات. * وما الدور الذي قام به صندوق العلوم والتنمية التكنولوجية منذ انشائه.. وماذا حققت مبادرات برامج البحوث؟ * الوزير المبادرات جميعها تهدف الي إعداد جيل جديد من شباب الباحثين وقادر علي إجراء بحوث متقدمة وتنافسية علي المستوي العالمي ففي برنامج علماء الجيل القادم يحصل الطالب علي المنحة وعلي تدريب متخصص ومتقدم في المهارات الاساسية المعملية واللغة والكمبيوتر ومكافأة شهرية ألف جنيه لمدة30 شهرا مساهمة في تكاليف البحث وإعداد الرسالة وتدريب متخصص داخل وخارج مصر وحضور المؤتمرات وإتاحة الدوريات العالمية ويتم الاختيار علي أساس تنافس طبقا لمعايير منشورة علي الموقع الالكتروني وحصل169 طالبا من أوائل الخريجين علي مستوي الجمهورية علي منح لدراسة الماجستير وخلال مارس المقبل سيتم الاعلان عن100 منحة جديدة وأوضح الوزير أن صندوق العلوم والتكنولوجيا يقوم بتمويل جميع المشروعات المتفق عليها السبعة وقام بتمويل مشترك لنحو39 منحة لتبادل الزيارات الي الولاياتالمتحدةالامريكية باجمالي3.2 مليون جنيه في الفترة من2006 إلي2009 ومول8 منح لتبادل الزيارات من وإلي المانيا بإجمالي760 ألف جنيه خلال عامي2008 و2009 وبرنامج التمبس مع الاتحاد الاوروبي مول12 مشروعا جديدا خلال2009 2010 بميزانية تقريبية13 مليون يورو لدعم مبادرات الابتكار وكذلك برنامج ماري كوري( تمويل اجنبي) لدعم البحوث مع الاتحاد الاوروبي حيث تم تمويل6 مشروعات لتبادل الخبرات بمتوسط40 شهرا لكل مشروع بالاضافة إلي برنامج البحوث والتنمية والابتكار. ** ما النتائج الحقيقية لسوق الابتكار الاورو متوسطي المنعقد خلال يناير وما تأثيره في نتائج البحث العلمي؟ * الوزير: هو حدث هام جدا يقام لأول مرة في مصر والمنطقة ويلقي الضوء علي جهود إمكانيات الجهات المشاركة في حقل العلوم والابتكار وبناء روابط بين المجتمع العلمي والصناعي وإعادة ثقة هذا المجتمع العلمي والصناعي بجدوي البحوث العلمية التطبيقية للنهوض بالصناعات المحلية واتاح تسليط الضوء علي الفرص المتاحة للشراكة الأوروبية المتوسطية ونشر تعزيز ثقافة الابتكار حيث اشتراك أكثر من200 عارض وقدم عدد كبير من الطلاب عددا من الابتكارات وزاره ايضا500 طالب وكان هناك جناح مخصص لعرض المشروعات والافكار المبتكرة لطلاب الجامعات وشارك9 من الطلاب المبتكرين6 منهم من الجامعات و3 من المدارس وفاز طالب من الصف الثاني الثانوي بجائزة المبتكر الصغير لاختراعه قفاز يستطيع تحويل إشارات الاصابع للمعاق سمعيا إلي كتابة واضحة علي شاشة صغيرة معلقة علي الصدر وشارك15 مخترعا من الباحثين بنماذج مختلفة. ** هل سنجد في المرحلة المقبلة وففقا للمنظومة الجديدة حلول تعالج المعوقات التي تواجه مناخ العلوم والتكنولوجيا في مصر؟ * الوزير: المنظومة بالفعل تعمل علي إيجاد حلول لتنمية الموارد البشرية لانخفاض أعداد الباحثين بالنسبة لعدد السكان وهجرة العقول وضعف العائد المادي للباحث والفردية في البحث العلمي واسلوب إختيار أعضاء هيئة البحوث وعدم وجود سياسات لتشجيع الباحثين وتعزيز الاسلوب التنافسي داخل المنظومة وسمي الوظائف وكذلك العمل علي معالجة المعوقات الخاصة بالتمويل من نقص حكومي وغياب للتنظيم والمشاركة الفعالة للقطاع الخاص وعدم السماح بانشاء كيانات جديدة وجمود اللوائح ونظام المراقبة المالي الذي لا يتناسب مع قطاع البحث العلمي. [email protected]