نجح الفتي أحمد الشحات في تهدئة انفعالات المصريين احتجاجا علي استشهاد خمسة جنود مصريين برصاص القوات الإسرائيلية عند الحدود مع سيناء لكن هل يمكن اللجوء لأحمد اولمن هم علي شاكلته في كل مرة حتي يتم تسكين قضية طارئة علي العلاقات المصرية الإسرائيلية ومن يضمن ألا يقلده شخص وبدلا من أن يرفع العلم المصري بعد إنزال العلم الإسرائيلي يقوم بإلقاء قنبلة داخل السفارة الإسرائيلية.. (1) يتمثل الرد الحقيقي علي التحدي الإسرائيلي في عدة امور منها مثلا إقامة حياة ديمقراطية. فهذه الديمقراطية هي التي أتاحت للمصريين الفرصة في التعبير الكامل عن شعورهم بالغضب من التصرف الإسرائيلي, وثبت لكل ذي عينين أن الشارع المصري غير مستعد لأن يقبل أي إهانة. فالقضية لم تكن فقط مجرد سقوط شهداء وأبرياء بل إنها اشتملت علي عدوان و قتل وإصابة لقوات تتولي حراسة الحدود الشرقية, وعلي الرغم من أن العملية من اولها لآخرها موضع تحقيق مشترك مصري إسرائيلي إلا أن تقرير قوات الطوارئ الدولية الموجودة في سيناء حمل إسرائيل المسئولية الكاملة عن الحادث, وقال إن ما فعلته مخالفة صريحة.. هذا الغضب الشعبي إذن من الجانب المصري وتصاعده بقوة يعتبر عاملا جوهريا في إدراك إسرائيل إنها أرتكبت خطأ في حق المصريين, وأن هذا الخطأ الإسرائيلي لا داعي ولا لزوم له, فقد سارع إيهود باراك وزير الدفاع الإسرائيلي إلي إبداء أسفه, ولكن المصريين يصرون علي ضرورة الاعتذار عن الحادث.. (2) حادث استشهاد الجنود الخمسة في سيناء يذكرنا بأهمية المحافظة علي استقرار أوضاع الأمن في سيناء, ويبين بكل وضوح أنه من غير المسموح به أبدا ظهور الجماعات المسلحة اوالجماعات التكفيرية التي تأخذ سلطة الدولة بيديها, وتفرض نفسها علي الناس هناك بقوة السلاح, فمثل هذه الجماعات المسلحة هي بيئة خصبة لكي تنشا بينها جماعات ذات طبيعة إرهابية, أو أنها قد تستضيف تحت عباءتها مثل هذه المجموعات, ولا ضمان لتجنب مثل هذا الأمر الخطير إلا باستمرار فرض سطوة الدولة وسيطرتها علي الأرض في سيناء, وفي المرحلة التي نمر بها حاليا, فإن هذه السيطرة لا يمكن فرضها إلا بالقوة والعنف, ولو كنا من أول لحظة للثورة في يناير لم نهمل الاهتمام بسيناء لما كنا أصبحنا في حاجة إلي العنف, ولما نشطت عناصر من مثل هذه الجماعات التي تقوم بشن بعض الهجمات عبر الحدود المصرية والتي تؤدي إلي توتر للأوضاع نحن في غني عنه في الوقت الراهن.. علي إنه يجب أن نعلم أن الأمن الحقيقي لا يتوافر بالدبابات والجنود والطائرات.. إلخ, بل يتحقق الأمن عن طريق التعمير والتنمية, ونحن كلنا نعلم إن إقامة مدرسة أو جامعة أو مستشفي يوفر أمنا لا توفره فرقة مدرعة, فما بالك لو أنشأنا أيضا مصانع ومدنا سكنية للعمال ونوادي وقري وطرقا.. إلخ, وما بالك لو دخلت الكهرباء و المياه: هذا هو الأمن الحقيقي لأنه سيعني بذاته أن المواطن المقيم هناك يشعر بالرضا ويشعر بأنه جزء من الوطن الأكبر وأن كرامته وإنسانيته موضع احترام وعناية.. (3) أن يشعر أهالي سيناء بأنهم مواطنون مصريون لهم كل الحقوق ويتمتعون بالحرية والكرامة, هو اصل الأمن المطلوب في سيناء. ففي الظروف الحالية يتعامل الناس في مصر بكل أسف مع اهالي سيناء علي أنهم إما مهربون ومجرمون وقتلة أو أنهم إلي سبيلهم لكي يصبحوا كذلك, وهذا بالبديهة لايمكن أن يجعل اهالي سيناء يشعرون بالرضا في علاقاتهم بأهل مصر, هذه حقيقة مؤسفة وخطيرة, ويجب أن نعترف بها ونواجهها بكل صراحة.. وليس المقصود بذلك أنه يجب علينا أن نؤلف الأغاني والأناشيد التي تمتدح أهالي سيناء وتتغني بشجاعتهم ولا التمثيليات والأفلام.. إلخ, فكل هذا لم يعد ينطلي علي أحد, علينا أن نسعي بجدية لإقامة مشروعات حقيقية ترتفع بمستوي معيشة السيناويين حتي يلمسوا بأيديهم أنهم حقا مصريون وأنهم مدخل مهم لأمن واستقرار مصر. [email protected] المزيد من مقالات حازم عبدالرحمن