10 رمضان.. إرادة أمة (4) يبقي يوم العاشر من رمضان الموافق السادس من أكتوبر عام 1973 حدثا فريدا ومجدا مقيما تتذكره الأجيال العربية جيلا بعد جيل حتي تتجنب السقوط في دوائر اليأس والإحباط مهما يحدث من هزائم ونكسات ومهما يقع من تطورات إقليمية ومتغيرات دولية. يبقي يوم العاشر من رمضان حدثا تاريخيا عظيما يؤكد قدرة هذه الأمة علي أن تلم شتاتها وأن تستجمع قواها وأن تملك إرادتها لكي تصحح أي خطأ وأن تعيد ترتيب الموازين وأن تثبت أن إرادة الحياة والبقاء أقوي من كل ترسانات الأسلحة والعتاد. وفي المجمل العام فإن ما حدث في العاشر من رمضان كان بمثابة إعلان واضح وصريح بسقوط أسطورة الجيش الذي لا يقهر.. وهي أسطورة كانت قد بلغت لدي الكثيرين مرحلة اليقين الكامل خصوصا لدي أقرب الحلفاء لإسرائيل وعلي رأسهم الولاياتالمتحدةالأمريكية والدول الأوروبية وأيضا لدي التيارات الانهزامية في الدول العربية. كان الجميع وخصوصا في أمريكا لا يخالجهم أدني شك في أن الجيش الإسرائيلي بمقدوره أن يقهر الجيوش العربية مجتمعة وأن يلحق بها الهزيمة بضربات خاطفة ليضمن عدم تجاوز زمن أي حرب مقبلة عدة أيام لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة! وكانت أسباب تنامي هذا الاعتقاد لدي الأمريكيين أسباب معروفة انطلاقا من أن أمريكا- وليس أحدا سواها- هي التي ساندت عدوان 5 يونيو 1967 بالخديعة وبالدعم العسكري والتكنولوجي... وهي أيضا التي عندما ضمنت نجاح العدوان عارضت أي اتجاه داخل مجلس الأمن لربط قرار وقف القتال بالعودة إلي خطوط ما قبل 5 يونيو 1967 لتضمن لإسرائيل أن تجني ثمار عدوانها. ثم إن الولاياتالمتحدةالأمريكية- وليس أحدا سواها- هي التي أسهمت في دعم الحرب النفسية الشرسة من أجل بث اليأس في الدول العربية ودفعها لقبول الاستسلام للشروط الإسرائيلية المجحفة التي أخذت في التصاعد درجات بعيدة عقب حرب يونيو 1967 اعتمادا علي الدعم الأمريكي الهائل سياسيا واقتصاديا وعسكريا لكي يظل ميزان القوي الشامل لصالح إسرائيل. ولكن كل هذه الحسابات والرهانات سقطت وانكشفت وتعرت تماما تحت أقدام جنود وضباط مصر يوم العاشر من رمضان الموافق السادس من أكتوبر 1973 الذي شهد عبورا تكتيكيا واستراتيجيا وصنع واقعا إقليميا ودوليا جديدا ووضع خطا فاصلا بين ما كان قبل 10 رمضان وما حدث بعد 10 رمضان. وغدا نواصل الحديث خير الكلام: تخسر حقك بالعناد وتخسر الناس بالتكبر وتخسر نفسك بالغرور! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله