ياسمين حسني قال رسول الله صلي الله عليه وسلم عنه هادم اللذات ومع ذلك أوصي بذكره كثيرا حتي لا تقسي القلوب ولا ننشغل عن لقاء رب العالمين بالدنيا ومافيها من شهوات وملذات ومغريات فهل اخترت نعيم الدنيا ام الآخرة؟ أيا ما تكون اجابتك عليك ان تعرف كيف ستنتهي من الدنيا وكيف ستعيش هذه المرحلة, فالموت قيل فيه أنه مهما تعددت أسبابه فهو واحد. وعنه قال الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله: نحن موجودون منذ خلق آدم ولكننا في عالم الذر وهو عالم تنطبق عليه قوانين الموت وعندما يأتي أمر الله ننتقل من عالم الذر إلي عالم الدنيا عالم الحياة بالأسباب ونقضي فيها ماشاء لنا الله أن نقضي فيع ثم يأتي الأجل فننتقل إلي عالم الموت ثم بعد ذلك إلي عالم الحياة الآخرة وهذا هو معني الآية الكريمة( وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون)28 البقرة فالله جل وعلا كشف لنا برحمته أن الإنسان ينتقل من الحياة الدنيوية إلي الموت بطريقتين فاإنسان حينما يحتضر يري مالم يكن يراه ويعرف مصيره إما إلي الجنة وإما إلي النار والعياذ بالله. الصورتان اللتان أعطاهما لنا الله تبارك وتعالي في القرآن الكريم هما صورة المؤمن وصورة غير المؤمن وهما يغادران الحياة الدنيا إلي حياة البرزخ يقول الحق تبارك وتعالي: الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون32 سورة النحل. هذه هي صورة المؤمن وهو يحتضر تحيط به ملائكة الرحمة ويلقون عليه السلام ويبشرونه بالجنة ولذلك يكون المؤمن سعيدا منبسطة أساريره لأنه ذاهب إلي خير مما كان فيه انها ساعة بشارة ساعة يسر وساعة فرح يتمناها كل مؤمن أن يري ملائكة الرحمة ويبشر بالجنة. نأتي بعذ ذلك إلي الصورة الثانية وهي أعطاها لنا الله سبحانه وتعالي في القرآن الكريم للكافرين والعاصين لقوله تعالي: ولو تري إذ يتوفي الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق الأنفال50 وفي هذه الآية الكريمة تعرف حالة الموت عند الكافر يري ملائكة العذاب وبدلا من أن يلقوا عليه السلام يواجهونه بالضرب علي وجهه وعلي مؤخرة جسده وينذرونه بالنار وعذاب الحريق فيتمني في هذه اللحظة لو لم يولد. في هذه اللحظات يحس بالجريمة الكبري التي ارتكبها في حياته وان كل ما حصل عليه من متع الدنيا من حرام لايوازي لحظة من العذاب فيتشنج وجهه ويملؤه الغم والهم الذي لن يزول عنه أبدا ويري مقعده في النار مصير أسود يتمني أن يفلت منه ولكنه لا يستطيع فقد خمدت بشريته وانتهت فترة الاختيار بالنسبة له وأصبح لا يملك لنفسه شيئا انتهت الارادة البشرية تماما وأصبح مقهورا لأمر الله تعني كلمة البرزخ في اللغة ممر أرضي يربط بين يابسين أو أرضين أي أنه كالجسر لكن الفرق بين الجسر والبرزخ الأول من صنع البشر أما الثاني من صنع الله سبحانه وتعالي وسميت هذه المرحلة بذلك لأنها تربط بين المرحلتين الثانية والرابعة ومعروفة بس س الله: هناك أدلة كثيرة علي أن هناك حياة في البرزخ تختلف عن الحياة الدنيا في قوانينها وفيها يحيط بها وفيما يراه الانسان ويشاهده ولكن الله سبحانه وتعالي وان كان قد ستر هذه القوانين عنا إلا أنه جل جلاله قد أعطانا في القرآن الكريم أمثلة توضح لنا نواحي معينة في حياة ما بعد الموت وما يحدث فيها وأول شيء فيها أننا بقوانين الدنيا محدودون في رؤيتنا ولكن بعد الموت ترفع الغشاوة عن أعيننا لنري أشياء كثيرة مصداقا لقوله تعالي: لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطائك فبصرك اليوم حديد ق.22 وهكذا منذ ساعة الاحتضار يري الانسان مالم يكن يراه في الحياة الدنيا لأن الله يكشف عنه غطاء الدنيا فيري عالما جديدا هذا العالم موجود ولكنه لا يراه خلال رحلته الدنيوية ورسول الله صلي عليه وسلم يقول:( الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا) فالانتباه يحدث هنا لأنه رأي مالم يكن يراه وعرف أن كل ما أخبره به الله من غيب هو حقيقة واقعة وموجودة ولكنه كان محجوبا عنها.. والإنسان حين يموت يسمع ما يقال حوله ولكنه لا يستطيع أن يرد. ففي غزوة بدر وبعد ان انتهت المعركة أقبل رسول الله صلي الله عليه وسلم علي القتلي من الكفار فقال:( بئسن عشيرة النبي كنتم لنبيكم كذبتموني وصدقني الناس وخذلتموني ونصرني الناس وأخرجتموني وآواني الناس) ثم أمر بهم فسحبوا إلي قليب من قلب بدر فطرحوا فيه ثم وقف عليهم فقال:( ياعتبة بن ربيعة,ويا سيبة بن ربيعة, ويا فلان ويافلان.. هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا فإني وجدت ما وعدني ربي حقا) فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه يا رسول الله أتخاطب قوما قد جيفوا فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم:( والذي نفسي بيده ما انتم بأسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يستطيعون الجواب). وهكذا نعرف أن الميت يسمع مايقال حوله ولكنه لا يستطيع الجواب.