علي الرغم من الحكم الديمقراطي, فإنه في كثير من الأحيان تحدث هزات سياسية تعقبها فوضي داخلية وتدخلات خارجية تسفر عن حدوث مشكلة إقليمية, هذا ببساطة حال بلد تبلغ مساحة أرضه10452 كم2, البلد يتمتع بديمقراطية نيابية وتعددية حزبية وطائفية مذهبية. ولكن مع ذلك فهو بلد يعاني من مشكلات بين أغلبية وأقلية, أعطت لكثير من الدول ذريعة للتدخل في شئونه بحجة الحفاظ علي الهوية الدينية, الأمر الذي ترفضه قطاعات كبيرة فيه.. بيد أن القوي السياسية في لبنان هي المتحكم الأقوي فيه. لبنان. هذا البلد العضو في جامعة الدول العربية, في حالة صراع مع إسرائيل التي تنتهك سيادة الأراضي اللبنانية يوميا وسط صمت دولي عجيب, يؤثر في المنطقة العربية بشكل سريع ويتأثر أكثر, حتي وصفه البعض بأنه بوصلة المنطقة العربية.. ولهذا, التقينا بوزير خارجية لبنان عدنان منصور الذي تم تعيينه في حكومة نجيب ميقاتي الجديدة, وآخر منصب له في الخارجية هو سفير لبنان في طهران وخدم من قبل قنصل عام للبنان في الإسكندرية... وهذا نص الحوار: من أهم مايميز لبنان, الديمقراطية والتعددية الحزبية الا أنه يعاني دائما أزمات داخلية يعقبها توترات خارجية.. كيف يمكن للوضع أن يهدأ لبلوغ حد الاستقرار والنهوض بهذه الأمة من جديد؟ { منذ استقلال لبنان عام1943 وحتي اليوم ونحن نتبع النظام الديمقراطي البرلماني, والدستور اللبناني كفل الحريات كلها بشكل واسع, ومن هنا نجد داخل مجلس الشعب الأكثرية والأقلية, فمن يملك الأصوات الأكثر داخل البرلمان هو من يشكل الحكومة, لكن أحيانا تنتقل الأكثرية الي الأقلية, أو العكس بالعكس, لتتشكل في النهاية حكومة وحدة وطنية, لكن في السنوات الأخيرة وتحديدا بعد مقتل الرئيس الشهيد رفيق الحريري, حدث زلزال سياسي في لبنان لا أحد يختلف عليه, ولايزال يؤثر حتي اليوم علي مجري الحياة السياسية اللبنانية, هذا الحادث ولد تجاذبات خارجية تتعاطي مع الشأن اللبناني تنعكس علي الأطياف السياسية والحياة داخل لبنان. القاسم المشترك في تصريحات أغلب الساسة, هو المطالبة بالحرية والعدالة الاجتماعية.. إذا أين تكمن المشكلة الحقيقية؟! { كل الأطياف تنادي بالوحدة الوطنية والعدالة في لبنان وكل دول العالم, وإذا تتبعت الحياة السياسية بها ستري ان الاغلبية والأقلية يلتقون علي هدف واحد هو الأمن والوحدة الوطنية للبلد, فهذا الشيء لا يختلف عليه أحد, لكن أحيانا الأسلوب يختلف بين فئة وأخري. حتي إذا ما وصل الي حد التخوين؟ { عملية التخوين أصبحت مسلكا غير مقبول, فالاعتراض علي الأفكار السياسية بين شخص وآخر لا يسمح لأحد أن يوجه للآخر اتهامات أو إساءات, فالديمقراطية الحقيقية يجب أن تتحلي بفكر واع ومسلك مميز. في ضوء اختلافات كثيرة جدا في الأفكار داخل أروقة البرلمان لنيل حكومة نجيب ميقاتي الثقة.. كيف تتوقع الفترة المقبلة؟ { علي الرغم من وجود معارضة, فلا أتصور وجود خلافات في العمق حول ما تناوله البيان الوزاري للحكومة, فهل أحد يتنكر أو يقول يجب ألا يتضمن البيان بند المجال الاقتصادي مثلا أو التعليمي, بالطبع لا لذا ما أريد قوله هو أن الأفكار الموجودة في البيان الوزاري الحالي هي ذاتها الموجودة في بيان الحكومة السابقة, فعلي المعارضة أن تكون بناءة ففي الدول المتقدمة نجد المعارضة رقيبا علي الحكومة وأشبه بحكومة الظل! علي الرغم من الخروقات الإسرائيلية للأجواء اللبنانية, وضرب تل أبيب بقرارات الأممالمتحدة عرض الحائط فإنكم قد صرحتم بأن ضد الحدود البحرية الإسرائيلية, فهل تري أي نفع من هذا الإجراء الدبلوماسي؟ { لدينا مشكلة الآن وهي ترسيم المنطقة الاقتصادية الخالصة, هذه المنطقة يحيط بها ثلاث دول لبنان وقبرص وإسرائيل, وقد قمنا بترسيم: حدودنا مع قبرص ووقفنا أمام نقطة علي أساس التكملة لأن هناك طرفا ثالثا في الموضوع وهو إسرائيل, طلبنا من الأممالمتحدة مساعدتنا علي الترسيم بيننا وبين إسرائيل إلا أنها لم تجب, ثم طلبنا من قوات اليونيفيل الذي اعتبر بدوره انه ليست له هذه الصلاحية للترسيم, وإذ نفاجأ ان قبرص وإسرائيل يرسمان الحدود مع بعضهم البعض, ليجيء هذا العمل علي حساب لبنان, باقتطاع جزءا من هذه المنطقة للبنان وتضم آبارا للنفط والغاز غنية جدا, هنا وفقا للقانون الدولي عندما تكون منطقة ترتبط بعدة دول, لا تستطيع دولة أو اثنتان ان تنفرد بقرار علي حساب الدولة الثالثة, ومن ثم فنحن لن نترك الأمور علي ماهي عليه, لأن ماقامت به إسرائيل بمثابة الأمر الواقع ونحن نرفضه, وسنستخدم الأساليب الدبلوماسية والسياسية لذلك فسنلجأ للأمم المتحدة عندما نجهز الملف الكامل للنظر في هذا الأمر! ألا تري أن لبنان قد تأخر في ترسيم هذه الحدود بعض الشيء؟ { ربما تأخر, ولكن هذا لا يعطي الحجة أن تقوم دولة من الدول بترسيم حدودها علي حساب لبنان. هل جري حديث بين الخارجية اللبنانية وبين قبرص في هذا الشأن؟ { نحن اعترضنا علي قرار قبرص, وقلنا أن هذا الترسيم جاء علي حساب لبنان, وأريد أن الفت النظر الي ان إسرائيل بقرارها خلقت بؤرة توتر جديدة في المنطقة تهدد الأمن والسلام, ولا أتصور أن الشركات العالمية ستخاطر في العمل في منطقة متنازع عليها من الأساس. كيف تقيمون دور الأممالمتحدة في ظل ضرب تل أبيب القرارات الدولية عرض الحائط, واختراقها يوميا الأجواء اللبنانية؟ { المشكلة الحقيقية أن دول العالم تعول علي الأممالمتحدة علي اعتبار انها الراعية لحقوق الدول والبشر, ولكن للأسف نجد أحيانا من يضرب بعرض الحائط قراراتها ولا يلتزم بها, مثل القرار1701 الذي صدر عام2006 ولبنان ملتزم به منذ صدوره, وحتي اليوم ولكن اسرائيل قامت بأكثر من8 آلاف خرق بري وبحري وجوي للبنان, ومنذ2006 كان معدل الخروقات بين3 و4 ومنذ مارس وحتي اليوم بين8 و10 خروقات يوميا! واليونيفيل تسجلها ولا أحد يوقفها علي الرغم من لجوئنا للأمم المتحدة. الرئيس اللبناني ميشال سليمان قال إن لبنان لن يسمح بذلك وسوف يدافع عن نفسه.. كيف تقرأ ذلك؟ { تصريح الرئيس سليمان يأتي علي مستوي المسئولية الوطنية, وهو تصريح شجاع وواضح, ويعبر عن حق لبنان, فرئيس الجمهورية هو الحامي للوطن, وقد قال فعلا بوضوح من أن لبنان سيدافع عن حقه بكل الوسائل المشروعة والمتاحة, والمؤكد اننا سنلاحق إسرائيل في المحافل الدولية وسنلزمها علي تنفيذ ماتصدره الهيئات الدولية من قرارات عندئذ سنتسلح بهذا الحق وندافع عنه. هل تتفق مع ماينادي به البعض بضرورة أن يأخذ الشعب السوري حقه في تغيير نظامه؟ { التغيير هو سنة الحياة, عندما يكون بصورة ايجابية فلا أحد ضده, في سوريا, تفهم النظام والمسئولين رغبات الشعب السوري ولم يتنكروا لهذه المطالب والاصلاحات, ولكن عندما تأخذ الأمور منحي غير المنحي الذي يراد منه الاصلاح فهذا شيء خطير ونحن نعلم أن هناك تدخلات خارجية حصلت, فكانت سوريا مستهدفة, وأنا أقول هنا أن أمن سوريا من أمن لبنان والعكس صحيح, فنحن نريد الاستقرار لسوريا ولا نريد لها الفوضي مطلقا. النظام السوري ابدي كل استعداده وقام بالاتصالات مع كل الأطياف السياسية والفئات التي تطالب بالإصلاح, ولكن أعمال العنف التي يقوم بها البعض من الداخل أو الخارج ضد السلطة المركزية والجيش السوري أمر غير مقبول, ويعني أن هناك من يريد ابعاد سوريا عن دورها العروبي وخطها المقاوم. لايزال للبنان تحفظ علي فتح قنوات دبلوماسية مع ليبيا الآن ومع الثورة الحالية هناك هل أنتم علي استعداد لفتح علاقات مع المجلس الانتقالي الحالي هناك, أم أنكم متمسكون بمعرفة الحقيقة وراء اختفاء موسي الصدر فقط؟ { ليبيا بلد عربي وعضو في جامعة الدول العربية ولدينا علاقات دبلوماسية معه علي مستوي القائم بالأعمال, وبطبيعة الحال فإن النظام الجديد الذي سينبثق بعد هذا المخاض سيكون للبنان علاقات دبلوماسية طبيعية معه.