السنجة...! اتصلت بي قارئة تسألني عن السنجة التي أصبحت تقرأ عنها في الخناقات ويحملها البلطجية في غزواتهم؟ استغنت بصديق, وهو الدكتور محمد الجوادي الذي كعادته بدأ بحكاية ذكرني فيها بالراحل العظيم جمال بدوي صاحب الأحاديث التاريخية التي كان يرويها, خاصة في شهر رمضان بطريقته الجذابة البسيطة.. وكان الراحل بدوي قد تعرض لإعتداء وقع عليه, وهو يقود سيارته في شارع صلاح سالم عام 1995 وفي حضور الرئيس السابق حسني مبارك أثار البعض هذا الحادث فسأله مبارك: إنت ماكانش معاك سنجة؟ والسنجة في الأصل كانت عبارة عن وزن من الحديد يستخدمه التجار في الميزان ذي الكفتين فيضع السنجة التي تزن أقة أو كيلو أو رطلا أو نصف رطل ذلك في كفة وما يبيعه في الكفة الأخري إلي أن ظهرت الموازين الرقمية والحساسة التي تحسبها بالجرام فقضت علي هذا النوع من الموازين. فالسنجة مقياس وزن كانت تصدره مصلحة التمغة والموازين وتذيله بخاتم المصلحة, وكان الباعة الجائلون كثيرا ما يستغنون عن هذه السنجة بما يعادلها كقطعة حجر أو أي قطعة من الحديد, ومن ثم إمتد الوصف إلي كل قطعة حديد أو معدن طويلة يمسك بها البلطجي, ويبدو أنه أصبحت هناك قطع معدنية تشبه العصي تمثل رتبة أعلي من العصاية سواء في مقام من يحملها في دنيا البلطجة أو في قوة الضربة التي تحدث من السنجة. لكن أشهر سنجة عرفتها مصر في زمن الترام كانت السنجة التي تصل بين الترام وبين السلك الكهربائي الممتد وتنقل منه الطاقة الكهربائية إلي الترام, وكانت هذه السنجة عبارة عن قضيب معدني طويل, ولهذا كان أول مايفعله المتظاهرون في سنوات الأربعينيات أشهر فترة شهدت فيها مصر اضرابات الطلبة, البدء بشد سنجة الترام فتنقطع عنه الكهرباء, وكان مجرد تعطيل ترام واحد يعطل كل عربات الترام خلفه. زمن كان للسنجة فيه فوائد في الميزان وفي تشغيل الترام وليس في الضرب والبلطجة! المزيد من أعمدة صلاح منتصر