كتب - محمد فؤاد : قضية حقوق الإنسان ومراعاتها في تعامل الحكومات مع مواطنيها تشغل المؤسسات والهيئات الدولية منذ زمن بعيد, وما من شك في أنها قضية في بالغ الأهمية ولكن هل فعلا يمكن استخدام تلك القضية من أجل تحقيق أغراض معينة بمعني إخضاع تلك الدول أو الحكومات للابتزاز بذريعة ضرورة احترام حقوق الإنسان ؟!. والحقيقة أن هناك مفهوما مغلوطا بأن حقوق الإنسان جاءت كفكرة ومبادئ من الغرب أي أننا استوردناها من هناك, وبالتالي فإن الغرب هو من يملي علينا كيفية مراعاة تلك الحقوق, وهو أمر غير دقيق, فنحن كمجتمعات شرقية لدينا من المبادئ التي تهتم بحقوق الإنسان ولكننا للأسف نتغافلها في بعض الأحيان, وهذا هو ما يجعلنا متراجعين في هذا المجال. ولكن ما سبق لا يمنع من أن مبدأ حقوق الإنسان يستخدم في أحيان كثيرة كذريعة لتحقيق أغراض معينة, وتوجد أمثلة كثيرة علي ذلك, فمثلا كم تم استخدام ملف حقوق الإنسان لعرقلة جهود تركيا للانضمام إلي الاتحاد الأوروبي برغم أنها رابع أكبر اقتصاد في أوروبا. فقد طلب الاتحاد الأوروبي من تركيا علي سبيل المثال إلغاء عقوبة الإعدام باعتبارها ضد حقوق الإنسان واضطرت أنقرة إلي أن تستجيب للطلب فجاءت بعد ذلك مطالب كثيرة مثل حقوق الأكراد والمشكلة القبرصية. وحتي هذه اللحظة لا تنتهي المطالب الأوروبية من أنقرة في هذا المجال دون أن تتقدم مسيرة الانضمام التركية للقاطرة الأوروبية. حتي إنه في آخر تصريحات أوروبية أشارت مصادر من داخل الاتحاد إلي إن المفاوضات بين تركيا والاتحاد الأوروبي حتي تنضم تركيا إليه قد تستغرق مالا يقل عن عشر سنوات. وبطبيعة الحال لايمكن وصف ذلك سوي أنه تسويف من الجانب الأوروبي تجاه رغبة أنقرة في الانضمام إلي الاتحاد الأوروبي. والغرابة أننا في نفس الوقت نجد الاتحاد الأوروبي يوافق علي انضمام دول صغيرة في اقتصادياتها وفي بعض الأحيان تعاني من مشكلات اقتصادية إلي عضويته برغم أن ذلك يمكن أن يثقل كاهل الاتحاد بأعباء مالية هو في غني عنها. وهذا من أكبر الأمثلة علي استخدام ملف حقوق الإنسان كذريعة ضد دول معينة. والحقيقة أنه برغم ذلك ففي حالات كثيرة يكون استخدام ملف حقوق الإنسان مفيدا لدول كثيرة, لأن فكرة مراجعة أسلوب تعامل الحكومة مع مواطنيها فيما يتعلق بحقوق الإنسان أمر بالغ الأهمية. وترجع أهميته في انه يضع كل دولة أمام مسئولياتها في هذا المجال. ولاشك أن الاستماع إلي تجارب دول أخري أكثر تقدما يكون مفيدا لأنه يعمق المبدأ ويقويه. كما أنه يجعل كل دولة تقف عند أخطائها وما حققته من تقدم, فتحاول إصلاح تلك الأخطاء وفي نفس الوقت تحافظ علي التقدم الذي حققته في مجالات معينة. والذي لايمكن أن نغفله أن الدول الكبري أيضا والمعروف حمايتها لحقوق الإنسان تتعرض لانتقادات كبيرة في مجال حقوق الإنسان بل يكون الكثير من تلك الانتقادات صحيحا,. فكم تعرضت الولاياتالمتحدةالأمريكية لانتقادات مثلا بسبب أسلوب تعاملها مع سجناء جوانتانامو وكذلك مازال ملف العنصرية موجودا هناك حتي الآن. وما سبق يعني أن فتح ملف حقوق الإنسان واستخدامه لتحقيق أغراض سياسية معينة أمر يحدث سواء بالنسبة للدول النامية أو ما يطلق عليها الديمقراطيات الناشئة كما يحدث أيضا بالنسبة للدول المتقدمة أو الديمقراطيات الكبيرة. والحقيقة أن فتح ملف حقوق الإنسان في حد ذاته أمر مهم لأنه يؤدي في أحيان كثيرة إلي مكاسب جيدة لمواطنين, كما أنه ينبه الحكومات إلي أهمية تلك القضية حتي لا تتناسها ولكن المهم ألا تكون أغراضه مجرد الابتزاز وليس مصلحة العامة.