خالد أحمد المطعني : لا يكف عن قراءة القرآن ويتلوه في كل أحواله, إذا سمعته يقرأ القرآن أيقنت أنه صوت موصول بالسماء تحلق حوله طيور الجنة, يأخذ عقلك وقلبك وبصرك إلي ملكوت رب السموات والأرض, إنه الشيخ محمد صديق المنشاوي أول قارئ تنتقل إليه الإذاعة لتسجل ويرفض طلبها, عندما استمع المسلمون في اندونيسيا لصوته أجهشوا بالبكاء من خشوع تلاوته. ويعتبر الشيخ محمد المولود بمركز المنشأة بسوهاج عام1920 نبتة والده الشيخ صديق المنشاوي الذي ذاع صيته في أنحاء مصر والوجه القبلي معلما وقارئا ومجودا للقرآن وله تسجيلاته النادرة في سوريا ولندن والتي تذاع حتي الآن, وعمه الشيخ أحمد السيد الذي, رفض القراءة بالقصر الملكي, فكان الشيخ محمد صديق المنشاوي نبت هذا الفضل القرآني.التحق الشيخ محمد صديق المنشاوي بكتاب القرية وعمره أربع سنوات ورأي شيخه أبو مسلم فيه خيرا كثيرا لسرعة حفظه قبل أن يتم الثامنة من عمره, فاصطحبه عمه الشيخ أحمد السيد معه إلي القاهرة ليتعلم القراءات, وعلوم القرآن ونزل في ضيافة عمه وعند بلوغه سن الثانية عشرة درس علم القراءات علي يد الشيخ محمد سعودي الذي انبهر به وبنبوغه المبكر فأخذ يقدمه للناس في السهرات والليالي وظل علي ذلك الحال حتي سن الخامسة عشرة. وعندما ذاع صيته وشهرته وحسن تلاوته وقراءته في مصر وعلم المسئولون بالإذاعة بهذه الموهبة أرسلوا إليه يطلبون منه أن يتقدم بطلب للإذاعة ليعقد له اختبار, فإن اجتازه يعتمد قارئا بالإذاعة, فرفض الشيخ ذلك وبعد محاولات كبيرة من أحد المقربين من الشيخ وبعد إلحاح شديد وافق وذهب إلي الإذاعة واستكمل تسجيلاته وظل قارئا بها منذ ذلك الوقت إلي أن توفاه الله, أما الوالد صديق فرفض الانضمام للإذاعة وقال: يكفي الإذاعة المصرية من عائلة المنشاوي ولدي محمد. كما أدي نبوغه وشهرته وصيته بين الناس إلي أن قام أحد الحاقدين له بدس السم له في بعض الطعام بإحدي السهرات, فما كان من الشيخ بعد ما عرف من الطباخ الذي أفصح عن الأمر مما جعله لا يأكل من ذلك الطعام وفي الوقت نفسه لم يفضح الذي فعل ذلك وقال: إن الله حليم ستار.كان كثيرا ما يستمع إلي الموسيقي ويحب الاستماع إلي صوت السيدة أم كلثوم ويقول إن في صوتها قوة رقيقة ونغما موسيقيا, كذلك كان يعشق صوت الشيخ طه الفشني. وحدث ذات مرة أن أحد الوزراء في عهد عبدالناصر دعاه للقراءة في حفل يحضره الرئيس عبدالناصر وقال الوزير للشيخ: سيكون لك الشرف الكبير بحضورك حفلا يحضره الرئيس عبد الناصر ففاجأه الشيخ محمد صديق بقوله: ولماذا لا يكون هذا الشرف لعبدالناصر نفسه أن يستمع إلي القرآن بصوت محمد صديق المنشاوي؟ ورفض أن يلبي الدعوة قائلا: لقد أخطأ الرئيس عبدالناصر حين أرسل أسوأ رسله. وفي عام1966 أصيب رحمه الله بدوالي المرئ, ولما علم الرئيس عبدالناصر بشدة مرضه أمر بسفره إلي لندن للعلاج علي نفقة الدولة إلا أن المنية وافته قبل سفره في20 يونيو1969 ميلادية. وكان أجر الشيخ محمد صديق المنشاوي الذي يتقاضاه علي الرغم من شهرته هو ما يعطيه له صاحب المناسبة دون أن يطلب أجرا معينا, وذلك كما عوده والده الشيخ صديق المنشاوي. وفي مسجد الزمالك بالقاهرة صدر قرار للشيخ محمد صديق المنشاوي بتعيينه قارئ سورة به وظل قارئا لسورة الكهف به حتي توفاه الله, وقد تلقي والده نبأ وفاته برضاء تام بقضاء الله وقدره قائلا: نحن نعيش كل يوم هذه الحقيقة, فكيف لا نرضي وإنا لله وإنا إليه راجعون. وقد منحه الرئيس الاندونيسي أحمد سوكارنو وسام الاستحقاق من الطبقة الأولي. حصل علي وسام الاستحقاق من الطبقة الثانية من سوريا, ولم يحصل علي أي تكريم من مصر حتي الآن.