«واتقوا فتنة ..» مع إطلالة الشهر الكريم وفى هذه المرحلة المضطربة التى تمر بها أمتنا أجد من المهم التوقف أمام الآية 25 من سورة الأنفال حيث قول ربنا سبحانه وتعالى (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) ليحذرنا ومن قبلنا وبعدنا من أن الفتنة فى المجتمع لن تضر بالظالمين فقط وإنما سوف تمتد نارها ليحترق الآخرون أيضا . والآخرون هنا بالتأكيد إضافة إلى مشعلى الفتنة هم الصامتون الذين لم يحاولوا وأدها أو مواجهتها فى مهدها بجانب أولى الأمر الذين آثروا الدلع والطبطبة إلى أن تفاقمت الأمور . إذن فالكل سوف يكتوى بنار الفتنة والنماذج من حولنا واضحة وفى أقطار عديدة وكان يمكن أن نكون جزءا من هؤلاء وأولئك لولا لطف الله سبحانه وتعالى بنا وحكمة أولى الأمر فينا ، إلا أنه قد بدا واضحا أن البعض يأبى هذا اللطف ويستخف بتلك الحكمة ، فأصبحنا نتمادى فى الخلافات والانقسامات والتشدد والتشفى ، وبإيجاز فى الفتنة ، فحق علينا قول ربنا (لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) . نحن على أبواب فتنة لم يكن لها أن تستشرى ، وإنما هى العقول القاصرة التى تجمدت أمام آفة الحقد ورغبات الانتقام، وهى الأموال الخارجية التى عاثت فى حياتنا فسادا، وهى الأجندات الخاصة التى لن تهدأ إلا إذا انهار هذا الكيان، وهى الممارسات الصبيانية التى آن لها أن تتوقف، وهى مزايدات من ركبوا موجة الثورة وحق علينا أن نكشف أطماعهم . والخطير فى ذلك السيناريو هو خصوصية مجتمعنا الذى لن ترحم فيه الفتنة صغيرا أو كبيرا، رجلا أو امرأة، صامتا أو ثائرا وذلك بحكم عوامل عديدة داخلية وخارجية، اجتماعية وطائفية فئوية وسياسية عصبية وقبلية، وهو الأمر الذى يستدعى تدخلا حاسما وآنيا لوقف كل ما من شأنه دحرجة كرة الثلج أكثر من ذلك بدءا من الانفلات الإعلامى وهو الأهم وانتهاء بانفلات التمويل الأجنبى وهو الأخطر . فلا يعقل أن نسمع على مدار الساعة تلك المقولات الملتوية التى يراد بها باطل عن التفريق فى التناول بين الجيش والمجلس العسكرى أو مشروعية الاحتجاجات والاعتصامات أمام مقر وزارة الدفاع أو أن الحصول على تمويل أجنبى لا يتعارض مع القانون والحصول على دورات عسكرية وتخريبية فى الخارج أمر طبيعى وأن على الحكومة أن تؤدى قسم اليمين فى ميدان التحرير وعلى رئيس الوزراء أن يفعل وعلى نائبه ألا يفعل، وهكذا إلى أن خرج المواطن الطبيعى عن شعوره ولم يعد أمامه سوى الخروج إلى الشارع لمواجهة الموقف بطريقته الخاصة مثلما فعل أهالى العباسية أخيرا وتلك مأساة أخرى . وبذلك فقد أصبح الطريق إلى الفتنة الكبرى ممهدا بفعل عوامل عديدة أهمها ما يحاك بالبلاد فى عواصم مختلفة بدءا من صربيا وليس انتهاء بإسرائيل، والسؤال هو: لحساب من تم جلب قاذفات ومقذوفات ال «آر.بي.جي» التى تم ضبطها أخيرا قادمة من ليبيا؟ وكم تكلفتها وتكلفة تهريبها؟ ولأى هدف كانت ستستخدم أسلحة مضادة للدبابات كهذه ؟! المزيد من أعمدة عبد الناصر سلامة