بعيدا عن الكتب التي صدرت بعد الثورة مباشرة في محاولة للإمساك بتفاصيل تلك الأيام المضيئة في تاريخ مصر قبل أن تتسرب إلي غياهب النسيان الذي تعاني منه الذاكرة البشرية. أو حتي يصيبها التحريف كالعديد من الوقائع التاريخية, يأتي كتاب جديد يحاول أن يبحث فيما وراء الثورة وكيف فعلها المصريون أخيرا بعد عقود من اليأس والخوف والخنوع والانكفاء علي الذات. يري المؤلف أن المصريين قد استلهموا روح الثورة من أبيات الشاعر الرائع أمل دنقل ا ليس سوي أن تريد.. أنت فارس هذا الزمان الوحيد وسواك المسوخ ب لتتساقط المسوخ واحدا تلو الآخر بداية من إسرائيل الذي اعتبرها المؤلف االمسخ الأول ب الذي وقف مدافعا عن نظام مبارك ثم المسخ الثاني داخلية العادلي وجهازه الأمني واستطاع الشعب هزيمة المسخ الثالث المتمثل في المنتفعين والمستفيدين من فساده أو كما أصبح اسمهم االفلولب الذين مازالوا يحاولون بضراوة لإفشال تلك الثورة و أخيرا قهر الشعب المسخ الرابع االإعلام الرسمي ب الذي كان أحد أسلحة نظام مبارك. اكيف ثار المصريون؟ ب يحاول أن يقدم إجابات لأسئلة عديدة حول الطريقة التي ثار بها المصريون وكيف خرجت وأتت ثورتهم لتبهر العالم من رحم محنة قصمت ظهورهم وكيف استطاع القمع الذي انتهجه النظام السابق أن يقتل الخوف في نفوس المصريين من خلال تسع محطات تحليلية يتوقف في أولها عند تفسير الكيفية التي خرج بها المواطن المصري من شرنقة الخوف إلي فضاء المواجهة فكانت البداية مع مقتل الشاب خالد سعيد الذي أدي مقتله إلي ظهور صفحة اكلنا خالد سعيد ب علي الفيسبوك ليتحول الفيسبوك ومن قبله المدونات إلي طوق للنجاة من شرك الإعلام التقليدي ويصبح أداة لل االتثويرب في مقابل االتنويم المغناطيسي ب الذي كان يمارسه الإعلام المصري الرسمي والخاص حيث أدرك الشباب أن الجرأة التي تتحدث بها بعض برامج التوك شو أو بعض الصحف الخاصة هي مجرد وهم وحرية زائفة سمح بها النظام ليعمق اليأس في النفوس. يبرز الكتاب كيف وظف المصريون سلاح القنبلة السكانية في مواجهة النظام البائد في مقابل ما طرأ علي النظام من أمراض أصابت كل مؤسسات الدولة بالهشاشة نتيجة لتجريف تلك المؤسسات من الكفاءات وما نتج عن زواج المال بالسياسة وتحويل الحزب الوطني من خلال ما انضم إليه من رجال الأعمال إلي شركة لها مصالح سياسية واقتصادية تحرص علي حمايتها دون أي مراعاة لصالح هذا الشعب كما يناقش الدور الذي لعبته عملية تزوير انتخابات مجلس الشعب في نوفمبر2010 في تحضير الشعب للثورة وكيف استطاع التغلب علي حرمة الخروج علي الحاكم في الوجدان الشعبي والتي عمقتها سيطرة النظام السابق علي الخطاب الديني من خلال تكريس مفهوم عدم شرعية الخروج علي الحاكم وتطبيق مبدأ السمع والطاعة حتي ولو كان الحاكم ظالما من أجل عدم شق عصا الجماعة و إشاعة الفوضي في محاولة من النظام لمواجهة الإضرابات والمظاهرات التي طالبت بالتغيير إلا أن الشعب ثار و زهد في فكرة قدرية الحاكم نتيجة لارتفاع معدلات الفساد وسوء الأحوال المعيشية فانضم له الكثير من الدعاة ورجال الدين الإسلامي والمسيحي. وكيف تم استرداد الروح المصرية أخيرا بعد تدميرها بواسطة النفاق وبث اليأس والإحباط وتكريس عشق االكورة ب المبالغ فيه بهدف غرس فكرة المشاهدة في مقابل تحجيم مبدأ المشاركة مشيرا إلي تأثير ظهور البرادعي علي المشهد السياسي المصري, و يوضح أيضا كيف تم تنشيط فكرة المقاومة في الوجدان من جديد ملقيا الضوء علي ظاهرة ا الأوباميزمب التي تشير إلي نجاح الرئيس الأمريكي باراك أوباما في الانتخابات الأمريكية الأخيرة من خلال شعاره ا نعم نستطيع ب و كيف استلهم الشعب المصري هذا الشعار وتحول من التفكير النمطي إلي التفكير الابتكاري. تأليف: د.محمود خليل- صدر عن دار روافد