رفضا للتوبيخ تقاوم بريطانيا حاليا اقتراحا اوروبيا جديدا لإقامة مقر دائم لعمليات الدفاع والأمن الأوروبى يكون مستقلا عن حلف الأطلنطي..فهذا خط أحمر بالنسبة لها, لأنه فى نظرها, يضعف التحالف التاريخي,يفصل تماما بين التخطيط الأمنى الأوروبى والتخطيط الأمريكي, ويهدد الروابط العسكرية بين جانبى الأطلنطي..وبينما فاز الاقتراح بتأييد معظم الدول الأوروبية,ظلت بريطانيا هى المدافع الأول عن أمريكا والناتو داخل الاتحاد الأوروبي, وهو نفس الموقف الذى اتخذته منذ عدة سنوات حينما فكرت فرنساوالمانيا فى اقامة نظام دفاعى اوروبى مستقل عن الناتو. ولكن لماذا يفكر الأوروبيون الآن فى الاستقلال بمقار دفاعية تحملهم نفقات لا ضرورة لها بدلا من تحسين قدراتهم الدفاعية؟ ربما هم غاضبون من التوبيخ الأمريكى المستمر لأدائهم فى المهام العسكرية التى يتولاها الناتو فى أفغانستان وليبيا.. وكانت أشد الانتقادات قسوة تلك التى وجهها لهم وزير الدفاع الأمريكى السابق روبرت جيتس الشهر الماضي, حيث حذرهم من أن التحالف مهدد بمصير مظلم بسبب البخل الأوروبى والتردد فى القتال بالصفوف الأمامية,وعدم الجدية فى العمل كشركاء فى الدفاع حتى عن أنفسهم..فأمريكا لا تعتبر الناتو مؤسسة خيرية كما قال..ولم يتردد الوزير فى مهاجمة المانيا مباشرة بسبب امتناعها عن المهمة العسكرية فى ليبيا, مبديا نفاد الصبر الأمريكي, معبرا عن ذلك بسحب فرقة من قواته فى أوروبا.. وكان لابد للأوروبيين من ابداء رد فعل حاد تجاه هذه الاساءة العلنية عبر عنها الرئيس الفرنسى ساركوزي. حالة التوتر هذه تعكس أولا حالة الضيق الأمريكى من أزمتها المالية الخانقة, وهى أزمة تعانى منها أيضا أوروبا.. كما تعكس استياء أوروبا من تهميش أمريكى لها فى ظل تحسين علاقاتها مع روسيا وسعيها لشراكة مع الصين.. ولكن يبدو أن الرئيس اوباما أدرك أخيرا أن المشكلة الأهم مع أوروبا ليست فى الأمن والدفاع, وانما فى الاقتصاد, وأن التهديد الحقيقى يكمن فى الاضطراب المالى باليونان وايطاليا وغيرهما وعدم احتواء أوروبا له, وبالتالى تأثير ذلك على المؤسسات المالية الأمريكية والأسواق العالمية, كذلك على فرص اوباما فى فترة رئاسية ثانية.. لذلك سوف يتعين عليه أن يمد يده للقارة العجوز ويساندها فى محنتها بدلا من تبكيتها ولا يزيدها أحمالا لا تتحملها.. فهى الشريك الأبقى والأضمن لأمريكا. المزيد من أعمدة سلوي حبيب