في كل مرة تعبر فيها ميدان ومسيس الذي يقع في قلب قاهرة المعز يبرهن لك هذا المكان بأنه يستحق وبجدارة أن يطلق عليه ميدان المتناقضات علي الرغم من كونه نقطة التقاء للمارة والعابرين, بل هو البقعة السحرية التي باتت بمرور الأيام بوابة الوصول ومحطة الرحيل للملايين من أبناء الأقاليم الذين يفدون إلي مصر القاهرة بلغة أبناء البندر وما أن يصلوا إلي محطة مصر حتي يهنئوا أنفسهم بسلامة الوصول, لكن سرعان ما يعتريهم قدر هائل من الضيق بل يتملكهم شعور بالغثيان لحال الميدان- الذي كان- عندما يستنشقون عبق الأتربة وعادم السيارات وعرق المارة من بشر علي اختلاف أشكالهم وألوانهم, بينما سائقو الميكروباص والتباعون تعلو أصواتهم في مملكتهم الخاصة قلب الميدان جراء حالة الانفلات الرهيب, ويشاركهم في هذا المشهد العبثي الباعة الجائلون الذين ينتشرون بطول وعرض الميدان, يبيعون كل شيء وأي شيء. عبثا تحاول أن تجد وسط ذلك المشهد خرم إبرة كي تفلت من مصير محتوم يفرض عليك في قلب الميدان الذي يقدر بأربعين ألف متر مربع, ويمر في ثناياه2 مليون مواطن يوميا ذهابا إلي أعمالهم صباحا وعودة مساء, بالإضافة إلي أن محطة مصر لوحدها والتي تضم مليون مواطن يوميا من الأقاليم, فضلا عن053 خط مواصلات علي الأقل تبدأ وتنتهي في الميادن وتقدر الخسائر الناتجة عن إهدار الوقت والجهد والبنزين فيه بنحو ملياري جنيه سنويا نتيجة الزحام الذي يأكل البشر والاقتصاد في قلب فوضي. أذكر أنه في منتصف يناير1102 وقبل انطلاق الثورة بأسبوع واحد كشف د. عباس الزعفراني- أحد المشرفين علي مسابقة تطوير ميدان رمسيس- التي نظمها الجهاز القومي للتنسيق الحضاري عن الملامح النهائية لتطوير الميدان, مؤكدا أنه سيتم تغيير مسار كوبري6 أكتوبر في المنطقة الواقعة من ملف مهمشة وتحديدا بعد كيلو متر من مرور الكوبري بغمرة ليمر بأطراف ميدان أحمد حلمي, وشارع شبرا حتي يلتحم المسار الجديد بالكوبري فوق شارع الجلاء وأوضح أنه سيتم إنشاء مطالع ومنازل مرورية في ميدان أحمد حلمي مرتبطة بالمسار الجديد للكوبري, كما سيتم عمل محور من المسار الجديد ليمر فوق خط السكك الحديدية للصعيد وصولا إلي كوبري إمبابة بكورنيش النيل, وأكد السيد الزعفراني أن مخطط التطوير يشمل أيضا إنشاء وصلة بين محور شمال الجمالية وكوبري6 أكتوبر وقال إن إزالة كوبري6 أكتوبر في المنطقة الواقعة بين ملف مهمشة وحتي شارع الجلاء ستتم بعد الانتهاء من تنفيذ الوصلة الجديدة المارة بأطراف أحمد حلمي. كل ذلك قاله الرجل في إطار القضاء علي الأزمات المرورية والزحام, ولأجل استعادة الوجه الحضاري للميدان أشار الزعفراني إلي أن الجديد في هذا المخطط وجود اقتراح بإنشاء كوبري جديد خلف كوبري إمبابة لايجاد متنفس مروري جديد للربط مع منطقة المهندسين والطريق الدائري وهو ما سبق وتقدم به الزعفراني إلي هيئة التخطيط العمراني من قبل لتنفيذه, وهذا المخطط يتضمن إزالة جميع أماكن الانتظار والمواقف والجراجات الموجودة في ميدان رمسيس ونقلها تحت الأرض, فضلا عن طرح01 أفدنة من أراضي ورش السكة الحديد بالشرابية البالغة53 فدانا للاستثمار, وذلك لتمويل مشروع تطوير ميدان رمسيس وإنشاء المحاور المرورية الجديدة علي أن يتم استغلال52 فدانا في إنشاء حديقة عامة. ولأني أثق في حماسة الرجل وجهاز تنسيقه الحضاري فأرجو أن يلقي نظرة سريعة- الآن الآن وليس غدا- علي حال الميدان التي يرثي لها في قلب امبراطورية الفوضي.. ميدان رمسيس سابقا!!