تعرض للحرمان المتواصل من النوم والتهديد خلال التحقيق معه من قبل السلطات الأمريكية وتم تقييده بالأصفاد ووضع تحت ضغط نفسي ومعاناة إنسانية كبيرة. 'هذا هو مضمون الفقرات السبع التي أصدر القاضي لورد نيوبرجر حكمه برفض حجبها من الوثائق التي تتعلق بالمعاملة التي تلقاها بنيام محمد المعتقل السابق بسجن جوانتانامو الذي تم الإفراج عنه عام2009, حيث طالب القاضي وزيرالخارجية البريطاني ديفيد ميليباند بنشر جميع المعلومات الخاصة بأساليب التعذيب التي تعرض لها بنيام محمد في أثناء الاستجوابات التي تمت علي يد الاستخبارات الأمريكية وجهاز المخابرات البريطانية الداخليةmi.5 فقد اهتمت جميع الصحف البريطانية بالحكم الذي أصدره نيوبرجر ثاني أكبر القضاة في البلاد, ونشرت صحيفة الديلي تلجراف اتهام القاضي جهاز المخابرات الداخلية ووزارة الخارجية البريطانيين بالتغطية علي تورطهما في تعذيب السجين, في الوقت الذي نشرت فيه بعض الصحف الأخري ومنها صحيفة الجارديان إنكار أجهزة الأمن البريطانيmi5 قيامها بحجب أي وثائق عن لجنة التحقيق المختصة بشأن مسألة التعذيب, حيث قالت لجنة الأمن والاستخبارات في مجلس العموم إن مدير الجهاز جوناثان إيفانز أكد أن جهازه لم يقم بحجب أي وثائق تتعلق بالقضية. قضية بنيام محمد شغلت الرأي العام نظرا للحساسية التي تطرحها من خلال مراقبة عمل الاجهزة الامنية, فقد نقلت صحيفة التايمز البريطانية تصريحا لكيم هويلز رئيس لجنة الاستخبارات والأمن المكلفة من الحكومة بمراقبة عمل الأجهزة الأمنية تحذيراته للمحاكم ووسائل الإعلام من أي سلوك قد يؤدي إلي مساعدة تنظيم القاعدة وأعرب عن تخوفه من أن تصبح المحاكم البريطانية ميادين قتال جديدة في الحرب ضد القاعدة. ومابين شعور بعض المسئولين البريطانيين بالتخوف من حكم القاضي وإنكار الأجهزة الأمنية أي صلة لها بالتعذيب تم الكشف عن وثيقة تضمنت تفاصيل معاملة محمد بعد تسليمه إلي أفغانستان والمغرب, وهي معاملة وصفها التقرير الأمريكي بقوله إنها كانت علي أقل تقدير قاسية وغير إنسانية ومهينة, وتحدثت المعلومات عن الضغط العقلي الذي عاناه محمد(31 عاما) نتيجة حرمانه من النوم والأكل ولكن التهديد بإخفائه بعد ترحيله المحتمل من الولاياتالمتحدة كان له أكبر الأثر في تدهور حالته الصحية والنفسية. وفي الوقت الذي أعربت فيه الحكومة البريطانية عن قلقها من أن يؤدي كشف التقارير المتعلقة بالمواطن البريطاني' بنيام محمد' بشكل كامل إلي جعل الولاياتالمتحدة أقل استعدادا لتبادل المعلومات المخابراتية مع لندن ويضر بالتالي بالأمن القومي لبريطانيا, جاء رد المحكمة قاطعا بأن هناك مصلحة عامة'طاغية' في الكشف عن هذه المعلومات معتبرة عدم وجود خطر حقيقي يجعل الولاياتالمتحدة في حاجة إلي إعادة النظر أو تقليص تعاونها الاستخباراتي مع بريطانيا بموجب هذا الحكم! ولكن يبدو أن الرياح جاءت بما لا تشتهي السفن, ففور صدور الحكم سارعت الولاياتالمتحدة بالتعبير عن استيائها إزاء القرار الذي أصدره القضاء البريطاني وقال البيت الأبيض في بيان له' إننا أصبنا بخيبة أمل كبيرة لحكم المحكمة لأننا كنا تقاسمنا هذه المعلومات بكل ثقة, مضيفا أن هناك سرية في تبادل المعلومات الاستخباراتية بين الولاياتالمتحدة وبريطانيا إلا أن بيان البيت الأبيض أكد في الوقت نفسه أن لندن تظل شريكا أساسيا في الجهود المشتركة لوضع حد للإرهاب وأي تهديدات أخري تطول الأمن القومي, وهو ما أكده ميليباند وزير الخارجية البريطاني لنظيرته الأمريكية كلينتون, حيث قال إن الحكم لن يؤثر علي علاقة الشراكة الاستخبارية الفريدة بين البلدين. وكان محمد الإثيوبي الأصل الذي هاجر إلي بريطانيا عام1994 قد اعتقل في باكستان عام2002 علي خلفية اتهام مسؤولين أمريكيين له بالتخطيط لتفجير' قنبلة قذرة' مشعة في الولاياتالمتحدة والتآمر مع أعضاء من القاعدة لارتكاب عمليات قتل وإرهاب. وقد تم إسقاط كل هذه الاتهامات في النهاية. ووفقا لروايات محاميه قال محمد إن المسئولين الأمريكيين نقلوه إلي مقر تابع لوكالة الاستخبارات الأمريكية في أفغانستان ليتعرض للتعذيب بانتظام قبل أن ينتقل إلي جوانتانامو في سبتمبرعام2004, وأضاف أنه أصبح غير قادر بدنيا أو عقليا علي مواجهة الإعلام ولكنه أكد في بيان نشره محاموه كيف أنه خاض تجربة لم يكن يفكر أبدا في انه سيشهدها في أشد الكوابيس قتامة. وأضاف قبل هذه المحنة.. كان التعذيب كلمة مجردة بالنسبة لي. لم يكن بوسعي تخيل أنني سأكون ضحيته. من الصعب بالنسبة لي التفكير في أنني سأتعرض للخطف وأنقل من بلد الي آخر.. كل ذلك دبرته الحكومة الأمركية, لاأريد الانتقام بل إظهار الحقيقة فقط!