لتف حوله الناس منذ يوم25 يناير وحتي اليوم مثل هدف التغيير الذي لم يسجل إجماعا وطنيا كاسحا فحسب, وإنما كان هو الهدف الوحيد من أهداف الثورة الذي لم يدخل دائرة الجدل كأولوية وغاية وإن تباينت الرؤي حول الوسائل والآليات. لا أظن أن هناك هدفا ولأن هدف التغيير كان واضحا ومحددا في نفوس الحالمين بالتغيير, وهو تهيئة الوطن لمواجهة تحديات واستحقاقات مرحلة جديدة فإن السؤال الضروري هو.. ثم ماذا بعد؟.. وإلي أين نحن ذاهبون؟ قد يكون صحيحا أن نقول: إننا أمام تحديات سياسية واجتماعية واقتصادية رهيبة, وبالتالي فإن تركيزنا سوف يكون علي البناء الاقتصادي السليم الذي يمكننا من حماية البناء الديمقراطي وترسيخ البعد الاجتماعي... وذلك بالفعل قول صحيح لكنه لا يعبر عن كل الحقيقة, وإنما يعبر فقط عن الهدف النهائي والأخير من مجمل العمل الوطني المطلوب لمجاراة المتغيرات في مرحلة ما بعد الثورة. أريد أن أقول بوضوح: إن أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي هي مردود البناء الاقتصادي السليم تحتاج إلي أن يسبقها أولا إنجاز الهدف الأهم وهو هدف التنمية البشرية.. وعندما نتكلم عن التنمية البشرية فإننا نعني تطوير التعليم وترشيد البحث العلمي وتوسيع البعد الثقافي والإعلامي والروحي والارتقاء بالسلوك الإنساني.. إلخ. لعلي أكون أكثر وضوحا وأقول: إننا إذا كنا نتحدث دائما عن رأس المال المطلوب لمشاريع التنمية والاستثمار بمفهوم رأس المال المادي فإن التنمية البشرية الصحيحة تستطيع أن توفر لمصر نوعا جديدا وفريدا من رءوس الأموال, وهو رأس المال البشري. إن التنمية البشرية الصحيحة لن توفر رءوس أموال بشرية فحسب, وإنما ستوفر رءوس أموال حقيقية يتم إهدارها في بعض مظاهر السلبية والإهمال واللامبالاة وعدم احترام القوانين. ومعني ذلك إننا بحاجة إلي تغيير جذري في السلوك البشري والإنساني لكي يتفق مع حلمنا وطموحنا, وفي اعتقادي أن الدعوة إلي أخذ الأمور بالحزم والجد لا تعني مسئولية السلطة فقط في إعمال القوانين وتطبيقها بصرامة.. وإنما تعني ضمير المجتمع كله وعميق يقظته المنشودة بروح الثورة التي التف حولها الجميع والتي وفرت فرصة ذهبية لصنع التغيير المنشود. خير الكلام: من الصعب أن تكبح شهواتك ومن المستحيل أن تشبعها! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله