لم يكن ما نعيشه هذه الأيام هو التجسيد الحي للفوضي الخلاقة التي بشرت بها كوندوليزارايس بمعني بعثرة كل الأوراق وإسقاط كل النظم وضرب كل القوي بعضها ببعض. إذاحتي يختلط الحابل بالنابل ولا يعود احد يعرف من مع من أو ضد من, ويصبح للدهماء أدوار لاتقل عن أدوار الحكماء.. إذا لم يكن هذا هو ما بشرت به ودعت الي ايجاد الظروف لإطلاقه تلك السيدة المطلعة علي ما تخططه أمريكا للمنطقة, ولمصلحة إسرائيل, فماذا يكون إذن؟! الحقيقة اننا لم نعد نعرف أين الحقيقة, ربما يكون العيب فينا وتكون الحقائق في الواقع ظاهرة جلية للخبراء بينما الامر برمته عصي علي التفسير لدي البسطاء أمثالنا!!. فنحن نسمع ونقرأ كل يوم تصريحات المثقفين والسياسيين وقادة الاحزاب والائتلافات, وهم لا يتفقون علي رأي, بعضهم يطالب الحكومة والمجلس العسكري بالحزم مع انفلات الشارع وغياب الامن علي المال والعرض, وبوضع حد للابتزاز وقطع الطرق وتعطيل حياة المواطنين وضرب مصالحهم, ثم عندما يستجيب المجلس العسكري للمطلب الشعبي الكاسح, ويظهر في خطابه مجرد بوادر لهذا الحزم ويبدي رفضه للفوضي, التي ثبت انها بالقطع ليست خلاقة, إذا بالمجموعة الأخري من النشطاء يعترضون, بل يهددون الجيش ويطالبون بسقوط الحكومة ويستنكرون اي ضوابط لحريتهم في التعبير عن الرأي والاعتصام وممارسة ما يرونه من الضغوط حتي لو وصل الامر الي التهديد بإغلاق قناة السويس!. ثم علي الجانب الآخر هناك من يقولون لنا ان الخسائر الاقتصادية تقدر بالمليارات كل يوم ويحذرون من تراجع مخيف في الناتج القومي, وليس مجرد توقف النمو الاقتصادي, مع زيادة الدين العام وتوقف عائدات السياحة وهروب الاستثمارات الاجنبية ما يجعلنا في مواجهة انهيار اقتصادي بينما يرد عليهم الثوار بأن هذه كلها فزاعات كاذبة, فالاقتصاد المصري بخير وعافية ويتهمون الحكومة والمجلس العسكري بالتقاعس عن استرداد الاموال التي سرقها رموز النظام وأمريكا ودول الخليج مكافأة للثوار. لاشك ان استجلاء الحقيقة يزداد صعوبة في ظل هذا الضجيج الإعلامي وطوفان التعليقات والبرامج الحوارية في عشرات المحطات والقنوات وعشرات الصحف والمجلات, وكان الله في عون المواطن البسيط صاحب الاغلبية الصامتة التي يتحدث أولئك وهؤلاء باسمها صائحين: الشعب يريد كذا وكذا دون ان يسأل احد الشعب فعلا عما يريد!!. [email protected] المزيد من أعمدة عصام عبدالمنعم