جامعة العربي! إلي كل الحالمين بجامعة عربية معبرة عن الشعوب وطموحاتها.. أحلامكم مؤجلة وربما مستبعدة, فالجامعة في عهدها الجديد- مازالت نصيرة الحكام والناطقة باسمهم, ولم تصلها بعد نسائم الربيع العربي. وإذا كانت الجامعة قد ردت علي أعمال القتل والتعذيب والقتل الجارية في سوريا منذ منتصف مارس الماضي, بالصمت التام إلا من تصريح وحيد ملتبس للأمين العام السابق, فإن الأمين العام الجديد نبيل العربي, أوضح بشكل لا لبس فيه أين تقف الجامعة ؟ اختار العربي أن تكون سوريا الدولة الثانية بعد السعودية في أول جولة له بعد توليه المسئولية, وفي ذلك دلالة مهمة لا تخفي علي أحد في ظل العزلة العربية والدولية التي يعانيها نظام الأسد, الذي لم يبق له في العالم العربي سوي بعض الأبواق الصحفية خاصة في لبنان, وهي تصف ما يجري, بأنه أعمال تخريب وتمرد تستهدف الدور السوري الممانع والداعم للمقاومة. لكن ما قاله العربي تجاوز مسألة الدلالة ليصب في دعم النظام السوري, وإلا فما معني قول الأمين العام عقب لقائه الأسد الأربعاء الماضي أنا سعيد أن الرئيس بشار أكد لي أن سوريا دخلت عهدا جديدا وتتحرك الآن علي طريق الاصلاح؟. هل من سمات العهد الجديد أن يتم اعتقال فنانين وفنانات في نفس اليوم الذي زار فيه العربي دمشق لمجرد أنهم تظاهروا في شوارع دمشق؟ أم أن تدشين طريق الاصلاح يتطلب قتل 4 متظاهرين في مدينة إدلب يوم الزيارة أيضا, وكذلك قمع المتظاهرين في ريف دمشق ودير الزور ومدن أخري خرجوا للاحتجاج, ولم يجد العربي وقتا لكي يلتقي بممثلين عنهم, كما التقي بكبار المسئولين من الرئيس إلي نائبه إلي وزير الخارجية؟. ثم إن المرء ليشعر بالأسي بل والاشمئزاز إزاء هذا التناقض الذي يمارسه عرب كثيرون تجاه ما يحدث في العالم العربي, ففي الوقت الذي يسارعون إلي رجم القذافي وعلي عبدالله صالح, وقبلهما مبارك وبن علي, فإنهم لا يفوتون الفرصة للدفاع عن الأسد ونظامه, ويثيرون الفزع من المستقبل المظلم الذي ينتظر سوريا والعرب جميعا إذا سقط, دون أية إشارة إلي الشعب السوري البطل الذي يواجه حرب إبادة سرية يمارسها النظام وشبيحته. لم تدع الجامعة العربية أو أي منبر آخر لبحث الوضع هناك, ولم توافق دولة عربية علي استضافة اجتماع للمعارضين السوريين, وتركنا الأمر لتركيا ودول أوروبا وأمريكا التي بدت أحرص علي حرية السوريين وكرامتهم منا نحن العرب, الذين لا يعنينا سوي بقاء الرئيس الشاب الممانع وأسرته وحزب البعث الخالد في السلطة وفي عقول بعضنا. طريقة التعامل مع سوريا تؤكد أن العرب الذين يشكون دائما من أن الغرب يكيل بمكيالين, هم أول من يمارس هذه الرذيلة. المزيد من أعمدة عبدالله عبدالسلام