قال الدكتور برنابا بنجامين وزير إعلام دولة جنوب السودان إن دولة الجنوب تبدأ من الصفر تقريبا فى كل شىء ،وإن كل المجالات تعد بالنسبة لها الآن أولوية . وقال : إن دولة الجنوب الوليدة ترغب فى بناء علاقات تعاون وحسن جوار مع كل جيرانها ،وفى مقدمتها دولة شمال السودان ،لكنه طالب الأخيرة بحل مشكلاتها الداخلية ،وأكد أن دولة الجنوب أصبحت تخشى تمزق شمال السودان إذا استمر فى نهجه وحله لمشكلاته بالحرب . ماهى أولوياتكم فى العمل فى الفترة المقبلة ؟ شعب جنوب السودان كان فى فرحة كبيرة لميلاد دولته ،بعد سنوات كثيرة من النضال ،قرابة ال 150 عاما ،حتى وجد حقه ،وقد كان يريد أن يكون دولة حرة ،فنحن نعتقد أن هذا شوط كبير فى تاريخ جنوب السودان ،ونحن بالطبع لدينا أولويات كثيرة ،حيث تبدأ دولة جنوب السودان من الصفر بعد حرب طويلة دمرت ماكان موجودا فيها على مدى 55 عاما ، من مبان ومدارس ومستشفيات وشوارع وقتل فيها أناس كثيرون ،فدولة الجنوب تواجه تحديات كبيرة ،وفى السنوات الست الانتقالية قطعت حكومة الجنوب شوطا كبيرا جدا، وما أنجزته فى هذه الفترة لم تعمله الحكومة السودانية فى 55 عاما ،والآن تكونت الإدارة الناجحة وحكومة الدولة والحكومات والإدارات فى الولايات العشر للجنوب ،وقد فتحنا طرقا فى جميع أنحاء الجنوب ،الذى هو أكبر من كينيا وأوغندا ورواندا وبروندى مجتمعة ،وهو أرض مليئة بالخيرات ،وقد فتحنا الطرق لشرق أفريقيا ،واليوم ممكن أن تتوجه بالسيارة من جوبا إلى كمبالا، ومن قبل كان هذا الطريق يستغرق إلى كينيا وقتا ليصل حتى مومباسا ،وطريقا ثالثا إلى إثيوبيا ،ورابعا إلى شمال السودان ،ونحن نتحدث عن الطرق لأنها مهمة جدا بالنسبة لتحرك الناس والبضائع ،وهذا يزيد حركة السوق والتنمية ،ولذا نضع ذلك فى قائمة أولوياتنا . وماذا بالنسبة للتعليم والصحة والزراعة ؟ بالنسبة لمجال التعليم ،كان لدينا عام 2005 مائتا ألف فقط مدرسة أولية ،الآن أصبح لدينا مليون ونصف المليون، حيث استطعنا ذلك فى غضون ست سنوات ،وهذا شىء عظيم جدا ،كما استطعنا أن ننشىء المراكز والمستشفيات ،وهى موجودة الآن ،ووجهنا اهتماما كبيرا للزراعة لأن أغلبية مواطنينا فى القرى، نحو 90% منهم ،وأرضنا خصبة جدا ،ممكن زراعة القهوة والشاى والفواكه والخضراوات والأرز فى كل ولاياتنا ،المياه متوافرة فى أنحاء الجنوب كله على مدى ثمانية أشهر من العام ،فضلا عن المياه المتوافرة من الأنهار،ولدينا ثروة حيوانية هائلة 12 مليون رأس من الأبقار و24 مليونا من الأغنام ،والمعادن أيضا متوافرة أيضا بكميات ضخمة فى أرض الجنوب ،ليس البترول فقط ،لكن لدينا أيضا الذهب وواليورانيوم والزنك والماس والنيكل والنحاس ،والمفروض أن نطور بعد ذلك أنفسنا ليستطيع شعب جنوب السودان بعد ذلك استغلال كل هذه الثروات ،وجذب المستثمرين لتطوير الحياة فى الجنوب ،وسيكون فى ذلك فائدة كبيرة ،ليس فقط لنا وإنما أيضا للدول المجاورة القريبة منا ،ومن بينها الدول العربية ،وعندما تسألوننى عن الأولويات فأنا أعتقد الآن أن كل شىء أولوية ،وحتى تجلب الاستثمارات نعلم فى الجنوب أنه لابد أن تكون لدينا القوانين ،التى يشعر المستثمر بالأمان وأنه لن يخسر أمواله ،وأن يكون لديه الحرية فى تحويل أمواله ،وأعتقد أن قوانينا تمنح المستثمرين مزايا كثيرة ،وسنعمل فى المرحلة المقبلة على تطويرها ، العامل الأمنى مهم ؟ نعم والتطوير الكبير هو تحول الجيش الشعبى إلى جيش قومى وتكوين الشرطة والسجون ،وقد أنجزنا الكثير خلال السنوات الست الماضية فى مجال نزع السلاح ،وهذا يسهم فى إحلال الأمن ،وبالنسبة للميليشيات التى مازالت متمردة ضد الحكومة أعلن رئيس الجمهورية عفوا عاما عنهم ،ومن ناحية النزاعات القبلية ستزول حينما تتحسن الإدارة، وهو أمر قديم لكن ضحاياه فى السابق كانوا أقل بكثير لأنهم كانوا يستخدمون الأسلحة البدائية التى لايكون ضحاياها كثيرون ،وليس مثل الآن يستخدمون الأسلحة والذخيرة ،وقد يتسبب الآن شجار بين شخصين فى مقتل مائتين ،ولذا فإن من أولويات دولتنا الآن جمع الأسلحة من أيدى المواطنين وفتح الشوارع ونشر قوات الشرطة . وماذا بشأن علاقاتكم الخارجية ؟ علاقاتنا الخارجية مهمة من أجل تثبيت الاستقرار فى دولتنا الوليدة ،وفى مقدمة هذه العلاقات علاقاتنا مع دولة شمال السودان ،فلدينا معها حدود طويلة جدا تبلغ قرابة الألفى كيلومتر ،والقبائل العربية من الرزيقات والمسيرية يدخل مليون منهم الجنوب فى ستة شهور من العام بحثا عن الماء والمرعى لمواشيهم ،وهذا سيستمر ،وأعتقد أنه من مصلحة دولة السودان الشمالى أن يستمروا فى التعاون معنا فى جميع المجالات ،التجارة وتحرك المواطنين وكيفية تنمية المناطق الحدودية ،وفى الإقليم علاقاتنا جيدة بجميع دولها أفريقيا الوسطى والكونجو وأوغندا وكينيا ,إثيوبيا ،فهؤلاء جيراننا ولدينا علاقات جيدة بهم ،وأنا أعتقد أننا سنستطيع التصدى للتحديات التى تواجهنا بمرور الوقت. مشكلة القبلية تلقى بظلال كثيفة على مجمل الأوضاع بالجنوب كيف ستتعاملون معها ؟ نحن نعطى أولوية للحكم الديمقراطى الذى يعطى الناس الحرية فى اختيار من يحكمهم ،ونأمل أن يكون لدينا فى المستقبل ديمقراطية تامة تمكننا من حل مشكلة القبلية ،لأن جنوب السودان ليس حالة شاذة عن جميع الدول الأفريقية وغيرها من دول العالم التى توجد فى كثير منها مسألة القبلية ،والتى نعتقد أنها ستحل بمرور السنين . هل تتوقع أن تكون دولة جنوب السودان دولة فاشلة كما يقول بعض المحللين والسياسيين ؟ لا ...دولة جنوب السودان لايمكن أن تكون دولة فاشلة أبدا ،لو لاحظت من عام 2005 وحتى الآن المستوى والأساس الذى وضعته الحكومة أفضل مما وضع فى بعض الدول الأفريقية ،ونحن نعتقد أنه لن توجد دولة فاشلة فى جنوب السودان ،وذلك لأننا أجرينا انتخابات حرة نجحت بدون أن تعقبها أى احتجاجات أو أعمال عنف كماحدث فى كينيا أو ساحل العاج ،وهذا يظهر أنه يوجد جو ديمقراطى ،وأيضا نظمنا الاستفتاء الذى كان الأفضل فى العالم كله ،وهذا أيضا ماحدث عند إعلان دولتنا ،رغم أن كثيرا من التوقعات تنبأت بأحداث عنف فى كل مرة ،وممثلون عن جميع العالم ومنظماته حضروا احتفالات إعلان استقلال دولتنا ،وبالتالى لايمكن أن نقول إن من بنوا ذلك خلال ست سنوات أن يفشلوا فى بنا دولتهم أو أن تصبح دولة فاشلة . وماذا بشأن الحريات الدينية ؟ أولا أؤكد أن العلاقة بين المسلمين والمسيحيين فى جنوب السودان هى أحسن علاقة ،وأفضل من دول أخرى عديدة ،ولايوجد هنا أى حالة لحرق دور عبادة أو الاعتداء على مسلم فى جنوب السودان ،ولايوجد دليل على أن أى مسلم تعرض لسوء فى الجنوب ومايقال بشأن ذلك غير صحيح على الإطلاق،ولا أعتقد أن لدينا مشكلة دينية فى الجنوب ،وإذا سألتم الشيوخ المسلمين سيؤكدون لكم ذلك ،وهناك عائلات كثيرة يوجد بها المسلم والمسيحى وأصحاب المعتقدات الأخرى . وماذا بشأن حرية الإعلام ؟ عندنا قوانين للصحافة والإعلام أجازها البرلمان وتطلق حريات واسعة للإعلاميين وللمواطنين والمجتمع المدنى ،ولم يحدث حتى فى أيام الحرب أن قتل صحفى فى جنوب السودان ،خلافا لما يحدث فى مناطق الحرب فى العالم ،وأعتقد أن لدينا بيئة سليمة فيما يخص حرية التعبير والإعلام ،وقد زار الجنوب أيام الاستفتاء أكثر من خمسة آلاف صحفى ،وكانوا شهودا على ذلك ،وبالطبع هناك خروقات واستثناءات بسيطة تحدث خلاف ذلك ،لكن لايمكن الحكم من خلالها على الوضع العام فى الجنوب. هل تلومون الإعلام العربى فى نظرته لجنوب السودان ؟ نحن نعتبر أنفسنا جزءا من العالم وما يكتب عن الجنوب ويشوه صورة جنوب السودان يكتبها صحفيون من شمال السودان ،وقد صوروا جنوب السودان وكأنه منطقة ضد العرب والمسلمين وضد العروبة والإسلام ،فهذه الدعاية المضللة كانت تصدر من بعض أفراد فى شمال السودان لم يكونوا يرغبون أن تفهم الشعوب العربية شعب الجنوب ،ونحن ندعو الصحفيين والإعلاميين فى كل الدول العربية لزيارة الجنوب والاطلاع على أوضاعه والحكم عليه بأنفسهم ،ونحن نرحب بهم جميعا ،وحينما يأتون سوف تتغير صورتهم عمن يقرأون عن بعد ما تكتبه بعض الأقلام فى الخرطوم لتشويه صورة الجنوب ،وأنا أعتقد أن صورة الجنوب تم تشويهها فى العالم العربى بسبب قلة المعلومات . ألا تعتقد أن دولة الجنوبالجديدة بحاجة إلى تحرك أو توجه أو تحرك إعلامى نحو الدول العربية ؟ نعم نسعى لذلك ونرحب بالإعلاميين من كل العالم العربى ،وستكون من الآن فصاعدا علاقات قوية جدا بالدول والشعوب العربية ،وسنشجع وجود المستثمرين للمجىء إلى جنوب السودان الغنى بالثروات ،والوجود العربى فى الجنوب سيقوى العلاقات الشعبية . وماذا عن علاقاتكم بمصربعد الثورة ؟ مصر هى الأكثر تفهما للأوضاع بجنوب السودان ،بل والأكثر تفهما لمشاعر الجنوبيين ،وهى التى بادرت منذ وقت مبكر لمساعدة وتعليم أبناء الجنوب ،فعلاقتنا مع مصر لاتتغير مهما تغيرت الحكومات ،وسنظل على علاقة قوية معها ،وكانت ثانى دولة تعترف باستقلال الجنوب . قير شوانق وزير الداخلية بدولة جنوب السودان ل«الأهرام »: لن نهدد أمن أو مصالح الدول العربية ..ولن نكون دولة فاشلة أكد قير شوانق وزير الداخلية بدولة جنوب السودان أن استتباب الأمن هو التحدى الأكبر أمام دولتهم الوليدة ،لأنه بدونه لايمكن أن يتحقق استقرار أو تنمية ،وأكد أن دولة جنوب السودان لن تكون بأى حال من الأحوال مهددة لأمن أو مصالح الدول العربية ،مؤكدا أن أبناء الجنوب لديهم رابطة تاريخية بمصر لايمكن لأحد أن يقطعها ،ومن ناحية أخرى انتقد الإجراءات التى اتخذتها الخرطوم لمنع انسياب السلع والبضائع من الشمال نحو الجنوب .
كيف تنظرون للتحديات التى تواجه دولتكم الوليدة ؟ أعتبر بصراحة أن التحديات التى تواجهنا الآن لبناء دولتنا هى أكبر من التحديات التى كانت تواجهنا فى زمن الحرب ،ورغم صعوبة الحرب على مدى 21 عاما أجد أن تحديات بناء الاستقرار والتنمية أصعب وأكبر، لأن المواطن الجنوبى يريد ويتمنى أن يصل مايريده أمس وليس الليلة ،ولذا سيكون هذا هو أكبر تحد لنا ،ويريد منا التخطيط ووضع تصورات وخطط تنموية للتجاوب مع تطلعات مواطنينا ،وتحديات بناء الدولة ،وأرى أن كل المجالات تمثل بالنسبة لنا أولوية ،الصحة والتعليم والبنية التحتية ،البلد كبير ويحتاج البنيات الأساسية ،وكثير من قرانا ومناطقنا مازالت تفتقد الخدمات الصحية ،ومعظم مواطنى الجنوب لايعيشون فى المدن ،ويجب أن تصلهم الخدمات فى مناطقهم ،ولن يتم ذلك إلا بوجود الطرق المعبدة ،والوسائل التى يمكن أن تغير حياة المواطنين ،وإذا لم نستطع التجاوب سريعا مع احتياجات المواطنين فستكون هناك مشكلات لأن تطلعاتهم أكبر من ذلك. وماذا عن التحديات الأمنية ؟ لايمكن نجاح أى من خططنا أو أهدافنا بدون استقرار أمنى ،وأنا سعيد أن الرئيس سلفاكير ميارديت أعلن يوم الاستقلال العفو العام عن كل من تمرد ضد النظام فى الجنوب ،وليس من مصلحة أى جنوبى التمرد على نظام يمكن التحاور معه ،وهذا هو الحل الوحيد والمخرج ،وليس الذهاب إلى الخرطوم والاستقواء بها،لأنه لن يقبل أى جنوبى بعد اليوم أن يذهب فرد أو بضعة أفراد إلى الخرطوم للحصول على السلاح للوصول إلى السلطة بالقوة ،فى وقت يمكن التنافس على السلطة بطريقة ديمقراطية وعبر الانتخابات،وليس عبر الضرب والقتل ،فقادة الميليشيات الجنوبية أمثال جورج أطور وبيتر قاديت لايقتلون الحكومة أو الوزراء وإنما يقتلون المواطنين الأبرياء الذين لا ذنب لهم فى أعالى النيل بولاية الوحدة ،ولذا أعلن سلفاكير العفو العام ،وهذا هو الحل الوحيد ،ويجب أن تعرف الحكومة فى شمال السودان أن الأمن والاستقرار فى دولة الجنوب يعنيهم وينعكس عليهم، كما يعنينا استقرار الشمال وينعكس علينا ،وإذا أصبحوا دولة مستقرة فسنكون نحن أيضا مستقرين ،وعليهم ألا يتمنوا أن يقع الجنوب فى مشكلة ،لأن الفكرة فى الشمال الآن أن الجنوبيين لايستطيعون حكم أنفسهم ،وأن الحكومة فى الجنوب ستكون دولة فاشلة ،وهذه أفكار غير صحيحة ،ونابعة من عقل غير سليم ،فإخواننا فى شمال السودان يجب أن يتمنوا للدولة الوليدة فى جنوب السودان الاستقرار . ماذا عن أوضاع المواطنين الشماليين فى دولة الجنوب ؟ لن يقطع أى شخص فى الجنوب الحركة بين شمال السودان وجنوبه ،وهذا بلدنا ملىء بالأجانب من كل الأجناس ،ماالذى يجعلنا نمنع دخول المواطن الشمالى من الدخول للجنوب، سيكون مثله مثل باقى الأجناس، الفصل بين الشمال والجنوب تحدثت عنه قيادات فى شمال السودان ،الذين هددوا المواطنين الجنوبيين أيام الاستفتاء بأنهم إذا صوتوا للانفصال فسيكونون لاجئين فى اليوم التالى ،ونحن لايهمنا تهديدهم بأن الجنوبيين يجب أن يغادروا الشمال ،ولكننا لن نقدم فى حكومة الجنوب على نفس التصرف ،فالشماليون فى الجنوب لن يكون عليهم مغادرته ،وكثير منهم تجار،وقد دخلت محل أحدهم مؤخرا ،وسألته :مارأيك فى الإستقلال ؟ فقال :أنا لا أعرف الاستقلال ولا الاستفتاء ولا أى شىء ،وكل ما أعرفه هو دكانى هذا الذى أسسته فى الجنوب منذ 40 عاما ،أى أن دكانه هو أقدم من الاستقلال والاستفتاء ،ومايهمه هو تجارته وحياته ،وأتمنى أن تفكر القيادة فى شمال السودان بطريقة أفضل . هل الحدود مازالت مغلقة بين الشمال والجنوب ؟ نحن لم نغلق الحدود ولن نغلقها ،ولن نبى حائطا كحائط برلين ،ولكن الدخول بعد ذلك بين الدولتين سيكون ملتزما بالقوانين الدولية ،لأنك عندما تتحرك من دولة لأخرى يجب أن يكون عندك جواز سفر سارى المفعول ،وعندما تدخل يجب يكون لديك فيزا ،وهذا كله سيعتمد على القرار السياسى ،ونحن فى الجنوب الآن لدينا أعداد كبيرة من الأجانب، خاصة من دول الجوار من أوغندا وكينيا، لأنهم يبنون البلد بخبراتهم، التى نفتقدها فى الجنوب الذى كان معظم أبنائه فى الجيش الشعبى أو القرى بدون خبرات ،وفى واو وجدت شركة مصرية تبنى فندقا كل عمالها مصريون لايمكن أقول لهم لانريدكم ،فهم يبنون البلد ويشاركون فى تنميتها ،وهذا أمر جيد ،وهذا النظام سينطبق على الجميع . هل توجهكم الآن أكبر إلى دول شرق إفريقيا لتوفير احتياجاتكم بدلا من السودان الشمالى ؟ سيتوقف هذا على الوضع والخطوات التى يتخذونها فى الخرطوم ،وطبعا الرئيس البشير يعتقد أنه لو قرصته بعوضة فى الخرطوم أنها آتية من الجنوب ،وما يهمنا ليس هو عرقلة الشمال بل تنمية الجنوب، لأنه مسئولية كبيرة ،وإذا لم نجد مانريده فى الشمال ،مثلما فعلوا عند غلقهم الحدود مع الجنوب، وهى خطوة غير جميلة ،لمنع الدقيق والسكر والجاز ،وكانوا ينزلون الأدوية من الطائرات فى الخرطوم ،وهى قادمة للناس الأبرياء فى الجنوب الذين لم يهمهم أن يموتوا ،وهذه خطوة سلبية للغاية ،وصادرة من أناس لا يعتقدون أنه سيربطهم شيئا بإخوانهم فى الجنوب ،ومثل هذه التصرفات تزيد الكراهية وتعقد الوضع بين المواطنين فى الجنوب وإخوانهم فى الشمال الذين لاذنب لهم ،ومن يقوم بكل ذلك هم أفراد قليلون للغاية . هل أصدرتم جواز دولة الجنوب ؟ نعم ونحن سعيدون بذلك ،الجواز صدر وبعض مسئولينا سافروا إلى أمريكا بجواز الدولة ،وأحد قياداتنا سافر إلى إحدى دول الجوار بالجواز الجديد، ولما رآه مسئولو الجوازات بالمطار اندهشوا وسألوه :كيف تستقلون يوم التاسع من يناير وتسافر اليوم التالى بجواز الدولة الجديدة ،وطبعا نحن كنا مستعدين لذلك لأننا نعرف الوضع فى السودان ،وأى مواطن جنوبى يرغب فى السفر للخارج سيكون عليه الحصول على الجواز الجديد. هل ستكون هناك فترة انتقالية للتعامل مع الجواز القديم ؟ نحن كنا طلبنا فترة انتقالية مابين 4 إلى 6 أشهر حتى نستطيع تغيير الجوازات ،لكننا أرى فى الخرطوم يبحثون إسقاط الجواز القديم ،ولو فعلوا ذلك فلن تكون لدينا فرصة ،وسنعجل بالأمر من جانبنا. هل سيؤثر الإنفصال على قضية مياه النيل بمصر ؟ لن نقبل أن يكون لانفصال جنوب السودان أى تأثير سلبى على مصر فيما يخص قضية مياه النيل ،فإذا لم يتبق سوى كوب واحد من المياه فإننا سنمنح مصر ثلاثة أرباعه ونحصل على الربع فقط، لأننا سنكمل نصيبنا من مياه الأمطار ،ومجرى النيل لايمكن أن يتغير أبدا ،وسيظل يواصل سريانه نحو مصر ،وبالتالى يجب ألا يستخدم أحد هذه القضية لإيجاد جو من الخلاف أو عدم استقرار العلاقات بين مصر والدولة الوليدة، ونحن لدينا رابطة تاريخية تربطنا بمصر لايمكن لأحد أن يقطعها، ولايستطيع أحد أن يوجد فتنة بيننا، وستظل علاقتنا بها جيدة إلى أقصى الحدود ،وإذا كانت هناك مسائل أو قضايا تستدعى النقاش فسنفعل ذلك بكل وضوح وصراحة، وسيتم التفاهم حولها،وإذا نظرتم إلى حكومة الجنوب لوجدتم أن معظم القيادات فى الحكومة هم خريجون جامعات مصرية ،ودرسهم أساتذة مصريون ،وأنا واحد منهم. الآن هناك أنباء كثيرة عن ترحيب إسرائيلى بالدولة الوليدة وبالعلاقات معها ؟ هذا الأمر سيكون وقفا على قرار سياسى لحكومة دولة الجنوب ،لكن أؤكد لكم أن علاقة لنا مع إسرائيل إذا أصبحت لنا علاقة معها لن يكون لها أى علاقة أو تأثير سلبى على مصر أو الدول العربية، لأن التأييد الذى قدمته الجامعة العربية وبعض الدول العربية للدولة الوليدة بجنوب السودان له تقدير كبير بالنسبة لنا،ولأنه منذ خلق الله الجنوب كنا مرتبطين أكثر بالعالم العربى ،واللغة العربية هى الأكثر شيوعا فى دولتنا،وليس واردا أن تكون دولة الجنوب مهددة لأمن ومصالح الدول العربية . هل تحتاج دولة الجنوب فى رأيك إلى نظرة جديدة فى العالم العربى؟ مصر فهمها أفضل بالنسبة لقضية الجنوب ،ومازال كثيرون فى العالم العربى ينظرون للجنوب نظرة سلبية، خاصة فيما يتردد عن علاقته بإسرائيل ،لكن فى الوقت الذى نتوجه لهم فيها ونطرح وجهة نظرنا من المؤكد سيتفهمون مواقفنا . كيف تنظرون لعلاقتكم بمصر بعد الثورة ..؟ زارنا وفد كبير من الحكومة بعد الثورة برئاسة الدكتور عصام شرف ،ونحن ما يهمنا دائما استقرار مصر،ونعتبره جزءا من استقرارنا ،وقد زرت القاهرة مؤخرا والتقيت المشير حسين طنطاوى رئيس المجلس العسكرى ،وأكدت له ذلك.