مفترق طرق! لا يستطيع المرء أن ينكر الأخطاء التي وقعت فيها السلطة بكل درجاتها منذ نجاح ثورة 25 يناير في إقصاء الرئيس السابق حسني مبارك عن منصبه ومعه عدد كبير من رموز حكمه. لكن أيضا لا يقبل العقل أن يكون المتظاهرون هم الخصم والحكم والمرجعية الوحيدة في قضايا معلقة منظورة أمام القضاء. صحيح أن مصر قد خرجت وثارت تحت شعار عبقري يلخص أزمتها وطريقة الخروج منها، هو «الشعب يريد إسقاط النظام»، والنظام لم يسقط بعد، ومازال يعمل بنفس الأساليب القديمة، لكن هذا لا يعني أن نخرب مصر، وعلينا أن نجد طريقة نمارس بها الضغط علي السلطة دون توقف حتي نغير هذا النظام الذي أوصلنا إلي حالة البؤس التي عليها الناس، وفي الوقت نفسه نعمل وننتج ولا يتحول الكثيرون منا إلي «طغاة» لا يقلون في طغيانهم عن حسني مبارك وشلته، فليس من المعقول أن نتخلص من طاغية ونستبدل به عشرات الآلاف من الطغاة، الذين يبدأون أي حوار بعبارات قاطعة: «لن نتنازل عما نريد»، ويتحدثون كما لو أنهم يعطون أوامر عسكرية غير قابلة للنقض أو الإبرام أو حتي المناقشة، فهم يملكون كل الحقيقة ويعرفون كل الوقائع، وفي أفكارهم تبدأ الحياة وتنتهي. ولا يمكن أن نفهم أو نستوعب أن نعطل أعمال العباد ونحن نزعم أننا ندافع عن الناس، كيف يمكن أن ندافع عن المصريين ونحن نمنعهم من العمل أو نقطع عليهم الطرق، أو نعطل الحياة أو نصدر أحكاما بالإدانة علي متهمين وهم مازالوا أمام المحاكم لم يفصل القضاء في الاتهامات المنسوبة إليهم بعد.. الثورة لا تطلب منا أن نتحول إلي «غوغائية» حتي نحافظ عليها، أو نتصرف بحدة مفرطة، تحت ذريعة أننا في زمن ثورة وكل شئ فيها جائز، لكن من حقها أن نشكل حكومة بما فيها المحافظون خالية تماما من أي عضو سابق في الحزب الوطني أو أمانة السياسيات، فلا يعقل أن يعود من ثارت عليه مصر إلي حكمها من الأبواب الخلفية! نحن الأن في مفترق طرق صعب..لكن لا يجوز أن نسمح بعودة الطغيان بأشكال جديدة! المزيد من أعمدة نبيل عمر