يأتى إعلان استقلال دولة جنوب السودان لتكون الدولة رقم 391 فى الأممالمتحدة، عقب سنوات طويلة من الحروب والمفاوضات، والمخاوف من أن يكون انفصال الجنوب هو بداية تقسيم السودان إلى عدة دويلات متعددة. والحقيقة أن ميلاد الدولة الجديدة يمكن أن يشكل بداية للاستفادة من هذا الوضع فى دعم العلاقات العربية الإفريقية، بدلا من أن يتعامل معه البعض على أنه انفصال لجزء من دولة عربية، فالدولة الوليدة تستطيع أن تكون حلقة الوصل بين العرب والأفارقة بحكم وضعها الجغرافي. ولن يتحقق ذلك إلا باحتضان الدول العربية لجنوب السودان والدخول فى مشروعات مشتركة معها، حتى لا نترك هذه البقعة المهمة ليستفيد منها الآخرون وحدهم. وبرغم الاحتفاء الدولى بإعلان الدولة الجديدة ومشاركة الرئيس السودانى عمر البشير، إلا أنه يجب أن نضع فى الاعتبار أنها تواجه تحديات مهمة، خاصة فيما يتعلق بقضايا النفط والحدود وأبيى والديون، وضرورة تعاون الخرطوم وجوبا للاستفادة منها، بالإضافة إلى مشكلة المواطنة التى تسبب قلقا لكثير من السودانيين الذين يعيشون فى الشمال والجنوب، وكذلك مواطنو الدولتين المقيمون فى الجانب الآخر، سواء الجنوبيون فى الشمال أو الشماليون فى الجنوب. كما أن الاقتصاد السودانى فى الشمال والجنوب يرزح تحت وطأة المعاناة والديون الكثيرة، وانخفاض قيمة الجنيه السوداني. التحديات كثيرة أمام الدولة الوليدة، وأكثر أمام السودان والدول العربية.