اقتحام مستشفى حُميّات أسوان بسلاح أبيض يكشف انهيار المنظومة الصحية في زمن السيسي    بيل جيتس يخطط للتبرع بكل ثروته البالغة نحو 200 مليار دولار    اعرف أسعار الأسماك بأسواق كفر الشيخ اليوم... البلاميطا ب100 جنيه    لقاء خارج عن المألوف بين ترامب ووزير إسرائيلي يتجاوز نتنياهو    إصابة 5 أشخاص بحالات اختناق بينهم 3 اطفال في حريق منزل بالقليوبية    مروان موسى عن ألبومه: مستوحى من حزني بعد فقدان والدتي والحرب في غزة    الهيئة العامة للرعاية الصحية تُقرر فتح باب التقدم للقيد بسجل الموردين والمقاولين والاستشاريين    طريقة عمل العجة المقلية، أكلة شعبية لذيذة وسريعة التحضير    «دمياط للصحة النفسية» تطلق مرحلة تطوير استثنائية    افتتاح وحدة عناية مركزة متطورة بمستشفى دمياط العام    وزيرة البيئة: تكلفة تأخير العمل على مواجهة التغير المناخى أعلى بكثير من تكلفة التكيف معه    المهمة الأولى ل الرمادي.. تشكيل الزمالك المتوقع أمام سيراميكا كليوباترا    ستحدث أزمة لتعدد النجوم.. دويدار يفاجئ لاعبي الأهلي بهذا التصريح    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 9- 5- 2025 والقنوات الناقلة    أسعار الدولار أمام الجنيه المصري.. اليوم الجمعة 9 مايو 2025    «أوقاف شمال سيناء»: عقد مجالس الفقه والإفتاء في عدد من المساجد الكبرى غدًا    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    زعيم كوريا الشمالية يشرف على تجارب لأنظمة صواريخ باليستية قصيرة المدى    تكريم حنان مطاوع في «دورة الأساتذة» بمهرجان المسرح العالمي    الخارجية الأمريكية: لا علاقة لصفقة المعادن بمفاوضات التسوية الأوكرانية    حبس المتهمين بسرقة كابلات كهربائية بالطريق العام بمنشأة ناصر    أسرة «بوابة أخبار اليوم» تقدم العزاء في وفاة زوج الزميلة شيرين الكردي    في ظهور رومانسي على الهواء.. أحمد داش يُقبّل دبلة خطيبته    حملات تفتيش مكثفة لضبط جودة اللحوم والأغذية بكفر البطيخ    في أجواء من الفرح والسعادة.. مستقبل وطن يحتفي بالأيتام في نجع حمادي    تبدأ 18 مايو.. جدول امتحانات الترم الثاني 2025 للصف الرابع الابتدائي بالدقهلية    تسلا تضيف موديل «Y» بنظام دفع خلفي بسعر يبدأ من 46.630 دولارًا    طريقة عمل الآيس كوفي، الاحترافي وبأقل التكاليف    خبر في الجول - أحمد سمير ينهي ارتباطه مع الأولمبي.. وموقفه من مباراة الزمالك وسيراميكا    الأهلي يقترب من الإتفاق مع جوميز.. تفاصيل التعاقد وموعد الحسم    طلب مدرب ساوثهامبتون قبل نهاية الموسم الإنجليزي    رئيس الطائفة الإنجيلية مهنئا بابا الفاتيكان: نشكر الله على استمرار الكنيسة في أداء دورها العظيم    سعر الفراخ البيضاء والساسو وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الجمعة 9 مايو 2025    عاجل- مسؤول أمريكي: خطة ترامب لغزة قد تطيح بالأغلبية الحكومية لنتنياهو    موجة شديدة الحرارة .. الأرصاد تكشف عن حالة الطقس اليوم الجمعة 9 مايو 2025    الجثمان مفقود.. غرق شاب في ترعة بالإسكندرية    في المقابر وصوروها.. ضبط 3 طلاب بالإعدادية هتكوا عرض زميلتهم بالقليوبية    جامعة المنصورة تمنح النائب العام الدكتوراه الفخرية لإسهاماته في دعم العدالة.. صور    وسائل إعلام إسرائيلية: ترامب يقترب من إعلان "صفقة شاملة" لإنهاء الحرب في غزة    بوتين وزيلينسكى يتطلعان لاستمرار التعاون البناء مع بابا الفاتيكان الجديد    زيلينسكي: هدنة ال30 يومًا ستكون مؤشرًا حقيقيًا على التحرك نحو السلام    المخرج رؤوف السيد: مضيت فيلم نجوم الساحل قبل نزول فيلم الحريفة لدور العرض    غزو القاهرة بالشعر.. الوثائقية تعرض رحلة أحمد عبد المعطي حجازي من الريف إلى العاصمة    تفاصيل لقاء الفنان العالمي مينا مسعود ورئيس مدينة الإنتاج الإعلامي    «ملحقش يتفرج عليه».. ريهام عبدالغفور تكشف عن آخر أعمال والدها الراحل    موعد نهائى الدورى الأوروبى بين مانشستر يونايتد وتوتنهام    «إسكان النواب»: المستأجر سيتعرض لزيادة كبيرة في الإيجار حال اللجوء للمحاكم    كيفية استخراج كعب العمل أونلاين والأوراق المطلوبة    أيمن عطاالله: الرسوم القضائية عبء على العدالة وتهدد الاستثمار    إلى سان ماميس مجددا.. مانشستر يونايتد يكرر سحق بلباو ويواجه توتنام في النهائي    سالم: تأجيل قرار لجنة الاستئناف بالفصل في أزمة القمة غير مُبرر    حكم إخفاء الذهب عن الزوج والكذب؟ أمين الفتوى يوضح    مصطفى خليل: الشراكة المصرية الروسية تتجاوز الاقتصاد وتعزز المواقف السياسية المشتركة    عيسى إسكندر يمثل مصر في مؤتمر عالمي بروما لتعزيز التقارب بين الثقافات    محافظة الجيزة: غلق جزئى بكوبري 26 يوليو    ب3 مواقف من القرآن.. خالد الجندي يكشف كيف يتحول البلاء إلى نعمة عظيمة تدخل الجنة    علي جمعة: السيرة النبوية تطبيق عملي معصوم للقرآن    "10 دقائق من الصمت الواعي".. نصائح عمرو الورداني لاستعادة الاتزان الروحي والتخلص من العصبية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السودان واعتبارات الأمن القومى المصرى
نشر في الأهرام اليومي يوم 23 - 02 - 2010

‏**‏ كانت دائما اعتبارات الجغرافيا والتاريخ وحركة وعلاقات البشر هي المحددات الفعالة في العلاقات المصرية السودانية. والتي أدت بدورها الي جعل كل من الأمن القومي المصري والأمن القومي السوداني مسألة ترتبط بالأساس ليس بمصير شعبين‏‏ بل بمستقبل شعب واحد صهرته صلات النسب والدم عبر تاريخ طويل يمتد لمصر‏,‏ وكان دائما أقل الجهات الاستراتيجية تهديدا للأمن القومي المصري نظرا للعلاقات الوطيدة والحميمة التي ربطت بين شعب وادي النيل في الشمال والجنوب
وعلي مدي السنين حرصت السياسة المصرية علي الحفاظ علي وحدة السودان واستقراره وتماسكه مع تعزيز علاقات التكامل بين البلدين‏,‏ إلا أن القوي المناوئة لمصر والساعية الي ضرب أمنها القومي في الصميم رأت دائما أن تحقيق أهدافها يرتبط بتوطيد علاقاتها بأي شكل في المجال الإفريقي سعيا الي الاحاطة بالسودان من كل جانب‏,‏ واستعداء معظم جيرانه عليه‏,‏ ولا يمكن لأحد أن يغفل هنا أن الهدف لم يكن النيل من الأمن القومي للسودان وحده بل كانت مصر هناك في ذهن كل المخططين الذين يريدون النيل من السودان ومقدراته ومصيره ومستقبله‏.‏وتعود جذور الادراك المصري لأهمية السودان الاستراتيجية في العصر الحديث الي النصف الأول من القرن التاسع عشر منذ أن بدأ محمد علي والي مصر في بناء الدولة الحديثة‏.‏ في عام‏1920‏ تقدمت جيوش الدولة المصرية لأول مرة لتقوم بلملمة أطراف المناطق الواقعة جنوبها ممثلة في سلطنات وممالك وقبائل السودان لتصنع من كل هذا كيانا إداريا وسياسيا واحدا وهو مااصطلح علي تسميته بالسودان‏.‏ وبينما انصب العمل المصري خلال العشرينات من القرن التاسع عشر علي توحيد السودان فانه انطلق في ستينيات وسبعينيات القرن نفسه علي تأمين السودان سواء بالاندفاع جنوبا حتي وصل الي أوغنذا أو التقدم شرقا الي الصومال وإريتريا والحبشة‏.‏
ولقد عبر شريف باشا رئيس وزراء مصر عن إدراكه وغيره من الساسة المصريين لأهمية السودان بالنسبة للأمن القومي المصري عندما فضل الاستقالة من رئاسة الوزراء علي تنفيذ سياسات في السودان تعرض الأمن المصري للأخطار وقال إن السودان ألزم لمصر من الاسكندرية‏.‏
وحتي في السنوات الأخيرة اتسمت السياسات المصرية تجاه السودان بحرص مصر علي إقامة علاقة متوازنة مع جميع القوي السياسية السودانية وبقيت علي مسافة واحدة من الأطراف كلها‏.‏ وعندما داخل السودان مرحلة جديدة في تاريخه بتوقيعه لاتفاق السلام الشامل بشأن جنوب السودان في نيروبي عام‏2005‏ تحفظت مصر علي حق تقرير المصير للجنوب لأنها تسعي في إطار سياساتها المعلنة التي لا تقبل التأويل الي تحقيق وحدة السودان‏,‏ ومع ذلك فانها قبلت وعملت من أجل التطبيق الكامل لاتفاق السلام الشامل في الجنوب ومحاولة حل المشكلات التي تعترض تطبيقه‏,‏ بل وأكدت مصر علي لسان الرئيس مبارك أهمية استمرار جهودها من أجل تنمية الجنوب السوداني ومعاونته في إنارة مدنه وتحسين الرعاية الصحية في الولايات العشر الجنوبية ودفع عجلة التنمية هناك في كافة المشروعات الخدمية ودعم البنية التحتية‏.‏
وفيما يتعلق بقضية دارفور منحت مصر أبوابها لقيادات الحركات المسلحة الذين دعتهم لأكثر من اجتماع لتوحيد خصائصها كضرورة ملحة للدخول في تفاوض مع الحكومة السودانية لحل الأزمة‏,‏ في الوقت الذي سعت فيه مصر لدي الحكومة السودانية لاقناعها بضرورة تفادي التصعيد مع المجتمع الدولي وضرورة تحسين الأوضاع في الاقليم‏.‏
وهكذا نري أن السودان دائما لا يغيب عن اهتمام مصر بشئونها المصيرية‏,‏ لأن القاهرة تدرك أهمية السودان كمعبر استراتيجي لنهر النيل الذي تستمد منه الحياة‏,‏ ولأنها تعلم أن كوب الماء سيكون أغلي من الذهب وستدور حوله صراعات وحروب تسعي مصر الي تفاديها بالعمل علي القضاء علي أسبابها والمخططين لها من الآن‏.‏ وأذكر هنا ماأعلنه الرئيس مبارك أكثر من مرة من أن مياه النيل خط أحمر لا يمكن أن نسمح لأحد بالعبث فيه أو تجاوزه ولن تسمح مصر بعزل السودان عن محيطه الاقليمي الافريقي وهو ماتدبر له القوي المتآمرة معتقدة بأن استقلال الجنوب السوداني سيحقق هذا الهدف بل ستظل العلاقة صحيحة وعفية وحميمة بين شمال السودان وجنوبه وستعمل مصر والحكومة السودانية والمسئولون في الجنوب السوداني علي إدراك أهمية الأمن القومي المصري السوداني المشترك‏,‏ والحيلولة دون النيل منه من خلال تفعيل علاقات التعاون وتوسيع آفاق المشاركة والتكامل مع محيطهما الجغرافي الافريقي القريب والبعيد علي حد سواء‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.