وقفت حائرا أمام سيدة عجوز تعاني أمراض الشيخوخة, وعاجزة عن الحركة وسط الزحام المروري الذي لا يرحم ليلا ونهارا, وشوارع مكدسة بالبشر, وميادين وساحات احتشدت بالملايين وهموم الحياة وصراع الماديات وانتشار ثقافة الخوف والتعذيب وأجواء من الفساد, جعلتهم يخرجون يطالبون بالتغيير بعدما ضاعت القيم والمبادئ واتسمت الحياة بالجحود والنكران, وجعلت الأخ ينسي أخاه وأمه وأباه, حياة جعلتنا نعيش صراعا ودوائر مفزعة مما جعلني أقول لها.. لا تبكي يا أمي, رغم أننا نعيش عصر السرعة والإنترنت ولا ينظر أحد إلي الخلف ولا يفكر في الماضي ولا يتذكر الجذور والأصول, وتاهت القيم وسط الزحام, وعجزت عن الحركة وسط جو من الفاسدين بعدما شعرنا جميعا بأننا كنا لصوصا, حتي إن أحد العقلاء قال عجبت لأمر هذا البلد يسرق منذ7 آلاف سنة ولا يزال يعيش, قومي يا أمي ولا تبكي بعدما فعل الأبناء والأحفاد المستحيل وخرجوا في انتفاضة شعبية بميدان التحرير, وفعلوا ما كنا عاجزين حتي عن الكلام عنه لأنهم زرعوا داخلنا الخوف والتعذيب, وحولوا حياتنا إلي سجن كبير, حتي إننا كنا نشعر بأننا غرباء في بلدنا. فهل يعقل بعد ذلك أن ينقسم الشارع بين مؤيد ومعارض, وتحولت حياتنا إلي فوضي واحترقت دور العبادة من أجل فتاة في محاولة لزرع الفتنة من جديد, ونسوا امرأة عجوز هي أمي تعاني أمراض الشيخوخة وتبكي الزمن.. وأنا أقول بأعلي صوتي لا تبكي يا أمي فقد انتهي زمن التعذيب والتوريث ودخول السجون.. طالما عدنا إلي بداية الطريق ورجعنا إلي الخالق رب العالمين.. وعدنا إلي ديننا السمح الحنيف.. قومي يا أمي ارتدي ثوب الفرح بعدما عاد الغائب من ميدان التحرير ونجحت الانتفاضة لنعيد البناء من جديد. المزيد من مقالات حسين غيته