لماذا سيفلت الأسد؟ الرهان على سقوط سريع للرئيس السورى بشار الأسد قد يبدو خاسرا فى الوقت الراهن، فقد تراكمت مؤشرات فى الأيام الأخيرة على صلة وثيقة بالأوضاع الداخلية والاقليمية والدولية على أرض الواقع تكاد تجمع على أن الأزمة السياسية العميقة فى سوريا لن تنتهى فى صالح الثوار وأيضا لن تصل الى مرحلة النصر الكامل للنظام السورى. وبداية يجب التأكيد على أن بشار الاسد لايختلف كثيرا عن العقيد القذافى ولا الرئيس اليمنى على عبدالله صالح ولا حتى الذين بادروا بالتخلى عن السلطة قبل استفحال الازمات مثل حسنى مبارك وزين العابدين بن على، فجميعهم من الرؤساء والقادة والحكام الذين يضعون أنفسهم فوق الدولة والشعب. واذا كانت الامور قد نجحت فى مصر وتونس وتمر حاليا بمخاض عسير فى ليبيا واليمن فأنها قد تأخذ شكلا مغايرا فى سوريا يصب فى اتجاه استمرارالنظام وليس بالضرورة مصلحته، فقد لجأت السلطات السورية الى تفعيل آلة القمع العسكرية منذ البداية وشنت ما يشبه الحرب الشاملة ضد الثوار وهو ما لم تفعله ضد اسرائيل منذ أكثر من خمسة وثلاثين عاما، ومن الطبيعى أن تحدث هذه الآلة العدوانية أثرا كبيرا خاصة مع غياب قوة عسكرية مضادة تحقق التوازن، وفى الخلفية الموقف الاقليمى الذى يعمل بعض أطرافه بشدة على هزيمة مشروع الثوار لاسباب جيوسياسية معروفة، ومن هذا المنطلق ليس مستغربا أن يمد الحرس الثورى الايرانى وحزب الله اللبنانى يد العون وبكل قوة لدعم نظام الاسد، اضافة الى أن الدول الخليجية وبعض الدول العربية التى سهلت مهمة حلف الاطلنطى فى ليبيا لخلع القذافى ونظامه لم ولن تتبنى نفس الموقف ضد سوريا ويكفيها ما عانته من خلع مبارك حتى اليوم، وبالنسبة للموقف الدولى فمن المستبعد جدا أن تشن التحالفات الغربية هجمات عسكرية على سوريا كتلك التى تشنها على ليبيا لاسباب عديدة ليس أولها الرفض الروسى الصينى المعارض لعمليات عسكرية جديدة للاطلنطى فى المنطقة، ولكن يأتى قبل ذلك التعقيدات الاقليمية التى تضع سوريا فى مواجهة اسرائيل وبالتالى فأن أى ضربات على سوريا قد تشعل المنطقة وتصل بها الى آفاق يصعب تصورها على اعتبار أن شعوب المنطقة لن تقبل بتدميردولة مواجهة أساسية ضد اسرائيل. هذه كلها حسابات شخصية قد تثبت صحتها بمرور الوقت وقد تؤدى تطورات الاحداث الى طرح سيناريوهات بديلة، ولكن كل الشواهد تؤكد أيضا أن سوريا فى المستقبل لن تكون هى سوريا التى عرفها العالم قبل فبراير الماضى حتى ولو استمر زئير الاسد الى حين. المزيد من أعمدة عماد عريان