أسعار الدواجن اليوم الجمعة 9-5-2025 في محافظة الفيوم    بمشاركة السيسي، توافد المشاركين بالذكرى الثمانين لعيد النصر إلى السجادة الحمراء بموسكو    بابا الفاتيكان الجديد ليو الرابع عشر يقيم أول قداس كبير اليوم الجمعة    جوميز: مواجهة الوحدة هي مباراة الموسم    خريطة الحركة المرورية اليوم بمحاور وميادين القاهرة والجيزة    زيلينسكى يعلن أنه ناقش خطوات إنهاء الصراع مع ترامب    «أوقاف شمال سيناء»: عقد مجالس الفقه والإفتاء في عدد من المساجد الكبرى غدًا    ارتفاع صادرات الصين بنسبة 8% في أبريل    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    تكريم حنان مطاوع في «دورة الأساتذة» بمهرجان المسرح العالمي    فرص تأهل منتخب مصر لربع نهائي كأس أمم أفريقيا للشباب قبل مباراة تنزانيا اليوم    أسرة «بوابة أخبار اليوم» تقدم العزاء في وفاة زوج الزميلة شيرين الكردي    حبس المتهمين بسرقة كابلات كهربائية بالطريق العام بمنشأة ناصر    في ظهور رومانسي على الهواء.. أحمد داش يُقبّل دبلة خطيبته    جدول مواعيد مباريات اليوم الجمعة والقنوات الناقلة    بعد بيان الزمالك.. شوبير يثير الجدل برسالة غامضة    تويوتا كورولا كروس هايبرد 2026.. مُجددة بشبك أمامي جديد كليًا    الهباش ينفي ما نشرته «صفحات صفراء» عن خلافات فلسطينية مع الأزهر الشريف    حملات تفتيش مكثفة لضبط جودة اللحوم والأغذية بكفر البطيخ    مصر تنضم رسميًا إلى الاتحاد الدولي لجمعيات إلكترونيات السلامة الجوية IFATSEA    في أجواء من الفرح والسعادة.. مستقبل وطن يحتفي بالأيتام في نجع حمادي    تبدأ 18 مايو.. جدول امتحانات الترم الثاني 2025 للصف الرابع الابتدائي بالدقهلية    طريقة عمل الآيس كوفي، الاحترافي وبأقل التكاليف    مفاجأة بعيار 21 الآن بعد آخر تراجع في سعر الذهب اليوم الجمعة 9 مايو 2025    مستأجرو "الإيجار القديم": دفعنا "خلو" عند شراء الوحدات وبعضنا تحمل تكلفة البناء    في عطلة البنوك .. آخر تحديث لسعر الدولار اليوم بالبنك المركزي المصري    أيمن عطاالله: الرسوم القضائية عبء على العدالة وتهدد الاستثمار    إلى سان ماميس مجددا.. مانشستر يونايتد يكرر سحق بلباو ويواجه توتنام في النهائي    مؤتمر النحاس: نلعب مباراة كل 4 أيام عكس بعض الفرق.. ورسالة لجماهير الأهلي    سالم: تأجيل قرار لجنة الاستئناف بالفصل في أزمة القمة غير مُبرر    خبر في الجول - أحمد سمير ينهي ارتباطه مع الأولمبي.. وموقفه من مباراة الزمالك وسيراميكا    دراسة: 58% يثقون في المعلومات عبر مواقع التواصل الاجتماعي    رئيس الطائفة الإنجيلية مهنئا بابا الفاتيكان: نشكر الله على استمرار الكنيسة في أداء دورها العظيم    «إسكان النواب»: المستأجر سيتعرض لزيادة كبيرة في الإيجار حال اللجوء للمحاكم    الجثمان مفقود.. غرق شاب في ترعة بالإسكندرية    بنك القاهرة بعد حريق عقار وسط البلد: ممتلكات الفرع وبيانات العملاء آمنة    في المقابر وصوروها.. ضبط 3 طلاب بالإعدادية هتكوا عرض زميلتهم بالقليوبية    جامعة المنصورة تمنح النائب العام الدكتوراه الفخرية لإسهاماته في دعم العدالة.. صور    وسائل إعلام إسرائيلية: ترامب يقترب من إعلان "صفقة شاملة" لإنهاء الحرب في غزة    زيلينسكي: هدنة ال30 يومًا ستكون مؤشرًا حقيقيًا على التحرك نحو السلام    المخرج رؤوف السيد: مضيت فيلم نجوم الساحل قبل نزول فيلم الحريفة لدور العرض    غزو القاهرة بالشعر.. الوثائقية تعرض رحلة أحمد عبد المعطي حجازي من الريف إلى العاصمة    تفاصيل لقاء الفنان العالمي مينا مسعود ورئيس مدينة الإنتاج الإعلامي    «ملحقش يتفرج عليه».. ريهام عبدالغفور تكشف عن آخر أعمال والدها الراحل    كيم جونغ أون يشرف على تجربة صاروخية ويؤكد جاهزية السلاح النووي    موعد نهائى الدورى الأوروبى بين مانشستر يونايتد وتوتنهام    سهير رمزي تعلق على أزمة بوسي شلبي وورثة الفنان محمود عبد العزيز    عيسى إسكندر يمثل مصر في مؤتمر عالمي بروما لتعزيز التقارب بين الثقافات    حكم إخفاء الذهب عن الزوج والكذب؟ أمين الفتوى يوضح    مصطفى خليل: الشراكة المصرية الروسية تتجاوز الاقتصاد وتعزز المواقف السياسية المشتركة    محافظة الجيزة: غلق جزئى بكوبري 26 يوليو    «الصحة» تنظم مؤتمرًا علميًا لتشخيص وعلاج الربو الشعبي ومكافحة التدخين    علي جمعة: السيرة النبوية تطبيق عملي معصوم للقرآن    ب3 مواقف من القرآن.. خالد الجندي يكشف كيف يتحول البلاء إلى نعمة عظيمة تدخل الجنة    انطلاق المؤتمر الثالث لوحدة مناظير عائشة المرزوق في مستشفى قنا العام    محافظ سوهاج يوجه بسرعة استلام وتشغيل مركز الكوثر الطبي خلال أسبوعين    "10 دقائق من الصمت الواعي".. نصائح عمرو الورداني لاستعادة الاتزان الروحي والتخلص من العصبية    نائب وزير الصحة يتفقد وحدتي الأعقاب الديسة ومنشأة الخزان الصحية بأسوان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الميزانية وغياب سياسات الإنقاذ والتصويب
الثمن الفادح للتغافل العمدي عن رأس اليونان الطائر ونذر إفلاسها وانهيارها
نشر في الأهرام اليومي يوم 25 - 06 - 2011

ما يحدث من مظاهرات حاشدة في شوارع أثينا العاصمة اليونانية وكذلك في باقي المدن ما هو إلا رسالة تحذير شديدة اللهجة لكل الدول التي تتهاون وتتراخي في ضبط ميزانياتها العامة وفي إصلاح هيكل اقتصادها الوطني. والأكثر أهمية من نيران الغضب الشعبي الرافضة لسياسات التقشف المريرة هو ما يرتبط بخضوع اليونان للوصاية الدولية الكاملة وفقدانها التام للسيادة الوطنية علي سياساتها المالية والاقتصادية في ظل الخضوع بلا شروط لكل رغبات صندوق النقد والاتحاد الاوروبي ولا يقل خطورة في الدرس اليوناني القابعة علي الجانب الآخر من البحر الأبيض المتوسط حقيقة أن الانهيار والافلاس لم تصلحه فاتورة قروض دولية بالغة الضخامة تتجاوز قيمتها200 مليار دولار ويحتاج الامر الآن إلي فاتورة اضافية عاجلة وسريعة بنفس القيمة وسداد التكاليف الباهظة حتي لا يتم اعلان افلاس اليونان رسميا ظاهرة لاتتكرر حتي لا تضطر دول الاتحاد الأوروبي إلي اتخاذ القرار الصعب بفصلها من عضوية منطقة اليورو بحكم الانعكاسات السلبية علي اليورو وسعر صرفه وعلي طموحات تحوله لعملة دولية رئيسية في مواجهة الدولار الأمريكي.
وعلي الرغم من مشهد سقوط رأس اليونان الدامي علي مقصلة الفساد السياسي والاقتصادي وتهكم الأوروبيين علي أوضاعها ومطالبة الألمان بأن تبيع اليونان الجزر التي تملكها وهي كثيرة سدادا للديون المستحقة عليها, فإن المسئولين والخبراء والمختصين في مصر لم تصلهم الرسالة وكأن المنطق الأوروبي المطالب ببيع الجزر اليونانية وخروجها من نطاق سيادة الدولة الأم لن يتم مواجهة مصر به في يوم من الأيام إذا عجزت عن سداد ديونها ويومها لن يكون غريبا إذا صدرت تعليقات مماثلة رسمية وصحفية تطالب بأن يتم بيع سيناء للراغبين في الشراء كشرط من شروط المساندة والدعم وليس هناك ما يمنع البعض من أصحاب النفوذ والمصالح من الحديث عن بيعها تخصيصا لليهود من حاملي جنسية الكيان الصهيوني, وبعيدا عن قصص البيع والشراء وما تتضمنه من دلالات ومعان فإن مجرد الوقوع في فخ المشروطية الدولية ومجرد الخضوع لوصاية المقترضين الخارجين يعني بمعايير العالم الحديث التنازل الواسع النطاق عن السيادة الوطنية ليس فقط في ميادين الاقتصاد والمال ولكن بالضرورة والحتم في ميادين السياسة والحضارة والثقافة وفي كل ما يخص الأمن القومي بجميع مشتملاته ومكوناته.
ومع ما أحاط اقرار الموازنة العامة للدولة في مجلس الوزراء باجتماعه يوم الأربعاء الماضي وحديث التعديلات الجذرية فإن كوميديا الموازنة العامة السوداء قد تصاعدت وتيرتها مع مفاجأة العيار الثقيل التي تضمنت والتخفيض الفجائي للعجز الاجمالي من11% إلي8.6% من الناتج المحلي الاجمالي وكان وزير المالية بوصفه راعيا من رعاة الأصولية الرأسمالية ومسئولا عن نفاذ وصلاحية سياسات الرأسمالية المتوحشة قد أعلن في مؤتمر صحفي سابق أن العجز بالموازنة يبلغ10.9% من الناتج المحلي الاجمالي وبقدرة القدير العظيم وكأن موازنات الدول مجرد تمرين حسابي يشكل نسبة العجز, كما يشاء ويملك قدرة تخفيض العجز بمعدل2.3% في غياب حزمة الاصلاحات المالية والاقتصادية الواجبة واللازمة وبدون الاعلان عن سياسات تقشف لتوفير الانفاق وبلغة الأرقام, فإن ذلك يجب أن يعني تخفيضا في الانفاق أو زيادة في الايرادات العامة قيمتها نحو37 مليار جنيه وهو ما كان يستوجب الشرح والايضاح ويستدعي التفسير المطول حتي يعرف الرأي العام بنود الانفاق التي تم الاقتطاع منها وبنود الايرادات التي تم زيادة تدفقاتها ومن يتحمل تكاليفها خاصة أن مجلس الوزراء أعلن في بيانه المقتضب أن معدل العجز الاجمالي المتوقع للميزانية الحالية التي تنتهي في30 يونيو الحالي يصل إلي9.5% وهو ما كان يستوجب ايضا التفسير والشرح.
ومجرد تحليل بسيط للمؤشرات الصادرة من مجلس الوزراء يثبت أن لعبة الأرقام في حكومة الدكتور شرف أصبحت لعبة تستعصي علي الفهم وتستجهل المواطن ولا تلقي بالا للخبراء والمختصين في علوم المال والاقتصاد فهي تتحدث بلغة أرقام مغلوطة وخاطئة تستفز القاريء غير المتخصص وتستهزئ بكل تخصص وعلم ومعرفة, حيث يشير البيان الهمايوني الصادر من الباب العال إلي أن تقديرات مشروع الموازنة الجديدة تبلغ490.6 مليار جنيه بزيادة14.7% عن المتوقع لموازنة العام الجاري ويرصد في نفس الوقت تراجع معدل النمو إلي5,3% وعلي الرغم من كل ذلك يصر علي أن العجز الاجمالي سيتراجع من9.5% إلي8.6% كما يصر علي أن جملة الايرادات العامة سترتفع بالزيادة3,55 مليار جنيه وهو ما لا يتوافق مع توقعات النمو المتواضعة ولا تبرره حصيلة القرارات الجديدة المعلن عنها الاضافية ويعني ذلك أن دلالات الأرقام من حيث القيمة تفقد الكثير من معناها ومصداقيتها. خاصة أن تمويل العجز الاجمالي بأبعاده الثلاثة الجاري والرأسمالي والاستثماري غير محدد الأبعاد والمعالم بصورة تفصيلية دقيقة ولا يكشف بشكل دقيق وشفاف عن المكون الأجنبي وتفعيلاته من المنح والمساعدات والقروض التي ثار الكثير من الجدل والنقاش حولها علي امتداد الأشهر الماضية.
وكان من الواجب الضروري وفقا للبيان الصادر عن مجلس الوزراء الذي يصف ظروف الاقتصاد المصري التي تعد فيها الموازنة العامة بأنها استثنائية أن يسعي المجلس لأن ترتقي الميزانية إلي ما يتواءم مع هذه الظروف الاستثنائية من خلال حزمة متكاملة من السياسات المالية والاقتصادية والاستثمارية الاستثنائية غير التقليدية كما صنعت دول العالم المتقدمة لمواجهة كارثة الازمة المالية العالمية في عام2008 بما يسهم في وضع الركائز والأسس الصحيحة للانطلاق والانتعاش في المستقبل ويعني ذلك بالحتم اتخاذ قرارات جريئة وعلمية تصوب الكثير من الأوضاع والأسس الخاطئة والفاسدة التي تحكمت في اعداد الميزانية المصرية علي امتداد السنوات الماضية خاصة في ظل سطوة وسيطرة الأصولية الرأسمالية وقراصنة الرأسمالية المتوحشة علي مقاليد الأمور في الدولة المصرية وتسخيرهم الموازنة العامة لخدمة مصالح الاحتكار وتوليد الثروات الفاسدة وتضخيم الأرباح الحرام ونهب الايرادات العامة وفرض قواعد السفه والانحراف علي الكثير من بنود الانفاق العام وتوجيه عشرات المليارات من الجنيهات لانفاق جار واستثماري يصب في مصالح قلة قليلة من قيادات التشكيل العصابي الاجرامي للعهد البائد مثل تحمل الموازنة العامة تكاليف توصيل المرافق العامة من طرق وكبار واتصالات ومياه وصرف صحي وكهرباء لمشروعات صفوة الطابور الخامس وهو ما يتجاوز كثيرا أحاديث تخصيص الأرض لهذه المشروعات بملاليم زهيدة ويرتبط بتحمل الموازنة العامة المباشر لتكاليف استثمارية باهظة بديلا عن لصوص رجال الأعمال بخلاف الأجور الفاجرة للقيادات العليا والمستشارين والمكافآت للغلمان والمماليك والانفاق الطرفي المظهري في نهب منظم للتدفقات الخارجية لمصر بديلا عن تخصيصها للتنمية والتقدم والتحديث الفعلي الفعال.
وبحكم أن وصايا الأصولية الرأسمالية وقواعد الرأسمالية المتوحشة مازالت تتحكم في الموازنة العامة للدولة فإن دعم الطاقة المفزع والمروع الذي تسبب في خراب موازنات الكثير من دول العالم وجرها للافلاس والانهيار تم الاقتراب منه علي استيحاء وخجل لتخفيض3.5 مليار جنيه من قيمته الاجمالية حيث تمخضت التعديلات الجوهرية المزعومة عن تخفيضه من99 مليار جنيه إلي حدود95.5 مليار جنيه ويكشف ذلك عن الخلل المروع في التقييم وعن غياب المعايير الحاكمة المنضبطة عند توزيع الايرادات العامة علي النفقات العامة وفي مقدمتها أهمال وتجاهل الأولويات الملبية لطموحات المواطن والتركيز في الحفاظ علي مصالح القلة القليلة والدليل علي ذلك أن البيان قد تضمن تراجعا واضحا عن التنفيذ الفعلي لرفع الحد الأدني للأجور إلي700 جنيه بما يعنيه من الرفع الكامل لهيكل الأجور من القمة للقاعدة باعتباره مطلبا انسانيا ومطلبا اقتصاديا لاصلاح أحوال العمل والعاملين حيث اقتصرت الموازنة علي تخصيص9 مليارات جنيه لما أطلق عليه البيان تدليلا وتدليعا اقرار رفع أقل نسبة للأجر المتغير من75% إلي200% وهو ما يحقق وصول اجمالي الأجر الشامل إلي700 جنيه تقريبا ويشكل ذلك التفافا سخيفا وابتذالا رخيصا لكل ما دار النقاش العام حوله ولكل ما تم اعلانه وهو صدمة قاتلة لكافة الطموحات والتوقعات لابد وأن تصنع رد فعل شديد الاحباط والسلبية وتقطع كافة خيوط الثقة الباقية بين الشعب والحكومة.
ولو كانت الحكومة تملك رؤية اصلاحية متواضعة لأدركت أن دعم الطاقة هو بوابة جهنم التي يجب اغلاقها بأسرع وقت ممكن حتي لا تتسبب في حرق مجمل الاقتصاد المصري ومالية الدولة في ظل حقيقة شديدة التواضع تؤكد أن حسابات الدعم الحقيقية تفوق الأرقام الواردة بالموازنة العامة للدولة خاصة بالنسبة للغاز الطبيعي ويجب أن يعلن علي الملأ الأسعار المرجعية التي حسب بناء عليها تقديرات دعم الغاز الطبيعي حيث تردد أن مرجعية حساب الدعم للمشتقات البترولية هو مائة دولار كسعر لبرميل النفط ولكن فزورة اسعار الغاز وقيمة دعمه تبقي في غياهب الجب المظلم فهل يتم حساب قيمة دعم الغاز الطبيعي بناء علي سعر بيعه المتدني المنحرف للكيان الصهيوني الذي مازال يتردد في الآونة حتي الآن أنه يتراوح بين75 سنتا وبين5,1 دولار للمليون وحدة حرارية أم أنه سعر شراء الغاز من الشريك الأجنبي البالغ65,2 دولار للمليون وحدة حرارية أم أن القاعدة المطبقة بالنسبة للمشتقات البترولية التي تأخذ متوسط الأسعار العالمية المتوقعة هي نفسها المطبقة علي الغاز الطبيعي الذي تتراوح اسعاره وفقا لها بين8 دولارات و13 دولارا للمليون وحدة حرارية حتي يعرف القاصي والداني حقيقة الدعم الذي يحصل عليه اعضاء التشكيل العصابي للمافيا الحاكمة من أموال الخزانة العامة وحتي يعرف أهل المال والاقتصاد حقيقة الخراب والنهب والسرقة وقيمتها وتقديراتها.
وقد اتصلت بالدكتور حسين عبدالله شيخ مشايخ خبراء اقتصادات البترول العالمي لاستيضاح بعض جوانب السرقة العلنية لثروة مصر من الغاز الطبيعي فأفاد أن الاتفاقيات الموقعة بين مصر والشريك الأجنبي كانت تقضي منذ توقيعها عام1994 بحصول مصر علي الغاز للاستهلاك المحلي بحد أقصي8,1 دولار للمليون وحدة حرارية ثم جاء الوزير حمدي البنبي وعدله ليصبح الحد الأقصي2.4 دولار بالرغم من أن مدة الاتفاقيات الصادر بها قوانين من السلطة التشريعية بلغ35 عاما ثم جاء سامح فهمي عام2000 وكان سعر برميل النفط يومها منخفضا للغاية ويبلغ نحو15 دولارا للبرميل وعدل الاتفاقيات لصالح الشريك الأجنبي وضد المصلحة المصرية ليرفعه إلي2.65 دولار وهو ما يكشف عن الخلل والفساد الكبير في اسعار تصدير الغاز للكيان الصهيوني وغيره من الدول وحتمية تعديله ويشير الخبير البترولي الدولي إلي أن برميل النفط يكافئ توليد6,5 مليون وحدة حرارية مما يعني حاليا أن سعر المليون وحدة حرارية يبلغ نحو16 دولارا في ظل سعر لبرميل النفط يبلغ مائة دولار ولكنه يباع عالميا بين8 الي13 دولار للمليون وحدة.
واصدار موازنة جديدة في غياب سياسات تصويب وتصحيح لاسعار الغاز الطبيعي والطاقة عموما يثير علامات استفهام حادة وقاسية عن قدرة حكومة الدكتور عصام شرف علي تحمل مسئولياتها وهي تفرط حتي الآن كما فرطت الحكومات الفاسدة ووزراء الطابور الخامس في المصالح العليا للدولة المصرية لأن هناك من القوانين التي تتيح لها التدخل لاعادة الانضباط والسيطرة علي الممارسات المنحرفة وعلي سبيل المثال تملك وزارة الصناعة والتجارة سلطة منح تراخيص التصدير لمصانع الأسمدة وغيرها من المصانع كثيفة الاستهلاك للطاقة حتي بنظام المناطق الحرة وهو ما يجب أن يكون ركيزة للتفاوض مع هذه المصانع للربط بين منحها تراخيص التصدير وبين القبول بتسعير جديد للغاز الطبيعي يتوافق مع الأسعار العالمية بحكم أن الانتاج سيتم تصديره لدول العالم بالأسعار العالمية وهو مايتناقض تماما مع الاسعار الزهيدة والبخسة التي تحصل بها علي الغاز الطبيعي وتتحمل قيمة الدعم الخزانة العامة للدولة وهو ما ينتقص من القدرة علي تلبية الاحتياجات المشروعة للمواطن كما يتم تقدير الدعم بأقل من قيمته الحقيقية بشكل كبير لتبرير هدر الثروة المصرية لصالح البعض الذين يحققون أرباحا بالغة الضخامة ويحققون ثروات فاحشة ويتسببون في تعميق الخلل الاقتصادي والاجتماعي ويصنعون ظاهرة مكروهة لتركز الثروة ولا يخفق من ذلك الخلل المروع الاعلان الغامض لفرض ضريبة علي الدخول التي تزيد علي10 ملايين جنيه سنويا مهما كان معدلها ونسبتها لأن القاعدة العالمية تؤكد أن أي صناعة أو نشاطا يحقق أرباحا ويكسب يجب أن يسدد ثمن الغاز الطبيعي والطاقة عموما والمواد الخام المحلية بالاسعار العالمية وهو ما ينطبق علي الكثير من الصناعات مثل الأسمدة والحديد والأسمنت والسيراميك وغيرها بغير تردد وبشكل فوري, بنفس الجرأة التي قررت بها الحكومة رفع اسعار سجائر الفقراء لتصل الضريبة إلي50% فقط لا غير بخلاف الرسوم الجمركية البالغة الارتفاع علي مادة الدخان.
لا يمكن القبول بتحويل مخططات الترويع الاقتصادي التي صنعت مناخ أحاديث الافلاس والانهيار للاقتصاد وللدولة والمجتمع الي مخططات للترويع المالي من خلال الموازنة العامة للدولة في ظل صناعة الشك في تقديراتها وسياساتها منذ اللحظة الأولي لانطلاقها وفي ظل التجاهل الصريح والواضح للطموحات التي عبرت عنها الإرادة الشعبية لتجفيف منابع الفساد والانحراف وحتمية المواجهة الصارمة مع كل السياسات التي صنعت الخلل الكبير والخطير في توزيع الدخل القومي وتوزيع الثروة الوطنية وتسببت في عدم شعور المواطن بعوائد التنمية وثمارها التي كانت دائما تذهب لارضاء نهم وشهوة التشكيل العصابي الاجرامي الحاكم.
مطلوب ميزانية انقاذ وتصحيح لتصويب المسار تملك بالفعل مقومات الوثيقة المالية والاقتصادية والاستثمارية للدولة المصرية بطموحاتها المشروعة للانطلاق للمستقبل الأفضل والأحسن كما تملك سياسات جريئة وصادقة وواعدة بالاصلاح الجذري وتبشر ببدء الطريق القويم لتلافي مأزق الانهيار والأفلاس الذي وقعت فيه اليونان وغيرها من دول العالم وهو ما يستوجب اسناد المسئوليات العامة إلي الأكثر خبرة ومعرفة وانتماء واقصاء الأسوأ والأفسد وحاشية الطابور الخامس والتشكيل العصابي الاجرامي للعهد البائد من كافة المواقع القيادية بغير تردد وبأقصي سرعة حتي لا تدفع مصر الثمن الغالي وتضيع فرصة الاصلاح والانقاذ؟!
المزيد من مقالات أسامة غيث


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.