«زي النهارده» في 10 أكتوبر 2009 .. وفاة الدكتور محمد السيد سعيد    انخفاض كبير في عيار 21 بالمصنعية.. مفاجأة ب أسعار الذهب والسبائك اليوم الجمعة بالصاغة    سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الجمعة 10 أكتوبر 2025    وزير العدل الفلسطيني: سنطلق اسم مصر على أكبر ميادين غزة.. والسلطة جاهزة لتسلم إدارة قطاع غزة    الحكومة الإسرائيلية تصدق على قرار وقف إطلاق النار في قطاع غزة    خليل الحية: غزة تصنع المعجزات وتؤكد أنها محرمة على أعدائها    إجراء عقابي محتمل من ترامب ضد النرويج حال عدم منحه نوبل للسلام وصحيفة تكشف ما يحدث    «أي هبد».. وليد صلاح الدين يهاجم نجمًا شهيرًا: «ناس عايزة تسترزق»    بمشاركة دغموم.. الجزائر المحلي ينتصر على فلسطين بثلاثية وديا    تفاصيل جلسة لبيب مع فيريرا وجون إدوارد    وليد صلاح: داري لا يعاني من إصابة مزمنة.. وهذا موقف عاشور وفؤاد وشكري    غرقت في ثوان، 13 صورة ترصد كسح مياه الأمطار من شوارع وميادين العجمي بالإسكندرية    بسبب محل.. التحقيق مع مسؤول بحي العمرانية لتلقيه رشوة من أحد الجزارين    طقس مائل للحرارة نهارًا ومعتدل ليلًا.. الأرصاد تكشف تفاصيل حالة الجو اليوم الجمعة 10 أكتوبر 2025 في مصر    تحويلات مرورية لتنفيذ أعمال إنشائية خاصة بمشروع المونوريل بالجيزة    ما بيحبوش الزحمة.. 4 أبراج بتكره الدوشة والصوت العالي    «كان نعم الزوج».. هناء الشوربجي تتحدث عن قصة حبها بالمخرج حسن عفيفي    ما تكتمش العطسة.. تحذير طبي من عادة خطيرة تسبب أضرار للدماغ والأذن    «هتكسبي منها دهب».. إزاي تعمل مشروع الشموع المعطرة في البيت؟    4 أعشاب سحرية تريح القولون وتعيد لجهازك الهضمي توازنه الطبيعي بشكل آمن    حبس ديلر المخدرات وزبائنه في المنيرة الغربية بتهمة حيازة مخدر البودر    اليوم، انطلاق انتخابات التجديد النصفي لنقابة الأطباء    استدعاء كريم العراقي لمعسكر منتخب مصر الثاني بالمغرب استعدادًا لكأس العرب    حماس: حصلنا على الضمانات.. والحرب انتهت بشكل كامل    التاريخ ويقترب من تحطيم رقم حسام حسن.. فيديو    تفاصيل جلسة حسين لبيب مع يانيك فيريرا فى الزمالك بحضور جون إدوارد    السيسي يُحمّل الشعب «العَوَر».. ومراقبون: إعادة الهيكلة مشروع التفافٍ جديد لتبرير الفشل    رسميًا.. موعد بداية فصل الشتاء 2025 في مصر وانخفاض درجات الحرارة (تفاصيل)    متى يتم تحديد سعر البنزين فى مصر؟.. القرار المنتظر    منتخب المغرب يهزم البحرين بصعوبة وديا (فيديو)    وزير الخارجية الإيطالى يشكر مصر والوسطاء على جهود التوصل لاتفاق سلام فى غزة    النيابة تصدر قرارًا ضد سائق وعامل بتهمة هتك عرض طالب وتصويره في الجيزة    الأرصاد الجوية تكشف تفاصيل طقس الجمعة 10 أكتوبر وأماكن سقوط الأمطار    تراجع حاد للذهب العالمي بسبب عمليات جني الأرباح    رئيس فولكس فاجن: حظر محركات الاحتراق في 2035 غير واقعي    أسامة السعيد ل إكسترا نيوز: اتفاق شرم الشيخ إنجاز تاريخي أجهض مخطط التهجير ومصر تتطلع لحل مستدام    اتحاد كتاب مصر ينعى الناقد والمؤرخ المسرحي عمرو دوارة    محافظ شمال سيناء: اتفاق وقف الحرب لحظة تاريخية ومستشفياتنا جاهزة منذ 7 أكتوبر    "كارمن" تعود إلى مسرح الطليعة بعد 103 ليلة من النجاح الجماهيري.. صور    كريم فهمي يكشف حقيقية اعتذاره عن مسلسل ياسمين عبد العزيز في رمضان 2026    كيف يحافظ المسلم على صلاته مع ضغط العمل؟.. أمين الفتوى يجيب    موعد أول أيام شهر رمضان 2026 فى مصر والدول العربية فلكيا    انخفاض جديد في البتلو والكندوز، أسعار اللحوم اليوم بالأسواق    وصول عدد مرشحى النظام الفردى لإنتخابات مجلس النواب الى 1733 شخصًا    أوقاف الفيوم تعقد 150 ندوة علمية في "مجالس الذاكرين" على مستوى المحافظة.. صور    عشان تحافظي عليها.. طريقة تنظيف المكواة من الرواسب    مباشر مباراة المغرب ضد كوريا الجنوبية الآن في كأس العالم للشباب 2025    روسيا ترحب باتفاق "حماس" وإسرائيل وتشيد بجهود الوسطاء: نأمل بوقف دائم لإطلاق النار    نقابة أطباء الأسنان بالدقهلية توضح ملابسات وفاة شاب داخل عيادة أسنان بالمنصورة    سعر الموز والتفاح والبطيخ والفاكهة في الأسواق اليوم الجمعة 10 أكتوبر 2025    داليا عبد الرحيم تهنيء الزميلة أميرة الرفاعي لحصولها على درجة الماجستير    أميرة أديب ترد على الانتقادات: «جالي اكتئاب وفكرت أسيب الفن وأتستت»    نصائح للأمهات، طرق المذاكرة بهدوء لابنك العنيد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 9-10-2025 في محافظة الأقصر    بيت الزكاة والصدقات يثمّن جهود الوساطة المصرية لوقف إطلاق النار في غزة    الثلاثاء المقبل.. أولى جلسات اللجنة الرئيسية لتطوير الإعلام بمقر الأكاديمية الوطنية للتدريب    كوارث يومية فى زمن الانقلاب…حريق محل مراتب بالموسكي ومصرع أمين شرطة فى حادث بسوهاج    دينا أبو الخير: قذف المحصنات جريمة عظيمة يعاقب عليها الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الميزانية وغياب سياسات الإنقاذ والتصويب
الثمن الفادح للتغافل العمدي عن رأس اليونان الطائر ونذر إفلاسها وانهيارها
نشر في الأهرام اليومي يوم 25 - 06 - 2011

ما يحدث من مظاهرات حاشدة في شوارع أثينا العاصمة اليونانية وكذلك في باقي المدن ما هو إلا رسالة تحذير شديدة اللهجة لكل الدول التي تتهاون وتتراخي في ضبط ميزانياتها العامة وفي إصلاح هيكل اقتصادها الوطني. والأكثر أهمية من نيران الغضب الشعبي الرافضة لسياسات التقشف المريرة هو ما يرتبط بخضوع اليونان للوصاية الدولية الكاملة وفقدانها التام للسيادة الوطنية علي سياساتها المالية والاقتصادية في ظل الخضوع بلا شروط لكل رغبات صندوق النقد والاتحاد الاوروبي ولا يقل خطورة في الدرس اليوناني القابعة علي الجانب الآخر من البحر الأبيض المتوسط حقيقة أن الانهيار والافلاس لم تصلحه فاتورة قروض دولية بالغة الضخامة تتجاوز قيمتها200 مليار دولار ويحتاج الامر الآن إلي فاتورة اضافية عاجلة وسريعة بنفس القيمة وسداد التكاليف الباهظة حتي لا يتم اعلان افلاس اليونان رسميا ظاهرة لاتتكرر حتي لا تضطر دول الاتحاد الأوروبي إلي اتخاذ القرار الصعب بفصلها من عضوية منطقة اليورو بحكم الانعكاسات السلبية علي اليورو وسعر صرفه وعلي طموحات تحوله لعملة دولية رئيسية في مواجهة الدولار الأمريكي.
وعلي الرغم من مشهد سقوط رأس اليونان الدامي علي مقصلة الفساد السياسي والاقتصادي وتهكم الأوروبيين علي أوضاعها ومطالبة الألمان بأن تبيع اليونان الجزر التي تملكها وهي كثيرة سدادا للديون المستحقة عليها, فإن المسئولين والخبراء والمختصين في مصر لم تصلهم الرسالة وكأن المنطق الأوروبي المطالب ببيع الجزر اليونانية وخروجها من نطاق سيادة الدولة الأم لن يتم مواجهة مصر به في يوم من الأيام إذا عجزت عن سداد ديونها ويومها لن يكون غريبا إذا صدرت تعليقات مماثلة رسمية وصحفية تطالب بأن يتم بيع سيناء للراغبين في الشراء كشرط من شروط المساندة والدعم وليس هناك ما يمنع البعض من أصحاب النفوذ والمصالح من الحديث عن بيعها تخصيصا لليهود من حاملي جنسية الكيان الصهيوني, وبعيدا عن قصص البيع والشراء وما تتضمنه من دلالات ومعان فإن مجرد الوقوع في فخ المشروطية الدولية ومجرد الخضوع لوصاية المقترضين الخارجين يعني بمعايير العالم الحديث التنازل الواسع النطاق عن السيادة الوطنية ليس فقط في ميادين الاقتصاد والمال ولكن بالضرورة والحتم في ميادين السياسة والحضارة والثقافة وفي كل ما يخص الأمن القومي بجميع مشتملاته ومكوناته.
ومع ما أحاط اقرار الموازنة العامة للدولة في مجلس الوزراء باجتماعه يوم الأربعاء الماضي وحديث التعديلات الجذرية فإن كوميديا الموازنة العامة السوداء قد تصاعدت وتيرتها مع مفاجأة العيار الثقيل التي تضمنت والتخفيض الفجائي للعجز الاجمالي من11% إلي8.6% من الناتج المحلي الاجمالي وكان وزير المالية بوصفه راعيا من رعاة الأصولية الرأسمالية ومسئولا عن نفاذ وصلاحية سياسات الرأسمالية المتوحشة قد أعلن في مؤتمر صحفي سابق أن العجز بالموازنة يبلغ10.9% من الناتج المحلي الاجمالي وبقدرة القدير العظيم وكأن موازنات الدول مجرد تمرين حسابي يشكل نسبة العجز, كما يشاء ويملك قدرة تخفيض العجز بمعدل2.3% في غياب حزمة الاصلاحات المالية والاقتصادية الواجبة واللازمة وبدون الاعلان عن سياسات تقشف لتوفير الانفاق وبلغة الأرقام, فإن ذلك يجب أن يعني تخفيضا في الانفاق أو زيادة في الايرادات العامة قيمتها نحو37 مليار جنيه وهو ما كان يستوجب الشرح والايضاح ويستدعي التفسير المطول حتي يعرف الرأي العام بنود الانفاق التي تم الاقتطاع منها وبنود الايرادات التي تم زيادة تدفقاتها ومن يتحمل تكاليفها خاصة أن مجلس الوزراء أعلن في بيانه المقتضب أن معدل العجز الاجمالي المتوقع للميزانية الحالية التي تنتهي في30 يونيو الحالي يصل إلي9.5% وهو ما كان يستوجب ايضا التفسير والشرح.
ومجرد تحليل بسيط للمؤشرات الصادرة من مجلس الوزراء يثبت أن لعبة الأرقام في حكومة الدكتور شرف أصبحت لعبة تستعصي علي الفهم وتستجهل المواطن ولا تلقي بالا للخبراء والمختصين في علوم المال والاقتصاد فهي تتحدث بلغة أرقام مغلوطة وخاطئة تستفز القاريء غير المتخصص وتستهزئ بكل تخصص وعلم ومعرفة, حيث يشير البيان الهمايوني الصادر من الباب العال إلي أن تقديرات مشروع الموازنة الجديدة تبلغ490.6 مليار جنيه بزيادة14.7% عن المتوقع لموازنة العام الجاري ويرصد في نفس الوقت تراجع معدل النمو إلي5,3% وعلي الرغم من كل ذلك يصر علي أن العجز الاجمالي سيتراجع من9.5% إلي8.6% كما يصر علي أن جملة الايرادات العامة سترتفع بالزيادة3,55 مليار جنيه وهو ما لا يتوافق مع توقعات النمو المتواضعة ولا تبرره حصيلة القرارات الجديدة المعلن عنها الاضافية ويعني ذلك أن دلالات الأرقام من حيث القيمة تفقد الكثير من معناها ومصداقيتها. خاصة أن تمويل العجز الاجمالي بأبعاده الثلاثة الجاري والرأسمالي والاستثماري غير محدد الأبعاد والمعالم بصورة تفصيلية دقيقة ولا يكشف بشكل دقيق وشفاف عن المكون الأجنبي وتفعيلاته من المنح والمساعدات والقروض التي ثار الكثير من الجدل والنقاش حولها علي امتداد الأشهر الماضية.
وكان من الواجب الضروري وفقا للبيان الصادر عن مجلس الوزراء الذي يصف ظروف الاقتصاد المصري التي تعد فيها الموازنة العامة بأنها استثنائية أن يسعي المجلس لأن ترتقي الميزانية إلي ما يتواءم مع هذه الظروف الاستثنائية من خلال حزمة متكاملة من السياسات المالية والاقتصادية والاستثمارية الاستثنائية غير التقليدية كما صنعت دول العالم المتقدمة لمواجهة كارثة الازمة المالية العالمية في عام2008 بما يسهم في وضع الركائز والأسس الصحيحة للانطلاق والانتعاش في المستقبل ويعني ذلك بالحتم اتخاذ قرارات جريئة وعلمية تصوب الكثير من الأوضاع والأسس الخاطئة والفاسدة التي تحكمت في اعداد الميزانية المصرية علي امتداد السنوات الماضية خاصة في ظل سطوة وسيطرة الأصولية الرأسمالية وقراصنة الرأسمالية المتوحشة علي مقاليد الأمور في الدولة المصرية وتسخيرهم الموازنة العامة لخدمة مصالح الاحتكار وتوليد الثروات الفاسدة وتضخيم الأرباح الحرام ونهب الايرادات العامة وفرض قواعد السفه والانحراف علي الكثير من بنود الانفاق العام وتوجيه عشرات المليارات من الجنيهات لانفاق جار واستثماري يصب في مصالح قلة قليلة من قيادات التشكيل العصابي الاجرامي للعهد البائد مثل تحمل الموازنة العامة تكاليف توصيل المرافق العامة من طرق وكبار واتصالات ومياه وصرف صحي وكهرباء لمشروعات صفوة الطابور الخامس وهو ما يتجاوز كثيرا أحاديث تخصيص الأرض لهذه المشروعات بملاليم زهيدة ويرتبط بتحمل الموازنة العامة المباشر لتكاليف استثمارية باهظة بديلا عن لصوص رجال الأعمال بخلاف الأجور الفاجرة للقيادات العليا والمستشارين والمكافآت للغلمان والمماليك والانفاق الطرفي المظهري في نهب منظم للتدفقات الخارجية لمصر بديلا عن تخصيصها للتنمية والتقدم والتحديث الفعلي الفعال.
وبحكم أن وصايا الأصولية الرأسمالية وقواعد الرأسمالية المتوحشة مازالت تتحكم في الموازنة العامة للدولة فإن دعم الطاقة المفزع والمروع الذي تسبب في خراب موازنات الكثير من دول العالم وجرها للافلاس والانهيار تم الاقتراب منه علي استيحاء وخجل لتخفيض3.5 مليار جنيه من قيمته الاجمالية حيث تمخضت التعديلات الجوهرية المزعومة عن تخفيضه من99 مليار جنيه إلي حدود95.5 مليار جنيه ويكشف ذلك عن الخلل المروع في التقييم وعن غياب المعايير الحاكمة المنضبطة عند توزيع الايرادات العامة علي النفقات العامة وفي مقدمتها أهمال وتجاهل الأولويات الملبية لطموحات المواطن والتركيز في الحفاظ علي مصالح القلة القليلة والدليل علي ذلك أن البيان قد تضمن تراجعا واضحا عن التنفيذ الفعلي لرفع الحد الأدني للأجور إلي700 جنيه بما يعنيه من الرفع الكامل لهيكل الأجور من القمة للقاعدة باعتباره مطلبا انسانيا ومطلبا اقتصاديا لاصلاح أحوال العمل والعاملين حيث اقتصرت الموازنة علي تخصيص9 مليارات جنيه لما أطلق عليه البيان تدليلا وتدليعا اقرار رفع أقل نسبة للأجر المتغير من75% إلي200% وهو ما يحقق وصول اجمالي الأجر الشامل إلي700 جنيه تقريبا ويشكل ذلك التفافا سخيفا وابتذالا رخيصا لكل ما دار النقاش العام حوله ولكل ما تم اعلانه وهو صدمة قاتلة لكافة الطموحات والتوقعات لابد وأن تصنع رد فعل شديد الاحباط والسلبية وتقطع كافة خيوط الثقة الباقية بين الشعب والحكومة.
ولو كانت الحكومة تملك رؤية اصلاحية متواضعة لأدركت أن دعم الطاقة هو بوابة جهنم التي يجب اغلاقها بأسرع وقت ممكن حتي لا تتسبب في حرق مجمل الاقتصاد المصري ومالية الدولة في ظل حقيقة شديدة التواضع تؤكد أن حسابات الدعم الحقيقية تفوق الأرقام الواردة بالموازنة العامة للدولة خاصة بالنسبة للغاز الطبيعي ويجب أن يعلن علي الملأ الأسعار المرجعية التي حسب بناء عليها تقديرات دعم الغاز الطبيعي حيث تردد أن مرجعية حساب الدعم للمشتقات البترولية هو مائة دولار كسعر لبرميل النفط ولكن فزورة اسعار الغاز وقيمة دعمه تبقي في غياهب الجب المظلم فهل يتم حساب قيمة دعم الغاز الطبيعي بناء علي سعر بيعه المتدني المنحرف للكيان الصهيوني الذي مازال يتردد في الآونة حتي الآن أنه يتراوح بين75 سنتا وبين5,1 دولار للمليون وحدة حرارية أم أنه سعر شراء الغاز من الشريك الأجنبي البالغ65,2 دولار للمليون وحدة حرارية أم أن القاعدة المطبقة بالنسبة للمشتقات البترولية التي تأخذ متوسط الأسعار العالمية المتوقعة هي نفسها المطبقة علي الغاز الطبيعي الذي تتراوح اسعاره وفقا لها بين8 دولارات و13 دولارا للمليون وحدة حرارية حتي يعرف القاصي والداني حقيقة الدعم الذي يحصل عليه اعضاء التشكيل العصابي للمافيا الحاكمة من أموال الخزانة العامة وحتي يعرف أهل المال والاقتصاد حقيقة الخراب والنهب والسرقة وقيمتها وتقديراتها.
وقد اتصلت بالدكتور حسين عبدالله شيخ مشايخ خبراء اقتصادات البترول العالمي لاستيضاح بعض جوانب السرقة العلنية لثروة مصر من الغاز الطبيعي فأفاد أن الاتفاقيات الموقعة بين مصر والشريك الأجنبي كانت تقضي منذ توقيعها عام1994 بحصول مصر علي الغاز للاستهلاك المحلي بحد أقصي8,1 دولار للمليون وحدة حرارية ثم جاء الوزير حمدي البنبي وعدله ليصبح الحد الأقصي2.4 دولار بالرغم من أن مدة الاتفاقيات الصادر بها قوانين من السلطة التشريعية بلغ35 عاما ثم جاء سامح فهمي عام2000 وكان سعر برميل النفط يومها منخفضا للغاية ويبلغ نحو15 دولارا للبرميل وعدل الاتفاقيات لصالح الشريك الأجنبي وضد المصلحة المصرية ليرفعه إلي2.65 دولار وهو ما يكشف عن الخلل والفساد الكبير في اسعار تصدير الغاز للكيان الصهيوني وغيره من الدول وحتمية تعديله ويشير الخبير البترولي الدولي إلي أن برميل النفط يكافئ توليد6,5 مليون وحدة حرارية مما يعني حاليا أن سعر المليون وحدة حرارية يبلغ نحو16 دولارا في ظل سعر لبرميل النفط يبلغ مائة دولار ولكنه يباع عالميا بين8 الي13 دولار للمليون وحدة.
واصدار موازنة جديدة في غياب سياسات تصويب وتصحيح لاسعار الغاز الطبيعي والطاقة عموما يثير علامات استفهام حادة وقاسية عن قدرة حكومة الدكتور عصام شرف علي تحمل مسئولياتها وهي تفرط حتي الآن كما فرطت الحكومات الفاسدة ووزراء الطابور الخامس في المصالح العليا للدولة المصرية لأن هناك من القوانين التي تتيح لها التدخل لاعادة الانضباط والسيطرة علي الممارسات المنحرفة وعلي سبيل المثال تملك وزارة الصناعة والتجارة سلطة منح تراخيص التصدير لمصانع الأسمدة وغيرها من المصانع كثيفة الاستهلاك للطاقة حتي بنظام المناطق الحرة وهو ما يجب أن يكون ركيزة للتفاوض مع هذه المصانع للربط بين منحها تراخيص التصدير وبين القبول بتسعير جديد للغاز الطبيعي يتوافق مع الأسعار العالمية بحكم أن الانتاج سيتم تصديره لدول العالم بالأسعار العالمية وهو مايتناقض تماما مع الاسعار الزهيدة والبخسة التي تحصل بها علي الغاز الطبيعي وتتحمل قيمة الدعم الخزانة العامة للدولة وهو ما ينتقص من القدرة علي تلبية الاحتياجات المشروعة للمواطن كما يتم تقدير الدعم بأقل من قيمته الحقيقية بشكل كبير لتبرير هدر الثروة المصرية لصالح البعض الذين يحققون أرباحا بالغة الضخامة ويحققون ثروات فاحشة ويتسببون في تعميق الخلل الاقتصادي والاجتماعي ويصنعون ظاهرة مكروهة لتركز الثروة ولا يخفق من ذلك الخلل المروع الاعلان الغامض لفرض ضريبة علي الدخول التي تزيد علي10 ملايين جنيه سنويا مهما كان معدلها ونسبتها لأن القاعدة العالمية تؤكد أن أي صناعة أو نشاطا يحقق أرباحا ويكسب يجب أن يسدد ثمن الغاز الطبيعي والطاقة عموما والمواد الخام المحلية بالاسعار العالمية وهو ما ينطبق علي الكثير من الصناعات مثل الأسمدة والحديد والأسمنت والسيراميك وغيرها بغير تردد وبشكل فوري, بنفس الجرأة التي قررت بها الحكومة رفع اسعار سجائر الفقراء لتصل الضريبة إلي50% فقط لا غير بخلاف الرسوم الجمركية البالغة الارتفاع علي مادة الدخان.
لا يمكن القبول بتحويل مخططات الترويع الاقتصادي التي صنعت مناخ أحاديث الافلاس والانهيار للاقتصاد وللدولة والمجتمع الي مخططات للترويع المالي من خلال الموازنة العامة للدولة في ظل صناعة الشك في تقديراتها وسياساتها منذ اللحظة الأولي لانطلاقها وفي ظل التجاهل الصريح والواضح للطموحات التي عبرت عنها الإرادة الشعبية لتجفيف منابع الفساد والانحراف وحتمية المواجهة الصارمة مع كل السياسات التي صنعت الخلل الكبير والخطير في توزيع الدخل القومي وتوزيع الثروة الوطنية وتسببت في عدم شعور المواطن بعوائد التنمية وثمارها التي كانت دائما تذهب لارضاء نهم وشهوة التشكيل العصابي الاجرامي الحاكم.
مطلوب ميزانية انقاذ وتصحيح لتصويب المسار تملك بالفعل مقومات الوثيقة المالية والاقتصادية والاستثمارية للدولة المصرية بطموحاتها المشروعة للانطلاق للمستقبل الأفضل والأحسن كما تملك سياسات جريئة وصادقة وواعدة بالاصلاح الجذري وتبشر ببدء الطريق القويم لتلافي مأزق الانهيار والأفلاس الذي وقعت فيه اليونان وغيرها من دول العالم وهو ما يستوجب اسناد المسئوليات العامة إلي الأكثر خبرة ومعرفة وانتماء واقصاء الأسوأ والأفسد وحاشية الطابور الخامس والتشكيل العصابي الاجرامي للعهد البائد من كافة المواقع القيادية بغير تردد وبأقصي سرعة حتي لا تدفع مصر الثمن الغالي وتضيع فرصة الاصلاح والانقاذ؟!
المزيد من مقالات أسامة غيث


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.