الجدل الدائر الآن بين بعض القوي السياسية حول الدستور أولا أم الانتخابات البرلمانية يجب أن يوضع في حجمه الحقيقي, وألا يطغي علي أولويات العمل السياسي لثورة يناير, حتي لا يشعر المواطن العادي الذي يعلق آمالا كثيرة علي الثورة في تحسين أوضاعه المعيشية بالدرجة الأولي. بالاحباط, عندما يري أن النخبة السياسية انشغلت عنه بحلقة مفرغة من الخلافات حول ترتيب الأولويات. لقد رسم المجلس الأعلي للقوات المسلحة خارطة طريق للمرحلة الانتقالية بالتعاون مع جميع القوي السياسية والاجتماعية, وعبر سلسلة من الاجراءات بلغت ذروتها في الاستفتاء علي التعديلات الدستورية ثم الإعلان الدستوري, ومن البديهي الالتزام بهذه الخارطة حتي لا ندخل في دوامة من الفوضي. فإذا كانت هناك بعض الآراء التي تري ضرورة تغيير الأولويات لتكون الدستور أولا ثم الانتخابات البرلمانية والرئاسية, لابد من التوافق حولها حتي تكتسب الشرعية التي تجعلها قابلة للتنفيذ. ولن يتم هذا التوافق إلا عبر حوار جاد بين جميع القوي السياسية ذات الشعبية الحقيقية, ودون اقصاء لأي فصيل أو قوة لها وجودها الفعلي في الشارع المصري, وأن يرفع الجميع شعار مصر أولا.. سواء الذين ينادون بالدستور أولا.. أو بالانتخابات أولا. إن ملايين المصريين الذين شاركوا في الثورة أو اعلنوا تأييدهم لها ينتظرون بفارغ الصبر عبور المرحلة الانتقالية, وعودة الاستقرار, وصولا إلي تحقيق احلامهم المشروعة في دولة ديمقراطية عصرية تحقق العدالة الاجتماعية وترفع مستوي المعيشة للجميع, ولن يسمحوا بتحطم احلامهم علي صخرة الخلافات السياسية.