تفوق للجانرز.. تاريخ مواجهات اليونايتد وأرسنال في الدوري الإنجليزي    "قلبه كان حاسس".. منشور غريب من تيمور تيمور قبل وفاته    إلزام المؤسسات التعليمية بقبول 5% من ذوى الإعاقة في المنظومة.. اعرف التفاصيل    البورصة المصرية تربح 14.5 مليار جنيه في ختام تعاملات الأحد    وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تلتقي السفير الياباني والممثل الرئيسي لهيئة التعاون الدولي اليابانية «جايكا»    مصر تجدد رفضها تهجير الفلسطينيين وتدعو الدول لعدم المشاركة في الجريمة النكراء    وكيل الأزهر ووزير الثقافة.. غدًا تكريم الفائزين في مسابقة (ثقافة بلادي 2)    طقس يوم الاثنين .. حار نهارا ونشاط رياح يلطف الأجواء والعظمى بالقاهرة 35 درجة    حماة الوطن: بدأنا استعدادات مبكرة لخوض انتخابات النواب..وانتقاء دقيق للمرشحين    شرم الشيخ للمسرح الشبابي يعلن تفاصيل مسابقة "أبو الحسن سلام" في دورته 10    مرصد الأزهر: تعليم المرأة في الإسلام فريضة شرعية والجماعات المتطرفة تحرمه بقراءات مغلوطة    الأمم المتحدة: مقتل 1760 من الباحثين عن المساعدات    إنفانتينو عن واقعة ليفربول وبورنموث: لا مكان للعنصرية في كرة القدم    المجلس الوطني الفلسطيني: إدخال الخيام في غزة «مؤامرة ومقدمة للتهجير»    الأنبا ثيئودوسيوس يترأس القداس الإلهي بكنيسة العذراء مريم بفيصل    على خطى بالمر.. هل يندم مانشستر سيتي وجوارديولا على رحيل جيمس ماكاتي؟    أزمة الراتب.. سر توقف صفقة انتقال سانشو لصفوف روما    رئيس هيئة قناة السويس يوجه بصرف مليون جنيه دعما عاجلا لنادى الإسماعيلى    مصر تحصد ذهبية التتابع المختلط بختام بطولة العالم للخماسي الحديث تحت 15 عامًا    مدير عام الطب البيطري سوهاج يناشد المواطنين سرعة تحصين حيواناتهم ضد العترة الجديدة    الداخلية تكشف ملابسات تداول منشور تضمن مشاجرة بين شخصين خلافا على انتظار سيارتيهما بمطروح    عاجل| قرار وزاري جديد بشأن عدادات المياه المنزلي والتجاري    أمن قنا يكثف جهوده لضبط مطلقي النيران داخل سوق أبودياب    شئون البيئة بالشرقية: التفتيش على 63 منشآة غذائية وصناعية وتحرير محاضر للمخالفين    نقيب السكة الحديد: 1000 جنيه حافز للعاملين بالهيئة ومترو الأنفاق بمناسبة المولد النبي    الخارجية الروسية تتوقع فوز خالد العناني مرشح مصر في سباق اليونيسكو    انطلاق العرض المسرحي «هاملت» على مسرح 23 يوليو بالمحلة    25 باحثا يتناولون تجربة نادي حافظ الشعرية بالدراسة والتحليل في مؤتمر أدبي بالفيوم    أحمد سعد يغني مع شقيقة عمرو «أخويا» في حفله بمهرجان مراسي «ليالي مراسي»    رئيسة القومي للمرأة تهنئ المستشار محمد الشناوي بتوليه رئاسة هيئة النيابة الإدارية    136 مجلسا فقهيا لمناقشة خطورة سرقة الكهرباء بمطروح    «الرعاية الصحية» تطلق مبادرة NILE وتنجح في أول تغيير لصمام أورطي بالقسطرة بالسويس    «يوم أو 2».. هل الشعور بألم العضلات بعد التمرين دليل على شيء مفرح؟    مدير تعليم القليوبية يكرم أوائل الدبلومات الفنية على مستوى الجمهورية    مصرع 3 عناصر إجرامية في تبادل إطلاق نار مع الشرطة بأسيوط    المفتي يوضح حكم النية عند الاغتسال من الجنابة    الأونروا :هناك مليون امرأة وفتاة يواجهن التجويع الجماعي إلى جانب العنف والانتهاكات المستمرة في غزة    وزير الصناعة والنقل يتفقد معهد التبين للدراسات المعدنية التابع لوزارة الصناعة    930 ألف خدمة طبية بمبادرة 100 يوم صحة في بني سويف    الصحة: 30 مليون خدمة طبية للمواطنين خلال النصف الأول من 2025    مركز تميز إكلينيكي لجراحات القلب.. "السبكي" يطلق مبادرة لاستعادة "العقول المهاجرة"    صحفي فلسطيني: أم أنس الشريف تمر بحالة صحية عصيبة منذ استشهاد ابنها    يسري جبر: الثبات في طريق الله يكون بالحب والمواظبة والاستعانة بالله    دعوى قضائية أمريكية تتهم منصة روبلوكس ب"تسهيل استغلال الأطفال"    إصلاح الإعلام    ما الذى فقدناه برحيل «صنع الله»؟!    7 بطاركة واجهوا بطش الرومان وقادوا الكنيسة المصرية ضد تيار الوثنية    حظك اليوم وتوقعات الأبراج    "يغنيان".. 5 صور لإمام عاشور ومروان عطية في السيارة    قوات الاحتلال تُضرم النار في منزل غربي جنين    «ميلعبش أساسي».. خالد الغندور يهاجم نجم الزمالك    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 بحسب أجندة رئاسة الجمهورية    هيئة الأركان الإيرانية تحذر الولايات المتحدة وإسرائيل: أي مغامرة جديدة ستقابل برد أعنف وأشد    نتنياهو: لا اتفاق مع حماس دون إطلاق الأسرى دفعة واحدة ووقف الحرب بشروطنا    راحة للاعبي الزمالك بعد التعادل مع المقاولون واستئناف التدريبات الاثنين    المصرية للاتصالات تنجح في إنزال الكابل البحري "كورال بريدج" بطابا لأول مرة لربط مصر والأردن.. صور    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الجديد.. سعر الذهب اليوم الأحد 17 أغسطس محليًا وعالميًا (تفاصيل)    أخبار 24 ساعة.. إطلاق البرنامج المجانى لتدريب وتأهيل سائقى الشاحنات والأتوبيسات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نعمة الرضا والقناعة

دخل الأب علي ابنه الشاب وهو يتناول طعام إفطاره وهو شارد الذهن عابس الوجه‏,‏ تبدو عليه علامات الضيق والاكتئاب فسأله‏:‏ ماذا بك؟ فأجاب الابن بعد تردد وإلحاج من الأب‏:‏ متضايق‏..‏ أشعر أن كل شيء حولي سييء‏..‏ أشعر أن مستقبلي غير واضح‏..‏ بل هو مستقبل مظلم‏..‏ لا أشعر بالسعادة مطلقا‏..‏ فماذا بقي في هذه الحياة يدعو للرضا عنها؟
واستمع الأب جيدا إلي ابنه‏,‏ وتركه يفرغ ما بداخله من شحنات الغضب والسلبية حتي فرغ من كلامه‏,‏ فربت علي كتفه وجلس بجانبه‏,‏ ثم بدأ كلامه معه قائلا‏:‏ يا بني ان العبد منا لا يدرك حكمة الله سبحانه وتعالي في تصريف الأمور‏,‏ فكم من خير فرحنا به ورقصنا له طربا فكان هو الشر بعينه‏,‏ وكم من أمر ظنناه شرا وأقمنا الدنيا ولم نقعدها من أجله فكان هو الخير بعينه وعسي أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسي أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون صدق الله العظيم‏.‏ فسبحان الله من تجلي في سماه يرزق ويكرم ويعطي‏,‏ فنعمه لا تعد ولا تحصي‏,‏ والتفت إلي ابنه يسأله وهو يجلس إلي جواره‏:‏ لقد سألت ما الذي يدعو إلي الرضا في هذه الحياة؟ هل تدري ماذا يدعو للرضا في هذه الحياة؟ تعال نسترجع معا نصف الساعة التي قضيتها منذ أن استيقظت وتناولت افطارك حتي الآن‏.‏
لقد استيقظت يا بني من نومك وكنت دافئا ملتحفا في سريرك تحيط بك أربعة جدران وسقف بينما هناك من لا يجد حتي سقفا يؤويه‏,‏ فلتحمد الله علي هذا‏,‏ ثم تحمده علي أن رد اليك روحك بعد أن أمسك أرواحا أخري‏,‏ وتذكر قوله عز وجل‏(‏ الله يتوفي الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضي عليها الموت ويرسل الأخري إلي أجل مسمي‏)‏ الزمر‏42.‏
فالنوم هو ميتة صغري‏,‏ وبذلك أعطاك المولي جل وعلا فرصة أخري لكي تعدل مسارك وتتوب إليه قبل أن تلقاه‏,‏ لتبعث علي الإيمان والتوبة لأن المرء يبعث علي ما مات عليه‏.‏
ثم فتحت عينيك علي صوت جرس المنبه فنهضت من سريرك‏..‏ هل تعلم كم نعمة أنعم الله بها عليك خلال هذه الحركة التلقائية؟ لقد سمعت جرس المنبه فأيقظك بينما كنت تغط في نوم عميق‏,‏ فحاسة السمع هي الوحيدة من بين الحواس الخمس التي تعمل والإنسان نائم‏,‏ ثم أنك قد سمعت وغيرك أصم لا يسمع‏,‏ ففتحت عينيك ورأيت ضوء النهار فأبصرت وغيرك لا يبصر‏,‏ وانتفضت من سريرك لكي تدخل الحمام‏,‏ فاستجاب لك جسدك مع أن هناك من لا يتحرك إلا إذا حركه أو ساعده أحد آخر لأنه مشلول أو عاجز‏,‏ ولا يقوي حتي علي وضع قدمه علي الأرض‏,‏ يا بني انك تعيش في نعمة الله‏,‏ بينما المريض والعاجز يعيش في معية الله‏,‏ وإذا صبر فإنه سوف ينال أجره يوم القيامة دون أي حساب لأن هذا هو جزاء الصابرين‏(‏ انما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب‏)‏ فذلك هو العدل الإلهي‏.‏
تأمل جيدا أنك عندما أردت أن تقضي حاجتك قد استطعت أن تتحكم في نفسك‏,‏ ولم يحدث هذا لك بشكل لا إرادي يجعل من حولك ينفرون منك‏,‏ لقد أكرمك الله ودخلت إلي الحمام سائرا علي قدميك‏,‏ وقضيت حاجتك‏,‏ وآه لو تعلم عظمة هذه النعمة‏,‏ فقد روي أن ابن السماك دخل علي الرشيد يوما فاستسقاه‏,‏ فأتي بكوز فلما أخذه الرشيد قال له ابن السماك‏:‏ علي رسلك يا أمير المؤمنين لو منعت هذه الشربة بكم كنت تشتريها؟ قال بنصف ملكي‏,‏ فقال له اشرب هنأك الله تعالي‏,‏ فلما شربها عاد فقال له أسألك يا أمير المؤمنين لو منعت خروجها من بدنك بماذا كنت تشتري خروجها؟ قال بجميع ملكي‏,‏ فقال ابن السماك‏:‏ إن ملكا قيمته شربة ماء وبوله لجدير أن لا ينافس فيه‏,‏ فبكي هارون الرشيد بكاء شديدا‏.‏
ثم عاد الأب يعدد لابنه بعضا من النعم التي تحثه علي الرضا خلال هذه نصف الساعة التي مرت به منذ استيقاظه وقال لابنه‏:‏ لقد غسلت وجهك وتوضأت وتطهرت‏,‏ وهناك من لا يجد مثل هذا الماء النظيف الذي يجب ألا تسرف في استخدامه‏,‏ وخرجت وصليت فأحمد الله علي نعمة الإيمان‏,‏ فهناك من هم قلوبهم غلف الذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم‏,‏ وطلبت إفطارك من والدتك‏,‏ فتحرك لسانك بما يريد مخك أن يقوله ويعبر عنه‏,‏ وهناك من لا يستطيع أن ينطلق‏,‏ وإذا نطق لا يستطيع التعبير عما يريد‏,‏ وإذا عبر لا يجد من يستمع إليه أو يفهمه‏,‏ وأتت لك والدتك بهذا الطعام وأخذت تأكله واستطعت أن تفتح فمك وتمضغ طعامك بأسنانك‏,‏ وغيرك لا يملكها‏,‏ فأحسست بطعمه واستسغته وإلا لما أكلته‏,‏ وهناك من لا يشعر بذلك لأنه يفقد حاسة التذوق‏,‏ وأخذت تبتلعه دون أن يحدث لك مكروه مع أن إصابة عصب واحد يمكن أن تجعلك غير قادر علي المضغ أو البلع‏,‏ فيدخل طعامك في جهازك التنفسي فتشرق أو تختنق‏,‏ ثم إنك انفعلت وبدأت تقص علي ما بداخلك وتلك نعمة يفتقدها الكثيرون ولا يستطيعون التعبير عما بداخلهم من مشاعر وأحاسيس‏,‏ ووجدت أيضا من يستمع إليك وتلك نعمة أخري‏..‏ ونعم أخري كثيرة لايتسع المجال لذكرها‏(‏ وأن تعدوا نعمة الله لا تحصوها‏)‏صدق الله العظيم‏.‏
واعتدل الأب في جلسته وقال‏:‏ أتدري يا بني ما ينقصك؟ ان ما ينقصك هو نعمة الرضا فأنت دائما تبحث عن الرزق المادي أو الايجابي‏,‏ مع أن هناك الكثير من الرزق السلبي الذي منحك الله اياه ولا تشعر بوجوده‏,‏وهو ما يطلق عليه البعض البركة أو الستر الذي يجعل ما لديك يسترك ويكفيك‏,‏ فالرضا ينبغي أن ينبع من داخلك‏,‏ وتذكر أننا مخلوقون في هذه الدنيا في كبد‏(‏ لقد خلقنا الإنسان في كبد‏)‏ البلد‏4‏ أي تعب ومشقة‏,‏ فيجب أن نتعامل معها في هذا الاطار ونصبر ونعمل ما علينا ونترك الباقي لله‏,‏ فما بين غمضة عين وانتباهتها يبدل الله من حال إلي حال‏,‏وعندما يضيق بك الحال لا تقل يارب عندي هم كبير ولكن قل ياهم عندي رب كبير‏,‏ وتذكر الحديث القدسي الرائع الذي يقول فيه رب العزة يابن آدم‏..‏ عندك ما يكفيك‏,‏ وأنت تطلب ما يطغيك‏,‏ لا بقليل تقنع‏..‏ ولا من كثير تشبع‏..‏ إذا أصبحت معافي في جسدك‏,‏ آمنا في سربك‏,‏ وعندك قوت يومك‏,‏ فعلي الدنيا العفاء‏..‏ يا بني ادعو الله دائما بقولك‏:‏ اللهم عرفنا النعمة بدوامها ولا تعرفنا النعمة بزوالها‏.‏
وحضن الابن أباه وقال‏:‏ الحمد لله الذي منحني إياك‏,‏ والحمد لله علي نعمة الرضا‏,‏ والحمد لله علي نعمة الحمد‏,‏ الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه‏.‏

المزيد من مقالات عبد الهادى مصباح


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.