جعل الله السنة اثني عشر شهرا, وجعل منها أربعة أشهر حرم, أي يحرم فيها القتال بين الناس دولا وعشائر, مسلمين وغير مسلمين, قال تعالي: إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم. يقول الدكتور سالم مرة أستاذ الفقه بجامعة الأزهر إن من أعظم فضائل شهر رجب أنه من الأشهر الحرم التي يحرم فيها القتال, ويعظم فيها العصيان, يقول الرسول صلي الله عليه وسلم: إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السماوات والأرض السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم, ثلاثة متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم, ورجب مضر الذي بين جمادي وشعبان, ويشير الرسول صلي الله عليه وسلم في حديثه هذا إلي إبطال ما كانت الجاهلية تفعله من النسيء, كما قال الله تعالي: إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله زين لهم سوء أعمالهم والله لا يهدي القوم الكافرين, فقد كان العرب في الجاهلية يبدلون بعض الأشهر الحرم بغيرها من الشهور, فيحرمونها بدلها, ويحلون ما أرادوا تحليله من الأشهر الحرم إذا احتاجوا إلي ذلك, إلي أن جاء الإسلام ووافق حجة الوداع صار رجوع التحريم إلي شهر محرم الحقيقي. وسبب تحريم هذه الأشهر الأربعة عند العرب حتي يتمكنوا من الحج والعمرة, وقضاء حوائجهم وأمور معاشهم, وقد شرع الله في الإسلام تحريم القتال في الحرم, قال تعالي: يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام, ولكن هل تحريم القتال في الأشهر الحرم مستمر إلي وقتنا هذا أم تغير الحال ونسخ؟ فجمهور العلماء يرون أنه نسخ, وتغير, لأن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يشتغلون في القتال ويسيرون في الغزوات, وبعد انتقال الرسول صلي الله عليه وسلم إلي الرفيق الأعلي لم يقل أحد منهم إن القتال في هذه الأشهر باق, فكان هذا إجماعا نص عليه الإمام أحمد رضي الله عنه. وأما ما ورد في شهر رجب من الصلاة والصيام, مثل صلاة الرغائب, وهذه الصلاة لم يكن أحد يعرفها من الصحابة, ولم يصح عن النبي صلي الله عليه وسلم في شهر رجب صلاة تختص به, فمثل هذه الصلوات باطلة وربطها بهذا الشهر يعتبر من الأشياء التي لم يصح فيها حديث, وشهر رجب له أسماء عديدة.. منها أنه سمي برجب مضر لأن قبيلة مضر كانت تعظم هذا الشهر وتكثر فيه من المآدب والمآثر حتي نسب إليها, وأيضا من أسمائه منصل الأسنة لأن السيوف والأسلحة كانت تغمد في نصالها, كذلك سمي شهر الله الأصم لعدم سماع صوت الأسلحة أو القتال فيه, وغير ذلك من الأسماء فهو شهر عظيم وكفاه فخرا أن الله حرم القتال فيه, وحرم علي الناس أن يظلموا أنفسهم في الأشهر الحرم, قال تعالي: فلا تظلموا فيهن أنفسكم. ويؤكد الدكتور سالم مرة أننا يجب أن نغتنم جميع أشهر السنة في طاعة الله سبحانه وتعالي, وكثرة الاستغفار, والصلاة علي النبي صلي الله عليه وسلم, وتجنب المعاصي.