في كل مرة تغسل زوجتي فيها الملابس أنبه عليها أن تتأكد من خلو الجيوب من الأوراق أو المتعلقات, ولا بأس من أن تمارس دور الزوجات المعتاد في تفتيش الزوج وتقليبه, لكنها دائما ما تصر علي جمع الملابس وإلقائها في الغسالة دفعة واحدة, وآخر مرة نسيت عشرة ريالات بجيب. القميص فقامت مشكورة بغسله وإرساله للمكوجي الذي أعاد لنا الملابس مكوية وبداخلها الريالات العشرة لم يمسسها سوء. شكوت مرة لأحد الاخوة هذا النسيان الذي ينتابني وكيف أنني وقد بلغت هذا العمر أعاني من قلة التركيز في موضوع النقود, وعبثا حاولت معرفة كم معي منها, وكثيرا ما كنت أبدل ثيابي تاركا بها النقود, وأخرج من بيتي خالي الوفاض صفر اليدين. وكان صديقي يضحك مني قائلا: لا تسريب عليك لقد نسيت مرة عشرة آلاف ريال في الجيب الداخلي لإحدي البدل وبقيت عدة أشهر, فقلت: ما شاء الله ربنا يوسع عليك.. هذا دلالة غني ويسار.. فعندما تنسي مثل هذا المبلغ ولا تلتفت له فهذا يعني أن دخلك ولله الحمد كبير.. اللهم لا حسد, وقضيت فترة أتندر بصديقي هذا( ربنا يكرمه ويوسع عليه) الذي ينسي في زحمة الأحداث آلاف الريالات هنا أو هناك, لكن اكتشفت كم كنا علي قد الحال, وربما تحت خط الفقر, وذلك عندما قرأت آخر التحقيقات مع وزير الإسكان الأسبق إبراهيم سليمان عندما واجهه جهاز الكسب غير المشروع بالتحريات التي أكدت أن له رصيدا في أحد بنوك الخارج يقدر بثلاثين مليونا من الجنيهات, وأنه يمتلك أيضا شقة في أرقي ضواحي باريس, فهز الرجل رأسه بعلامة الإيجاب قائلا: آه.. صحيح عندي هذا الرصيد, وتلك الشقة, فسأله المحقق: ولماذا لم تذكر هذا في أثناء التحقيق معك منذ أسبوعين؟, فقال ببساطة: أبدا كنت ناسي هذا المبلغ. ما شاء الله فكم يملك إذن هذا الوزير المحظوظ الذي ينسي في زحمة الأحداث بعض الفكة التي تقدر بثلاثين مليونا وشقة بباريس. د. علاء الدين عباس