لقد طالعت مقالا في صحيفة الأهرام الصادرة يوم الأربعاء أول يونيو 2011 في باب الفكر الديني تحت عنوان معاهد القراءات بالأزهر الشريف.. من يقيلها من عثرتها؟ بتوقيع سارة العيسوي. وهالني ما تضمنه المقال من تعميم في تعداد القصور في أداء معاهد القراءات, والحال أن الصورة في عالم الواقع لا ترشح لهذا التعميم, ففي مصر مواقع كثيرة تؤدي فيها هذه المعاهد دورها علي الوجه المرجو منها, وإني أقدم لصاحبه المقال, ولطلاب المعرفة نموذجا رائعا تؤديه معاهد القراءات في إحدي قري محافظة المنوفية: في قرية شبرابخوم وهي من أمهات القري بمركز قويسنا. تقع هذه القرية في أقصي الشمال الشرقي من محافظ المنوفية علي الحد الفاصل بينها وبين مركز زفتي غربية, وكانت تعرف منذ القدم بأنها بلد القرآن الكريم, لشدة عناية أهلها بحفظه, ودراسة أحكام تلاوته, وكان بها معهد قراءات أهلي قبل أن ينشيء الأزهر معاهد للقراءات في أواخر الثلاثينيات من القرن العشرين. ومنذ أكثر من ثلاثين عاما, قامت لجنة الزكاة بمدرسة الشهيد أحمد حامد عبد الدايم الإعدادية بالقرية وبرعاية ودعم من جمعية المساعي المشكورة بالمنوفية بتنفيذ مشروع لتحفيظ القرآن الكريم لأبناء القرية بدءا من سن الرابعة بحيث يتم الحفاظ حفظ القرآن كاملا خلال المرحلة الابتدائية, ويتقدم الحفاظ لمسابقة سنوية بحيث يتناول الامتحان ما هو مقرر عليهم منذ الرابعة حتي السن التي يتقدمون فيها للمسابقة سنويا, ويكافأ الناجح منهم مكافأة مالية بواقع عشرين جنيها عن كل جزء من مجموع الأجزاء التي تم اختباره فيها سنويا, فإذا أتم حفظ القرآن كاملا في المرحلة الابتدائية منح جائزة قدرها ألف جنيه وتخفض إلي ستمائة جنيه إذا أتم الحفظ بعد تجاوز هذه المرحلة. وتنفرد خطة التحفيظ في هذه القرية عن أية جهة أخري في مصر تشتغل بتحفيظ القرآن الكريم بمتابعة الحفاظ الذين أتموا حفظ القرآن الكريم بإشراكهم في المسابقة سنويا حتي يتخرجوا من الجامعات ويمنح الفائز منهم جائزة قدرها ثلاثمائة جنيه, بما يكفل عدم تفلت القرآن منهم بترك المصحف من أيديهم وعدم المتابعة المستمرة لما حفظوه. وقد كان من ثمار هذا المشروع الرائع أن أنشأت لجنة الزكاة القائمة به معهدا للقراءات للبنين بالقرية بالجهود الذاتية افتتحه فضيلة الإمام الأكبر المرحوم الشيخ جاد الحق علي جاد الحق سنة1993 وفي ذات المناسبة لبي فضيلته عليه رحمات الله مطلب أهل القرية في فتح معهد للقراءات للفتيات فقرر قبول الطلبات من الفتيات لبدء الدراسة بهذا المعهد في أول العام الدراسي ليعمل فترة مسائية بمعهد الفتيات الثانوي الأزهري بالقرية منذ.1994 وتطوع أحد الخيرين ببناء معهد خاص للقراءات للفتيات علي نفقته الخاصة وقد افتتحه فضيلة الإمام الأكبر المرحوم الدكتور سيد طنطاوي سنة.2005 وبالمعهد أماكن مخصصة لإقامة الطالبات المغتربات حيث كان أول معهد للفتيات علي مستوي العالم الإسلامي في علوم القراءات. وهذان المعهدان يعملان فترة مسائية مما أتاح للحفاظ والحافظات بمدارس وزارة التربية والتعليم الالتحاق بهما ويؤدون امتحانات النقل بمدارسهم في الدور الأول ثم يؤدون امتحان معهد القراءات في الدور الثاني. ويضم معهد القراءات للبنين237 طالبا, بينما يضم معهد القراءات للفتيات256 طالبة أكثرهن من بنات القرية والباقي من مركز زفتي غربية ومركز ميت غمر دقهلية ومركز كفر شكر قليوبية. ويفوز المعهدان بمراكز العشرة الأولي علي مستوي الجمهورية في نتائج الامتحانات بالنسبة للشهادات الثلاث التي يمنحانها وهي إجازة التجويد وعالية القراءات وتخصص القراءات علي مدي خمس سنوات. ومن ثم فإن هذين المعهدين وهما في إحدي قري المنوفية يقدمان نموذجا رائعا لتفوق معاهد القراءات وحسن الأداء بهما علي صورة مشرفه لهذه المعاهد.