خلال 30 يوما.. إلزام ملاك العقارات بإخطار الضرائب حال استغلالها    تداول 11 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    الفلاشا.. نموذج ازدواج معايير الدولة العبرية    الوعي التكنولوجي.. وسيلة الأمان في العالم الرقمي    القاتل الأبيض.. 10 ألاف ضحية له يومياً في أوروبا    استقرار سعر الدولار في مصر مقابل الجنيه اليوم    محافظ جنوب سيناء يبحث دعم مستثمري الإنتاج الحيواني مع رئيس البنك الزراعي    «العمل»: «سلامتك تهمنا» لنشر ثقافة الصحة المهنية بمنشآت الوادي الجديد    رابط نتيجة الصف الرابع الابتدائي الترم الثاني 2024.. الموعد وكيفية حساب الدرجات    رئيس تايوان يؤكد رغبته في العمل مع الصين    حافلات مان سيتي جاهزة للاحتفال بالدوري الإنجليزي فى شوارع مانشستر.. صور    دبلوماسية استثمار الأزمة.. مصر عززت ثوابت فلسطين من رحم العدوان على غزة.. الاعتراف الثلاثى بالدولة امتداد ل"ثلاثيات" القاهرة خلال 10 سنوات.. والقضاء الدولى آلية تعزيز الشرعية وإعادة الاتزان لنظام عالمى مختل    الصحف الأوروبية صباح اليوم.. كيكر: كومباني يقترب من تدريب بايرن وريليفو توضح أزمة أراوخو في برشلونة    تشكيل الإسماعيلي المتوقع لمواجهة البنك الأهلي اليوم في دوري نايل    "أطفال وقائد".. 4 اختلافات بين مراسم تتويج الأهلي بكأس أفريقيا والزمالك بالكونفدرالية (صور وفيديوهات)    الترجي التونسي: لنا ضربة جزاء لم تحتسب.. والحكم أثر على نتيجة المباراة    متى تقام مباراة لاتسيو ضد ساسولو في الكالتشيو اليوم الأحد ؟    نائب رئيس حامعة بنها يتفقد سير امتحانات الفصل الدراسي الثاني بكلية التربية    غدًا.. أرقام جلوس امتحانات الثانوية العامة 2024 بالمديريات    فلكيًا.. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك وعدد أيام الإجازة    حكم نهائي في قضية زوج المذيعة أميرة شنب (تفاصيل)    قوافل بالمحافظات.. استخراج 7388 بطاقة رقم قومي و21 ألف "مصدر مميكن"    تسليم ملابس الحج إلى 46 فائزًا بقرعة الجمعيات الأهلية في جنوب سيناء    المشدد 5 سنوات ل3 متهمين بالتعدي على عامل وإصابته بعاهة مستديمة بمصر القديمة    ل أصحاب أبراج السرطان والحوت والعقرب.. مَن الأكثر عاطفة وتعرضًا للإصابة بالأمراض النفسية؟    الليلة.. "الأيام المخمورة" و"الكلب النائم" بالسامر ضمن مهرجان نوادي المسرح    زكى القاضى: الرئيس السيسى تصدى لإتمام مشروع توشكى وانحاز للوطن والمواطن    أحدث أفلام عمرو يوسف يقفز بإيراداته إلى 73.5 مليون جنيه.. تعرف على تفاصيله وقصته    جولات متنوعة لأتوبيس الفن الجميل بعدد من المتاحف هذا الأسبوع    فيولا ديفيس وجوي كينج يزينان السجادة الحمراء لحفل ختام مهرجان كان.. صور    اعرف قبل الحج.. الركن الثاني الوقوف بعرفة: متى يبدأ والمستحب فعله    وزير الأوقاف للأئمة والواعظات المرافقين لبعثة الحج: مهمتكم خدمة ضيوف الرحمن    برامج بيت الزكاة والصدقات تغطي احتياجات 800 أسرة بقريتين بالشرقية    وزير الري: تحسين أداء منشآت الري في مصر من خلال تنفيذ برامج لتأهيلها    قافلة طبية مجانية بقرية العلامية مركز بيلا    العمل: استمرار نشر ثقافة السلامة والصحة المهنية في المنشآت بالمنيا    وزير الأوقاف: التعامل مع الفضاء الإلكتروني بأدواته ضرورة ملحة ومصلحة معتبرة    نقابة الصحفيين بالإسكندرية تكرم الفائزين بالمسابقتين الثقافية والدينية (صور)    البورصة تصعد 1% منتصف تداولات اليوم    مكتبة الإسكندرية تشارك في "المهرجان الدولي للطبول " في دورته ال 11    منتخب المصارعة الحرة يدخل معسكرا مغلقا بالمجر استعدادا للأولمبياد    تقلبات الطقس: عودة الأجواء الشتوية ونصائح للتعامل معها    أبوالغيط يدعو إلى تكاتف الجهود للنهوض بالشراكة العربية الإفريقية نحو آفاق أوسع    وزير قطاع الأعمال يتابع تنفيذ اشتراطات التصنيع الجيد بشركة القاهرة للأدوية    محافظ الجيزة يكلف عفاف عبد الحارس مديراً لمديرية الإسكان    وزير الصحة يبحث مع نظيره العراقي سبل التعاون في تصدير وتسجيل الأدوية (تفاصيل)    ضبط قضايا إتجار بالعملات الأجنبية بقيمة 8 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    مواجهة عربية محتملة.. كيف يتم تحديد منافسي الأهلي في كأس إنتركونتيننتال للأندية؟    استفزاز خطير.. كوريا الشمالية تتهم سيئول وواشنطن بالتجسس عليها    سعر الريال السعودى اليوم الأحد 26-5-2024 أمام الجنيه المصرى    دراسة: الغربان يمكنها التخطيط لعدد نواعقها مسبقا    وزيرة الهجرة تستقبل اثنين من المستثمرين المصريين بالولايات المتحدة الأمريكية    أدعية الطواف السبعة حول الكعبة وحكم مس البيت.. «الإفتاء» توضح    أنطونوف: بايدن يهين الشعب الروسي بهجماته على بوتين وهذا أمر غير مقبول    موعد عيد الأضحى ووقفة عرفات 2024.. ومواعيد الإجازات الرسمية لشهر يونيو    للقارة كبير واحد.. تركى آل الشيخ يحتفل بفوز الأهلى ببطولة أفريقيا    زاهي حواس: إقامة الأفراح في الأهرامات "إهانة"    الرئيس التونسى يقيل وزير الداخلية ضمن تعديل وزارى محدود    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شاهد عيان‏:‏ السلطة لم تغلق باب المشاركة‏..‏ والنخبة السياسية تقاعست
نشر في الأهرام اليومي يوم 19 - 05 - 2011

منذ الإعلان عن إجراء تعديلات علي قانون مباشرة الحقوق السياسية وحتي صدوره بصورة نهائية الأسبوع قبل الماضي لم تتوقف الأصوات الشاكية من أن المجلس العسكري ومجلس الوزراء انفردا بتعديل وإصدار القانون دون مشاركة مع أحد أو عرضه علي أحد‏. وتطوع البعض بالقول بأنه جري عرض القانون علي مجموعة قليلة من الخبراء والناشطين وأخذ رأيهم فيه, وباعتباري كنت واحدا من هذه المجموعة القليلة, وفي ضوء الخبرة التي عايشتها كشاهد عيان علي جزء مما جري في كواليس إصدار القانون أري أن السلطة- ممثلة في مجلسي الوزراء والمجلس العسكري لم تغلق باب المشاركة, وأن النخبة السياسية- ممثلة في قادة وأعضاء الأحزاب والمفكرين والناشطين من شباب الثورة- تقاعست ولم تقم بواجبها كما ينبغي, وكان موقفها أقرب إلي حالة اعتراض بلا عمل.. وإليكم القصة كما عايشتها منذ بدايتها.
بدأت علاقتي بقانون مباشرة الحقوق السياسية قبل أربع سنوات, حينما كتبت سلسلة مقالات بهذه الصفحة حول دور مواد القانون في سد الطريق نحو استخدام تكنولوجيا المعلومات وقاعدة بيانات الرقم القومي في العملية الانتخابية برمتها وليس التصويت فقط, ثم صدر كتابي الديمقراطية الرقمية في عام2008 الذي تناول القضية بشيء من التفصيل, وبعدها تفضل العديد من السياسيين والأكاديميين ونشطاء منظمات المجتمع المدني بالاتصال بي للمشاركة في جهود متنوعة يقومون بها للإعداد لقانون بديل للقانون القائم.
خلال هذه السنوات كانت مشاركتي تتركز علي تقديم قراءة معلوماتية أو من منظور المعلومات والتكنولوجيا لمواد القانون ولائحته التنفيذية, وحصر المواد التي تمنع أو تعوق أو تؤثر سلبيا علي إدماج تكنولوجيا المعلومات في العملية الانتخابية برمتها, كما تضمنت مشاركتي التعاون مع خبراء قانونيين وسياسيين في صياغة نصوص بديلة تضمن دخولا سليما وصحيحا للتكنولوجيا في العملية الانتخابية.
منذ2008 وحتي اندلاع الثورة تشرفت بالتعاون مع الدكتور سمير عليش الذي يجمع بين كونه ناشطا سياسيا من طراز رفيع, وخبيرا تكنولوجيا له باع, حيث عمل بشركة آي بي إم مصر في الستينيات والسبعينيات حتي أصبح مديرا لها لفترة, وأخيرا فهو من ناشطي المجتمع المدني البارزين لكونه يعمل رئيسا للمركز الوطني لدعم المنظمات الأهلية كما أسس حركة مصريون من أجل انتخابات حرة ونزيهة حملة صوتي مطلبي, كما تشرفت بالتعاون مع الدكتور عبدالمنعم المشاط الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية من خلال المشاركة في لقاءات وندوات أكاديمية حضرها سياسيون وبرلمانيون وخبراء قانون من مختلف الأحزاب, والأستاذ نجاد البرعي المحامي والناشط الحقوقي المعروف, والذي كان له هو وفريقه إسهام كبير في إعداد مشروع بديل متكامل لقانون مباشرة الحقوق السياسية, كما التقيت خلال هذه الفترة بنواب من الإخوان المسلمين ومسئولين من أحزاب الوفد والتجمع والوطني قبل حله, وتشرفت بالعمل مع كل من المستشار الجليل محمود الخضيري والأستاذ جورج إسحاق القيادي المعروف بحركة كفاية, وحضرت لقاءات منفصلة مطولة نظمها الدكتور سمير عليش مع كل من الدكتور يحيي الجمل والدكتور علي السلمي ووجوه بارزة أخري للتباحث حول مشروع القانون الجديد, وكانت مهمتي دائما هي شرح المكون المعلوماتي والتكنولوجي في القانون المقترح.
أسفرت هذه الجهود جميعا عن مشروع قانون متكامل بديل لقانون مباشرة الحقوق السياسية القديم, وجري التوافق علي المشروع البديل من قبل كل القوي السابقة, وانتهي الأمر بقيام مائة نائب بالتقدم بمشروع القانون إلي مجلس الشعب في مارس2010, لكن فتحي سرور رفض حتي مجرد النظر فيه وعطل وصوله للبرلمان حتي انتهت مدة المجلس الشعب وجرت الدعوة للانتخابات الأخيرة.
بعد قيام الثورة تجدد الحديث عن تعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية وقفزت قضية التكنولوجيا والتصويت الإلكتروني إلي الواجهة بصورة لافتة, وكان طبيعيا أن تتحرك مجموعتنا القديمة وهي مسلحة بحصيلة كل الجهد الذي جري علي مدار ثلاث سنوات, وما أن انتهت لجنة المستشار طارق البشري من إعداد تصورها للتعديلات المقترحة للقانون ونشرت نصوص هذه التعديلات في الصحف حتي استأنفنا نشاطنا مرة أخري, وهذه المرة تمحورت المجموعة في كل من الدكتور سمير عليش والمستشار محمود الخضيري والأستاذ جورج إسحاق وكاتب هذه السطور, ثم انضمت إلينا المحامية القديرة الأستاذة مني ذو الفقار, وحاول سمير عليش وجورج اسحاق توسيع نطاق المشاركة قدر الاستطاعة وقاما بفتح قناة اتصال بيننا وبين الدكتور يحيي الجمل وعرضا عليه ما نقوم به بالاستفادة من اتصالنا السابق معه في عام2009 والذي قدمت خلاله شرحا لمدة ساعتين للعلاقة بين التكنولوجيا والقانون, كما تشرفت كثيرا بجلسات عمل مع المستشار الخضيري لمراجعة تعديلات القانون كلمة كلمة واقتراح النصوص البديلة التي تسهل دخول التكنولوجيا إلي عملية الانتخابات.
تسارعت وتيرة الأحداث وعرفنا أن مسئولين بالمجلس العسكري باتوا علي علم بما نقوم به ورحبوا به وتعاملوا مع هذا النشاط بتقدير واحترام, ولم نتشرف بلقاء أي منهم لكن الأستاذة مني ذو الفقار فتحت قناة اتصال مع اللواء ممدوح شاهين عضو المجلس المختص بالشئون القانونية.
وفي19 مارس الماضي دخلت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات علي الخط, وشكلت لجنة للحوار المجتمعي حول قضية التصويت الإلكتروني أسندت مسئولياتها لهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات, ودعيت للمشاركة في اللجنة وبعد مناقشات جادة حضر الدكتور سمير عليش جانبا منها اقتنع المشاركون بضرورة التركيز أولا علي المساهمة في إخراج القانون بالصورة التي تضمن استخدام التكنولوجيا في الانتخابات وليس التصويت الإلكتروني فقط, ومن يراجع التصريحات التي خرجت من وزارة الاتصالات وهيئاتها قبل بدء عمل اللجنة وبعد الانتهاء منها سيلحظ تغييرا جوهريا ايجابيا في الخطاب الموجة للجمهور, حيث لم يعد مسئولو الوزارة يتحدثون عن تصويت إلكتروني, وإنما عن تهيئة الأوضاع التشريعية والبنية التحتية من أجل إعداد الساحة للوصول إلي جداول وبيانات انتخابية سليمة أولا, والنظر للقضية باعتبارها منظومة متعددة المراحل, يأتي التصويت الإلكتروني في مرحلتها الثالثة.
أثناء عمل لجنة وزارة الاتصالات قام الدكتور سمير عليس بتنظيم لقاء مع الدكتور يحيي الجمل نائب رئيس الوزراء حضره رئيس هيئة تنمية صناعة المعلومات المهندس ياسر القاضي ونائبه الدكتور شريف هاشم, وجمال محمد غيطاس وسمير عليش وآخرون دعاهم الدكتور الجمل, وفي هذا الاجتماع استمع الدكتور الجمل لمداخلات ومشاركات من الحاضرين, وجاء هذا اللقاء في التوقيت الذي اتخذ فيه المجلس العسكري قرارا بتكليف مجلس الوزراء بمراجعة مشروعات القوانين العاجلة ومن بينها مباشرة الحقوق السياسية, ومع قرار رئيس الوزراء بتشكيل اللجنة الوزارية التشريعية للقيام بهذه المهمة.
في نهاية هذا الاجتماع جري تكليف جمال محمد غيطاس ومني ذو الفقار بحضور اجتماع اللجنة التشريعية بمجلس الوزراء لعرض القضية أمام الوزراء أعضاء اللجنة, وهم وزراء العدل والخارجية والتعليم والقوي العاملة والهجرة إضافة لنائب رئيس الوزراء, وكانت مهمتي تقديم عرض مدته عشرون دقيقة لتوضيح المطلوب بالضبط لإدخال المكون التكنولوجي في القانون.
عقد الاجتماع في تمام الساعة الواحدة يوم السبت الثاني من أبريل2011 وقدمت العرض المطلوب, بينما قامت الأستاذة مني ذو الفقار بمعاونتي في بعض النقاط وتقديم مداخلة ركزت فيها علي مطالب المجتمع المدني وجماهير الشعب في مجموعة مواد أخري, خاصة فيما يتعلق بإنشاء كيان مؤسسي دائم يعاون اللجنة العليا للانتخابات, وبضبط الرموز الانتخابية, والرقابة المحلية والدولية علي الانتخابات وتصويت المصريين بالخارج, وخرجت عن هذا الاجتماع مسودة أولي للقانون أدخلت بها تعديلات وتحسينات علي ما اقترحته لجنة المستشار البشري, لكنها لم تكن كافية أو نهائية.
في الفترة التالية تولي الدكتور عليش مهمة ضابط الاتصال بين المجموعة والدكتور يحيي الجمل لمتابعة ما يجري في اجتماعات اللجنة الوزارية التشريعية اللاحقة, وكان مطلب المجموعة هو الحصول علي نسخة من كل مسودة جديدة للقانون تخرج عن اجتماعات اللجنة الوزارية المتتالية لإبداء الرأي فيها, ومن خلال الدكتور عليش حصلنا بسهولة علي المسودات الثلاث التي نجمت عن سلسلة اجتماعات اللجنة الوزارية, وكانت مهمتي مع المستشار الخضيري والأستاذة مني ذو الفقار مراجعة المسودات المعدلة واحدة تلو الأخري كل حسب تخصصه, وصياغة ملاحظات عليها في جداول مقارنة توضع فيها كل مادة لدينا عليها ملاحظة, والنص المعدل المقترح لها, مع شرح لأسباب هذا التعديل, وأرسلنا ثلاثة خطابات إلي كل من نائب رئيس الوزراء ووزير العدل بملاحظاتنا علي كل مسودة, وفي مسار آخر حاول الأستاذ جورج اسحاق والدكتور سمير عليش تنظيم لقاءات مفتوحة لشرح ما يجري في مسألة إعداد القانون.
بعد صدور مسودة القانون التي حملت تاريخ11 أبريل2011 أصبنا جميعا بانزعاج شديد, لما كان فيها من سلبيات, وسبب الانزعاج كان تواتر أنباء عن أن مجلس الوزراء سيقر هذه المسودة في اجتماعه الذي سيعقد صباح اليوم التالي, وأذكر أن المسودة وصلتني في الخامسة بعد الظهر, وبعد مراجعتها اتصلت بالدكتور عليش ورجوته أن يترك ما لديه ويأتي لاجتماع سيحضره الدكتور ماجد عثمان وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مع مسئولي القطاع بأحد فنادق جاردن سيتي, لنقابله معا لعمل أي شيء يمنع تصديق المجلس علي المسودة, وقابلنا الوزير بالفعل, وفي الثانية من بعد ظهر اليوم التالي اتصل بي الدكتور ماجد عثمان وهو في مقر مجلس الوزراء ليبلغني أن المسودة لم تعرض ولم تكن علي جدول أعمال المجلس, وأن قرار اتخذ بتأجيل البت في القانون لجلسة أخري.
والآن أشهد أن المسودات كانت تصل إلينا في اليوم الثاني لصدورها عن اجتماعات اللجنة, والملاحظات التي أرسلت من جانبنا كانت تجد طريقها بالفعل إلي اللجنة الوزارية ويتم التعامل معها بجدية واضحة من قبل نائب رئيس الوزراء ووزير العدل, بدليل أن القانون وكما صرح الدكتور سمير عليش والأستاذ جورج إسحاق استجاب في النهاية ل70% علي الأقل مما كنا نطالب به.
ماذا يعني ذلك كله بالنسبة لموقف السلطة أو مجلس الوزراء والمجلس العسكري؟
يعني أن السلطة قبلت بمشاركة من تقدم إليها للمشاركة عبر اقتراحات أو طلب مسودات أو حضور الاجتماعات, فقد دعت اثنين من مجموعتنا للجلوس علي طاولة أول أجتماع للجنة الوزراية, ثم استجابت لأغلب ما طلبته المجموعة عبر مراسلات واتصالات مستمرة, وخلاصة ذلك أن السلطة استجابت لمن تقدم لها عمليا طالبا المشاركة بمقترحات مدروسة محددة, وحسبما أعلم فإن أحدا آخر أو جهة أخري غير مجموعتنا تقدم للمشاركة ورفض طلبه.
في المقابل: كيف كان الموقف بالنسبة للنخبة السياسية وشباب الثورة؟
عقب صدور تعديلات لجنة المستشار طارق البشري نشر الزميل هيثم سعد الدين نص التعديلات كاملة بالأهرام, وحينما وصلتني النسخة المطبوعة من مجلس الوزراء لم أجد حرفا واحدا مختلفا عما نشرته الأهرام, وحينما تتالت اجتماعات اللجنة الوزارية التشريعة نشرت في هذه الصفحة متابعات مستفيضة وصلت إلي حد تخصيص مساحات واسعة لجداول النصوص المقدمة من قبل الحكومة والنصوص التي نطالب بها, كما قام الدكتور عليش بإعداد قائمة بريدية تضم93 شخصية ممن ينتمون إلي النخبة السياسية في الأحزاب وشباب الثورة وغيرهم, وأرسل إليهم جميع نصوص المسودات التي حصلنا عليها ونصوص الخطابات التي أرسلناها إلي نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير العدل, وهذا ينفي أي مسئولية علي السلطة في التعتيم علي مشروع القانون أو منع المشاركة في إعداده, ومن اعترض شاكيا بأنه لم ير القانون لا يلومن إلا نفسه لأنه لم يقرأ ولم يتابع.
وفي بعض الأحيان كدت أصاب بالجنون والإحباط ممن يحترفون اللف كعب داير كل ليلة علي الفضائيات وهم يصرخون من أنهم لا يشاركون في إعداد القانون, ثم اكتشف أنهم لا يقرأون ما ينشر عن القانون ولا يتابعون ما يرسل لهم عبر البريد الإلكتروني, وتساعدهم في ذلك مذيعات ومذيعون وفرق إعداد ليسوا بمنأي أيضا عن سطحية المعالجة والكسل المهني وأشياء أخري.
ويحضرني هنا واقعتان للتدليل علي ذلك, فكما قلت تولي الدكتور عليش والأستاذ جورج إسحاق تنظيم لقاءات حول ما نقوم به, وكان من بين ذلك ندوة بجامعة القاهرة ذهبنا إليها لنعرض ما يجري ونطلب دعم النخبة, ففوجئنا بأن الحاضرين عدد قليل للغاية من أساتذة وطلاب كلية الهندسة, والقناة الفضائية الوحيدة التي أذاعت الندوة هي الجزيرة مباشر مصر, وفي هذا اليوم كان معي نسخة من إحدي مسودات القانون, وللأسف لم يكن بالندوة مسئول حزبي أو ناشط في الثورة يسأل عنها.
الواقعة الثانية كانت في ندوة دعي إليها عليش وإسحاق بنقابة الصحفيين, وكنا في ذلك الوقت في أشد الحاجة لعقدها لإطلاع القوي السياسية علي ما يجري, لأن المسودة التي وصلت إلينا في ذلك الوقت كانت سيئة, وتمضي في طريق عكس ما تم الاتفاق عليه في اجتماع اللجنة الوزارية الأول بحضوري والأستاذة مني ذو الفقار, وكان المستشار الخضيري شديد القلق, وذهبنا إلي نقابة الصحفيين ومعنا مسودة القانون, منتوين عرضها ومناقشتها مع الحضور, ودخلنا القاعة فلم نجد بها أحد علي الإطلاق سوي مجموعتنا وأستاذتنا الكبيرة الفاضلة سكينة فؤاد.
جلسنا قرابة الساعة في انتظار أن يأتي إلينا أحد بلا جدوي, وعندها اقترح جورج إسحاق أن نذهب رأسا إلي وزير العدل ونقابله لنعرف إلي أين تتجه الأمور, ونراجع معه ملاحظاتنا علي القانون.
نزلنا من نقابة الصحفيين, وكنا علي سبيل الحصر سمير عليش جمال محمد غيطاس محمود الخضيري سكينة فؤاد- جورج إسحاق, ونظرا لارتباطي بموعد بمكتبي بالأهرام استأذنت في الانصراف لنصف ساعة ثم الانضمام إليهم بعد ذلك, وما أن وصلت المكتب حتي اتصل بي الدكتور عليش يبلغني أن المجموعة داخل مكتب وزير العدل وعلي الانضمام سريعا للاجتماع, وذهبت مسرعا وكان لقاء مثمرا, كشف فيه وزير العدل عن أنه تم إعداد مسودة جديدة غير التي وصلتنا, مسودة تسوعب معظم ما نطالب به, ووجه لي الوزير الحديث قائلا بالحرف الجدول المقارن الذي وصل منكم تمت مراجعته بعناية وجري الأخذ بمعظم تعديلاته, وهنا طلب المستشار الخضيري نص المسودة الجديدة لإبداء الرأي فيها, وطبقا لتعليمات وزير العدل حصلنا علي المسودة الجديدة في اليوم التالي.
هاتان الواقعتان وغيرهما الكثير أمور تجعلني أؤكد مجددا علي أن النخبة تقاعست عن القيام بواجبها في المشاركة في إعداد القانون, واكتفت بالاعتراض في الصحف والفضائيات, أما السلطة فلم تغلق باب المشاركة واستجابت لمن طلب أن يشارك, وربما لو كان هناك آخرون فعلوا مثلما فعلنا لجاء القانون بصورة أفضل, وهذه شهادة لوجه الله والوطن والتاريخ ليس أكثر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.