كان لكثير من الأحداث المأساوية عبر السنوات من المشاهد الايجابية المختلفة التي تدل علي قدرتنا علي تخطي الصعاب واجتياز الأزمات عندما يكون هدفنا واحدا ولغتنا واحدة وتحركنا موحد ومنظم وموجه نحو الهدف. وهذا هو الحب الحقيقي لمصر والفوز الأكيد الذي تعودناه من شعبه الطيب الكريم المشهود له بالنبل والأخلاق الكريمة.وفي عيد الحب لمصر أري ضرورة تبني قضايانا المختلفة من خلال منظومة مجتمعية موحدة تشترك فيها جميع مؤسسات المجتمع علي أجندة واحدة وخطة عمل واضحة ومحددة المدة والمسئوليات بدلا من تشتيت الجهود المختلفة من خلال أدوار متفرقة لما لها من إهدار من طاقات بشرية هائلة, ومازلت أري أن القضايا الخاصة بمشكلات الشباب المختلفة لابد أن تستحوذ علي الاهتمام الأكبر علي اجندتنا القومية حيث مشكلة البطالة, وضعف الأجور, والفجوة بين المراد تحقيقه وبين الواقع العملي, الأمر الذي نتج عنه صراعات وتحديات بداخل هؤلاء الشباب ينفس عنها بأسلوب سلبي أحيانا. الأمر الذي ينبغي علينا أولا: لفت أنظار المسئولين والمجتمع كله إلي حالة عدم الاستقرار وانعدام الوزن التي أصابت فئة عريضة من شبابنا الغالي بسبب كثرة التحديات والصراعات وهي أشبه بالهستيريا مما نتج عنها تخبطهم في الكثير من القرارات والتصرفات أو عدم تقديرهم للكثير من الأمور أو مبالغتهم في ردود الأفعال واستعجالهم النجاحات والطموحات أو العكس وغيرها. ثانيا: سرعة التحرك لتفعيل المشاركة المجتمعية من قبل مؤسسات الدولة المختلفة لوضع ميثاق لخطة عمل مشتركة لتقديم الدعم الكافي للشباب في كل المجالات الذي يضمن له عيشة كريمة ويشعر بذاته وبأنه آمن فعلا في وطنه. ثالثا: ترسيخ فكر إدارة الذات وقت الأزمات والمحن بين الشباب من خلال الندوات والاستشارات من قبل المتخصصين في جميع مؤسساتنا التعليمية والإعلامية والدينية ومنظمات المجتمع المدني للتغلب علي المشاعر السلبية كاليأس وضعف الثقة بالنفس والحزن والضجر وغيرها من المشاعر المبددة للطاقة كما هو متبع الآن في الدول المتقدمة حيث حظي هذا الجانب باهتمام كبير من قبل المتخصصين في الموارد البشرية منذ مطلع التسعينيات وبعد أن أصبح موضوع إدارة الذات ضرورة عصرية بسبب ما أحدثته العولمة من ضغوط مجتمعية هائلة. رابعا: ضرورة دعم مؤسسات الدولة لفكرة عودة الدفء الأسري للبيت المصري مرة أخري كما هو متبع في دولة مثل المغرب مثلا, حيث توحد مؤسسات الدولة بالكامل مواعيد العمل الرسمية والراحة الأسبوعية لديها ليسهم هذا والنظام في التقاء أفراد الأسرة مع بعضهم يوميا, خامسا: وللشباب دور أيضا, فيجب توعية الشباب بأهمية تدريب أنفسهم علي إدارة الذات للتصدي للمحن والأزمات من خلال: 1 التقييم الواقعي والموضوعي لأهدافه من خلال التعرف علي قدراته والقوي الكامنة لديه, وتقويم نقاط ضعفه أو التهديدات الخارجية التي تحول بينه وبين تحقيق الهدف الذي ينشده, والخطوات التي سيسلكها للوصول لهذا الهدف, وتتطلب هذه المرحلة استشارة أهل المعرفة والخبرة والدقة في جمع المعلومات والتريث في الخطوات. 2 التنقيب والتحليل الموضوعي للأسباب التي أدت إلي الفشل أو الهزيمة دون النظر للخلف لتحديد الخطوات الزمنية لتصحيح المسار, والعمل والمثابرة عليه, والتأكد دائما من المقولة الشهيرة إن الشيء الذي لا يؤدي بك إلي الموت يجعلك دائما أقوي, وتذكرة النفس بالنماذج الناجحة مثل طه حسين ونجيب محفوظ وأحمد زويل وغيرهم الذي حققوا مكاسب ونجاحات سمعت العالم كله بعد وعكات من الفشل والاحباطات. 3 عدم استعجال النجاحات والطموحات من قبل الشباب وتدريب النفس علي الصبر والمثابرة, حيث نجد الكثير من الشباب يلهث وراء أي فرصة عمل, وحينما تأتيه فرصة عمل, يعمل فيها لعدة أيام أو أسابيع ثم يتركها دون محاولة منه أن يتأقلم مع بيئة العمل أو أن يجري أي محاولات أو حوارات مع المسئولين في العمل لمناقشة أسباب عدم رضائه عن الوضع القائم لتحسين أوضاعه بل يحبط وبصمت ويكتم ما بداخله ويتحول لشخص سلبي. 4 ضرورة الانفتاح علي المعرفة والثقافات الأخري فيما هو مفيد مع التواصل الدائم مع الأهل والأصدقاء والمعارف الجدد بدلا من التقوقع لأوقات طويلة علي شاشات الكمبيوتر والتلفاز حيث أثبتت أغلب الدراسات الحديثة في العلوم الانسانية وجود علاقة قوية بين عزلة الأشخاص علي الكمبيوتر والدش وغيرها من أدوات العولمة وبين أمراض العصر مثل الاكتئاب والقلق وضعف الثقة بالنفس. 5 إدخال أنشطة واهتمامات مختلفة في حياة الفرد اليومية حيث تسهم مثل هذه الأنشطة والاهتمام في عملية التنفيس عن أي مشاعر سلبية للأفراد بل تكسبهم من الطاقات الايجابية التي تسهم في تحسين حالتهم المعنوية التي تنعكس علي سلوكياتهم وأدائهم والأهم من ذلك كله, الإيمان بأن عمليات الاصلاح والتغيير للأحسن لابد أن تبدأ أولا من أنفسنا.