لم تكن دورة حوض النيل مجرد دورة رياضية أو مجموعة مباريات تجري في الملعب ويستمتع بها المشاهدون عبر الشاشات فقط.. بل إن الساحرة المستديرة التي تعد الآن أكبر قاسم مشترك ولغة عالمية تجمع بين الشعوب وربما تصلح ما أفسدته السياسة كانت بمثابة جولة جديدة وخطوة ايجابية علي مسار تحسين العلاقات المصرية ودعمها مع دول الحوض. «روزاليوسف» أجرت استطلاعا مع وفود الدول المشاركة في الدورة والتي أبدت سعادة بالغة بالدورة مؤكدين أنها تساعد علي مزيد من التقارب بين حكومات وشعوب دول حوض النيل. قال المعتصم جعفر - رئيس اتحاد كرة القدم السوداني - إن إدانة لاعبي المنتخب السوداني لما حدث في مصر من تفجيرات ارهابية غادرة قتلت أبرياء أثناء الصلاة ليست غريبة لأننا شعب واحد وما أصاب السودانيين من ألم يضاهي آلام الشعب المصري نحو الحادث. فيما اعتبر الفاتح خضر الكاشف - محامي سوداني- الرياضة بشكل عام وكرة القدم بوجه خاص قاسما عاميا مشتركا محبوبا لدي الجميع مشيرا إلي أن دورة حوض النيل جمعت دول الحوض وتعد فرصة جيدة لمزيد من التقارب، ويري أن توقيتها مناسب لجميع الدول المشاركة موجها الشكر لمصر وشعبها علي استضافة هذه الدورة، لافتا إلي أنه لا يشعر بأي غربة خلال زيارته المتكررة لمصر لأنها بلده الثاني ونظرا لتشابه الكثير من العادات والتقاليد والأجواء العامة للسودانيين مع المصريين. توضح «فاطمة الصادق» إعلامية سودانية أن كرة القدم أصبحت لغة الشعوب مؤكدة أنها تنجح فيما يخفق فيه السياسيون معتبرة «الساحرة المستديرة» أفضل من المباحثات والمفاوضات السياسية التي قد تطول.. معللة ذلك بأن دورة كهذه تحمل طابعا وديا يمكن التقارب فيها من خلال التعامل الاجتماعي والحوار المحترم الذي لا يحمل في طياته أي مشاحنات أو ضغائن. ويؤكد شهاب الحاج عبدالوهاب - صحفي سوداني- أن الدورة تعد استكمالا لدور مصر الرائد في العديد من المبادرات لجمع شمل دول حوض النيل مشيرًا إلي أن ذلك ليس غريبا علي الشعب المصري المعروف عنه حسن الضيافة وكرم المعشر - والابتسامة الجميلة التي يحملها وحب كل مصري عند الترحيب بأي ضيف يدخل إليه. «كلنا أولاد نيل واحد».. هكذا بدأ النذير أبوالقاسم» محاسب سوداني - مقيم في مصر لتلقي دورات تدريبية في مجاله لافتا إلي أن الهدف الأسمي من وراء دورة حوض النيل لكرة القدم واضح أمام جميع الدول المشاركة وهو مزيد من الارتباط، مشيرا إلي أن مصر لها الدور الرئيسي في لفت أنظار الجميع لهذا الهدف. ويشكر «جلبتش أوتين» - إعلامي كيني - مصر لكونها الراعي الرسمي لهذه الدورة المميزة غير مسبوقة ويتوقع بعد انتهائها تغييرا في مسار المحادثات بين الدول المشاركة ينتج عنها توطيد العلاقات بطريقة أفضل، وإقامة مشاريع مشتركة. وعلي الرغم من فوز المنتخب المصري علي نظيره التنزاني إلا أن «إميل مهندو» - صحفي تنزاني -أبدي إعجابه الشديد بمصر بعد زيارته لها للمرة الثانية مؤكدًا أن استعداداتها جيدة لاستقبال البطولات والأحداث العامة وشعبها ودود، كما تمتلك أماكن سياحية وأثرية غاية في الجمال تجذب أي سائح للعودة لها مرة أخري. من جانبه أعرب «غالب ناصر» طالب بجامعة الأزهر- تنزاني أنه يتمني فوز منتخبه الوطني بالدورة ولكن لو لم يحدث ذلك فالأهم هو إزالة الخلافات العالقة في أزمة مياه النيل وحدوث تقارب بين دول المنطقة في دورة رياضية مشيرًا إلي ضرورة حدوث تقارب علي مستويات أخري مختلفة سواء ثقافية أو اقتصادية. ويلفت «غالب» إلي أنه طوال 4 سنوات فترة إقامته في مصر لم يجد من أهلها سوي المعاملة الطيبة وتأثر بالعادات والتقاليد والثقافة المصرية كثيرًا مؤكدًا أن مصر دولة رائدة ولها دور محوري في المنطقة لكن لا يعرف المصريون جيدًا، ثقافات دول حوض النيل مطالبًا بمزيد من التعاون والتقارب خاصة بين الشعوب. وأكد «ديزاري هاتين» الإعلامي البوروندي - كرة القدم أنها تخلق علاقات طيبة إذا تم تناولها كرياضة محببة للجميع دون تعصب.. مضيفًا أن المنتخب «البوروندي» لعب في السنوات الأخيرة أكثر من مرة في مصر وساعد ذلك علي حدوث تقارب بين البلدين. وأبدي إعجابه بالمنتخب المصري لقوته ومهارات لاعبيه لافتًا إلي وجود عدد كبير من الطلبة البورونديين في مصر حيث يدرسون بالأزهر الشريف وبعض الجامعات. ويكمل زميله في البعثة البوروندية ويدعي «نتيذفا ذاواوري» هناك تعاون كبير من الجانب المصري مع «بوروندي» في المجال الطبي والرعاية الصحية حيث يتم تدريب أطباء بالمستشفيات الكبري علي أيدي أساتذة مصريين أو إرسال بعثات طبية لتقدم المساعدة الصحية اللازمة. وأشاد «أندروما نجهيو» صحفي أوغندي بالذكاء الشديد الذي يتمتع به المصريون حيث عقدت هذه الدورة في توقيت مناسب فبعد حدوث العديد من الخلافات بين «مصر» و«أوغندا» و«كينيا» و«أثيوبيا» و«رواندا» و«بوروندي» علي مياه النيل مشيرًا إلي أن مصر والسودان عالجتا هذه الأزمة بحكمة وحاولت مصر خلالها وبالتحديد في الخمسة شهور الأخيرة التفاوض بطريقة مرضية لكل الأطراف وتذليل كل الصعاب وإزالة الشوائب المصاحبة لها وبالفعل نجحت. ويسجل «أندرو» إعجابه بمصر ويشعر أنها من البلاد التي تنعم بأمان واستقرار كبيرين لذا يتمني أن يري كأس العالم فيها ويؤكد أنها ستكون أفضل من جنوب إفريقيا. ويشدد «أحمد حسين» صحفي أوغندي علي أن الرياضة تمحو أحزان السياسة مؤكدًا أن هذا الانطباع داخل الدول المشاركة في الدورة معتبرين إياها ودية أكثر من كونها للمنافسة. ويعرب عن مدي حب الشعب الأوغندي الشديد لكرة القدم حيث يعرفون اللاعبين المصريين جيدًا والمدربين ومن أبرزهم الكابتن «حسن شحاتة» أو البطل كما يطلقون عليه لكونه مدربا ماهرا وذكيا واللاعب «أبوتريكة» الذي يعشقه الأطفال الصغار ويتمنون أن يصبحوا في يوم من الأيام مثله.