يبدو ان الاحوال فى مصر لن تستقر فى وقت قريب.. وذلك لاصرار كل فئات الشعب القيام باضرابات ومظاهرات لعرض مطالبهم بعد ان وجدوها الطريق الاسرع للحصول على الحقوق. أضرب الاطباء عن العمل الاسبوع الماضى، وعلى الرغم من تأكيدهم ان مصالح المرضى فوق كل الاعتبارات الا ان هناك من اشتكى من عدم وجود الاطباء المعالجين. وهناك اضراب جديد فقد أعلن المأذونون الاضراب الشهر القادم حتى يتم تنفيذ مطالبهم التى يطالبوا بها منذ 37 عاما.. وهى انشاء نقابة خاصة بهم ووقف المادة 20 من قانون تنظيم المهنة. هذه هى "مصر الجديدة".. انتهج شعبها سياسة الصوت العالى.. لا فرق هنا بين طوابقه.. فالكل اعتقد انه هو الصوت المسموع اكثر.. فلقد اكتشفوا جميعا ان لهم صوت يمكن استخدامه ولكن لم يجدوا من يعلمهم كيف يمكنهم ان يوظفوه فى مكانه السليم وكذلك الاسلوب الامثل له. التعبير عن الرأى والمطالبه بالحقوق حق لكل مواطن يعيش على ارض الوطن، والكل متساوٍ فى هذا.. لا فرق بين غنى وفقير.. ولا مسلم او مسيحى.. ولا رجل وامرأة.. فالجميع فى الحقوق سواء.. إلا ان ما يدفعهم الى انتهاج هذا النهج الثورى فى كل مرة شعورهم الدائم بعدم الآمان.. فلم يحدث مرة ان تحققت مطالب بدون ثورة او اضراب.. كأنه قد كُتب عليهم ان يبقوا ثائرين دائماً. إن سرعة تنفيذ المطالب المشروعة مطلوبة على كافة المستويات.. والتأخر فى اتخاذ بعض القرارات يؤدى الى اشتعال الريبه فى صدور اصحاب الحق.. ولهم عذرهم. ان شعب مصر الكادح قد مر بصنوف مختلفة من القهر وسلب الحقوق.. عاشوا فترات طويلة من البحث عن (ضهر) يسندهم فى الحياة فكما يقول المثل "اللى له ضهر ما ينضربش على قفاه". فكيف نطالبهم بعد ان اتيحت لهم الفرصة للصراخ بكل ما اوتو من قوة للتعبير عن غضبهم واحتياجاتهم وحقوقهم ان يسكتوا؟ فبالنسبة لهم المطالبة بهدوء يعد سكوت عن طلب الحق، لم يجدوا من يشرح لهم ان مصر الان تمر بظروف صعبة تحتاج الى تكاتف ايدى ابنائها معا للعبور بهم من تلك المرحلة الهامة والحرجة. مصر الان تقف على صفيح ساخن ويتقافذ ابنائها كالفشار لا يستطيع أن يهدأ.. اشعلته النار حماساً ورغبة منه فى الوصول الى اقصى درجات تحقيق الامنيات.. تختلف المطالب من فئة الى اخرى إلا انها اجتمعت على المطالب الاساسية للثورة وهى توفير العيش الكريم، العدالة الاجتماعية، والحرية.. يفهم اغلبهم ان المطلبين الاول والثانى يحتاجان الى بعض الوقت لتحقيقهما.. اما الحرية.. فقد قرروا تنفيذها على الفور دون ان يضعوا فى اذهانهم ان الحرية هى ان تفعل ما تشاء دون ان تُضر الآخرين من حولك. لا يسعنا الان إلا ان ننصح الشباب الذين خططوا لعقد قرانهم الشهر القادم بسرعة تعديل تاريخ القران قبل الاضراب.. ونقول لهم بصوت عالى "ألحق اتجوز".