كل شئ كان مؤهلا له دائما لكي ينجح منذ ان جاء وزيرا للاقتصاد والمالية في حكومة ليونيل جوسبان الاشتراكية الي أن رشحه الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي ليرأس صندوق النقد الدولي في نيويورك. ثم تعالت شعبيته ليصبح اكثر المرشحين فرصة للفوز في الانتخابات الرئاسية الفرنسية في عام2012 عن الحزب الاشتراكي. ولكن دومينيك شتراوس كان بات أكبر عدو لنفسه فأضاع كل فرصة له في ان يصل الي اكبر منصب تنفيذي في بلاده بعد ان وجهت له السلطات الامريكية تهمة التحرش ومحاولة اغتصاب عاملة في فندق في نيويورك ليصبح شتراوس-كان من اكثر السياسيين الفرنسيين إثارة للجدل سواء داخل حزبه أو خارجه وسواء داخل بلاده او خارجها. عرفت فرنسا والمجتمع السياسي فيها دومينيك ستروس كان سياسيا واقتصاديا محنكا. عمل ستروس كان استاذا للاقتصاد في كلية السياسة والاقتصاد بباريس ثم انتقل للعمل في السياسة ما بين الحزب الشيوعي ثم الحزب الاشتراكي الذي انضم اليه في عام1976. اقترب ستروس كان من ليونيل جوسبان سكرتير عام الحزب وتدرج في الحزب واستطاع ان يقوي مكانته الاقتصادية فيه ثم ان يكون نائبا عن الحزب في اكثر من انتخابات محلية وعامة كان آخرها نائبا في منطقة سارسيل. وفي عام1991 عينه الرئيس الفرنسي الاشتراكي فرانسوا ميتران وزيرا للصناعة والتجارة الخارجية في حكومة اديث كريسون واستمر في منصبه مع حكومة بيير بيريجفوي وحتي الانتخابات التشريعية في عام1993 ثم عاد مرة اخري وزيرا للاقتصاد والمالية في حكومة ليونيل جوسبان في عام1997. الي ان استقال من منصبه في عام1999 بعد اتهامه باستغلال النفوذ والتربح في قضية الصندوق القومي للطلبة في فرنسا( مينيف). في عام2005 وبعد تبرئته من القضية قرر ستروس كان التقدم في الانتخابات الداخلية في الحزب الاشتراكي لاختيار مرشحه في الانتخابات الرئاسية لعام2007 وخسر الاقتصادي الفرنسي الانتخابات امام سيجولين رويال التي خاضت وخسرت الانتخابات الرئاسية ضد نيكولا ساركوزي في عام2007. بعد انتخاب ساركوزي رئيسا لفرنسا ظل دومينيك ستروس كان يمثل خطرا علي اليمين في المدي الابعد خاصة بعد ان سعي الي تجديد الحزب الاشتراكي وتحوله الي الاشتراكية الديمقراطية مثل سائر الاحزاب الاشتراكية في الاتحاد الاوروبي وفاز في الانتخابات العامة التي جرت في نفس العام. فقرر الرئيس ساركوزي باستبعاده عن الحياة السياسية الفرنسية وذلك من خلال دعم ترشيحه عن فرنسا والاتحاد الاوروبي ليكون مديرا لصندوق النقد الدولي وهو المنصب الذي حصل عليه واستمر فيه حتي اليوم. واليوم ومع بدء الترشيحات للانتخابات الرئاسية الفرنسية المقررة في عام2012 تردد ترشيح ستروس كان نفسه في الانتخابات الداخلية للحزب الاشتراكي لترشيحه للانتخابات الرئاسية عن الحزب واشارت استطلاعات الرأي إلي تقدم ستروس كان عن كل المرشحين سواء من الحزب الاشتراكي او الرئيس ساركوزي نفسه. ولكن انقلبت كل الموازين داخل الحزب الاشتراكي وخارجه وسوف تتغير الوجوه المرشحة للرئاسة بعد الفضيحة الاخيرة. ويتردد السؤال الملح في أذهان الجميع: لماذا يحرق دومينيك ستروس كان نفسه بهذا الشكل كان دائما ناجحا في عمله سواء كوزير للاقتصاد والمالية في فرنسا او كمدير لصندوق النقد الدولي ولكنه نجح دائما ايضا في تقويض تلك النجاحات بتصرفات مرفوضة اخلاقيا. فقد نجح كوزير للاقتصاد والمالية في فرنسا ووضع أسسا لنهضة الحياة الاقتصادية فيها في التسعينات. ولكنه أضاع انجازاته في قضية استغلال نفوذ وتربح اشرنا اليها سابقا دفعته الي الاستقالة من منصبه في الوزارة ولم يستعد مكانته الا بعد عامين من التحقيقات التي برأته من الاتهامات. وفي عام2008 بعد عام من توليه ادارة صندوق النقد الدولي اتهم بالتحرش بإحدي المتدربات من اصل مجري تعمل في الصندوق وقدم اعتذاره للصندوق ولزوجته وقرر الصندوق التنازل عن ادانته واستمر في العمل. ولكن في المرة الثانية والتي وقعت قبل يومين وصل الامر لقيام السلطات الفيدرالية باقتياده الي مركز التحقيقات للتحقيق معه في واقعة التحرش ومحاولة الاغتصاب لعاملة نظافة في فندق بنيويورك وقد يصل العقاب في حالة الادانة الي السجن عشرين عاما. وذلك سيؤدي حتما الي وضع نهاية حاسمة ونهائية لمستقبله السياسي في فرنسا وانهاء تعاقده مع الصندوق فورا. وتستمر التناقضات لدي ستروس كان في قناعاته الشخصية فقد عرف السياسي الفرنسي بعلمانيته مثله مثل الغالبية العظمي من الفرنسيين. ولكن ذلك لم يمنعه من التمسك بالتقاليد اليهودية التي هو جزء منها. فقد وافق علي المرور بكل التقاليد اليهودية المتعارف عليها في مراحل حياته المختلفة وحتي في زواجه من زوجته الحالية آن سانكلير اليهودية والتي اصرت ان يتم زواجهما أمام كاهن يهودي. وان كان ستروس كان ولد يهوديا عن ام واب يهوديين وقرر الاحتفاظ باسم' كان' لوالده الروحي لكي يؤكد علي هويته اليهودية الا انه عرف أيضا الثقافة العربية الاسلامية حيث عاش طفولته في تونس. وفي حقيقة الأمر فان ألد أعداء دومينيك ستروس كان هو دومينيك نفسه فلم يحترم منصبا عاما حساسا علي المستوي الدولي يتحمل فيه مسئوليات عالم كامل من دول العالم الثالث ولا مؤيدين يثقون في قدراته علي تولي اكبر منصب تنفيذي في بلاده وعلي استعداد لأن يدعموه الي آخر الطريق. ولا شعب قد يكون علي استعداد لاختياره رئيسا وممثلا لهم لمدة خمس سنوات.