عاجل.. وزير المالية يقرر مد فترة تسوية أوضاع بعض الممولين والمكلفين لمدة ثلاثة أشهر إضافية    تركيا ترسل مساعدات لإخماد حرائق بورتسودان المستمرة منذ 5 أيام    بحضور مدبولي وكبار رجال الدولة.. وزير العمل يعقد قران ابنته (25 صورة)    محامي بالنقض: الملاك أكثر تضررا من المستأجرين بشأن القيمة الإيجارية    رسميًا.. جداول امتحانات السادس الابتدائي الفصل الدراسي الثاني 2025 بالمنيا    هاتريك راموس يقود باريس سان جيرمان لسحق مونبلييه في الدوري الفرنسي    القباني يقرر منع اللاعبين وأعضاء الجهاز الفني ل الزمالك من التصريحات الإعلامية    «رفضت تحبّه فقتلها».. محكمة النقض تُنهي قضية سلمى بهجت بالإعدام (القصة كاملة)    خانته مع شاب صغير.. كيف قتلت "هنية" زوجها ودفنته تحت السرير بالبحيرة؟    أسرة محمود عبد العزيز تصدر بيان عاجل للرد على الإعلامية بوسي شلبي    وزير الخارجية: مصر الأكثر تحملا لأزمة السودان وتستضيف 5.5 مليون شقيق سوداني    نقيب الصحفيين: مشروع قانون الفتاوى الشرعية به التباس في المادة 7    وزير خارجية إيران: إسرائيل ألغت فكرة حل الدولتين وتسعى لتهجير الفلسطينيين    وزير الشئون النيابية يشارك بالاجتماع الوزاري الرابع للجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان    وفاة شابين أبناء عمومة في حادث انقلاب سيارة على الطريق الدولي الساحلي بكفر الشيخ (أسماء)    حريق يلتهم محصول قمح قبل حصاده في بني سويف.. والنيابة تبدأ التحقيق    وزير الاتصالات يختتم جولته لتعزيز التعاون ودعم الابتكار الرقمى بين مصر واليابان    وزير الصحة خلال حفل يوم الطبيب: الدولة المصرية تضع الملف الصحي على رأس أولوياتها    وزير الإسكان يتفقد سير العمل بالتجمع العمراني غرب الضبعة بالساحل الشمالي الغربي    بالزغاريد والرقص مع رامي صبري.. أصالة تشيع البهجة في زفاف نجل شقيقتها | صور    المؤبد وغرامة 500 ألف جنيه لتاجر عقارات بتهمة الإتجار في المخدرات بالعبور    أمام مانشستر سيتي.. ساوثامبتون يتجنب لقب أسوأ فريق في تاريخ الدوري الإنجليزي    «القابضة للأدوية» تحقق 1.5 مليار جنيه صافي ربح خلال 9 أشهر    صاحب الفضيلة الشيخ سعد الفقى يكتب عن : رسالة مفتوحة لمعالي وزير الأوقاف؟!    "زراعة الفيوم" تواصل ضبط منظومة الإنتاج الحيواني بالمحافظة    نيابة الخليفة تقرر إحالة عاطل إلى محكمة الجنح بتهمة سرقة مساكن المواطنين    تأجيل محاكمة طبيب تسبب في وفاة طبيبة أسنان بسبب خطأ طبي في التجمع    حارس الزمالك يرد على واقعة إلقاء القميص أمام سيراميكا    الكلاسيكو| أنشيلوتي يكشف موقف رودريجو ويؤكد: واثقون من الفوز    مستقبل وطن المنيا يكرم 100 عامل مؤقت    محلل سياسى: جولة الغد من مفاوضات إيران والولايات المتحدة حاسمة    نائب رئيس الوزراء: مصر تضع الملف الصحي بجميع ركائزه على رأس أولوياتها    نصائح لوقاية العيون من تأثير ارتفاع درجات الحرارة    مرسوم عليه أعداء مصر ال9.. «كرسي الاحتفالات» لتوت عنخ آمون يستقر بالمتحف الكبير    رئيس جامعة الأزهر: السعي بين الصفا والمروة فريضة راسخة    عالم أزهري: خواطر النفس أثناء الصلاة لا تبطلها.. والنبي تذكّر أمرًا دنيويًا وهو يصلي    رئيس وزراء سلوفاكيا يرفض حظر الاتحاد الأوروبي على واردات الغاز من روسيا    31 مايو.. أولى جلسات محاكمة مدربة الأسود أنوسة كوتة بتهمة الإهمال والتسبب في واقعة أكل نمر ذراع عامل سيرك طنطا    محافظ الدقهلية يتفقد مستشفى أجا في زيارة مفاجئة ويبدي رضائه عن الأداء    هادي الباجوري: شخصية هاني في «واحد صحيح» فيها جوانب مني| فيديو    طريقة عمل الكيكة بالليمون، طعم مميز ووصفة سريعة التحضير    فانتازي يلا كورة.. لماذا يُمكن لمبيومو ودي بروين منافسة صلاح على شارة القيادة بالجولة 36؟    وقفة عرفات.. موعد عيد الأضحى المبارك 2025 فلكيًا    دعوة شركات عالمية لمشروع تأهيل حدائق تلال الفسطاط    فيلم سيكو سيكو يواصل تصدر الإيرادات    جامعة أسيوط تُشارك في ورشة عمل فرنكوفونية لدعم النشر العلمي باللغة الفرنسية بالإسكندرية    رئيس صحة النواب: مخصصات الصحة في موازنة 2026 الكبرى في تاريخ مصر    «لوفتهانزا» الألمانية تمدد تعليق رحلاتها من وإلى تل أبيب    جنايات المنصورة...تأجيل قضية مذبحة المعصرة لجلسة 14 مايو    موقف بالدي.. فليك يحدد تشكيل برشلونة لمواجهة ريال مدريد في الكلاسيكو    رئيس الوزراء يشهد توقيع اتفاقية عقد توطين وتوريد 21 وحدة قطار مترو بواقع 189 عربة لمشروع مترو الإسكندرية.. مدبولى: هذا التوقيع تنفيذاً لتوجيهات الرئيس السيسى بالتوسع فى إنشاء شبكة من وسائل النقل الجماعى الأخضر    وفاه زوجة الإعلامي محمد مصطفى شردي بعد صراع مع المرض    مصر تستضيف الجمعية العمومية للاتحاد العربي للمحاربين القدماء وضحايا الحرب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 10-5-2025 في محافظة قنا    7 شهداء بينهم عائلة كاملة بقصف إسرائيلي على مدينة غزة الفلسطينية    هل أصدرت الرابطة قرارا بتأجيل مباراة القمة 48 ساعة؟.. ناقد رياضي يكشف مفاجأة (فيديو)    بكام الفراخ البيضاء؟.. أسعار الدواجن والبيض في أسواق الشرقية السبت 10 مايو 2025    مواعيد مباريات اليوم السبت 10- 5- 2025 والقنوات الناقلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من أمن الدولة إلي الأمن الوطني‏!‏

يبدو أننا في مصر بمن فينا أولئك الذين بشروا بالثورة‏,‏ ودعوا إليها‏,‏ وشاركوا في وقائعها العظيمة بميدان‏,‏ بل ميادين‏,‏ التحرير في مصر كلها‏-‏ سوف نحتاج لوقت غير قصير‏,‏ حتي يمكن أن نستوعب كافة أبعاد الحقيقة العظيمة والباهرة المتجسدة في مصر الجديدة: مصر الثورة, مصر الديمقراطية! وليس هذا بالأمر الغريب علي الأقل بالنسبة لأبناء جيلي!- فقد عشنا الطفولة والصبا وبداية الشباب في عصر جمال عبدالناصر بكل ما فيه من زخم وطني وعاطفي, وبكل ما طبعه فينا من آمال عظيمة وإحباطات مريرة! ثم تفاعلنا بشدة مع مغامرات وإنجازات أنور السادات في العقد اليتيم الذي أتيح له الحكم فيه! ثم عشنا طوال ما يقرب من نصف عمرنا تحت حكم مبارك, الذي بدأ مبشرا وبسيطا في سنواته الأولي, ثم أخذنا معه إلي ركود طويل طويل.., قبل أن تشرق ثورة مصر العظيمة.
وطوال هذه الفترة التي تزيد علي نصف القرن, كانت السمة المشتركة للعهود الثلاثة ذ- ديمقراطية, وأن إحدي علاماتها الأساسية كانت الطابع البوليسي للدولة, والذي تمثل بالذات في سطوة الأجهزة الأمنية, أي تلك الأجهزة التي كان يفترض أن تحمي أمن الوطن, وأمن المواطن, ولكنها انحرفت لتحمي أمن الحاكم وأمن النظام. ولم يكن غريبا, في هذا السياق, أنه عندما وقعت الهزيمة- الكارثة في1967( والتي أطلق عليها في حينها تعبير النكسة!), فإن إحدي القضايا المهمة التي كشفت عنها تلك الهزيمة, والتي اعترف بها جمال عبدالناصر, كانت ما سمي في حينها باسم قضية انحراف جهاز المخابراتس اب المقدمات الضرورية لإعادة بناء القوة المصرية في السنوات الثلاث الأخيرة من حكم عبدالناصر, قبل أن نخوض حرب أكتوبر1973 بقيادة السادات.
غير أن مصر عادت في عهد مبارك- لتعاني هزيمة ثانية, تراكمت ملامحها طوال ثلاثين عاما, ولكنها- للأسف كانت هزيمة بلا حرب! وبدلا من أن تستفيد مصر من حالة السلام, منذ أن توقف نزيف الحروب منذ1980, فإنها تدهورت أكثر وأكثر! ومثلما اكتشف المصريون في ظل عبدالناصر- أن أحد أسباب هزيمتها العسكرية في1967 كان انحراف جهاز المخابرات, فإن عليهم أن يعرفوا اليوم أن إحدي علامات إخفاقهم وتدهورهم وهزيمتهم بلا حروب, طوال الثلاثين عاما الماضية, كانت هي انحراف جهاز أمن الدولة!
ولا أعتقد أن ذلك ينطوي علي أية مبالغة! فأحد أهم أركان الدولة السلطوية, اللاديمقراطية, البوليسية التي عرفتها مصر, طوال العقود الماضية, كان هو جهاز أمن الدولة, والذي طال في تغلغله- كل القطاعات, وكل المستويات, وكل الأقاليم وكل القيادات! فمن خلال هذا الجهاز, جند وعبئ الجزء الأكبر والأهم من موارد وإمكانيات وزارة الداخلية التي هي بالضرورة من أموال وقوت الشعب- لا لحماية المواطن الفرد, ولا للحفاظ علي أمنه وأمانه, وإنما للحفاظ علي أمن الحكام, وأمن نظام الحكم تحت لافتة أمن الدولة! أي حمايتهم من التهديد والمخاطر التي يمثلها لهم الشعب والمجتمع! وأصبح جهاز أمن الدولة أهم مصادر ترويع المواطنين وتهديدهم, وأضحت مكاتبه وإداراته المنتشرة في أنحاء البلاد من أقصاها إلي أقصاها رمزا لتسلط بوليسي مقيت يحاسب ويراقب ويردع المواطن, ليس بسبب جريمة يرتكبها, أو بسبب مخالفة يقترفها, وإنما بسبب فكرة يعتنقها, أو بسبب رأي سياسي مخالف يعتقده, أو حزب سياسي معارض ينتسب إليه, أيا كانت مشروعية هذا الحزب! واكتسب جهاز ز س رمزا للاستبداد, وعنوانا للترويع والتخويف والتعذيب, أو حتي للاختفاء القسري.
ولذلك, لم يكن غريبا أبدا أنه في غمار ثورة مصر العظيمة, اتجه مئات الآلاف من المواطنين إلي العديد من مقار أمن الدولة, التي كانوا يعرفونها, لاقتحامها وتحطيمها, موقنين أنهم بذلك إنما يدمرون أحد أهم رموز القهر والاستبداد, ويحمون الثورة ونظامها الجديد! وكان من الطبيعي في سياق منجزات الثورة العظيمة- أن تم إلغاء جهاز مباحث أمن الدولة لتطوي للأبد إن شاء الله- صفحة سوداء ودامية في تاريخ الأمن المصري.
وكم شعرت بالسعادة عندما تلقيت في الأسبوع الماضي- دعوة من جهاز الأمن الوطني الذي حل محل أمن الدولة بمهام جديدة تماما, لا علاقة لها من قريب أو بعيد- بمهام الجهاز القديم, وبقيادات وكوادر متميزة ومشرفة- وكانت الدعوة هي لإلقاء محاضرة بعنوان الأمن والديمقراطية! لأعضاء الجهاز الجديد.
وعندما التقيت بالضابط المسئول عن التدريب, وجدت نموذجا مختلفا عما عهدته من قبل في أمن الدولة, ليس فقط لتأهيله العلمي والعملي الذي تم في جانب أساسي منه- في الأمم المتحدة وبعثاتها المختلفة, وإنما لاستيعابه لمعني الأمن في ظل نظام ديمقراطي. والأمر نفسه ينطبق علي الرئيس الجديد لقطاع الأمن الوطني اللواء/ حامد عبدالله الذي عكس في حديثه ورؤيته مفهوما مختلفا جذريا لعمل ومهام القطاع في ظل العهد الجديد.
وفي وثيقة تعريفية بقطاع الأمن الوطني, جاء ما يلي:
إن رسالة قطاع الأمن الوطني تتمثل في حماية أمن وأمان المواطن المصري, وكفالة الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور, ومكافحة أعمال التجسس والإرهاب.
وفي سرد أهداف القطاع, نجد علي رأسها: حماية المكتسبات الدستورية والحريات الأساسية للمواطن, وفقا للنظام القانوني المصري, والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
غير أن ما يلفت النظر أكثر هو ما جاء تحت عنوان مدونة السلوك أي القواعد التي تحكم سلوك العاملين بالقطاع, من النص علي أنه يحظر علي العاملين بالقطاع القيام بأي عمل من شأنه التأثير في المناخ الديمقراطي, أو الانحياز السياسي لأن جهة أو طرف.. والالتزام بالدستور والقانون في كافة الإجراءات التي يستلزمها العمل.. والمحافظة علي كافة الحقوق والحريات المنصوص عليها بالدستور عن التعامل مع المواطنين أثناء وبسبب العمل.. وضمان الحقوق الدستورية والقانونية, ومعايير حقوق الإنسان في التعامل مع المشتبه بتورطهم في قضايا تضر الأمن القومي.. واحترام التنوع في العادات والتقاليد والثقافات والأعراف والأعراق والمعتقدات للمواطنين المصريين والأجانب خلال التعامل معهم.
أما مدونة الأخلاق والقيم, فتضمنت الالتزام بالصدق, والأمانة, ومراعاة النزاهة والشفافية, والبعد عن التعالي في التعامل مع الآخرين, والحفاظ علي القيم المجتمعية المصرية, وعدم الإتيان بأي سلوك يخالفها في المظهر أو الجوهر.
وأخيرا, تتحدث الوثيقة عما تسميه ضمانات عدم حياد القطاع عن دوره, وفي مقدمتها أن النظام الديمقراطي هو الضمانة الأساسية لعدم حياد القطاع عن دوره من خلال فصل السياسة عن الأمن, وتفعيل الدور الرقابي للسلطة التشريعية, متمثلة في مجلس الشعب, وتفعيل دور السلطة القضائية, ممثلة في النيابة العامة, في دورها الرقابي علي الضوابط القانونية لأعمال القطاع.. وانتقاء المرشحين للعمل بالقطاع.. بما يضمن التوازن النفسي, والذكاء الاجتماعي, والقدرة علي التكيف مع عقيده القطاع.. وتخصيص عدد كاف من ساعات التدريب لترسيخ المفاهيم والقيم بمدونتي السلوك والأخلاق, ضمن البرامج التدريبية.
وأخيرا, وفوق ذلك, ذكرت الوثيقة أن القصور في المعايير السلوكية والأخلاقية بأجهزة الأمن لن يكون مقبولا بعد الآن.
وأخيرا, تنتهي الوثيقة لتقول باسم العاملين بقطاع الأمن الوطني إننا.. عازمون علي التمسك بقيمنا, ومواجهة كافة التحديات, من خلال التسلح بالعلم والتدريب, ونتعهد بأن نلتزم برسالتنا وقيمنا المستمدة من مدونتي السلوك والأخلاق, وأن نتعلم من دروس الماضي, حتي لا نكرر الأخطاء التي شابت عمل الأجهزة المناظرة السابقة المحلية والدولية- حتي في القضايا الناجحة التي حققتها دون التزام كوادرها بالمعايير الأخلاقية.
تلك هي الأهداف, ومدونة السلوك, ومدونة الأخلاق والقيم التي أعلنها قطاع الأمن الوطني, ولا نملك نحن الآن إلا أن نشيد بتلك الأهداف والمبادئ, وأن نحيي الذين وضعوها وأعلنوا التزامهم بها. ولكن يظل من الضروري بل من اللازم والحتمي أن يراقب الشعب, من خلال مؤسساته الدستورية, وأن يراقب الرأي العام كذلك, من خلال أدواته الإعلامية مدي الالتزام بتلك المبادئ والمدونات. تلك هي الديمقراطية التي لا تقبل المساومة ولا التجزئة ولا التمييز!
المزيد من مقالات د:أسامة الغزالى حرب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.