بات لافتا أنه ومنذ بداية هذا العام وتحديدا في الأسابيع الماضية توافر العديد من المعطيات والاشارات السياسية التي توحي بقوة أن عام2010 في الشرق الأوسط سيكون العام الاصعب بما يحمله من عديد المتغيرات والمفاجآت. وأنه حتما لابد أن يسير بين خيارين ونهجين فإما إنجاح وتحويل عملية السلام, واستئناف مفاوضات التسويات علي أكثر من صعيد, وأما السير باتجاه الاشتباك والحرب التي تعلو وتيرتها هذه الأيام علي أكثر من جبهة في المنطقة أما وصفة حالة اللاحرب واللاسلم القائمة حاليا, فلا يمكن أن تستمر إلي أبد الآبدين. وبالتالي بأت لا مفر من التصديق برؤية أن هناك سيناريوهات يجري إعدادها وبلورتها بجدية, وربما تشهد المنطقة قبل منتصف هذا العام تدشين أحدهما وتفوقه علي الآخر وتلاهما يحمل قراءة متشائمة وأخري متفاءلة. وإن كانت الأولي هي التي لها طابع القبول والتصديق بحكم منطق الواقعية السياسية وانطلاقا من حجم الاشتباكات السياسية والامنية والعسكرية التي تدق كثيرا من أبواب المنطقة حاليا وأبرزها بالفعل حالة التشرذم, والتشقق السياسي والعسكري الذي تشهده دولة اليمن حاليا, خاصة أن مسرح العمليات الثلاثية سواء في معركة المواجهة مع تنظيم القاعدة أو الحرب والمواجهة مع جماعات تمرد الحوثيين, ناهيك عن الحراك الانفصالي من الجنوب قد اتسعت رقعته. ولا ننسي علي نفس صعيد التوتر والطلبات والدفع باتجاه حافة المواجهة أن هناك طبول حرب تقرع وساحات مواجهة مقبلة تنتظر ساعة الحسم الذي يري العديد من المراقبين أنها تقترب, وبالطبع أولها المواجهة الأمريكية الأوروبية الإسرائيلية باتجاه إيران بشأن التعاطي مع الملف النووي الإيراني, حيث ان صبر الجميع أخذ في النفاد... فلا أمريكا وبقية دول مجلس الأمن الخمس زائد ألمانيا ستقبل إلي ما لا نهاية استمرار سياسات التسويق والمراوغات الإيرانية في مقابل استفزازات, وتحد إيراني يبرز يوميا عن تجليات الرئيس أحمدي نجاد بأنه لا عودة عن استكمال البرنامج النووي, وأظن أن خطوة الولاياتالمتحدةالأمريكية بنصب منظومة الدفاع الصاروخية في أربع دول خليجية تحمل عديد الدلالات السياسية والعسكرية, وخير شاهد علي قوة الاستعداد الأمريكي لكل الاحتمالات والنهايات, وبالتالي اقتراب واندلاع سيناريو نذر المواجهة. ويبدو مع استمرار الزخم الأمني والعسكري للمشهد الشرق أوسطي سيكون ملف المواجهة العسكرية الإسرائيلية مع لبنان, وتحديدا حزب الله في الجبهة الجنوبية المؤجلة منذ أربع سنوات سيكون حاضرا أيضا هذا العام بدليل حالة التسخين والاستنفار اليومي الذي تعد له إسرائيل بالساعات, وليس بالأيام بدليل رسائل إيهود باراك وزير الدفاع الإسرائيلي الأخيرة وتحذيرات يوسي بيلين الوزير بلا حقيبة في حكومة نيتانياهو بحتمية المعركة مع حزب الله في الأشهر المقبلة. وهذا بالطبع استكمال لمعركة يونيو عام2006 والتي ستتسع رقعتها لتشمل سوريا بالطبع في ضوء التجاذبات السياسية والتراشق الكلامي بين القيادتين في سوريا وإسرائيل, والذي بلغ ذروته في الأيام الماضية. وبالطبع يضاف إلي ساحات هذه المعارك حرب غزة المرتقبة, والتي تروج لها إسرائيل هذه الأيام, والتي ربما ستكون آخر المواجهات في هذا السيناريو المعتم. .. وإذا كان هذا سيناريو التشاؤم الذي تحكي وترسم ملامحه لعام ساخن في الشرق الأوسط فإن سيناريو التفاؤل الذي تسعي أطراف كثيرة في المنطقة والعالم, وفي مقدمتها مصر بالطبع عبر جهودها الماراثونية هنا وهناك علي أكثر من جبهة, وأكثر من صعيد لتحقيق نجاحات عديدة, وأولها بالطبع تحقيق المصالحة الفلسطينية الفلسطينية, وما يبذل من جهود مضنية في هذا الشأن مرورا باستكمال جهود قطار المصالحات العربية هذا العام بعد أن قطع محطات رئيسية حتي الآن باتجاه المصالحات السورية السعودية والسورية اللبنانية في انتظار الوصول إلي المحطة النهائية التي ربما تتم بالمصالحة المصرية السورية التي تعمل وتجهز لها أكثر من عاصمة عربية حاليا. وبالتالي, فمهمة هذه المصالحة ربما تتحقق بين الفينة والأخري, وهذا أمر مقطوع به, وربما قبل القمة العربية المقبلة في ليبيا, والمهم أن تجهز لها عبر أسس, وآليات جديدة وموانع متينة وصلبة حتي لا تتكرر مشاهد وسجالات الخرافات والتراشق والتلاسن الذي غطي المشهد العربي لسنوات طويلة. ... ولا ننسي أنه علي صعيد وتيرة التفاؤل العربي هذا مشهد الحراك السياسي الذي ربما تشهده عملية السلام للصراع العربي الإسرائيلي, وما يقال ويتسرب عن محاولات الاختراق الأمريكي والتعاون مع الرؤية المصرية الأخيرة لاقناع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي, بالعودة مجددا لطاولة المفاوضات وفق حزمة ضمانات واستحقاقات مقبولة للجانب الفلسطيني, والتي سيتبعها بلاشك تحريك بقية المسارات العربية السورية واللبنانية مع إسرائيل, وبلورة اتفاقات سلام نهائية خلال عامين علي أكثر تقدير حسب الطرح الذي كشف عنه المبعوث الأمريكي جورج ميتشيل في جولته الأخيرة بالمنطقة, ولاشك أنه في حالة سيطرة أي من هذين السيناريوهين علي طبيعة المشهد السياسي في الشرق الأوسط فإن الأمر بلاشك يخصنا في مصر في المقام الأول انطلاقا من أهمية وحيوية الدور والمكانة والحضور المصري, الأمر الذي يجعلنا ننادي بسرعة إعداد وتجهيز الاستراتيجية المصرية الكاملة للتعاطي بحرفية مع هذه السيناريوهات بكل أشكالها وأحجامها, وعبر إعداد الملفات من الآن, حيث لابد أن تكون الرؤية المستقبلية حاضرة بقوة في دوائر الدبلوماسية المصرية.