رئيس محكمة النقض والنائب العام يستقبلان رئيس مجلس القضاء الإماراتي    وكيل الأزهر: دعم كامل لجهود مصر في وقف العدوان على غزة ورفض مخططات التهجير    الرقابة الإدارية بالبحيرة تنظم ندوة تثقيفية حول ترسيخ قيم العدالة والشفافية    مطار برج العرب الدولي.. شريان الإسكندرية الجوي نحو العالمية    محافظ الجيزة يُشكل لجنة لحصر وتقسيم المناطق وفقاً للقانون الجديد    مصادر مصرية: حماس وافقت على المقترح الذي قدمه الوسطاء من مصر وقطر    مشاركة أحمد فتوح في تدريبات الزمالك استعداداً للقاء مودرن سبورت    محترفو الفراعنة × أسبوع| بداية باكية لصلاح.. مرموش يكتسح.. سقوط مصطفى.. وتعادل فتحي وحجازي    ريبيرو يدرب الأهلي مرتين اليوم استعدادا للمحلة    ضبط لحوم ودواجن فاسدة خارج المجازر الرسمية بدمياط    فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يكشف تعاطي سائق نقل ذكي المخدرات وضبطه بالقاهرة    بدءًا من سبتمبر.. «باب الخلق» على «النهار» والتليفزيون المصري    جولة عالمية و20 أغنية.. هيفاء وهبي تستعد لطرح ألبومها الجديد    «الأعلى للإعلام» يعلن انطلاق الدورة التدريبية رقم «61» للصحفيين الأفارقة    تقصير أم نفاق؟ أمين الفتوى يجيب على سؤال حول الفتور فى العبادة    الصحة: تفعيل آليات معايير السلامة والصحة المهنية في المنشآت الطبية    الخارجية الفلسطينية تدين قرار الاحتلال الإسرائيلي التعسفي بحق الدبلوماسيين الأستراليين    برشلونة يرفض ضم نجم إنتر ميلان    تعديل موعد انطلاق بطولة أفريقيا لأندية كرة اليد بالمغرب    أسامة السعيد: الموقف المصرى تجاه القضة الفلسطينية راسخ ورفض للتهجير    المسلماني ونجل أحمد زويل يزيحان الستار عن استديو زويل بماسبيرو    الأقصر تطلق حملة "يوم فى حب مصر" لتنظيف أماكن تجمع عربات الحنطور.. صور    محافظ الوادي الجديد يعتمد النزول بسن القبول بالصف الأول الابتدائي بالمدرسة الرسمية الدولية    تعرف على الفيلم الأضعف في شباك تذاكر السينما الأحد (تفاصيل)    الرقابة المالية: 3.5 مليون مستفيد من تمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر حتى يونيو 2025    هل المولد النبوي الشريف عطلة رسمية في السعودية؟    البحوث الفلكية : غرة شهر ربيع الأول 1447ه فلكياً الأحد 24 أغسطس    تووليت وكايروكي يحيون ختام مهرجان العلمين الجديدة (أسعار التذاكر والشروط)    هل يتم تعديل مواعيد العمل الرسمية من 5 فجرًا إلى 12 ظهرًا ؟.. اقتراح جديد في البرلمان    تحذير رسمي.. عبوات «مجهولة» من «Mounjaro 30» للتخسيس تهدد صحة المستهلكين (تفاصيل)    الليلة.. عروض فنية متنوعة ضمن ملتقى السمسمية بالإسماعيلية    حقيقة مفاوضات الأهلي مع محمد عبد المنعم.. شوبير يكشف    نسف للمنازل وقصف إسرائيلي لا يتوقف لليوم الثامن على حي الزيتون    شئون الدراسات العليا بجامعة الفيوم توافق على تسجيل 71 رسالة ماجستير ودكتوراه    مصرع عامل وطفل فى انهيار منزل بدار السلام بسوهاج    حبس المتهمين بالتخلص من جثة صديقهم أثناء التنقيب عن الآثار في الشرقية    "العدل": على دول العالم دعم الموقف المصري الرافض لتهجير الفلسطينيين من أرضهم    الصحة العالمية تقدم أهم النصائح لحمايتك والاحتفاظ ببرودة جسمك في الحر    "كان واقف على الباب".. مصرع شاب سقط من قطار الصعيد بسوهاج    محافظ سوهاج يفتتح المرسى السياحي الجديد مساء اليوم    القوات الإسرائيلية تعتقل 33 عاملاً فلسطينيا جنوب القدس    رئيس غرفة الجيزة التجارية يشيد بالمؤشرات الاقتصادية الإيجابية ويعتبرها فرصة للتجار والمستثمرين    الشيخ خالد الجندي: مخالفة قواعد المرور معصية شرعًا و"العمامة" شرف الأمة    رضا عبدالعال: خوان ألفينا سيعوض زيزو في الزمالك.. وبنتايج مستواه ضعيف    أيمن الرمادي ينتقد دونجا ويطالب بإبعاده عن التشكيل الأساسي للزمالك    الديهي يكشف تفاصيل اختراقه ل"جروب الإخوان السري" فيديو    حجز المتهم بالتعدي على زوجة شقيقه في الشرقية    تظاهرة لآلاف الإسرائيليين للمطالبة بوقف حرب غزة    أسعار البيض اليوم الإثنين 18 أغسطس في عدد من المزارع المحلية    «متحدث الصحة» ينفي سرقة الأعضاء: «مجرد أساطير بلا أساس علمي»    كلية أصول الدين بالتعاون مع جمعية سفراء الهداية ينظمون المجلس الحديثى الرابع    انطلاق امتحانات الدور الثاني للشهادة الثانوية الأزهرية بشمال سيناء    انطلاق امتحانات الدور الثاني للشهادة الثانوية الأزهرية بشمال سيناء (صور)    الخارجية الفلسطينية ترحب بقرار أستراليا منع عضو بالكنيست من دخول أراضيها 3 سنوات    قوات الاحتلال تعتقل 12 فلسطينيا من محافظة بيت لحم    إصابة 14 شخصا فى تصادم ميكروباص وربع نقل على طريق أسوان الصحراوى    استقرار أسعار النفط مع انحسار المخاوف بشأن الإمدادات الروسية    سامح حسين يعلن وفاة نجل شقيقه عن عمر 4 سنوات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طارق زيدان: أخشي علي الثورة من ديكتاتورية الثوار
نشر في الأهرام اليومي يوم 06 - 05 - 2011

طارق زيدان‏..‏ شاب مصري بسيط‏..‏ دمث الخلق‏,‏ درس الاقتصاد والعلوم السياسية‏,‏ ولم يعمل بالسياسة‏..‏ لم يتوقع أن تضعه أقداره في صدارة مشهد الثورة. ولا أن يكون ضيفا في وسائل الاعلام, فبعد أن كان يجلس علي الفيس بوك يوميا بالساعات محرضا ومنتظرا يوم25 يناير وهو يعد لوقفة احتجاجية تتعلق بظروف عمله, كبرت الفكرة في ذهنه وتمني أن يتحول الأمر إلي ثورة, وعاش عدة أيام يحلم بتونس أخري في بلاده ويتساءل: يا تري ممكن تحصل؟ ثم يستيقظ متذكرا الواقع المصري وقبضة الأمن وطغيان النظام وينظر في وجه طفلته البريئة ثم يقول: صعب صعب.!! لكن25 يناير كتبت لطارق ولكل المصريين تاريخا آخر.. ملخصه أن المصريين يقدرون علي فعلها.. وحدثت الثورة وتغير وجه وعقل وشكل مصر في ستة عشر يوما. الأهرام حاورت طارق زيدان مؤسس ائتلاف ثورة مصر الحرة وعضو اللجنة التنسيقية للثورة وعلي قدر سخونة الحوار كانت أجوبته صريحة لتكشف لنا واقع مائة يوم مضت علي الثورة مع تأكيد أن طارق له زملاء وشركاء كثيرون ولهم جميعا كل التقدير. وإلي التفاصيل:
بداية ونحن نطوي الآن أول مائة يوم من عمر ثورة25 يناير.. هل كنت تحلم بأن تكون أنت وبعض زملائك في قلب المشهد الثوري والاعلامي.. وهل تمنيتم ذلك؟
أبدا.. أبدا لم أتصور أن أكون في هذا الحدث بل إنني مدرك أن أقداري هي التي دفعتني إلي الوجود في قلب وصدارة الحدث, وهنا أتذكر أنني في احدي المرات كنت أجلس كثيرا علي الفيس بوك وقبل يوم52 يناير كنت أجري بعض الاستطلاعات لمعرفة عدد الذين سوف يشاركون في يوم25 يناير وكانت الارقام تدور في فلك مائة ألف تقريبا فقلت مع بعض الزملاء ربما يحضر منهم عشرة آلاف علي الأقل وكنت أحلم فعلا بأن يتحول الأمر إلي ثورة وأن ينضم الناس إليها لكن فضل الله كان عظيما وخرجت مصر كلها.
والآن بعد مرور مائة يوم.. هل تغير شيء؟
تعبت كثيرا وعانيت طويلا وكذلك زملائي ومنذ أسبوع أوشكت أن آخذ قرارا بالانسحاب من كل شيء وقلت يكفينا ما فعلناه في الثورة والسبب يرجع إلي أننا كل يوم نعيش حالات من الفتن والمشكلات ومحاولات لسرقة الثورة وأشد فتنة هي فتنة الأضواء فكل الثوار أشخاص عاديون عاشوا بعيدين عن الحياة العامة والاعلام ولم يكونوا يظنون أنهم سوف تفتح أمامهم الأبواب لمقابلة المفكرين والوزراء وكبار رجال المجتمع, وبكل أسف البعض منهم غير مؤهل لمثل هذا الدور بل لا أبالغ اذا قلت لك إنهم فتنوا بما هم فيه.
هل تقصد أنكم غير قادرين علي القيادة؟
ربما نكون قادرين في حدود معينة لكنني متخوف من جسامة الموقف وأخشي علي الثورة من الثوار أنفسهم لأن هذه الثورة قامت بشكل عفوي وربما بدعاء المظلومين والمقهورين, والأمر الثاني أن كل من يريد أن يتحدث عن الثورة عليه أن يتعلم إنكار الذات ويعلم أن الثورة أمانة ومسئولية وليست مغنما أو بحثا عن شهرة, ومن هنا أقول إن هناك من يتحدث عن الثورة ويسيء اليها بل ويستفز الناس بتصريحاته, وهناك من يقيمون محاكمة التفتيش لكل الناس بل يمارسون الديكتاتورية الثورية بصورة أبشع من ديكتاتورية مبارك ورجاله.
علي من في تقديرك يمارسون الديكتاتورية؟
يمارسونها علي الشعب المصري كله فعندما يصر شخص ما وهو ذو خبرة سياسية محدودة علي مطالب بعينها, فهذا خطأ فمثلا يقولون فلان لازم يمشي وفلان لازم يقعد وهكذا فهناك قرارات وتصريحات ربما تبدو غير موفقة.
طارق.. أنت اكتسبت شهرة ووجودا إعلاميا وسياسيا وأصبحت رئيسا لحزب مصر الحرة.. فهل كنت تمارس السياسة؟
أنا تخرجت في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية وعملت في مجال الدعاية وكنت مجرد قاريء ومراقب من منزلي فقط وهكذا الكثيرون من شباب الثورة.
بصراحة.. هل لديكم من شباب الثورة من يصلح لرئاسة الجمهورية؟
لا أظن أن أحدا من شباب الثورة يصلح لهذا المنصب الرفيع.. لا أنا ولا غيري.. كما أننا لا نؤيد حتي الآن أحدا من الذين أعلنوا عن أنفسهم كمرشحين للرئاسة وسوف ننتظر حتي تنتهي انتخابات مجلس الشعب فربما تفرز لنا شخصا مختلفا يكون لديه القدرة علي تلبية طموحات شعب مصر.
هل جميع المرشحين لا يصلحون بمن فيهم عمرو موسي والبرادعي؟
مع الاحترام لكل الاسماء.. أولا نحن لدينا مشكلة نفسية مع كل المرشحين الذين عملوا مع النظام السابق, خاصة عمرو موسي,أما البرادعي فقد ظل بعيدا عن مصر وتمتع بمزايا المنصب الدولي وكان صديقا للغرب ثم عاد ليحكم مصر بعد المعاش مع كل الاحترام والثناء علي دوره في تحريك الشارع.. أما بقية المرشحين فأظن أن موقع رئيس الجمهورية ذو مقام رفيع وأدعوهم للجلوس مع أنفسهم والتحدث بشكل واقعي وأعتقد أنهم سوف يعترفون بأن الكرسي كبير جدا ويحتاج إلي رجل يقترب من قدر وهامة مصر العظيمة وأهم من ذلك أن يكون قادرا علي التعامل مع مصر بعد25 يناير.
وهل تفكر في خوض انتخابات مجلس الشعب؟
ربما من خلال قائمة موحدة تضم جميع ائتلافات الثورة وممثلي اللجنة التنسيقية للثورة وسوف يكون لنا هدف واحد يتمثل في وجود برلماني قوي يمكننا من الرقابة علي الحكومة وحل مشكلات الناس بشكل كريم مع الوضع في الاعتبار أن يكون النائب أو المسئول خادما لهذا الشعب.
وهل تظنون أنكم قادرون علي مواجهة الاحزاب القوية أو الإخوان المسلمين؟
أعتقد أن الشعب المصري كان يصوت للإخوان بسبب عدائه الكبير للحزب الوطني ولذلك فأظن أن الشعب المصري سوف يصوت هذه المرة لمن ينتمي للناس ولمصر بشكل حقيقي وأتوقع منافسات شرسة.
هل أنتم قادرون علي المنافسة؟
أتمني أن يتفق الائتلاف علي قائمة موحدة وعندئذ سوف تكون مؤثرين بقوة علي مستوي الجمهورية.
وهنا أؤكد لك أننا اضطررنا إلي إنشاء حزب لكي نتواجد سياسيا مع تأكيد أن المعيار الوحيد لدينا يعتمد علي الشرف والنزاهة والقدرة علي الانجاز, وليس علي المشاركة في الثورة فقط أو عدم المشاركة, فربما يكون هناك شخص من داخل الثورة فاسد أو العكس, وهذا لا يعني أن الناس سوف تأتي به, وهو فاسد لكونه منتميا للثورة.
لكن كلامك يدعوني إلي التساؤل: هل هناك توافق بين ائتلافات الثورة, خاصة اعضاء اللجنة التنسقية للثورة!
نحن نختلف ونتفق ونتناقش ثم نصل إلي قرارات, وهذا طبيعي, وربما يكون هناك اختلاف في وجهات النظر بين اعضاء الائتلاف الواحد, ونحن لدينا أربعة ائتلافات معترف بها وهي ائتلاف شباب الثورة وثورة مصر الحرة, وتحالف ثوار مصر ومجلس أمناء الثورة.
لكنكم تحتكرون القرار وترفضون ضم بقية الائتلافات إلي اللجنة التنسيقية, ومنهم اتحاد شباب الثورة والوعي المصري وغيرهما.
أنا لا أعترف بأي ائتلاف تم تكوينه بعد التنحي, ولا بعد حل أمن الدولة... لأن البطولة الحقيقية والتضحيات كانت قبل سقوط النظام, وتحديدا من52 يناير حتي يوم التنحي, حيث كنا جميعا معرضين إلي الإعلام والتصفية الجسدية أو الموت برصاص الأمن وبلطجية النظام, فمثلا هناك الزميل د.عصام النظامي الذي أخذ أول بيان للثورة وقدمه إلي القوات المسلحة قبل تنحي مبارك, ولذلك عندما عملنا اللجنة كان هدفنا توحيد المطالب وتجميع الائتلافات.
ألم تعرض عليكم بعض الجهات الأجنبية أو السفارات أي مساعدة أو تمويل في اثناء الثورة أو بعد ذلك؟
هناك واقعة معروفة تتعلق برفضنا مقابلة وزيرة الخارجية الأمريكية لكن غير المعروف أن أحد الوسطاء حدثني بخصوص مقابلة السفير البريطاني في القاهرة, ولكنني اعتذرت, وقلت له: وماذا تفيدنا هذه المقابلة؟, وما مصلحة البريطانيين في مقابلتنا؟... نحن لا نريد أن نقابل أحدا.
نعود إلي فترة وجود عمر سليمان وأحمد شفيق.. كان لدينا شعور بأن النظام يحاول الاستحواذ علي عقول شباب الثورة, وربما صناعة أبطال الثورة بمعرفته.. فما رأيك؟!
اتفق معك تماما فقد كانت هناك محاولات مستميتة لصناعة آباء وأبطال للثورة, ولولا أن الشباب النابه أعلن أنه لا تفاوض ولا حوار مع رموز هذا النظام لنجح الحزب الوطني في إجهاض الثورة... وهنا أتذكر يوم موقعة الجمل تم الاتصال بي عن طريق أحد مراسلي برنامج الحياة اليوم الذي عرض علي اختيار9 من شباب الثورة من الميدان لمقابلة أحمد شفيق عن طريق إدارة الشئون المعنوية, وبعد أخذ رأي الزملاء رفضنا تماما في حين أن هناك آخرين كانوا يتحاورون مع النظام باسم الثورة ويتحدثون في الإعلام ولا تراهم في الميدان.
من الذين كانوا يتحدثون في الاعلام ولا تراهم في الميدان؟
كثيرون سواء من السياسيين البارزين أو غيرهم من رجال الصحافة والفن كانوا يأتون بهدف الظهور في قناة الجزيرة في حين أن الذي يعيش في الميدان يكون مشغولا بالنظام والاعاشة وأمن المعتصمين وعلاج المصابين, وغير ذلك... لكن لا ننسي أشخاصا كبارا ساندونا ومنهم د. ممدوح حمزة وإبراهيم عيسي وبثينة كامل وغيرهم.
.. وماذا عن وائل الإبراشي وبلال فضل وحسين عبد الغني ومحمود سعد؟
الأستاذ وائل الإبراشي وبلال فضل وغيرهما ظهروا بعد أن اقتربت ساعة الحسم وكانوا يأتون إلي الميدان وأعينهم علي الفضائيات.
.. وماذا عن الخونة في الميدان؟
كانوا كثيرون وغالبا ما كان يضبطهم الشباب بعد الساعة الواحدة صباحا, فعندما نشك في شخص ما يقوم المعتصمون وأفراد الأمن بتفتيشه, وعندما يجدون أي إثبات شخصية أو كارنيه أو حتي تصرف يوحي بالخيانة يتلقي علقة موت ويسلم إلي القوات المسلحة واتذكر أن الزميل محمد عبدالجابر قبض بمفرده علي ضابط أمن دولة كان يحتل سطح إحدي العمارات, وكان يطلق الرصاص علي المعتصمين, وفي إحدي المرات انقذت بلطجيا من الموت بسبب كشف أمره ونقلته إلي المستشفي الميداني بصعوبة من أيدي الشباب الذين هشموا عظامه حتي نزف بالدماء.
لنعود بالذاكرة إلي مشاهد الموت والاصابات في الميدان ما أصعب موقف مررت به أنت وزملاؤك؟!
أصعب موقف علي الإطلاق كان يوم الاحد بعد جمعة الغضب عندما أطلق الرصاص الحي إلي قلب أحد المتظاهرين أمام عيني, وكان منظر الدماء علي الأرض مفزعا وبشعا, وحملناه غارقا في دمائه ملفوفا في علم مصر, وذهبنا به إلي منطقة ماسبيرو ليشاهد العالم ماذا فعل بنا زبانية حبيب العادلي, وبينما يحكي طارق الواقعة إنهمرت دموعه, وقال في هذا اليوم ماتت قلوبنا, ومع تكرار مشاهد الاصابات والدماء, خاصة في موقعة الجمل لم يعد أحد يخشي الموت.. أيضا في يوم جمعة الغضب كنا علي كوبري قصر النيل علي مدخل الميدان, وكان هناك حاجز أمن مركزي وأصبت بحالة اختناق جراء القنابل وأوشكت علي الموت بسبب الزحام, وكانت الطلقات تأتي من كل الاتجاهات, ونحن محاصرون وحدثت اصابات كثيرة, وعندما حملني زملائي لكي أتنفس أخرجوا رأسي علي حافة كوبري قصر النيل, فبدأوا ويطلقون عليهم القنابل باتجاه حافة الكوبري... وكنا نمسك بالقنابل ونلقي بها في النيل.
دعنا لنعود إلي يوم موقعة الجمل... ماذا تبقي في ذاكرتك من هذا اليوم الأسود في تاريخ مصر؟
في هذا اليوم وبعد أن تجاوزت الساعة الثالثة بدأت جيوش البلطجية تقتحم الميدان, وكان كل هدفنا حماية الميدان من السقوط في أيديهم, وأتذكر أنني كنت ناحية طلعت حرب وجاء نحو ثلاثة آلاف بلطجي قادمين من طلعت حرب إلي الميدان في محاولة منهم لفتح ثغرة دخول, ومع الكر والفر سقط الجرحي والموتي, وكنا ننقلهم إلي الميدان, ونحن ننطق بالشهادتين ونكبر وكأننا نحارب إسرائيل, وفوجئنا بنقيب من القوات المسلحة يدعي ماجد يقف علي الدبابة في شارع طلعت حرب, ويقبل العلم المصري ثم يشد أجزاء السلاح الآلي, ويطلق القذائف في الهواء علي مسئوليته الشخصية لكي يرهب البلطجية وتلاها بعد ذلك بطلقات من مسدسه الخاص, وظل هكذا حتي هدأت هذه الجبهة, وأظن أنه أنقذ الثورة بهذا العمل الوطني الكبير, وبعد ذلك فوجئنا بعشرات ومئات الجرحي والشهداء, وعندما نقلناهم إلي قلب الميدان لم نجد الاسعافات الكافية, ولا الخيوط والجبائر, وهنا خرجت وكذلك غيري وذهبت إلي أحد المستشفيات الخاصة وطلبت الادوية والمستلزمات وفوجئت بمدير المستشفي يرفض تقاضي مليم واحد ويقول لي هو أنت مصري وأنا حاجة تانية.. ألحق بزملائك وربنا معاكم وأعطاني أشياء كثيرة لا أعرفها وعندما رجعت بالسيارة إلي الميدان كانت الصعوبة في الدخول إلي المستشفي الميداني وبعد محاولات مريرة قلت لضابط القوات المسلحة أما أن ندخل أو تقتلونا فقالوا لي نحن لانقتل أحدا ودخلت برفقة مائة من المتظاهرين.. وهنا هتف الشباب لافراد القوات المسلحة الجدع جدع والجبان جبان.. واحنا هنموت في الميدان وبعد أن أعطيناهم المستلزمات كانت المعركة محتدمة من ناحية عبدالمنعم رياض وهنا شعرنا بأننا علي وشك الهزيمة, خاصة أن المعتدين علينا يطلقون قنابل مسيلة للدموع والشباب يتساقط بالعشرات ولم يكن أمامنا سوي الرد عليهم بالحجارة.
ألم نكن معكم زجاجات مولوتوف؟
هذه قصة مهمة جدا فبينما نلقي الحجارة أصابنا التعب وقد انخلعت أكتافنا فأخذنا نفكر في المولوتوف وكانت مشكلتنا في توفير البنزين وفكر شباب المناطق الشعبية في تكسير تانك السيارات المحطمة, خاصة سيارات الشرطة والحصول علي البنزين وفتحنا أحد المحلات وأخذنا صناديق البيبسي ونجح الشباب في عمل زجاجات مولوتوف لدرجة انهم كانوا يخاطرون بأنفسهم ولا يتركون مساحات فارغة في الزجاجة حتي تحدث انفجارا كبيرا وقد ساهمت هذه الفكرة بشكل كبير في تراجع البلطجية خاصة أننا بعد دخول الليل كنا قد تعبنا كثيرا لأن المعركة استمرت حتي الساعة الثانية فجرا..
ألم تطلبوا من القوات المسلحة عمل حواجز فاصلة بينكم وبين البلطجية؟
نعم طلبنا وكنا نبكي لهم وأنا ذهبت إلي العميد المسئول عن أمن الميدان وقلت له أرجوك احقن دماء المصريين واقترحت عليه تحريك دبابتين من ناحية شامبيلون لسد ثغرة عبدالمنعم رياض نهائيا وبعد اتصالات ومحاولات من جانبه تحركت الدبابتان ولكنهما غادرتا شامبليون فتم فتح ثغرة جديدة أمام البلطجية وكان هذا الموقف غير مفهوم.
تردد بأن الاخوان المسلمين هم من حموا المتظاهرين في هذا اليوم؟
هذا كلام مبالغ فيه فالجميع كان يشارك وكل من كان موجودا في الميدان وعايش الموقعة لم يفكر سوي في الدفاع عن نفسه وعن الميدان ولا فرق بين أخوان أو غيره.. بل علي العكس الفتيات وبعضهن غير محجبات لعبن دورا خطيرا وعندما شاهد الشباب الفتيات يتقدمن كانت تأخذه الغيرة والشهامة وبالتالي فشباب الاخوان والمناطق الشعبية وغيرهم كلهم كانوا يدافعون عن الميدان بأرواحهم.. وحقيقة لم نشعر بوجود التيارات الدينية في هذا اليوم.
.. وما حقيقة خلافكم مع شباب الأخوان عندما أعلنوا الموافقة علي التفاوض مع عمر سليمان؟!|
في هذا اليوم خشينا أن تباع الثورة أو ان تعقد صفقة ويضيع الحلم بعد أن بدأ يكبر فكان من الضروري أن نعقد اجتماعا لمناقشة الموقف فجمعنا بعض الزملاء وكانت الساعة تجاوزت الواحدة ليلا وافترشنا البطاطين علي الأرض أمام كنتاكي وأبدينا مخاوفنا من موقف الاخوان وكان هذا دافعا لنا لكي نكون ائتلاف ثورة مصر الحرة في الميدان.
ولماذا تخوفتم من الاخوان؟
أولا الاخوان كانوا مسئولين عن النظام والأمن واذا فقدنا ذلك من الممكن أن يسقط الميدان في أيدي الداخلية ولذلك قمنا بتكوين مجموعات بديلة وعملنا خطة لنظام بديل للإخوان تتكون من300 فرد للأمن فقط وكلفنا أكثر من30 فردا مسئولين عن تكوين المجموعات وتم توزيع مائة شاب علي كل مدخل وظللنا بلا نوم لمدة ثلاثة أيام.
كيف كنتم توفرون البطاطين والطعام ولماذا خرجت شائعة كنتاكي؟
زاغ ببصره في المكان الذي نجلس فيه وبدا عليه التأثر وقال لقد كنا نقضي ليلة كاملة لا نجد بسكوته وكان حلم الشباب أن نجد ساندوتش فول أو طعمية ثم يقولون كنا نأكل كنتاكي!.. نحن بقينا أياما بلا طعام ولا غطاء ولا حمام وكانت رائحتنا قذرة ثم يقولون علينا هكذا.. أما البطاطين فلها قصة حيث ذهب رجال أمن الدولة الي محلات البطاطين المجاورة لوكالة البلح وطلبوا منهم الابلاغ عن اي شخص يأخذ بطاطين بكميات كبيرة وكانوا يهجمون عليه وكأنه يشتري المخدرات ولذلك كنا نعمل خططا لشراء البطاطين ونتفق مع صاحب المحل علي مخزن بعيد وأنا شخصيا اشتريت حوالي خمسة آلاف بطانية وأذكر أن أحد ضباط الجيش كان يقف فيخدمته وعندما شاهد الشباب ينامون في البرد أعطاني كل الفلوس التي كانت في جيبه وقال لي اشتر بطاطين لهؤلاء الشباب وكان المبلغ حوالي2000 جنيه, هذا هو المصري الأصيل أيضا الشباب المصري كان يترك الغطاء لمن هو اكبر منه سنا او للفتيات, كانت هناك أخلاق راقية جدا ولكن الذي كان يفسد علينا الأجواء بلطجية الثورة المضادة.. أقسم لك أنني وجدت شابا ينزف وقد كسرت ذراعه ومازال يقف علي إحدي نقاط الأمن وعندما سألته لماذا لا تذهب إلي المستشفي الميداني فقال أنا مش أحسن من اللي ماتوا إزاي اترك مكاني وأشعرني هذا الشاب بأنه مؤمن بقضيته أكثر مني.
هل كنتم تتعاملون علي أنكم في حرب طويلة وهل كانت لدكم خطط لاحتلال ماسبيرو؟
كانت لدينا خطط كثيرة لكننا بلا خبرة فمثلا لو لم يأت الجيش الي ماسبيرو كان من الممكن ان نهجم عليه وقد فكرنا في احتلال مجلس الشعب وكذلك مجلس الوزراء.. لقد كانت الخطط تطور نفسها وفقا للأحداث ولرد فعل النظام.
وما هي خطة السيطرة علي ماسبيرو؟
لقد حصلنا علي خرائط من موقع جوجل لمنطقة ماسبيرو وعرفنا المداخل والمخارج وسطح المبني وكل ما كان يسيطر علينا ان ندخل المكان ونعلن سقوط النظام.
أسماء الجمع الغضب الصمود النصر إسقاط الحكومة الانقاذ المحاكمة والتطهير؟
من الذي كان يختار هذه المسميات؟
أعضاء اللجنة التنسيقية للثورة من خلال اجتماعات يشارك فيها ممثلون عن الائتلافات الاربعة ويتخذ القرار بعد طرح الأفكار عن طريق التصويت.
يتردد أن بينكم خلافات وأن هناك من دعا الي إقامة في بالميدان؟
من الممكن ان يقترح اي زميل اي فكرة لكني الاهم مايتم اتخاذ قرار بشأنه.
انتهي حوارنا مع طارق زيدان باعتباره أحد أهم شهود ثورة25 يناير وأبرز المشاركين في قراراتها ولم ينس أن يؤكد لي أن التاريخ سوف يكشف أشياء كثيرة مازالت خافية حول هذه الثورة وأن هناك كثيرون يستحقون التكريم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.