والوطن في الوقت الحالي في حاجة شديدة لجهود كل أبنائه حتي ينهض من جديد ويتجاوز الأزمات والمحن التي تكاد تعصف باستقراره, وتحمل لنا الشريعة الاسلامية نماذج رائعة في حب الأوطان لدرجة أنها جعلت الانتماء للوطن جزءا من العقيدة.. الدكتور محمد الدسوقي أستاذ الشريعة الاسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة يقول: جعل الاسلام حب الوطن والانتماء له جزءا من العقيدة وجعل الدفاع عن تراب الوطن واجبا مقدسا, وتحمل لنا السيرة النبوية الشريفة مثالا رائعا يجسد مكانة الأوطان في الاسلام وذلك عندما خرج الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم مهاجرا من مكةالمكرمة إلي المدينةالمنورة بكي صلي الله عليه وسلم ونظر إلي مكة نظرة حزينة وقال كلمته المشهورة والله إنك لأحب بلاد الله إلي الله وأحب بلاد الله إلي نفسي ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرج, فالرسول صلي الله عليه وسلم خرج مكرها وذهب للمدينة ليبلغ الرسالة ومع ذلك ظل قلبه يتجه نحو مكة التي ولد وعاش فيها ولم يطمئن قلبه صلي الله عليه وسلم حتي نزل عليه قول الله تعالي إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلي ميعاد, كما أن النبي صلي الله عليه وسلم يعلم الأجيال قيمة الأوطان وجزاء الموت في سبيل الدفاع عن تراب الوطن فقال صلي الله عليه وسلم في الحديث الشريف من مات دون أرضه فهو شهيد, فالإسلام علمنا أن حب الوطن من الايمان فالانسان بلا وطن لاجئ أو غريب لا يشعر بالحرية والكرامة ولا يعيش حياة طبيعية, ولا تتحقق الحرية والكرامة للإنسان إلا بالحياة في وطن ينتمي إليه ويدافع عنه ويحمل جنسيته ويلتزم بالواجبات التي يكلف بها ويطالب بالحقوق التي يري أنها لم تتحقق, وهذا لا يحدث إلا في وطن الانسان الذي ولد وعاش فيه مع أهله وأسرته, فإذا لم يكن له وطن ينتسب إليه ويحمل شعاره سيكون متطفلا علي آخرين ولا يشعر بالكرامة والعزة التي أرادها الله للمؤمنين في قوله الله تعالي ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين.